الزعيم عبدالكريم قاسم … إسطورة الفقراء
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
بعد مضي أكثر من نصف قرن على قيام مجموعة من الضباط العراقيين بحركة عسكرية لإسقاط النظام الملكي في العراق وإعلان النظام الجمهوري ، مازال الخلاف قائماً على تسمية هذه الحركة بالثورة أو الإنقلاب ، بل أمتد هذا الإختلاف على تفاصيل مجريات هذه الحركة ورموزها ومسارها الذي يراه البعض قد إنحرف ويراه طرف آخر إن الآخرين هم الذين إنحرفوا وغدروا بالثورة والثائرين .
خلال هذه السنوات صدرت الكثير من الكتب والدراسات والبحوث ونشرت وثائق كان القاسم المشترك بأن ماجرى عام 1958 هو حدثاً سياسياً نوعياً في العراق ، وأن زعيم الثورة عبدالكريم قاسم أصبح رمزاً شعبياً رومانسياً للفقراء والحالمين بالتغيير ، لكن الثورة وزعيمها ورغم عمرها القصير قد حققت انجازات كبرى ، ولكن هناك من يؤشر أخطاء إستراتيجية نتجت عن حدث التغيير نفسه ، فمجرد قيام الضباط من الجيش العراقي بإستخدام السلاح بقوة الجيش بإحداث التغيير ، فإن ذلك يؤكد سابقة ألغت التوجه الديمقراطي للنظام الملكي العراقي وفسحت الطريق أمام المغامرين من العسكر بإستخدام القوة لإستلام السلطة وعدم الإعتراف بالتداول السلمي لها .
وهذا ما يفسر سلسلة الإنقلابات العسكرية أو المحاولات التي شهدتها البلاد وكان آخرها الإنقلاب الدراماتيكي للبعثيين وما تلاه من إنقلابات داخلية نفذها صدام حسين ، هذا هو المأخذ الأول على الزعيم أما المأخذ الثاني وتشترك معه الأحزاب فإنه قرب اليمين فإبتلع اليسار ثم قرب اليسار فنكلوا باليمين ، ولكنه نجح بالإنتماء إلى الشعب حين رفع شعار أغضب كل الأحزاب وتآمروا عليه ، فكان هذا الشعار ( الشعب فوق الميول والإتجاهات ) .
والمأخذ الخطير على رجال الثورة أو المهاجمين على قصر الرحاب هو قتل العائلة المالكة التي تشكل هذه الحادثة خطئاً كبيراً ولغطاً محيراً لماذا تم تصفيتهم بدلاً من ترحيلهم إلى خارج العراق لتكون ثورة بيضاء بلا دماء ، المأخذ الآخر لزعيم الثورة هو عاطفيته وإنحيازه الكبير إلى الفقراء فبدلاً من رعايتهم وتطوير مناطقهم في الجنوب .. خاصة وإنه قد ألغى قانون الإقطاع ، لكنه فتح أبواب بغداد لمئات الآلاف من المهاجرين وأسكنهم في كانتونات في مدينة الثورة بعد أن تركوا مزارعهم وبساتينهم وإنخرطوا بكامل عوائلهم في مهن لا تتلائم مع الكرامة الإنسانية لإبن الريف .
وكان من نتائج هذه الهجرة هو غلق الباب وإنهاء أي عملية للتخطيط العمراني والمدني والتنمية البشرية بجعل مدينة بغداد مدينة متحضرة ، لأن الذي حدث وحصدنا ثماره الآن في عام 2024 إن خمسة ملايين مؤريف مزدوج الولاءات لم يهضموا التمدن ولم يهضمهم التحضر ، باتوا يجثمون الآن على ضفاف دجلة مثل قبيلة بدوية متوحشة تنتظر ضعف الحكومة لتدمر كل البناء ، وهي تنتظر أيضاً وكالمعتاد منذ آلاف السنين ظهور زعيم جديد لتبدأ الهتاف باَأسمه ( بالروح بالدم نفديك يازعيم ) مع إختلاف الأسماء وتعدد الأزمنة .
قيل الكثير وسيقال الأكثر عن عبدالكريم قاسم وثورته لكن الذي لا نقاش فيه إن الزعيم ويعترف بذلك حتى أعدائه إنه كان نزيهاً محباً للعراق لم يخلف ورائه أطيان وعقارات ومليارات ، بل ترك خلفه ذكرى عطرة وشخصية شجاعة ونبيلة أرادت أن تخدم العراق لكن الأحزاب غدروا بالثورة وإنقلبوا على زعيمها وحطموا كل أحلام الشعب الذي لم يصدق برحيل زعيمه .
كان الشعب العراقي يتخيل صورته على وجه القمر ويلمس إنجازاته في قناة الجيش وفي عدد كبير من الأحياء السكنية في عموم مدن العراق ، ويراه أيضاً في القوانين والتشريعات التي إنتزعت الأرض من الإقطاعيين ومنحتها للفلاحين ، وأعاد الثروة النفطية للبلاد بعد أن أصدر القانون رقم 80 . ويكفي الزعيم الأمين هذه الإنجازات وشجاعته النادرة وهو يواجه برجولة وبسالة الإنقلابيين ويجعل أيدي فرقة الإعدام ترتجف من هيبته فأين لنا بهكذا رجال ما زال الشعب يرى فيهم الأسطورة والأمنيات .
Fialhmdany19572021@gmail.com
فراس الغضبان الحمداني
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
العراق ترفض محاولات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
الثورة نت/..
عبرت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الخميس،عن رفضها الشديد لأي دعوات أو محاولات تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وخاصة من قطاع غزة.
وذكرت الوزارة في بيان، أن “مثل هذه الدعوات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في أرضه ووطنه”.داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والوقوف بحزم ضد هذا التوجه.
وتابعت أن “العراق، بموقفه الثابت والمبدئي، يرفض أي مخططات تهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه الأصليين، سواء عبر التهجير القسري أو عبر أي وسائل أخرى”، معتبرة، أن “هذه الدعوات تشكل خطرًا جسيمًا على استقرار المنطقة وتؤجج الصراع”.
وجددت “دعوتها للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والوقوف بحزم ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، والعمل على حماية حقوقهم المشروعة في العيش بأمان وكرامة على أرضهم”.