لندن-راي اليوم يعاني العراق من صيف شديد الحرارة، تزامنا مع انقطاعات متكررة للكهرباء خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي أثار المواطنين للخروج في تظاهرات ضد الولايات المتحدة، لعدم سماحها بدفع المستحقات الإيرانية على العراق، بحسب سبوتنيك. وذلك نتيجة بيع الكهرباء والغاز، حيث جرى الحديث عن قرار أمريكي يسمح بدفع تلك المستحقات بواسطة أحد البنوك الأجنبية.

فماذا يعني سماح أمريكا للعراق بسداد ثمن الكهرباء والغاز لإيران وعلاقته باتفاق النفط مقابل الغاز؟ بداية يقول عمر الحلبوسي، الباحث الاقتصادي العراقي، إن السماح الذي منحته أمريكا للعراق لمدة 120 يوما، هو لتجنب العراق فترة الحر اللهيب، كون العراق يعتمد على الكهرباء الإيرانية وكذلك الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، هذا السماح لن يكون مفتوحا بل ستكون الحسابات مقيدة أيضا كما في الحسابات المصرفية التي حددها الجانب الأمريكي في الداخل العراقي، ما يعني أن إيران ستبقى تطلب الإذن الأمريكي لغرض دفع المستحقات المالية للتعاملات الإنسانية فقط كما حددتها العقوبات الأمريكية على إيران”. ثقة مفقودة وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “يأتي هذا القرار في وقت تشكك فيه الولايات المتحدة الأمريكية بمصداقية تعامل الحكومة العراقية مع إيران، وسط تزعزع الثقة بين الحكومة الأمريكية والحكومة العراقية، وهو ما جعل واشنطن تأخذ هذا القرار خصوصا بعد تأكيدات إيرانية بأنها استلمت مبالغ الغاز والكهرباء كاملة من العراق، ثم تعود بعد ذلك تطالب العراق بدفع ما عليه من ديون للغاز والكهرباء، وهو ما أثار الشك لدى الجانب الأمريكي في تعامل الحكومة العراقية مع إيران، ما حتم عليه اتخاذ هذا القرار لفرض رقابة أكبر على التعاملات التجارية بين العراق وإيران”. وتابع الحلبوسي أن الحسابات المصرفية في البنوك الأجنبية التي حددتها أمريكا للعراق لدفع الديون لإيران هي حسابات مقيدة لا تدفع مباشرة إلى إيران، بل تدفع لشركات تورد السلع الإنسانية إلى إيران بعد أخذ الموافقة الأمريكية، كما أن هذا القرار سوف يقوض الاتفاق العراقي الإيراني بمقايضة النفط الخام العراقي أمام الغاز الإيراني، كون هذا الاتفاق يتعارض مع العقوبات الأمريكية التي تحظر أي تعاملات بالطاقة مع إيران، وهذا سيجعل العراق معرضا لعقوبات أمريكية محتملة في حال طبق اتفاقية مقايضة النفط الخام العراقي مع الغاز الإيراني. اتفاق المقايضة من جانبه، يقول عبد الرحمن المشهداني، الخبير الاقتصادي العراقي، إن الاتفاق الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تسديد مديونيات العراق لإيران عن طريق أحد البنوك الأجنبية، لا أتوقع أن يكون ذلك بطلب من الحكومة العراقية التي أمضت اتفاق مقايضة النفط بالغاز مع إيران. وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن هذا الاتفاق هو إعادة أو تجديد للإعفاءات التي كان يمنحها الرئيس الأمريكي السابق ترامب، منذ العام 2018 لتسديد مستحقات الغاز والكهرباء الإيرانية بشكل دفعات، بدأت بثلاثة أشهر وكانت تجدد لمدد مماثلة ثم وصلت إلى مرحلة شهرين وشهر وهكذا. وتابع المشهداني أن الحكومة الأمريكية وافقت على 6 أشهر لدفع مستحقات الغاز عن طريق مصرف أجنبي وهو الذي يتولى كيفية تسديدها إلى إيران، سواء كان لتمويل مدفوعات إنسانية أو أغراض أخرى، وهذا القرار هو تخفيف من الضغط الإيراني على العراق، لأن إيران تستغل دائما مواسم الذروات خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة. حراك شعبي وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن انقطاع الكهرباء في شدة الحرارة وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي هذا يسبب مشكلة، وهو ما حدث نفسه في العام 2019 عندما خرج الشباب العراقي منددا بانقطاع الكهرباء والخدمات وأسقط الحكومة، وفي التوقيت نفسه الآن هناك حراك في عدد من المحافظات العراقية منذ أيام ضد انقطاع الكهرباء المستمر، لكن كانت تلك التحركات تحت السيطرة، وكان السبب هو عدم السماح للعراق بتسديد الديون المترتبة عن تزويده بالكهرباء والغاز الإيراني. وأوضح المشهداني أن “قرار الفيدرالي الأمريكي بمنع التحويل إلى إيران طبعا ترتب عن تطبيق قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي بمنع التحويل لإيران، أن يتم اختيار مصرف أجنبي حتى تتم عملية تمويل مشتريات الحكومة العراقية من إيران، وهنا تم السماح بالدفع بالدينار العراقي أو التومان الإيراني أو بعملة أخرى، على أن يفتح حسابا في أحد المصارف العراقية لإدارة تلك الحسابات، وتم ترتيب الأمر في مصرف التجارة العراقي، وقد سمعنا عن مبلغ 11 مليار دولار مستحقات إيرانية لسنوات سابقة كثمن للغاز المستورد، لأن الولايات المتحدة الأمريكية اشترطت أن حساب الغاز الإيراني بمصرف التجارة العراقي يتم الصرف منه فقط لتمويل العمليات الإنسانية لصالح الحكومة الإيرانية، لذلك لا تستطيع إيران السحب بالدولار بل مقابل عمليات إنسانية فقط”. ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة العراقية، ونتيجة لقناعتها بأن عمليات الإمداد بالكهرباء والغاز، قد تتوقف في أي لحظة وتسبب احتقان في الشارع، لذا سارعت إلى التوقيع مع إيران بعيدا عن الدولار وعادت إلى نظام مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني. وقال المشهداني إن نظام المقايضة الذي وقعت عليه طهران وبغداد فتح الباب لدول أخرى طالبت العراق بالتعامل بالطريقة نفسها من بينها سوريا، لذلك جاءت الموافقة الأمريكية بلا طلب من العراق. وقال مسؤول أمريكي إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وقّع، أمس الثلاثاء، على إعفاء جديد يتعلق بالأمن القومي يسمح للعراق بسداد تكلفة الكهرباء لإيران ويتيح لأول مرة إيداع المدفوعات في حسابات في بنوك غير عراقية. وأضاف المسؤول الذي تحدث، شريطة عدم الكشف عن اسمه ومنصبه، أن الولايات المتحدة تأمل في أن يساعد الإعفاء الذي يمتد على 120 يوماً “في تخفيف الضغط الإيراني على العراق” من أجل الحصول على الأموال التي كان من الممكن في السابق إيداعها في حسابات مقيدة في العراق فقط. وأفادت وسائل إعلام غربية بأن طهران تضغط على بغداد للحصول على إذن الولايات المتحدة لصرف الأموال، وذلك من خلال وقف صادرات الغاز الطبيعي الإيرانية إلى العراق، ما قلص قدرته على توليد الكهرباء واضطره لقطع التيار الكهربائي خلال الصيف القائظ. وبموجب العقوبات الأميركية، لا يمكن صرف مدفوعات العراق مقابل الكهرباء الإيرانية إلا من الحسابات المقيدة في العراق – بإذن من الولايات المتحدة – لتشتري بها إيران احتياجاتها الإنسانية. وقال المسؤول الأميركي إن واشنطن تأمل في أن يخفف الإعفاء الجديد الضغط الإيراني على العراق، وذلك من خلال نقل ذلك الضغط إلى الدول التي توجد فيها البنوك الوسيطة. وتواجه إيران عقوبات أمريكية واسعة النطاق أعيد فرضها في 2018، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الذي توصلت له طهران مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة في 2015.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحکومة العراقیة الکهرباء والغاز الغاز الإیرانی أمریکا للعراق على العراق هذا القرار إلى إیران مع إیران

إقرأ أيضاً:

لبنان تعلن عن استيرادها للنفط العراقي الخام بدلا من “الفيول”

آخر تحديث: 3 مارس 2025 - 10:49 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- اعلن لبنان، اليوم الاثنين، أنه اتفق مع العراق لاستيراد النفط الخام بدلا من الفيول.ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصدر حكومي مسؤول، إن لبنان أرسل وفدا إلى العراق واتفقا مع المسؤولين هناك على تجديد عقد توريد نحو 2 مليون طن من النفط الخام بعدما كان يورّد الفيول.واوضح ان العقد تم الاتفاق عليه بعد تعديل في نوعية الكمية التي أصبحت نفط خام بدلاً من فيول، وبعد تعديل في آلية السداد حيث اتُّفق على أن يكون تسديد ثمن الشحنات هذه المرة نقداً وفوراً لا على المنصّة، أي إن الدفع سيكون بالدولار عبر التحويل من مصرف لبنان إلى الخارج.واشار الى ان ممثلي لبنان في المفاوضات واجهوا صعوبة بالغة، إذ إن الحكومة العراقية كانت بحاجة إلى إثبات حسن نيّة لبنان في السداد ولا سيما بعد كل هذه التسهيلات والتأخير، مبينا أن الجانبين اتفقا على أن يكون تسديد ثمن الشحنات هذه المرة نقداً وفوراً لا على المنصّة، أي إن الدفع سيكون بالدولار عبر التحويل من مصرف لبنان إلى الخارج.والفيول مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير (وقود ثقيل) ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية. 

مقالات مشابهة

  • لبنان تعلن عن استيرادها للنفط العراقي الخام بدلا من “الفيول”
  • الجديد في العقوبات الأمريكية على إيران وأثرها على العراق: الضغوط والفرص
  • الطاقة النيابية: لا كهرباء للعراق بدون إيران!
  • هل تراجع صادرات النفط العراقي لأمريكا مؤشراً على تغيرات جيوسياسية؟
  • العراق يتحدث عن آخر تطورات قضية توقف «إمدادات الغاز» الإيراني
  • إيران:العراق سيحصل على إعفاء وقتي لإستيراد الغاز الإيراني!
  • نائب إطاري:لا حياة للعراق ولا كهرباء بدون إيران !
  • طهران: العراق سيحصل على تصاريح مؤقتة لاستيراد الغاز الإيراني
  • ارتفاع واردات الهند من النفط العراقي وتراجع الروسي في شباط
  • معدلات إنتاج «النفط والغاز والمكثفات» خلال الساعات الماضية