معضلة واشنطن وبغداد في التعامل مع الميليشيات الموالية لإيران
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
تهدد الضربة التي نفذتها الولايات المتحدة في العراق، والتي أسفرت عن مقتل، "أبو باقر الساعدي"، القيادي البارز في كتائب حزب الله العراقية المدعومة من إيران، بمزيد من التوتر في العلاقات بين واشنطن وبغداد، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وحسب ما ذكرته الصحيفة فإن الضربة الأميركية "تكثف الضغط الشعبي والسياسي على الحكومة العراقية لطرد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يساعد في القتال ضد تنظيم داعش في العراق".
والأربعاء، قالت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، إن الضربة أدت إلى مقتل "قيادي في كتائب حزب الله كان مسؤولا عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة".
USCENTCOM Conducts Strike Killing Kata’ib Hezbollah Senior Leader
At 9:30 p.m. (Baghdad Time) February 7, U.S. Central Command (CENTCOM) forces conducted a unilateral strike in Iraq in response to the attacks on U.S. service members, killing a Kata’ib Hezbollah commander… pic.twitter.com/Zhkjimx5UG
وقالت الولايات المتحدة إنها تشتبه في أن الميليشيا كانت وراء هجوم بطائرة بدون طيار يوم 28 يناير في الأردن أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين.
وتصنف واشنطن كتائب حزب الله منظمة "إرهابية" وسبق أن استهدفت الفصيل بغارات في العراق في الأسابيع الأخيرة، كما فرضت عقوبات على ستة أشخاص منتمين لها، في 17 نوفمبر الماضي.
والخميس، قال يحيى رسول، المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن الضربات الأميركية "تهدد السلم الأهلي، وتخرق السيادة العراقية".
وأضاف أن "هذا المسار يدفع الحكومة العراقية أكثر من أي قت مضى إلى إنهاء مهمة هذا التحالف الذي تحول إلى عامل عدم استقرار للعراق ويهدد بجر العراق إلى دائرة الصراع الإقليمي"، وفق وكالة الأنباء العراقية "واع".
وأدت أشهر من الاشتباكات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة إيرانيا، إلى زيادة الضغط "الشعبي والسياسي" على رئيس الوزراء العراقي لتسريع الخروج الأميركي، وفق "وول ستريت جورنال".
وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق و900 في سوريا المجاورة في إطار التحالف الدولي الذي أنشئ في العام 2014 لمكافحة تنظيم "داعش".
وتشارك عدة دول في هذا التحالف مهمتها حاليا تقديم المشورة والدعم للقوات العراقية ومنع ظهور التنظيم من جديد.
والخميس، أعلنت بغداد استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، الأحد، بهدف مناقشة مستقبل التحالف الدولي في البلاد، وفق وكالة "فرانس برس".
وعلّقت هذه المحادثات الهادفة بحسب بغداد إلى "إنهاء مهمة" التحالف في العراق، أواخر يناير بعد الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن.
معضلةإذا اضطرت الولايات المتحدة إلى المغادرة أو تقليص وجودها بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل نفوذها المتضائل بالفعل في المنطقة، وتقويض النجاحات السابقة في هزيمة داعش، والمخاطرة بإخلال التوازن الإقليمي الهش، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".
وبينما تواجه الولايات المتحدة الميليشيات المدعومة من طهران في الشرق الأوسط في محاولة لمنع المزيد من الهجمات على الجنود الأميركيين، فإن التحدي الذي يواجه واشنطن هو القيام بذلك دون إضفاء المزيد من الفوضى في منطقة مضطربة بالفعل.
والميليشيات التي استهدفتها الولايات المتحدة في العراق لا تحظى بدعم طهران فحسب، بل هي أيضا جزء من المؤسسة الأمنية في العراق.
وأشارت الخبيرة في شؤون العراق وإيران لدى شركة كونترول ريسكس الاستشارية، أنيسة بصيري تبريزي، إلى أن الضربات الأخيرة يمكن أن تزيد من الضغوط السياسية على السوداني لوضع جدول زمني واضح للانسحاب.
وقالت: "ينظر اللاعبون السياسيون في الحكومة الفيدرالية العراقية، بما في ذلك السوداني، إلى الضربات كدليل على أن الوجود الأميركي يزعزع استقرار العراق، ويزيد من فرص جر البلاد إلى مواجهة إقليمية وجره إلى الحرب".
ومن جانبهم، قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة أخطرت العراق بعد وقت قصير من الضربة على القائد.
والخميس، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، إن الولايات المتحدة، أبلغت الجانب العراقي بقيامها بالضربة في بغداد ضد هدف مسؤول عن اعتداءات ضد أميركيين.
وأكد المتحدث أن القوات الأميركية لديها كل الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم يستهدفها، مشيرا إلى ذلك بالقول "ضربتنا في العراق (...) كانت ردا على الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية في المنطقة".
وأضاف:" بعد الضربة في بغداد أبلغنا الجانب العراقي بها"، ثم كشف أن الشخص الذي تم استهدافه كان مسؤولا عن هجمات استهدفت أميركيين".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمريكي قوله: "لن نقدم أي نوع من الإخطار الرسمي المسبق بتفاصيل محددة لأمن العمليات".
وأضاف: "نحن نحترم سيادة العراق بالكامل وأوضحنا أنه في غياب الهجمات ضد الأفراد الأميركيين من هذه الجماعات المتمركزة في العراق، لن يكون هناك سبب لأي ضربات".
ومنذ منتصف أكتوبر، تعرضت القوات الأميركية والتحالف الدولي في العراق وسوريا، لأكثر من 165 هجوما في انعكاس مباشر للحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول أخرى.
وتبنت معظم تلك الهجمات ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" التي تضم مسلحين في فصائل موالية لإيران أبرزها كتائب حزب الله.
وقال مسؤولون أميركيون إن الأهداف تم اختيارها بعناية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، وأشاروا إلى أن الحكومة العراقية نفسها أدانت الجماعات المدعومة من إيران لهجماتها على القوات الأميركية في المنطقة.
وقال المسؤول: "نحث الحكومة العراقية بقوة على اتخاذ إجراءات ضد هذه الجماعات التي تقوض سيادة البلاد وتجر العراق إلى صراع عنيف".
هل تقيد الهجمات "المليشيات"؟من خلال ضرب الميليشيات في العراق وسوريا، تسعى واشنطن إلى ردع المزيد من الهجمات على جنودها.
لكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تقييد الميليشيات، وفق "وول ستريت جورنال".
ومن جانبها، قالت تبريزي: "من غير المرجح أن يتم ردع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق من خلال الضربات الأميركية".
وكشفت الضربات الأمريكية على الأراضي العراقية، وخاصة بغداد، عن نقطة ضعف رئيسية للحكومة العراقية، وعلى رأس ذلك" اعتمادها الجزئي على الميليشيات التي تشكل جزءا من الجهاز الأمني في البلاد، والتي تتلقى الأموال لمحاربة تنظيم داعش، ولكنها تهاجم أيضا رعاة بغداد الأميركيين".
وفي أعقاب الضربات الأميركية الأخيرة، اختبأ العديد من قادة الميليشيات المدعومة من إيران في كردستان العراق، أو في فنادق راقية في بغداد، أو عبروا الحدود إلى إيران، وفقا لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤول عراقي ومستشار أمني أميركي.
وأعربوا عن قلقهم من أن تنظيم داعش قد يستغل الفوضى.
وتم إنشاء كتائب حزب الله بعد دخول الولايات المتحدة وحلفائها للعراق في عام 2003، كقوة موالية لإيران تقاتل القوات الأميركية.
وعلى مر السنين، قتلت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق أكثر من 600 جندي أميركي، وفقا لوزارة العدل الأميركية.
ولكن مع صعود تنظيم داعش والذي هدد المصالح الأميركية وكذلك الإيرانية، وجدت الولايات المتحدة نفسها تتقاسم عدوا مشتركا مع مختلف الجماعات المدعومة من طهران والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي، ومن بينها كتائب حزب الله.
ويضم العراق أكثر من 150 ألف مقاتل من الحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة موالية لإيران أدمجت بالقوات الأمنية الحكومية.
وفي البداية تم إنشاء الحشد الشعبي لمقاومة داعش بعد سيطرته على أجزاء واسعة من العراق وسوريا، قبل أن تتحول لقوى ضاربة لديها نفوذ داخل الحكومة والبرلمان، وفق تقرير سابق لموقع "الحرة".
ومع ذلك، بعد زوال تنظيم داعش، استأنفت الميليشيات هجماتها على المصالح الأميركية.
وأصبحت كتائب حزب الله العنصر الأبرز في مجموعة الميليشيات المدمجة في قوات الأمن العراقية، بينما تستهدف أيضا القوات الأميركية في العراق وسوريا، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".
وأكد مدير مشروع مبادرة العراق في تشاتام هاوس، ريناد منصور، أن الضربات الجوية الأميركية "لديها قدرة محدودة" على التأثير على السياسة والأمن العراقيين.
وأشار إلى أن الميليشيات الموالية لإيران قد تستغل الضربات الأميركية الأخيرة لأغراض التعبئة.
وأضاف: "هذا يوفر لهم فرصة ليقولوا: نحن نقاتل الأميركيين، وندافع عن السيادة العراقية، ونفعل ذلك بما يتماشى مع القضية الفلسطينية".
وأوضح منصور، أن الميليشيات تعتمد على "شريحة متضائلة من المجتمع في تعبئتها".
ومن جانبه، أكد سجاد جياد، الباحث في مركز "سنتوري انترناشونال" للأبحاث، أن التوترات في الشرق الأوسط سوف تستمر لأسابيع أو أشهر، وأن الفصائل المرتبطة بإيران غير مستعدة للتراجع، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
وأوضح جياد "تلك المجموعات تملك قدرات هامة وهي نشطة في عدة دول، الولايات المتحدة جاهزة للرد ولقتل عناصرهم واستهداف مواقعهم. لا تعطي الولايات المتحدة أي مؤشر على أنها مستعدة للتراجع في الشرق الأوسط".
وأضاف أن "هناك احتمالا كبيرا للتصعيد، ولا يعني ذلك بالضرورة حربا مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المیلیشیات المدعومة من القوات الأمیرکیة فی الضربات الأمیرکیة المدعومة من إیران الولایات المتحدة الحکومة العراقیة وول ستریت جورنال التحالف الدولی کتائب حزب الله العراق وسوریا تنظیم داعش فی المنطقة فی العراق فی بغداد
إقرأ أيضاً:
النقل تفتح باب الجدل: هل تصبح الأجواء العراقية محوراً استراتيجياً للطيران العالمي؟
أبريل 23, 2025آخر تحديث: أبريل 23, 2025
المستقلة/- في خطوة تهدف إلى تعزيز الموقع الاستراتيجي للعراق، أعلنت وزارة النقل عن خطط لافتتاح مسارات جوية جديدة في الفضاء العراقي، في محاولة لاستيعاب تزايد حركة الطيران الدولية وتحقيق منافسة قوية على مستوى الأجواء العالمية. لكن، هل ستكون هذه الخطوة بمثابة طفرة في قطاع الطيران العراقي، أم أن هناك مخاوف خفية قد تؤثر على هذه الخطط الطموحة؟
وفي تصريحات لصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة، أكد مدير المكتب الإعلامي للوزارة، ميثم الصافي، أن المسارات الجوية في الفضاء العراقي تعد خيارًا مفضلاً للعديد من شركات الطيران العالمية. فالأجواء العراقية تقدم خطوطًا جوية مختصرة، مما يقلل من استهلاك الوقود ويختصر زمن الرحلة. هذه العوامل تجعل الأجواء العراقية نقطة وصل استراتيجية بين الشرق والغرب، وهو ما يعزز من قدرة العراق على التنافس في سوق الطيران العالمي.
هل العراق مستعد لهذا التحدي؟
إلا أن هذه الخطوات تترافق مع تساؤلات عدة بشأن مدى استعداد العراق لتنفيذ هذا المشروع الطموح. في الوقت الذي تسعى فيه الوزارة لتطوير مسارات الفضاء الجوي العراقي وتحديث الآليات المتبعة في مراقبة الحركة الجوية، تبقى بعض المخاوف بشأن البنية التحتية، خصوصًا في ما يتعلق بأجهزة المراقبة الجوية الحديثة وخدمات الطيران على الأرض.
نموذج بيئي أم عبء إضافي؟
من أبرز النقاط التي تثير الجدل هو الالتزام بمعايير البيئة العالمية. بحسب الصافي، تسعى الوزارة إلى تلبية متطلبات المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) واتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) من خلال تقليل استهلاك الوقود وانبعاثات الكربون. لكن، هل من الممكن أن تتحول هذه الوعود إلى واقع على أرض العراق، خاصة وأن البلاد ما زالت تتعامل مع تحديات بيئية واقتصادية قد تؤثر على تنفيذ مثل هذه المبادرات بشكل فعال؟
الفوائد الاقتصادية مقابل المخاوف الأمنية
من جهة أخرى، يتوقع البعض أن تكون هذه الخطوات حافزًا كبيرًا للاقتصاد العراقي، إذ سيزيد مرور شركات الطيران العالمية عبر الأجواء العراقية من الإيرادات التي يمكن أن يحصل عليها العراق من رسوم العبور. لكن هذا التوسع في حركة الطيران قد يتزامن مع تحديات أمنية، خاصة وأن العراق شهد فترات من عدم الاستقرار في الماضي. فهل ستكون الأجواء العراقية آمنة بما يكفي لاستيعاب هذا العدد المتزايد من الرحلات العابرة؟
هل العراق على موعد مع تغيير جذري؟
بينما تواصل وزارة النقل تحديث خدماتها الملاحية وتوسيع المسارات الجوية، يظل السؤال: هل يمكن للعراق أن يصبح بالفعل مركزًا استراتيجيًا للطيران الدولي؟ وفي الوقت الذي يأمل فيه العديد من المتخصصين في صناعة الطيران أن تفتح هذه الخطوات أبواب الفرص الجديدة، يظل الجدل قائمًا حول ما إذا كانت البنية التحتية والأمن يمكن أن يواكبا هذا النمو المتوقع في حركة الطيران.