عراق بلا مخميات.. ما لا تتفق عليه بغداد وأربيل
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
ليست المرة الأولى التي يُفتح فيها ملف النازحين في العراق، إذ أنها باتت معضلة تسلّم من حكومة إلى خليفتها، وتجري العادة أن يتعّهد كل رئيس وزراء عراقي ضمن برنامجه الحكومي أن يعمل على إنهاء هذا الملف الذي ظهر في 2014، إبان سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة من الأراضي العراقية.
وبعد نحو سبع سنوات على إعلان النصر على تنظيم الدولة، أي منذ 2017، بدأ التوجه الحكومي في غلق ملف مخيمات النزوح بالكامل في جميع المحافظات العراقية، باستثناء إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي شمال البلاد.
وفي 2 كانون الثاني/ يناير الماضي، حددت الحكومة العراقية أن يكون تاريخ 30 حزيران يونيو 2024، موعدا لإغلاق المخيمات والعودة الطوعية للنازحين، وتأليف للجنة من وزارات الهجرة والمهجرين والتربية والصحة، وحكومة إقليم كردستان، لإغلاق هذا الملف.
ما العوائق؟
رغم الجدية التي ميّزت حقبة رئيس الوزراء العراقي الحالي، محمد شياع السوداني، إلا أن هذه العملية تشوبها الكثير من المعوقات، أبرزها هي أن مناطق النازحين التي طالتها يد الحرب ما زالت تفتقر للخدمات الأساسية وإضافة إلى مسألة التعويضات المالية للمتضررين ومسألة إعادة الإعمار.
بهذا الجانب، يقول الناشط أنس العزاوي والعضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، إن "الحكومة العراقية رغم خططها في غلق مخيمات النزوح وغلق هذا الملف خلال حكومتي الكاظمي والسوداني حاليا، إلا أن الجهات المعنية لا زالت تقرّ بأن هناك معوقات تشوب تنفيذ الخطة الحكومية لغلق المخيمات".
وأوضح لـ"عربي21" أن أبرز المعوقات تتمثل في "قلة التخصيصات المالية لضمان مخصصات العودة، وسيطرة بعض الجهات المسلحة على مناطق نزوح ترفض عودة أهاليها إلى مناطق سكناهم، والرفض المجتمعي للعائدين في بعض المناطق، غياب خطط العودة المبرمجة وبرامج التحفيز للعودة وضماناتها".
"حُلّت أغلبها"
من جهته، يؤكد وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، كريم النوري، أن الحكومة العراقية قادرة على غلق المخيمات من أجل العودة الطوعية، مبينا ان الحكومة أقرت عدة قرارات لصالح النازحين.
وقرر مجلس الوزراء العراقي، تخصيص مبلغ 4 ملايين دينار لكل عائلة عائدة من النزوح، وإطلاق برنامج عمل بين وزارتي النقل والهجرة والمهجرين لتشغيل العاطلين العائدين من النزوح، تخصيص نسبة 2% من تعيينات العقود في وزارة التربية للعائدين إلى محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، وبناء دور واطئة في سنجار والموصل للعائدين، تفعيل لجان للتنسيق مع العشائر لحل النزاعات العشائرية والاجتماعية، تخصيص راتب رعاية اجتماعية للعائدين، فتح مكاتب وممثليات للوزارات ومؤسسات ادلولة في سنجار، وغيرها من القرارات المعنية بعودة النازحين.
ورأى النوري في حديثه لـ"عربي21"، أن عودة النازحين الطوعية هي لمصلحتهم والبلد، وتعتبر رسالة "إيجابية بأن يكون العراق خال من المخيمات".
وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، ذكر أنه تم معالجة وحل أغلب المعوقات التي كانت تعترض طريق عودة النازحين، وفق النوري الذي لفت إلى أن قرارات مجلس الوزراء تعد حلولا لمسألة عودة النازحين خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار وحل المشاكل العشائرية.
أربيل تعارض: هل تستخدم المخيمات كورقة ضغط؟
يشير الناشط في حقوق الإنسان، أنس العزاوي في حديثه لـ "عربي21"، إلى وجود "اختلاف في وجهات النظر وسياسات التعامل مع ملف النزوح بين المركز والإقليم".
وذكر أن "غلق المخيمات بدون خطة متدرجة ورؤية واضحة، وضمانات معيشية ومجتمعية، وبيئة حاضنة سليمة، وتعويض مالي مجزي وتشغيل لرب العائلة، فإن كل الخطط الحكومية لن تنجح باقناع النازحين العودة إلى مناطق سكناهم".
وتابع: "التجربة أثبتت أن قرار حكومة الكاظمي بعودة النازحين وغلق المخيمات (بسقف زمني 6 أشهر) في نهاية عام 2019، أدى الى نزوح عكسي وارتفاع معدلات العودة القسرية وبالتالي لم تكن الاجراءات مقنعة للنازحين".
ويقول مسؤولو إقليم كردستان، إنه لا يمكن غلق المخيمات دون تطبيق اتفاقية سنجار لعام 2020، خاصة في ظل وجود جماعات مسلحة وميليشيات خارجة عن القانون في هذه المناطق، إشارة لحزب العمال الكردستاني المدعوم من إيران، وكذلك فصائل تابعة للحشد الشعبي.
وأبرمت الحكومة العراقية في بغداد والسلطة المحلية في إقليم كردستان، في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وقضاء سنجار، تقطنه الأقلية الإيزيدية ويتبع إداريا إلى محافظة نينوى، وقد تعرض سكانه لانتهاكات جسيمة على يد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014 وارتكب بحقهم المجازر وخطف النساء، حيث لا يزال الآلاف منهم مفقودين إلى اليوم.
ويهدف الاتفاق إلى إخراج الجماعات المسلّحة من البلدة، تمهيدا لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو 80 في المائة منهم يرفضون الرجوع بسبب توتر الأوضاع، مع مطالبات طرد مسلحي "حزب العمال الكردستاني"، وفصائل عراقية مثل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".
حول أبعاد هذا الملف بالنسبة لأربيل، فإنه وفقا للعزاوي، يشكل "ورقة ضغط سياسي تارة ضد الحكومة، وتارة أخرى ورقة تفاوض سياسية، وتارة صندوق أصوات انتخابي مرصود"، إلى جانب إظهار قصور في الأداء الحكومي في بغداد أمام المجتمع الدولي، وفق رأيه.
لكن على الطرف الآخر، قال كريم النوري وكيل وزارة الهجرة والمهجرين أن "القرار بيد الحكومة الاتحادية، رغم أن إدارة المخيمات المتبقية بيد وزارة الداخلية بحكومة الإقليم"، مرجحا ان يكون هناك تعاونا كبيرا بين الجانبين لإغلاق الملف.
وأجّل مجلس الوزراء العراقي في جملة قراراته بالشهر الفائت، أن يكون الموعد النهائي لإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان في 30 تموز/ يوليو 2024، بدلا من حزيرات لحين إكمال عمليات التدقيق الأمني خلال شهر.
وكانت وزارة الهجرة، أعلنت في العام 2021، إغلاق المخيمات كافة باستثناء التابعة لإقليم كردستان ودعته لإغلاقها، لكن مسؤولين في الإقليم أكدوا أنهم غير قادرين على إغلاق المخيمات دون أن يتم إعمار مدن النازحين.
أرقام متضاربة
وشهد العراق إبان سيطرة تنظيم الدولة على محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وأجزاء من كركوك، أكبر موجة نزوح داخلية بلغت 5 ملايين نازح، غالبيتهم قصدوا إقليم كردستان.
ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، فإن أكثر من أربعة ملايين نازح موزعين على 175 مخيما و30 عشوائية في إقليم كردستان، قد عادوا إلى مناطقهم الأصلية، ويتبقى حالياً 24 مخيما فقط، 16 منها من سنجار، في إقليم كردستان.
ويبلغ عدد النازحين في الوقت الحالي قرابة 32 ألف عائلة وأغلبهم في سنجار، وفقا لما قاله وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، كريم النوري لـ "عربي21".
بينما الناشط في حقوق الإنسان، أنس العزاوي، ذكر أن "إحصائية النازحين في العراق لا تزال غير متطابقة بين الاحصائيات الحكومية والتي لا تتجاوز 35 ألف عائلة وبين الاحصائيات الدولية المعتمدة وفق مصفوفة النزوح لمنظمة الهجرة الدولية IOM والتي تقدر بحدود مليون و200 ألف فرد شاملة للنازخين في الداخل والموزعين على (24) مخيم ضمن حدود إقليم كردستان (أربيل ودهوك)، ومن هم خارج المخيمات والمستوطنين في المجتمعات المضيفة".
يأتي ذلك في الوقت الذي يسترجع فيه العراق بين الفينة والأخرى، عشرات العوائل من مخيم الهول السوري الذي يعتبر نصف قاطنيه من حملة الجنسية العراقية، وتطالب بغداد المجتمع الدولي بتفكيك المخيم لما له من خطورة في إعادة إحياء تنظيم الدولة وتهديد الامن القومي العراقي الذي لا يزال غير متعاف تماما من حرب التنظيم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النازحين العراق إقليم كردستان المخيمات بغداد أربيل العراق بغداد أربيل المخيمات النازحين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة العراقیة فی إقلیم کردستان عودة النازحین تنظیم الدولة النازحین فی هذا الملف
إقرأ أيضاً:
الخارجية النيابية:ترامب غير مرحب به في العراق لوجود مذكرة قبض عليه لقتله سليماني والمهندس
آخر تحديث: 6 نونبر 2024 - 3:54 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشفت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، اليوم الأربعاء، عن كيفية تعامل العراق مع دونالد ترامب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مع وجود مذكرة قبض صادرة بحقه من قبل مجلس القضاء الأعلى في البلاد بتهمة ارتكابه عملية اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.وقال عضو اللجنة مختار الموسوي، في حديث صحفي: ان “ترامب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترامب الى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن”، مشيرا الى أن “أمريكا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة”.وأضاف الموسوي، وهو نائب عن الإطار التنسيقي أن “ترامب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق”، لافتا الى أن “زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة جنوده في قاعدة عين الأسد بمحافظة الانبار، لكن العراق سيتعامل مع ترامب بشكل طبيعي”.وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية أنه “في حال زار ترامب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ تلك مذكرة بشكل حقيقي بحق ترامب”.يذكر أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كان قد هاجم بشدة، إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك خلال كلمة له في حفل تأبيني أقيم ببغداد العام 2023 بالذكرى السنوية لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس بغارة جوية قرب مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020.كما أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان، صدور أوامر قبض بحق ترامب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس.