هل تشعل الضربات الأمريكية ضد فصائل عراقية حربا مفتوحة؟
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
في ظل الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد فصائل مسلحة عراقية، ردا على مقتل ثلاثة من جنودها في قاعدة عسكرية بالأردن، برزت تساؤلات عن مدى اندلاع حرب مفتوحة بين واشنطن وهذه الجماعات الموالية لإيران، بعد توعد الأخيرة بالانتقام لقتلاها.
آخر تلك الهجمات الأمريكية كانت، الأربعاء، والتي أدت إلى مقتل قائدين من بارزين "كتائب حزب الله" العراقية، بطائرة مسيرة استهدفتهم في بغداد، وذلك بعد أيام من استهداف مماثل طال المليشيات في دير الزور والأنبار بسوريا والعراق أودى بحياة نحو 26 عنصرا.
وعلق أبو آلاء الولائي زعيم مليشيا "كتائب سيد الشهداء" إحدى فصائل "المقاومة الإسلامية" في العراق، على مقتل أبو باقر الساعدي وأركان العلياوي القياديين في "حزب الله" العراقي، قائلا: إن "المقاومة الإسلامية هي وليّ الدم" في إشارة إلى أنها هي من ستتولى الانتقام.
وعلى الوتيرة ذاتها توعدت مليشيا "النجباء"، المنضوية أيضا ضمن "المقاومة الإسلامية" في العراق بالرد على الهجمات الأمريكية ضد الفصائل المسلحة، بالقول إن "هذه الجرائم لن تمرّ من دون عقاب، وسيكون ردنا مركزا، وسنختار الزمان والمكان المناسبين".
تصعيد مستمر
من جهته، رأى المحلل السياسي العراقي، باسم الشيخ، أن "كل المؤشرات بعد استهداف القياديين أركان العلياوي وأبو باقر الساعدي تدل على أن الفصائل ذاهبة باتجاه التصعيد واستمرار استهداف المصالح الأمريكية سواء المواقع العسكرية أو حتى الهيئات الدبلوماسية".
وأوضح الشيخ في حديث لـ"عربي21" أن "هذا الأمر بالنتيجة يؤدي إلى أن الأمريكيين سيمضون بخططهم في استهداف قادة الفصائل المسلحة المسؤولة عن أي هجمة تتعرض لها القوات الأمريكية، خصوصا أن الهجمة التي طالت قاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة على حدود الأردن كانت مؤلمة لهم، وأن أعداد الضحايا كبيرة جدا".
وأعرب عن اعتقاده بأن "التصعيد مستمر، وأنه لا تهدئة على المدى القرب، لأن الفاعل الرئيس في الأحداث الحالية هو الحرب على عزة، التي ربما تزيد من وتيرة هذا الصراع، كون الفصائل العراقية هذه، تحاول تخفيف الضغط العسكري عن القطاع".
وأردف: "لكن التحالف الأمريكي البريطانية الإسرائيلي الذي يستهدف المواقع في المنطقة سيستمر، قد يُقدم أيضا في الأيام المقبلة أيضا على استهداف قيادات جديدة في قوات الحشد الشعبي العراقية".
وشدد الشيخ على أن "الحكومة العراقية إذا لم تنجح في إيجاد تفاهمات مع قادة هذه الفصائل على إيقاف استهداف المصالح الأمريكية بشكل مؤقت، فإن التصعيد سيسمر ويتطور في المرحلة المقبلة".
وبيّن الخبير العراقي أن "الأمر يحتاج من الحكومة الذهاب إلى البرلمان وإيجاد صيغة تشريعية يمكن أن تطمئن الفصائل على أن القوات الأمريكية ستجلى من العراق، حتى لو كان هناك جدولة للانسحاب".
وأكد الشيخ أن "اللقاءات الأخيرة بين واشنطن وبغداد ضمن اللجنة العليا المشتركة من أجل إيجاد جدولة لانسحاب الأمريكية، لم تكن مقنعة للفصائل المسلحة، واعتبروها نوعا من التخدير وكسب الوقت والمماطلة وتجاهل الأهداف الحقيقية".
ضربة بضربة
وفي السياق ذاته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، إن "الولايات المتحدة والفصائل المسلحة العراقية على يقين أن الواقع في الصدامات بينهما أصبح ضربة مقابل ضربة، لكن بالتأكيد أن مستوى هذه الضربات تختلف تبعا لمدياتها".
وأوضح الفيلي لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة تستخدم ضربات دقيقة لرؤوس مؤثرة لدى الفصائل، بينما تحاول الأخيرة أن تذهب باتجاه استهداف المصالح الأمريكية بواسطة قذائف أو طائرات مسيرة انتحارية تستهدف القواعد العسكرية في العراق وسوريا".
وأضاف أن "الولايات المتحدة الأمريكية أوصلت رسائل للفصائل بأن هناك 148 شخصية عراقية سيتم استهدافها في حال تصعيد الهجمات، وأن الضربة ستكون مؤثر داخل هذه الجماعات المسلحة، وما حصل من استهداف لبعض القيادات في بغداد مؤخرا دليل على ذلك".
ولفت الفيلي إلى أن "الضربات الدقيقة الأمريكية المتبعة ضمن استراتيجية الردع التي تتبعها، تستهدف شخصيات منفردة في داخل السيارات تسير بالمناطق، وهذا يجعل مستوى تحركهم محسوب جدا".
وتابع: "الولايات المتحدة في كل بياناتها تصف هذه الفصائل بأنها مليشيات إيرانية، ولا تضعها ضمن قوات الحشد الشعبي، وهذا يعني أن الفصل واضح لدى الإدارة الأمريكية، وطبيعة الأهداف القائمة وكيفية استهدافها".
ولفت إلى أن "ساحة المواجهة بين الولايات المتحدة والفصائل العراقية باتت ساحة مفتوحة، وحتى عندما ذهبت الحكومة العراقية باتجاه التفاوض عبر اللجنة العليا العسكرية بين واشنطن وبغداد، فإن الفصائل قصفت القوات الأمريكية بعدها بنحو 24 ساعة".
وأردف: "لذلك فإن طبيعة التكهن في ردّة الفعل يتوقف على مقدار الثقة بين الطرفين (القوات الأمريكية والفصائل)، لكن حسب الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين بغداد وواشطن، فإنه في حال رغب أي طرف بإنهاء العلاقة الأمريكية فيجب أن يبلّغ الآخر قبل عام من ذلك".
وتساءل الفيلي، قائلا: "ما الذي يمكن أن يحصل خلال هذا العام لإنهاء العلاقة الأمنية بين واشنطن وبغداد، لأن الموضوع فيه تداعيات اقتصادية وأمنية وعسكرية، وأن الولايات المتحدة إذا غادرت العراق يترتب عليه انسحاب بعثة الأمم المتحدة والسفارات الغربية".
وعلى ضوء ذلك، يضيف الفيلي، فإن "أطراف الإطار التنسيقي (الشيعي) عندما تناقش هذا الموضوع (إنهاء العلاقة الأمنية بين بغداد وواشنطن) فإنهم يضعون كل الاحتمالات على طاولة النقاش، وتأثيراتها في هذه المرحلة أو المراحل المقبلة".
جلسة للبرلمان
وبخصوص الجلسة التي سيعقدها البرلمان العراقي، السبت، والتي تتعلق بالهجمات الأمريكية، قال باسم الشيخ إن "فشل البرلمان في إيجاد صيغة نهائية لحل يمكن أن يرضي الحكومة والفصائل، ربما يدفع إلى هجمات مفتوحة على جميع المصالح الأمريكية".
وأكد الشيخ أن "الهجمات لن تقتصر على ضربة بضربة كما يحصل الآن، خصوصا أن القيادات التي تفقدها الفصائل العراقية مهمة ومؤثرة، وأن استهدافها يمكن أن يترك أثرا بالغا فيها".
وزاد قائلا: "إذا مضى البرلمان في تشريع قانون ينهي التواجد الأمريكي في العراق، فإنه سيكون شيعيا بامتياز، لأن القوى الكردية والسنية يرون في وجود الأمريكيين نوع من الطمأنينة لها".
وتابع: "خصوصا أن استهداف الفصائل على المصالح الأمريكية في إقليم كردستان أوجد نوعا من عدم الثقة، وخلق أيضا الحاجة لمثل هذه القوات داخل العراق. لذلك عندما صدر قرار من البرلمان عام 2020 بإخراج الأمريكان بقي حبرا على ورق كونه غير ملزم للحكومة".
وتساءل الشيخ قائلا: "هل خروج القوات الأمريكية من العراق سيمنع الأخيرة من استهداف الفصائل؟ الجواب: الولايات المتحدة قادرة على الوصول لأي منطقة في سوريا والعراق حتى لو لم يكن لديها وجود في هذين البلدين، وذلك لما تمتلكه من قدرات وقواعد في دول مجاورة".
من جانبه، قال عصام الفيلي إن "اللافت للنظر، هو أن الإطار التنسيقي كقوى سياسية قريبة من الفصائل المسلحة جمعت توقيع مئة نائب من أجل إقرار قانون في البرلمان ينهي التواجد الأمريكي في العراق، لكن تحوّلت الجلسة البرلمانية المرتقبة، يوم السبت، إلى جلسة نقاشية تخص انتهاك السيادة، لأن قوى الإطار ترى أن العلاج السياسي أهم من التصعيد حاليا".
وكانت قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران في العراق، أعلنت، الخميس، أنها تمكن من جمع أكثر من مئة توقيع لنواب في البرلمان، وذلك من أجل عقد جلسة، السبت، تبدأ في تشريع قانون برلماني يلزم الحكومة في إنهاء الوجود الأمريكي في البلاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية حرب مفتوحة كتائب حزب الله العراقية العراق كتائب حزب الله الضربات الأمريكية حرب مفتوحة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصالح الأمریکیة الولایات المتحدة القوات الأمریکیة الفصائل المسلحة بین واشنطن فی العراق یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي:الولايات المتحدة “قلقة” إزاء نفوذ الصين المتزايد في العراق
آخر تحديث: 26 نونبر 2024 - 9:30 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- سلط تقرير أمريكي الضوء على ما وصفه ب”التطور الجيوسياسي الكبير” في منطقة الشرق الأوسط، مع تعثر اتفاق “النفط مقابل الإعمار” المبرم بين العراق والصين، والذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، ويشكل هذا التعثر نقطة تحول في ديناميكيات القوة في المنطقة.وذكر تقرير لموقع “ديبلومات” الأمريكي المتخصص في قضايا منطقة آسيا-المحيط الهادئ، أن المشروع الطموح الذي أطلق في سياق “مبادرة الحزام والطريق” الصينية في عام 2019 كان يهدف إلى جعل العراق شريكا رئيسيا في استراتيجية البنية التحتية العالمية للصين.بموجب الاتفاق، كان من المقرر أن يزود العراق الصين ب100 ألف برميل من النفط يوميا مقابل تطوير بنى تحتية تشمل شبكات النقل والمدارس والمستشفيات ومنشآت الطاقة. وأشار التقرير، إلى أن تعليق الاتفاق جاء في ظل مخاوف متزايدة داخل القيادة العراقية بشأن تداعيات الاعتماد على الاستثمار الأجنبي، خاصة في سياق التدقيق المتزايد على الاستراتيجيات الاقتصادية التي تنتهجها الصين.هذا التأخير يعكس “لحظة محورية” بالنسبة للعراق في إعادة تقييم دوره في المشهد الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط، ويبرز التوازن المعقد بين الضرورات الاقتصادية والاستقلال الاستراتيجي في عالم متعدد الأقطاب. وأكد التقرير، على تعليق الاتفاق يمثل تحولا كبيرا في نهج العراق تجاه الشراكات الدولية، مما يعكس المخاوف الإقليمية الأوسع نطاقا بشأن تداعيات الدبلوماسية التي تركز على البنية التحتية.كما يظهر التعقيد المتزايد في العلاقات الدولية في المنطقة، حيث يتقاطع نفوذ الغرب تاريخيا مع الصين، القوة الاقتصادية الشرقية الناشئة.وأشار التقرير، إلى أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء نفوذ الصين المتزايد في العراق وممرات الطاقة الحيوية، لا سيما وأن واشنطن قد استثمرت أكثر من 90 مليار دولار في إعادة إعمار العراق منذ عام 2003، ولها نفوذ كبير في قرارات بغداد الاستراتيجية.وفيما يتعلق بالاقتصاد السياسي المحلي في العراق، لفت التقرير، إلى أن القيادة العراقية تواجه ضغوطا قوية لتأمين تطوير البنية التحتية، بينما يعكس الخطاب السياسي العراقي شبح التبعية للخارج، خاصة في ظل تجارب البلاد التاريخية مع القوى الخارجية.
ونوه التقرير، إلى أن العراق يدرك التحديات التي تطرأ نتيجة التزامه بعقد طويل الأجل مع الصين، خاصة في ظل التقلبات في أسعار النفط.ويظهر التردد العراقي في مواصلة الاتفاق وعيا إقليميا متزايدا بحاجة الدول إلى الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي مع الاستفادة من الاستثمارات الصينية.وفي ختام التقرير، خلص إلى أن توقف الاتفاق بين العراق والصين ليس مجرد توقف مؤقت في العلاقات الثنائية، بل يشير إلى إعادة ضبط استراتيجية أكبر في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.كما يعد هذا التوقف دراسة حالة مهمة في كيفية انتقال الدول عبر تقاطعات التنمية الاقتصادية والاستقلال الاستراتيجي في مواجهة التنافس بين القوى العظمى.