الدبلوماسية البرلمانية أداة مهمة للمجالس التشريعية لإيصال صوت الشعوب في مختلف المحافل

يجب العمل على توحيد الصفوف والآليات السياسية العربية للتصدي لأي تحديات أو عراقيل نواجهها

جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية أصبحت مركزاً استشارياً للبرلمانات والمجالس الأعضاء   

 

 

 ألقى سعادة الدكتور أحمد بن ناصر الفضالة رئيس جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية، الأمين العام لمجلس الشورى، محاضرة حول "الأنظمة البرلمانية العربية ودور جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية في الدبلوماسية البرلمانية"، لطلاب القانون والباحثين في الدراسات العليا في مجال القانون بجامعة الحسن الثاني، بالمملكة المغربية الشقيقة.

 

حضر المحاضرة رئيس جامعة الحسن الثاني، وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجامعة، ورئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين بالبرلمان المغربي، ووزير العلاقات البرلمانية، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين والبرلمانيين بالمملكة المغربية.

 

استهل د. الفضالة محاضرته بالتأكيد على أن الشورى تعتبر من أهم القواعد التي قام عليها نظام الحكم في الإسلام، وأن الأصول الإسلامية لا تشتمل على شكل معين أو ترتيب خاص لممارسة الشورى، لأن ذلك من الشؤون التي تتغير فيها وجهات النظر من مجتمع إلى مجتمع ومن عصر إلى عصر حسب الظروف السائدة والأوضاع القائمة فيه، فأسلوب التشاور الجماعي ينبغي أن يكون متوائماً مع واقع المرحلة الحضارية التي يجتازها الشعب نابعاً من التجارب السياسية التي يمر بها. بحيث تستخلص كل دولة إسلامية لنفسها أفضل الأشكال التي تكفل لمواطنيها ممارسة الشورى وتنظيم مشاركتهم في الحكم.

 

 واستعرض في هذا الصدد النموذج القطري في الشورى، منوهاً إلى أن دولة قطر أخذت بنظام المجلس الواحد لأنه يتوافق تماماً مع وضعها، وكان الهدف من إنشاء مجلس الشورى أن يعاون المجلس بآرائه كلاً من الأمير ومجلس الوزراء في القيام بمسئولياتهما، انطلاقاً من مبدأ الشورى المستمد من الشريعة الإسلامية. وأشار إلى تدرج المجلس في عدد الأعضاء من 20 عضواً في عام 1972 إلى الوضع الحالي حيث يضم المجلس 45 عضواً، منهم ثلاثون مختارون عن طريق الانتخابات الحرة المباشرة التي جرت في أكتوبر 2021م، وخمسة عشر عضواً معيناً.

 

وتناول بعد ذلك اختصاصات المجالس التشريعية أو مجالس الشورى ومهامها مشيراً إلى أنها تختلف وفق التكييف الدستوري للمجالس ووفق تعيينها أو انتخابها. كما تطرق إلى دور الأمانات العامة فيها باعتبارها القلب النابض وتجسيد للعمل الإداري الذي تقوم عليه كل جهود المجالس التشريعية، كما أنها تدير مختلف الإدارات والأقسام التنفيذية فيها.

 

وفي محور الدبلوماسية البرلمانية والتعاون الدولي، لفت سعادته إلى أن المجالس التشريعية تقوم بدور يسير بالتوازي مع دور وزارات خارجية بلدانها، باعتبارها ممثلة للشعوب، حيث تلعب دورا مهما في إيصال صوت الشعوب من خلال المحافل والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية.

وأكد على أنه في ظل التحديات والعراقيل التي تواجهها مختلف البلدان العربية، يجب العمل على توحيد الصفوف والآليات السياسية بالمنطقة من أجل التصدي لأي صعوبات أو إشكاليات مفتعلة تواجهها.

وخلال المحاضرة، تحدث سعادة الدكتور أحمد بن ناصر الفضالة عن جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية التي تولى رئاستها منذ فبراير عام 2022، مشيرا إلى توافق البرلمانات والمجالس التشريعية العربية على تأسيس الجمعية بهدف تعزيز دور الأمانات العامة لبرلمانات الدول العربية للمساهمة في تحسين أساليب وطرق العمل المتبعة في مختلف البرلمانات العربية، وتأمين التعاون بين أجهزتها الإدارية والمالية والفنية، والعمل على توحيد الإجراءات المتبعة في تسيير شؤونها.

وبين أنه لتحقيق تلك الغايات تقوم الجمعية بتنفيذ عدة مهام منها: القيام بالدراسات المتعلقة بالقوانين والإجراءات البرلمانية وكيفية تطبيقها، واقتراح التدابير العملية لتحسين أساليب وطرق العمل المتبعة في مختلف البرلمانات العربية، وغيرها من المهام.

 

وتابع: "تشرفت برئاسة الجمعية والذي يتنامى دورها مع مرور الأيام، وفي ظل عزمنا على التميز في أداء المهام الموكلة للجمعية، قمنا بمراجعة لائحتها الداخلية، والعمل على تطوير اختصاصات الأمناء العامين، وإبراز دورهم الحيوي في أداء البرلمانات، وتمكنّا بفضل الله وتعاون الأمانات العامة للبرلمانات والمجالس التشريعية العربية من تحقيق تطلعاتها".

وأشار إلى أنه من أجل النهوض بأدوارها ومكانتها، تعمل الجمعية على التحول لمنظمة فيما يخص صيغتها التنظيمية لتعزيز علاقاتها مع مختلف المؤسسات الدولية المرتبطة بالمجال البرلماني.

وضمن هذا السياق، أشار سعادته إلى أنه في كأس العالم 2022، تعرضت قطر لحملة شرسة، مبرزا أن ذلك كان من المحفزات التي تدفع بالجمعية اليوم إلى التحول لمنظمة دولية للدفاع عن مصالح دول المنطقة وعدم لعب دور المتفرج مع مثل هذه الوقائع الاستفزازية، وهذا سيمكنها من تبادل الخبرات وتعزيز سبل وآليات التعاون مع مختلف الشركاء والمنظمات.

وأبرز في الوقت ذاته، الدور المتعاظم للجمعية، والمكانة التي حققتها، نتيجة تفاعلها مع مختلف القضايا والموضوعات التي تهم العالمين العربي والإسلامي، وسعيها لتبني مواقف مؤيدة لشعوبها ودولها، من خلال تحركاتها الدبلوماسية وإصدارها للبيانات المختلفة. ولفت إلى أن الجمعية أصبحت اليوم عضواً مراقباً في العديد من المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية ولها حضور لافت في مختلف اجتماعات الأمم المتحدة، موضحاً أنها تستفيد من هذه الأخيرة عبر تدريب البرلمانيين العرب، وذلك لتطوير المجالس البرلمانية بالمنطقة.

واستطرد سعادته "لقد تجسد اهتمامنا بدور الجمعية المتعاظم في انتظام اجتماعاتها خلال العامين الماضيين، وفي حجم المشاركة الفاعلة فيها. وقد نجحت في أن تكون مركزاً ريادياً واستشارياً للبرلمانات والمجالس الأعضاء".

 

من جانبه أكد الدكتور عبد اللطيف كمات، عميد كلية العلوم القانونية بجامعة الحسن الثاني على أهمية هذه المحاضرة باعتبارها فرصة لتكوين وتأهيل طلاب الكلية في الشأن الدبلوماسي، وأداةً للتقارب الجي واستراتيجي بين المغرب وقطر، ووسيلة لتكريس العلاقات أكثر بين البلدين.

وقال الدكتور رشيد مقتدر، الأستاذ الباحث ومدير مختبر الأبحاث والدراسات في القانون الدستوري والعلوم السياسية والاجتماعية، إن حضور الدكتور أحمد بن ناصر الفضالة، شكّل فرصة مناسبة للتعرف على التجربة القطرية وباقي التجارب في الأنظمة والاتحادات البرلمانية العربية، ولاسيما في الشق الدبلوماسي لهذه المؤسسات، التي تجاوزت أدوارها ما هو رقابي وتشريعي إلى لعمل الدبلوماسي، الذي أصبح ركيزة أساسية في تقوية وتثمين أي بلد لعلاقاته مع باقي دول العالم.

في الإطار ذاته، أوضح الدكتور عبد الفتاح الفاطن، رئيس شعبة القانون العام بمختبر الأبحاث والدراسات أن هذه المحاضرة ستفيد كثيراً الحاضرين للتعرف على أهم التجارب البرلمانية العربية والعمل الدبلوماسي، مشيراً إلى أن قطر والمغرب يعدان من التجارب المهمة إقليمياً في هذا المجال.

يذكر أن سعادة الدكتور أحمد بن ناصر الفضالة، رئيس جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية والأمين العام لمجلس الشورى، اختتم اليوم زيارته للملكة المغربية الشقيقة والتي استغرقت ثلاثة أيام. وخلال هذه الزيارة، اجتمع سعادته مع قيادات البرلمان المغربي وهم كل من، سعادة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، وسعادة السيد النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين، وسعادة السيد نجيب الخدي الكاتب العام لمجلس النواب، والسيد الأسد الزروالي الأمين العام لمجلس المستشارين، وذلك كل على حدة. كما استقبله سعادة المستشار محمد أمين بنعبد الله رئيس المحكمة الدستورية. وتضمن برنامج الزيارة إلقاء محاضرة حول "الأنظمة البرلمانية العربية ودور جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية في الدبلوماسية البرلمانية"، لطلاب القانون والباحثين في الدراسات العليا في مجال القانون بجامعة الحسن الثاني.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: الشورى

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها

استضاف مركز عبد الله بن ماجد في سفارة سلطنة عمان بالقاهرة احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، بحضور الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، والدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والدكتور عبد الحميد مرعي، رئيس مجمع اللغة العربية. وقد شهدت الاحتفالية حضور العديد من الشخصيات الثقافية والدبلوماسية، حيث تم التأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية باعتبارها جزءًا أساسيًّا من الهُويَّة الثقافية والدينية للعالم العربي.

مفتي الجمهورية: الرقابة ليست مجرد إجراءات إدارية بل هي التزام ديني المفتي يحذر من ظاهرة "السنجل مزر": تهدد استقرار الأسر

في بداية الاحتفال، رحَّب السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عمان في القاهرة، بفضيلة المفتي وبالحضور، مشيدًا بِدَور اللغة العربية في ربط الشعوب العربية بحضارتها ودينها. كما أشار إلى أن اللغة العربية، التي تمثل هوية مشتركة للأمة العربية، تعتبر وسيلة للحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي للأمة.

ثم ألقى فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، كلمة أكد خلالها على أهمية اللغة العربية في فهم الدين، مشيرًا إلى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل فحسب، بل هي أداة لفهم القرآن الكريم ومقاصده. وقال فضيلته:
"إن الله سبحانه وتعالى اختار اللغة العربية ليتنزل بها القرآن الكريم، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يغيرها. فاللغة العربية هي أداة لفهم وتفسير القرآن الكريم، ولا يمكن لأي شخص أن يفهم الإسلام بشكل كامل دون أن يتقن اللغة العربية. من هنا، فإن تعلم اللغة العربية ليس فقط ضرورة دينية، بل هو شرف لا يدانيه شرف."

وأضاف فضيلته: "فهم القرآن الكريم ومعرفة مضامينه والوقوف على أسراره، من أهم مقاصد تعلم اللغة العربية. إنها ليست فقط وسيلة لفهم النصوص الدينية، بل هي أيضًا أداة لحسن العبادة ولعرض الدين بشكل صحيح. اللغة العربية كانت ولا تزال هي التي استعان بها العلماء لفهم ما يشار إليه في القرآن والسنة."

وتابع: "وفي وقتنا الحالي، تتزايد الأصوات التي تنادي بطمس اللغة العربية والقضاء عليها، وهو أمر يتطلب منا التصدي له بكل قوة. إن العناية باللغة العربية هي عناية بالحضارة الإسلامية نفسها. فهذه اللغة تشجع على الحضارة والتمدن، وهي وسيلة لفهم الدين والحفاظ على الهوية الثقافية."

وأردف فضيلته: "في الوقت الذي نجد فيه تحولًا عالميًّا كبيرًا في النظرة إلى اللغة العربية، إذ تُعتبر لغة فكر مرنة ومتجددة بما يواكب العصر، نلاحظ أن اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها، والتشبع بغيرها من اللغات، وهو ما يجعل من الضروري أن نواصل العناية بها وحمايتها من التهميش."

وأشار فضيلته إلى أن اللغة العربية كانت ولا تزال هي اللغة التي استعان بها العلماء في فهم القرآن وتفسيره، لافتًا النظر إلى أن العلماء الأوائل كان لهم دَور عظيم في الحفاظ على اللغة العربية ورفع مكانتها في العالم الإسلامي. وأوضح أن الدين الإسلامي قد انتشر في مختلف أنحاء العالم بفضل اللغة العربية، وأن هذه اللغة لا تقتصر على المسلمين فقط، بل هي لغة ثقافية وعلمية لكل من يهتم بالعلوم والفنون.

كما أضاف فضيلته: "اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جزء من هويتنا وحضارتنا. فخلال التاريخ، كانت اللغة العربية هي أداة الفهم والانتقال للمعرفة في جميع المجالات، من العلوم والفلسفة إلى الفنون والأدب."

وفي إطار التأكيد على دَور القرآن الكريم في الحفاظ على اللغة العربية، قال فضيلة المفتي: "إن القرآن الكريم كان له دور كبير في الحفاظ على اللغة العربية، فقد ساعد في تعزيز مكانة اللغة عبر العصور. فلم يكن القرآن مجرد نص ديني فقط، بل كان مرجعية لغوية أساسية حافظت على اللغة العربية من الاندثار، وساهمت في إبرازها في مختلف مجالات الفكر والعلم، مما جعلها أداة قوية للتواصل في جميع الأزمنة."

من جانبه، أكد الدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أهميةَ الحفاظ على اللغة العربية في مواجهة اللغات الأخرى التي تحاول أن تحل محلها في مجالات الإعلام والتعليم. وقال: "إن اللغة العربية هي جزء أساسي من هويتنا، وهي الرابط القوي بيننا وبين ديننا وثقافتنا. من الضروري أن نواصل العمل على إحياء اللغة وتعزيز حضورها في جميع المجالات." وأضاف أن الدول التي تحترم لغتها، مثل فرنسا، تفرض استخدامها في كافة المجالات مما يعكس التزامها العميق بهويتها الثقافية.

وفي مداخلة له، تحدث الدكتور عبد الحميد مرعي، رئيس مجمع اللغة العربية، عن إنجازات المجمع في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها. وأشار إلى أن المجمع أصدر معجمًا شاملًا للغة العربية يضم المعارف الإسلامية والعلوم التي تم تعريبها على مر العصور. وأضاف أن المجمع قام بمراجعة العديد من المصطلحات العلمية وتحديثها لتواكب التطورات الحديثة، مؤكدًا على ضرورة إحياء اللغة العربية في جميع المجالات، بما في ذلك الوثائق والمحافل الرسمية والإعلانات والمكاتبات.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس "الشورى" يستعرض مع وفد تركي العلاقات التاريخية
  • 8 التزامات على الأطباء قبل البدء في تقديم الخدمة العلاجية بالقانون الجديد (تعرف عليها)
  • مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها
  • مفتي الجمهورية يلقى محاضرة متخصصة لمفتشي وزارة الأوقاف
  • الحكم بسجن موظف 3 سنوات لاتهامه بخطف فتاة والتعدى عليها
  • 24 لاعباً ولاعبة في قائمة منتخب الدراجات للبطولة العربية
  • لبنان يحتجز 30 ضابطًا من نظام الأسد.. وتساؤلات حول مصيرهم
  • 30 ضابطا من نظام الأسد بحوزة بيروت والإنتربول يطالبها باعتقال جميل الحسن
  • رئيس دائرة الخليج العربي واليمن بجامعة الدول العربية يلتقي رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع
  • "الثقافة ودورها في تدعيم الهوية المصرية" بفعاليات ثقافة أسوان