تفاقم الاضطرابات السياسية في باكستان وسط تأخر نتائج الانتخابات
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
تصاعدت حدة التوتر في باكستان، الجمعة، مع سعي السلطات جاهدة لتفسير التأخير في إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية، مما أدى إلى اتهامات بأن السلطات تحاول التكتم على الأصوات لصالح زعيم المعارضة المسجون، عمران خان، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وعززت انتخابات، الخميس، الدعم القوي لخان ضد أتباع رئيس الوزراء، نواز شريف.
وقال حسن عسكري رضوي، مؤلف كتاب عن دور الجيش في السياسة الباكستانية، للصحيفة "هناك تناقض بين تفكير الناخب وأولئك الذين يسيطرون على السلطة في باكستان. سيكون هذا التناقض سببا رئيسيا لعدم الاستقرار في المستقبل".
واعترف الجيش الباكستاني بالتدخل في سياسة البلاد في الماضي، لكنه يقول إنه لم يعد يفعل ذلك.
وقال محللون إن الاضطرابات السياسية التي عصفت بالبلاد منذ الإطاحة بخان كرئيس للوزراء عام 2022، يبدو أنها ستستمر. وأدت حالة عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات إلى انخفاض البورصة عند افتتاحها، الجمعة.
وتبدو النتائج متقاربة جدا في باكستان بين المرشحين المستقلين المؤيدين لخان، وحزب منافسه نواز شريف، الجمعة، إلا أن بطء فرز الأصوات يزيد من الشكوك حول احتمال التلاعب بنتائجها لغير صالحهم، وفقا لفرانس برس.
ومُنعت "حركة الإنصاف الباكستانية" التي يتزعمها خان من خوض انتخابات، الخميس، كحزب. إلا أن نتائج رسمية أظهرت فوز مرشحين مستقلين مرتبطين بالحركة بـ16 مقعدا في الانتخابات التشريعية أي أقل بمقعد واحد من حزب الرابطة الإسلامية بزعامة شريف.
وتظهر تعدادات غير رسمية لمحطات التلفزة المحلية تقدم حزب حركة الإنصاف في دوائر عدة متبقية.
إلا أن اللجنة الانتخابية الباكستانية أعلنت فقط 53 نتيجة حتى الساعة 11:30 (الساعة 06:30 ت غ) بعد 17 ساعة على إغلاق مراكز الاقتراع.
ويفيد مراقبون أن شريف (74 عاما) الذي عاد إلى باكستان بعدما أمضى أربع سنوات في منفاه اللندني، يحظى على ما يبدو بدعم الجيش. ومن شأن فوز حزبه أن يتيح له قيادة البلاد للمرة الرابعة.
وقالت، سارة خان، أستاذة العلوم السياسية في جامعة يال الأميركية لوكالة فرانس برس "شعور الثقة (بالنتيجة النهائية للاقتراع) تلاشى مبكرا" مع تحقيق المرشحين المرتبطين بحزب خان نتائج أفضل من المتوقع.
وأضافت "هذا ليس بالتأكيد الاعتقاد المحدد مسبقا الذي كان ينتظره الجميع".
وقبل إعلان أولى النتائج، قال المسؤول في حركة الإنصاف، عمر أيوب خان، لوسائل الإعلام إنه على ثقة أن حزبه "سيكون قادرا على تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة بغالبية الثلثين".
إلا أن حزب نواز شريف يبقى في موقع جيد للفوز بإقليم بنجاب الأكثر تعدادا للسكان في البلاد ويضم أكثر من نصف الناخبين على ما قالت الناطقة باسمه، مريم اورانغزيب.
والفائز في هذا الإقليم عادة ما يكون في موقع قوة لتولي رئاسة الحكومة.
وانتُخِبَ نواز شريف في دائرة لاهور عاصمة الإقليم.
"تزوير قبل الانتخابات"وتعزى الصعوبات النسبية لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية إلى توليه السلطة بقيادة، شهباز شريف، شقيق نواز بعد الإطاحة بعمران خان من رئاسة الوزراء بفضل مذكرة حجب ثقة في أبريل 2022.
ويسجل حزب الشعب الباكستاني، الذي شارك في هذه الحكومة، لكنه نأى عن حزب نواز شريف، منافسه التاريخي خلال الحملة، نتائج أفضل من المتوقع أيضا مع حصوله على 15 مقعدا بحسب اللجنة الانتخابية.
وتحدث زعيم الحزب، بيلاول بوتو زرداري، نجل رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة، بنازير بوتو، التي اغتيلت عام 2007، عن نتائج "مشجعة جدا".
وأشارت اللجنة بداية إلى وجود "مشاكل في الإنترنت" لتبرير البطء في النتائج. إلا أن وزارة الداخلية قالت في بيان إنه ناجم عن "تدابير احترازية متخذة لضمان الأمن المطلق" لعملية الفرز.
وسألت، أمبرين ناز، سيدة الأعمال البالغة 35 عاما في لاهور في شرق البلاد في تصريح لوكالة فرانس برس "لم يحتاجون إلى كل هذا الوقت؟ هل تعرفون ماذا سيحصل؟ ستفتح البورصة مع تقلبات كثيرة وسيرتفع سعر صرف الدولار وستنهار الروبية وذلك نتيجة تأخرهم في نشر النتائج ما يجعلها مثار جدل".
ودعي نحو 128 مليون ناخب للمشاركة بالاقتراع، الخميس، لانتخاب 336 نائبا في البرلمان الاتحادي والتجديد لمجالس المحافظات.
وتخللت الحملة اتهامات بحصول "تزوير قبل الانتخابات" مع استبعاد عمران خان (71 عاما) الذي يتمتع بشعبية واسعة. وقد صدرت في حق خان ثلاثة أحكام طويلة بالسجن فيما تعرض حزبه للقمع.
وعزز قطع السلطات لخدمة الإنترنت والهواتف الجوالة خلال يوم الاقتراع الشكوك حول نزاهة الانتخابات.
وقال مسؤول الإعلام في حزب خان خلال الليل "تُبذل جهود لتزوير النتائج".
معارضة المؤسسات القائمةوكان استطلاع للرأي أعده معهد غالوب ونشرت نتائجه خلال الأسبوع الحالي، أظهر أن 70% من الباكستانيين "لا يثقون بنزاهة الانتخابات". ويؤشر ذلك إلى تراجع ديمقراطي في البلاد التي حكمها الجيش لعقود لكنها تحظى بحكومة مدنية منذ عام 2008.
وقال مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، إن "المخاوف من حصول تزوير للنتائج وعمليات احتيال، منتشرة وهي مشروعة".
وعول عمران خان على حصول تعبئة في صفوف الشباب كما حصل عام 2018، إذ أن هذه الفئة متعطشة إلى التغيير بعد سيطرة الأسر السياسية التي تعتبر فاسدة على الحياة السياسية لعقود، وفقا لفرانس برس.
ولا يزال نجم الكريكت السابق يتمتع بشعبية واسعة بسبب مواقفه المناهضة للمؤسسات القائمة رغم توليه الحكم وتسجيل تدهور للوضع الاقتصادي عندما كان رئيسا للوزراء.
وقد تحدى بشكل مباشر الجيش الذي يقال إنه دعمه عام 2018، متهما إياه بالوقوف وراء سقوطه عام 2022 ومتاعبه القضائية.
وسجل مقتل 28 شخصا في تفجيرين، الأربعاء، في محافظة بلوشستان بجنوب غرب البلاد، في هجوم تبناه تنظيم داعش.
ووقعت عدة هجمات، الخميس، أسفرت عن سقوط 12 قتيلا بينهم 10 من عناصر القوى الأمنية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی باکستان نواز شریف إلا أن
إقرأ أيضاً:
تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
كانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة، وعندما اندلعت الحرب الحالية زادت من مآسي المنطقة لطول عهد الصراع القائم هناك من دون أن يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي.
التغيير: وكالات
عاشت منطقة جبال النوبة تاريخاً سياسياً مليئاً بالنزاعات، إذ تعرض سكان المنطقة لغزو السلطنات القديمة منذ القرن الـ16 للحصول على الرقيق، واستمر هذا النشاط خلال فترة الحكم التركي – المصري للسودان في بدايات القرن الـ19، واضطر سكان المنطقة إلى الاحتماء بسلسلة من عشرات الجبال مما زاد من عزلتهم.
وفي خضم حرب جنوب السودان التي انتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل (نيفاشا) عام 2005، ثم انفصاله عام 2011، عانى سكان المنطقة أيضاً، ولكن توقف الحرب في الجنوب لم ينعكس إيجاباً على المنطقة، إذ ظلت على هامش عملية السلام، وأصبحت قضاياها المنصوص عليها في الاتفاق، ضمن القضايا العالقة، حاملة اسم جنوب السودان بعد انفصال الإقليم الذي يحمل الاسم والموقع الجغرافي. وتزامناً مع إعلان انفصال الجنوب، اندلعت الحرب في جنوب كردفان بين جيش “الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال” والجيش السوداني، بسبب الخلاف على نتيجة الانتخابات في الولاية، ثم امتد النزاع إلى ولاية النيل الأزرق. وعلى إثر ذلك أسست “الجبهة الثورية” أو “تحالف كاودا” الذي جمع بين “الحركة الشعبية – شمال” بقيادة مالك عقار، وحركات دارفور المسلحة، “حركة العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة عبدالواحد محمد نور.
وعندما اندلعت الحرب الحالية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، كانت المنطقة التي مزقتها الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من نصف قرن، في خضم نزاع آخر منذ اشتعال الاحتجاجات التي أسقطت عمر البشير عام 2019، وذلك على إثر الانقسام الذي حدث في “الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال”، بين زعيميها مالك عقار وعبدالعزيز الحلو. وبينما تحالف الأول مع الحكومة (المجلس العسكري) خلال الفترة الانتقالية، ووقع على اتفاق السلام بجوبا 2020، واصل الثاني حربه على السلطة الجديدة ورفض التوقيع على الاتفاق، وكون تحالفاً مع عبدالواحد محمد نور الذي انشق عن “حركة تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي الذي أصبح في ما بعد حاكم إقليم دارفور. وبعد الإطاحة بالنظام السابق، تلاشت الآمال في التغيير لأن الحكومة الانتقالية فشلت في معالجة مظالم شعب النوبة.
قضية التهميشوكانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة. وشجع انفصال الجنوب المنطقة على المطالبة بالحكم الذاتي، إذ يرى قادتها أن حرمان الإقليم من المعاملة مثل بقية الأقاليم الأخرى، قد يستمر عقوداً أخرى، لا سيما مع تمتعها بالميزة النفطية، إضافة إلى تجاهل الحكومة القائم للمنطقة، فمع كل عهد جديد تظهر تعقيدات جديدة.
وكانت منطقة جبال النوبة بانتظار حسم قضية أبيي، فعلقت ما بين الوساطات الإقليمية ورفعها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وبفضل التجميد الذي أحدثته الوساطة والمحكمة، وجد النظام السابق الفرصة سانحة لعدم حسم القضية سلباً أو إيجاباً بالنسبة إلى السودان وسكان المنطقة. من ناحية أخرى، أطالت مدة بقاء النظام لما يقارب عقداً آخر بعد اقتطاع جزء من السودان، إذ كان ذلك الحدث الأضخم منذ استقلال السودان. وأثار حفيظة تركيبات سكانية في عدد من الأقاليم، كما أثار احتجاجات وانتقادات واسعة من فرط السرعة التي تم بها انفصال الجنوب، من دون إظهار النظام السابق أي اعتراض أو مطالب بتأجيل الاستفتاء حوله، إلى حين حل القضايا العالقة، وتأتي أبيي في مقدمها.
وهناك قضية الحدود غير المحسومة فالخلاف حولها يعود لعهد الاستعمار، واقتصاد المنطقة القائم على الزراعة والرعي في مناطق تحركات موسمية تتقاسمها قبيلتا “الدينكا” التابعة لجنوب السودان، و”المسيرية” التابعة للشمال، ثم النزاع الناشئ حول النفط.
واستهدف النظام السابق المدنيين في جبال النوبة، ودمر القرى والمحاصيل والبنية الأساسية لإضعاف دعم الجيش الشعبي التابع لـ”الحركة الشعبية – شمال”. واعترف بروتوكول “ميشاكوس” 2002، الذي كان بمثابة مقدمة لاتفاق السلام الشامل بجبال النوبة كمنطقة متنازع عليها، لكنه لم يتطرق إلى التطلعات السياسية للمنطقة.
واشتمل الاتفاق الذي أبرم في عام 2002، وسمي باتفاق “جبال النوبة” على إنهاء حالة العداء وضمان حرية الحركة للمدنيين، وحركة السلع والمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار الذي يعني وقف التحركات العسكرية وأعمال العنف والهجمات الجوية والبرية كافة، واستهداف المواطنين على أساس إثني أو ديني أو انتماء سياسي.
خصائص المنطقةوبوصف منطقة جبال النوبة موطناً لمجموعة شديدة التنوع من الإثنيات والثقافات والديانات المختلفة، إذ ظلت قضية الهوية إلى جانب القضايا الأخرى بعيدة من الحل، وربما أشد تعقيداً، بل لعبت دوراً مهماً في الصراع في منطقة جنوب كردفان. وتشمل المنطقة مكونات لأكثر من 50 مجموعة إثنية من السكان الأصليين لجبال النوبة منها (تييرا، هيبان، كواليب، مورو، أوتورو، مساكن، كاتشا)، وتختلف لغوياً وثقافياً ودينياً. وعلى رغم تنوعها، تحافظ هذه المجموعات على بعض العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية المشتركة، مثل الرقصات التقليدية ورياضة المصارعة التقليدية الخاصة بالمنطقة وأنماط الحياة الزراعية. ويتعاطف عدد من مجموعات النوبة بقوة مع مجتمعاتها المحلية، وتقاوم الاندماج في الثقافات السائدة. وربما كان هذا ما يستقوي به قائد الحركة عبدالعزيز الحلو، إذ إنه يلعب على هذا الوتر الحساس مما عمق من عزلة الإقليم. والتصور المضاد للاعتقاد السائد بأن النوبة مهمشين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هو تشجيع الحكومة المركزية، في كثير من الأحيان، لأن تسود سياسات التعريب والأسلمة، ومحاولات تجاهل التراث الثقافي واللغوي للنوبة.
أما في التنوع الديني ففاق الإقليم كل مناطق السودان الأخرى، إذ يعتنق عدد من أهل النوبة ديانات أصلية تتضمن عبادة الأسلاف والأرواحية والمعتقدات القائمة على عبادة الطبيعة والحيوانات. وكذلك يؤمن عدد منهم بالمسيحية التي انتشرت خلال فترة الاستعمار وما بعده، بتسهيل من المبشرين الذين سلكوا المسار النيلي مستهدفين جنوب السودان. ومع اختلاف ديانات قادة الحركة الشعبية إلا أن عدداً من مسيحيي النوبة ينتمون إلى الحركة، ويرون في أصلها، الذي أسسه جون قرنق منذ خمسينيات القرن الماضي، مدافعاً عن حقوقهم.
ويتحدث سكان جبال النوبة أكثر من 100 لغة، مصنفة إلى ثلاثة أقسام لغوية رئيسة هي: “التينجر”، وهي لغة فريدة من نوعها في المنطقة قادمة من وسط أفريقيا، ويتحدث بها عدد من المجموعات الأصلية، و”النيلية” تتحدث بها بعض المجموعات ذات الروابط الثقافية الوثيقة مع جنوب السودان، والعربية تستخدم كلغة مشتركة وتزداد انتشاراً بسبب التداخل الثقافي مع مجموعات الشمال.
خلفية معقدةلكل هذا، ونظراً إلى الخلفية المعقدة، فإن الحرب الحالية عندما اندلعت زادت من مآسي منطقة جبال النوبة نظراً إلى طول عهد الصراع القائم هناك لدرجة أن الآثار الناجمة عن الحرب لم يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي، بل ظلت غائبة عن رادار الأخبار والمتابعات ومطالبات المجتمع الدولي بضرورة تأمين المساعدات، ولم يأت ذكر المنطقة في كل هذا. كما ظل سكان المنطقة يواجهون تبادل الهجمات بين قوات الجيش وقوات الحلو، وهجمات من “الدعم السريع” من جهة أخرى.
فمع اشتداد الحرب، تعرضت المنطقة إلى موجات نزوح واسعة، وأجبر عدد من سكانها على الفرار من منازلهم، بسبب انعدام الأمن وفقدان الغذاء والمأوى والعلاج، وتعرضوا في مناطق نزوحهم الجديدة إلى ظروف أشد قسوة. كما لجأ آلاف من سكان المنطقة إلى دول الجوار، خصوصاً دولة جنوب السودان وإثيوبيا، التي سرعان ما حدثت فيها ارتدادات بسبب الضغوط التي أحدثها اللجوء على وضعها الداخلي، تمثلت في إثارة قضية وجودهم وتعرضهم لمضايقات عديدة.
وبحلول نهاية عام 2024، أعلنت الأمم المتحدة المجاعة في جبال النوبة الغربية، وهي أول مكان خارج شمال دارفور يطلق عليه هذا الوصف رسمياً.
أما ما يتعلق بالعنف الداخلي من ممارسات شملت القتل والاختطاف والعنف الجنسي، فظلت بعيدة من الضوء، إذ لم يكن بإمكان الجماعات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني رصد الوضع على الأرض. كما تقاصرت إمكاناتها عن مد المنطقة بالمساعدات اللازمة بسبب التحديات اللوجستية والمخاوف الأمنية والعزلة أيضاً، مما جعل السكان المحليين يعتمدون على مرونة المجتمع والشبكات السرية للبقاء على قيد الحياة. كل هذه الأزمات مثلت تحديات في طريق بناء السلام، وفاقمت الانقسامات بين المجتمعات وعمقت تآكل الثقة.
دائرة التعتيموهناك توقعات بأن العزلة المفروضة، بفعل الطبيعة والنزاع الدائر هناك، التي تعيشها منطقة جبال النوبة، لن تطول، وإنما سيكون هناك حراك يتخذ مسارين، الأول داخلي بأن تخرج أصوات مطالبة بالحكم الذاتي والفيدرالية، إذ إن منح المنطقة قدراً أكبر من الحكم الذاتي السياسي أو النظام الفيدرالي من شأنه أن يعمل على تمكين الحكم المحلي والحد من التهميش.
والمسار الثاني، هو تفعيل الوساطة الدولية مثل لعب دور في حض الحلو على القبول بالتفاوض من أجل السلام، أو ممارسة الضغوط الدولية عليه لضمان فتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات، خصوصاً الغذاء والدواء إلى أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، وحماية المدنيين بإنشاء مناطق منزوعة السلاح مما من شأنه أن يحمي المدنيين ويوفر مساحات آمنة للنازحين، لا سيما أنهم وقعوا تحت دائرة التعتيم بسبب الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”، إضافة إلى الفجوة الأساسية المتمثلة في الاستجابة الدولية لها.
المصدر: إندبيندت عربية
الوسومجبال النوبة جنوب السودان حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان