يتصاعد الحديث في الأوساط السياسية عن "اتفاق وشيك" بين "حزب الله" وإسرائيل، بالتوازي مع الحديث عن اتفاق الهدنة المحتملة في قطاع غزة، حيث كشف موقع "أكسيوس" الأميركي هذا الأسبوع أنّ واشنطن وحلفاءها الأوروبيين "يأملون" الإعلان في الأسابيع القليلة المقبلة عن سلسلة من الالتزامات التي تعهّد بها الجانبان لنزع فتيل التوتر، واستعادة الهدوء على الحدود الجنوبية بين لبنان والأراضي المحتلة.


 
يأتي ذلك في إطار مساعٍ تبذلها الإدارة الأميركية منذ أشهر لمنع توسّع الصراع في غزة وانتقاله إلى لبنان، علمًا أنّ المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، عرّاب اتفاق ترسيم الحدود البحرية، حطّ مرّة أخرى في تل أبيب قبل أيام حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وناقش معهما اقتراحه بشأن تفاهمات جديدة، تقول مصادر متابعة إنّها تشبه التفاهمات التي أنهت حرب "عناقيد الغضب" عام 1996.
 
لكنّ الحديث عن اتفاق "وشيك" يثير تساؤلات عدّة في الأروقة السياسية الداخلية، يعبّر عنها خصوم "حزب الله"، وفي مقدّمهم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعحع الذي قال في حديث مع جريدة "كورييري ديللا سيرا"، إنّ الحزب "لن ينسحب أبدًا من الجنوب، فهو يخدع الأميركيين ويجعلهم يصدقون ذلك"، فما الذي قصده بهذا الكلام "التنبيهي"؟ وما الذي يخشاه خصوم "حزب الله" عمليًا من الاتفاق، إن أبرِم؟!
 
هل من اتفاق فعلاً؟
 
تثير المعلومات المتداولة عن اتفاق "وشيك" بين "حزب الله" وإسرائيل الكثير من التساؤلات والشكوك، ولا سيما أنّ الحزب لطالما "ربط" أيّ تهدئة يمكن أن تحصل على الحدود اللبنانية بانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، فضلاً عن أنّ الكثير من المتابعين يستبعدون أن يقدّم الحزب "التزامًا" من نوع الانسحاب من المنطقة الحدودية، ولو لبضع كيلومترات، حتى في حال انتهت الحرب على غزة وتمّ الاتفاق على وقف نهائي وشامل لإطلاق النار.
 
لكن، بخلاف المشكّكين، ثمّة من يرى أنّ تفاهمًا من هذا النوع قد يكون "مُتاحًا"، إذا ما حصل الحزب على ما يريده منه، علمًا أنّ الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كان من أعطى "الضوء الأخضر" للمفاوضات بقوله قبل أسابيع إنّ اللبنانيين أمام "فرصة تاريخية" للتحرير الكامل، ولعلّ في كلماته بعضًا من الشروط التي يريد الحزب أن تتحقّق، علمًا أنّ مثل هذا الأمر ليس جديدًا، وسبق للحزب أن وافق على تفاهمات من هذا النوع في حروب سابقة.
 
ولعلّ ما يعزّز من الاعتقاد بأنّ ما يُحكى عن اتفاق "وشيك" قد لا يكون مجرّد "حبر على ورق" يتمثّل في أنّ هذا الحديث يأتي بعد أسابيع من "الحرب النفسية" التي بلغت ذروتها بين "حزب الله" وإسرائيل، والتي وضعها كثيرون في خانة "رفع السقف"، من دون الانزلاق فعليًا في أتون حرب، أصبح واضحًا أنّ الطرفين يتجنّبانها ولا يريدانها، علمًا أنّ الإدارة الأميركية أيضًا تضغط بكل قواته لتفادي حربٍ أخرى في المنطقة، خصوصًا في سنة الانتخابات الرئاسية.
 
ما الذي يخشاه الخصوم إذاً؟
 
بالعودة إلى التسريبات حول الاتفاق "الوشيك" بين "حزب الله" وإسرائيل، يتوقف كثيرون عند بعض البنود المُدرَجة في سياقه، وفق ما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي، وهي بنود لا تبدو "محصورة" بالجانب العسكري، بل تصل حتى إلى الوضع الاقتصادي، إذ نقل الموقع عن مصادر قولها إنّ القوى الغربية ستعلن عن "تدابير اقتصادية"، أو "مزايا محتملة" للاقتصاد اللبنانية، وذلك لتسهيل قبول الاتفاق على "حزب الله".
 
لكن، إذا كان ذلك صحيحًا، يصبح السؤال مشروعًا عمّا يخشاه خصوم الحزب، حتى يظهروا بمظهر الرافضين للاتفاق، من باب "التشكيك" به، وتحديدًا بنوايا "حزب الله"، إذا ما كان لبنان سيجني فوائد منه، في ظلّ الأزمات المتفاقمة التي "يتخبّط بها"، حيث يقول العارفون إنّ الخشية الكبرى قد تكون من "تبعات" مثل هذا الاتفاق على الواقع الداخلي، خصوصًا إذا ما اعتبر الحزب نفسه "منتصرًا"، وهو ما لا يبدو "مشكلة" بالنسبة للقوى الغربية.
 
ورغم أنّ أيّ حديث عن "مقايضة رئاسية" لم يَرِد في التسريبات عن الاتفاق، بعدما سبق أن نفى المعنيّون وجودها من الأساس، فثمّة بين خصوم "حزب الله" من أن تكون مثل هذه المقايضة "بندًا مضمرًا" في الاتفاق، وبينهم من يسأل من يستطيع إقناع "الحزب" بالذهاب إلى "مرشح رئاسي ثالث"، في لحظة "القوة"، وهو الذي تمسّك بمرشحه الرئاسي في لحظة "الضعف" إن جاز التعبير، أو يوم كانت حظوظ الأخيرة في "أسوأ أحوالها".
 
بمعزل عن التبعات، ثمّة من يعتقد أنّ كلّ "السيناريوهات" لا تزال مفتوحة، وأنّ ما يُحكى عن اتفاق "وشيك" يبقى مجرد احتمال، في مواجهة احتمالات أخرى، لم تنطفئ بعد، ومن بينها الذهاب إلى مواجهة عسكرية، التي يعتقد البعض أنّها قد تكون "ممرًا" لأيّ اتفاق أو تسوية. لكن، بمعزل عن ذلك، ثمّة علامات استفهام تُطرَح فيما لو كان حقيقيًا، فهل يمكن رفضه بفوائده للبلد، من باب أن الخصم قد يحصل منه على "هدايا مجانية"؟!   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

رواندا تطالب بريطانيا بتسديد مستحقات اتفاق الهجرة الملغى

تتعرض المملكة المتحدة لضغوط متزايدة من رواندا لدفع 50 مليون جنيه إسترليني بعد فشل اتفاق ترحيل المهاجرين الذي كان يهدف إلى نقل طالبي اللجوء غير النظاميين من بريطانيا إلى رواندا.

ووصفت الحكومة الرواندية تأخر بريطانيا في دفع المستحقات بأنه "خرق للثقة"، مما أثار تساؤلات بشأن مستقبل التعاون بين البلدين في قضايا الهجرة.

وأعلنت الناطقة الرسمية باسم الحكومة الرواندية أن بلادها تطالب المملكة المتحدة بدفع 50 مليون جنيه إسترليني، وهو جزء من الاتفاق الموقع بين الجانبين في عام 2022 لاستقبال طالبي اللجوء القادمين إلى بريطانيا عبر القوارب الصغيرة.

لكن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب عقبات قانونية وسياسية أدت إلى تعليقه وإلغائه فعليا.

استقبلت رواندا المجموعة الـ18 المكونة من 113 طالب لجوء من ليبيا ينتمون إلى 6 جنسيات (حكومة رواندا)

وأكدت كيغالي أن المبلغ المستحق يغطي التكاليف الإدارية والتنظيمية التي أنفقتها رواندا استعدادا لتنفيذ الاتفاق، مشددة على أن "التزامات المملكة المتحدة المالية يجب أن تُحترم بغض النظر عن إلغاء البرنامج".

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "نيو تايمز" الرواندية أن الحكومة الرواندية تعتبر تأخر بريطانيا في السداد خرقا للثقة، خاصة أنها "أوفت بجميع التزاماتها وفقا للاتفاق".

وأضافت الصحيفة أن رواندا قد تلجأ إلى خيارات قانونية ودبلوماسية للضغط على بريطانيا لدفع المبلغ المستحق.

ولم يقتصر التوتر بين البلدين على الخلاف بشأن اتفاق الهجرة، بل تصاعد بشكل ملحوظ بعد أن قرر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تعليق المساعدات البريطانية لرواندا الأسبوع الماضي، مبررا القرار بمزاعم دعم رواندا جماعة "إم 23" المتمردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

إعلان

وأثار القرار استياء رواندا التي نفت بشدة هذه المزاعم، متهمة بريطانيا بترويج "روايات زائفة" تضر بجهود إحلال السلام في المنطقة.

واعتبرت كيغالي أن تعليق المساعدات "خطوة غير مبررة" من شأنها الإضرار بالعلاقات الثنائية وزعزعة الاستقرار الإقليمي.

ويأتي هذا النزاع في وقت تواجه فيه الحكومة البريطانية تحت قيادة حزب العمال انتقادات داخلية بسبب تزايد أعداد المهاجرين القادمين إلى المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة.

العاصمة الرواندية كيغالي (الجزيرة)

ووفقا لصحيفة "ديلي ميل"، ارتفع عدد المهاجرين بنسبة 26% مقارنة بالعام السابق، مما يزيد الضغوط السياسية على الحكومة لإيجاد بدائل فعالة بعد انهيار الاتفاق مع رواندا.

ورغم فشل الاتفاق فعليا فإن الحكومة البريطانية تواصل البحث عن بدائل لمعالجة أزمة الهجرة غير النظامية.

ومع ذلك، فإن تصاعد التوتر مع رواندا قد يعقّد أي محاولات مستقبلية للتعاون مع دول أخرى بشأن سياسات الترحيل.

في المقابل، تحاول رواندا تأكيد مصداقيتها كشريك دولي يمكن الاعتماد عليه، خاصة مع استمرارها في استضافة لاجئين من مناطق مختلفة بأفريقيا.

ويشير بعض المحللين إلى أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى إعادة النظر في سياسات الهجرة والاتفاقيات الثنائية بين بريطانيا ودول أخرى في المستقبل.

ومع استمرار تصاعد التوترات بين لندن وكيغالي يبدو أن الأزمة لن تقتصر على ملف الهجرة فقط، بل قد تمتد إلى العلاقات الدبلوماسية والمساعدات التنموية.

وبينما تسعى بريطانيا إلى إيجاد حلول بديلة لأزمة المهاجرين تصر رواندا على استرداد مستحقاتها، مما يجعل مستقبل التعاون بين البلدين محفوفا بالغموض.

مقالات مشابهة

  • لبنان يسير بين خطّين.. وهواجس من التعثّر والاصطدام!
  • مصر : على إسرائيل تنفيذ التزاماتها لإنجاز اتفاق غزة بمراحله الثلاث
  • مباحثات مباشرة.. لأول مرة واشنطن تتواصل مع حماس
  • اتفاق وشيك بين لبنان وصندوق النقد في الربيع المقبل؟
  • اتفاق غزة.. سيناريوهات ما بعد المرحلة الأولى
  • اتفاق الهدنة في غزة حبر على ورق؟
  • ساعر: مستعدون للمضي في المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار
  • رواندا تطالب بريطانيا بتسديد مستحقات اتفاق الهجرة الملغى
  • تحذير جنبلاط من المكائد الإسرائيلية.. ما الذي يخشاه البيك؟!
  • الدور المصري الذي لا غنى عنه