لأننا على أعتاب الاحتفال بعيد الحب العالمى الذى تحاصرنا فيه الدباديب والورود الحمراء من كل جهة، إذن فالكلام عن الحب هو الذى سوف يتصدر مشهد الترند هذا الأسبوع، وإن كنت أشعر فى قرارة نفسى بأن التعبير عن الحب الآن ليس كسابق عهده من الشغف والشوق والرقة.
الحب تحور من الأوبئة الاجتماعية والاقتصادية الراهنة والتعاطى معه صار قائما على مناهج عملية بحتة تخضع لحسابات واقعية بعيدة كل البعد عن طوفان العواطف الجياشة بتاعت زمان.
عشاق هذا العصر يفضلون كيلو كباب وطرب عن بوكيه شيكولاتة بالبندق، والحبايب يتفاوضون فى أسعار الشبكة عن الجلوس هيمانين على شط النيل عشان الزمان مش سامح يا جميل، يجوز كلمة أحبك لايزال لها نفس الرونق فى البدايات طبعا، حتى وإن اختلفت اللغات والثقافات، لكن معنى الغلاوة والحفاوة فى اللهجات العربية تحديدا لم يتغير.
ربما لأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة كل شعب والمناخ المحيط به، هذه الشعوب لها مفرداتها الكلاسيكية التى لا تنحصر فى كلمة بعينها إنما تتسع لتشمل معانى كثيرة مشبّعة بالمحبة والود والعِشرة والتراحم والأصول، أنا شخصيا أحب الآتى:
■ أحب المصريين لما يقولوا «فرح» بدل «زواج».
■ أحب العراقيين لما يقولوا «فدوة» بدل «قربان».
■ أحب الجزائريين لما يقولوا «نموت عليك» بدل «أحبك».
■ أحب السوريين لما يقولوا «كيرمالى» بدل «عشان خاطرى».
■ أحب الليبيين لما يقولوا «بجودة» بدل «إتشرفت بمعرفتك».
■ أحب الكويتيين لما يقولوا «عود» بدل «شايب أو عجوز».
■ أحب التونسيين لما يقولوا «يعيشك» بدل «ربنا يحفظك».
■ أحب اللبنانيين لما يقولوا «غمرة» بدل «حضن».
■ أحب الأردنيين لما يقولوا «بدييش» بدل «مش عايز».
■ أحب البدو لما يقولوا «شوق فلان» بدل «حبيبة فلان».
■ أحب الموريتانيين لما يقولوا «شى منى» بدل «جزء منى».
■ أحب المغاربة لما يقولوا «حتة من الحنان» بدل «جدتى».
■ أحب السودانيين لما يقولوا «حبوبة» بدل «حبيبتى».
■ أحب اليمنيين لما يقولوا «أراعى لك» بدل «أنتظرك».
■ أحب الفلسطينيين لما يقولوا «حصتى» بدل «أغلى ما عندى».
■ أحب السعوديين لما يقولوا «طال عمرك» بدل «ربنا يخليك».
■ أحب ولاد البلد لما يقولوا «البيوت لها حُرمتها» تعبيرا عن «الخصوصية»، والجماعة عندى «تعبيرا عن الاحترام»، و«على راسى» تعبيرا عن «التقدير»، و«عيونى لك» تعبيرا عن «الغلاوة».. وخلص الكلام تعبيرا عن الخلاصة.
حنان مفيد فوزي – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: تعبیرا عن
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: الحب في زمن الكوليرا
في حياة السودانيين كثير من العبارات الشعبية التي صنعها الظرفاء بعناية وموهبة وسلاسة وتلقائية، فصارت تلخيصاً لموافق وأحداث وعبر تختصر بدلالاتها القليلة المفردات كتبا وأسفار.
والذين أطلقوا مثل هذه الحكم والأمثال كُثر في كل حواضر وبوادي السودان، ويطل في مقدمتهم الشيخ العبيد ود بدر الذي سارت بأمثاله وكلماته الجزلة المضيئة الركبان.
فعندما اختلف العلماء والفقهاء حول المهدي وتكاثفت الفتاوى المعارضة لصحاب الحضرة هرع الناس إلى الشيخ العبيد متسائلين عن صحة دعاوى الرجل فأطلق فتواه الشعبية الشهيرة واختصر الجدل بقوله (كان بقى المهدي جيد لينا واكان بقى المتمهدي شين لينا)
كما له أيضا الجملة التي تعبر عن الراهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي انذاك وهو ينتقد مفارقة الناس للشريعة، تلك المفارقة التي انزلت عليهم غضب الأرض والسماء (في آخر الزمن برق القبلي يخيب، والارض تشيب، والحرة تعيب، والعاقة تجيك من القريب)
ومن حكمه الشهيرة المأخوذة من البيئة وفيها دعوة للحماية الشخصية والعامة، التي كنا نحتاج اليها هذه الأيام قبل وقوع النكبة وإن اختلفت الأدوات قوله ( العصا من الكلب، والسكين من السلب، وفكة الريق مسمار القلب والبيابا الجودية لا بُد ينغلب)
ونديده في الحكمة والأمثال السائرة الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك وله طرف وحكايات في زمانه، ومنها قبوله لدعوة من أحد الأثرياء وقد جاءها بملابسه المتواضعة من الخلوة مباشرة فصرفه الحراس باعتبار أنه احد (الشحادين) فلم يجادلهم، بل ذهب إلى داره اغتسل ولبس أجمل ما لديه من هندام وتعطر وجاءهم بالهيئة التي يحبون فأجلوه ووقروه، وادخلوه على المائدة ولدهشة الجميع أسدل الرجل الصالح كُم جلبابه في المرق والثريد حتى اتسخ بالطعام الدهين وقال حكمته المأثورة ( أكُل يا كُمي قبال فَمّي) وهي حكمة تدين العادات الاجتماعية القائمة على الشكلانية لا المحتوى ولا المضمون.
وله أيضا عباراته الذكية في استشراف الاكتشافات والمخترعات (اخر الزمن ابقى الكلام بالخيوط والسفر بالبيوت) وأيضا يتداول الناس حكمته الجهيرة في أمر الدنيا وأحوال الكسب والرزق (ان جادت عليك بي خيط العنكبوت تنقاد، وان صِعبت تقطِّع سلس الحداد)
وعندما انتبه الشاعر الشعبي والمسرحي الكبير العبادي ابن حي الاسبتاليه لتكاثف الغرباء من خلف الحدود بامدرمان ولاحظ إعمارهم العشوائي، وسيطرتهم على كثير من المهن، وهم يفتقدون للحد الأدنى من الولاء للأرض التي أكرمتهم وهم كما ترون يمارسون القتل والسلب والاغتصاب في الراهن الذي نعيشه، فقد صدق شاعرنا حين قال كأنه يعني أمدرمان الجريحة التي تُستهدف الآن الآن بالدانات من هؤلاء الغرباء ليل نهار (يا حليل أمدر القامت بجهلها، رفعت الغريب ورمت أهلها)
ويتذكر الجميع تلك الحادثة البشعة عام ٢٠١٣ حيث توقف نظامي غريب بدراجته النارية أمام مجموعة من طالبات جامعة النيلين وصوب كلاشه نحو طالبة كانت الأولى على دفعتها والتي يتوسل حبها فتأبت، فاخترقتها الرصاصات التي اودت بحياتها وسط حيرة وذعر مجتمع الخرطوم وكان تحذيرا مبكراً للجريمة المشاعة التي يعيشها شعبنا الآن. وفي خاطري تماما الرسالة التي بعثها لي مهاتفا الأخ الصحفي الصديق وأحد كتاب ألوان في بدايتها الزاهرة الاستاذ عادل الباز معلقاً، على الحادثة، وللرجل ولعٌ بالاختصار والمأثورات والحكاية والسرديات: إن لم يقرأ هذا الشقي في القران قوله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) وإن لم يطالع في كتاب الصحاح حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق” ألم يتأدب بأدب حفلات الأعراس السودانية المجانية المعطرة بالغناء الشعبي الطروب ( حبيب القلب .. يا سمير القلب .. الريدة ما بالغصب)
واذكر حينها أنني ذهبت إلى عزاء بود نوباوي وحكاية الطالبة القتيلة مستعرة في الأندية والمجالس والصحافة، وعندما جلست وسط مجموعة من أهل الفقيد فاجأني الهادي نصر الدين ظريف أمدرمان بحضوره الباهي وبعبارة سافرة ضحك لها الجميع ولو تدبروها لانتحبوا مليا، معلقا على الحادثة الأليمة ( يا حليل زمنكم يا استاذ كانت الريدة فيهو بالميرندا هسع بقت بالطبنجة)
وأخيراً حُق للقارئ أن يضيف لهذه الأمثلة الذكية أخرى من ظرفاء المدن والبوادي، فلعلها تساهم في التوثيق الذي اندثر بحريق البغاة التدميري لكل أنسنا وأدبياتنا، فلعل في هذا زرع بعض العزاء والسلوى في قلوب الأيامى واليتامى والنازحين، وسوف نعاود فالحديث ذو شجون.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب