برج بيزا المائل أحد أشهر المعالم التاريخية والسياحية في إيطاليا وأغربها بسبب شكله المائل. يقع في مدينة بيزا، بدأ بناؤه عام 1173م، واستغرقت الأعمال فيه ما يقارب 200 سنة بسبب الميلان الذي حدث فيه عقب بدء البناء والذي بلغ 5.5 درجات. وبعد أعمال الترميم التي حدثت من عام 1990 إلى عام 2001 أصبحت زاوية الميلان 3.

66 درجات.

صرح تاريخي قديم

ورغم أنه يتكون من 8 طوابق فقط بارتفاع يقارب 56 مترا، إلا أن بناء هذا المعلم التاريخي استغرق نحو قرنين من الزمن.

فالراجح حسب الروايات التي تناقلها عدد من المصادر أن المدة الإجمالية لبناء هذا الصرح، الذي يعود إلى العصور الوسطى، قاربت 200 عام، إذ حدد أغلبية الباحثين تاريخ تأسيسه في عام 1173م، وبسبب طول مدة تشييده، تعاقبت على بنائه أعداد كبيرة من المهندسين المعمارين والنحاتين وعمال البناء.

استمر الاهتمام به بعد ذلك من قبل خبراء ومختصين ممن كان همهم تقويم اعوجاجه، ومحاولة إنقاذه من الانهيار، حتى إنه يُروى أن القائد العسكري الإيطالي بينيتو موسوليني، الذي حكم إيطاليا في الفترة ما بين 1922 و1943، أمر المهندسين عام 1934 بتقويم برج بيزا، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك.

وتشير كتابات متعددة إلى أن البرج قاوم على مدى مئات السنين، قساوة البقعة الأرضية التي شُيد فوقها، وأنه سَلِم من التدمير بأسلحة الجيش الأميركي إبان الحرب العالمية الثانية، خلافا لبعض المعالم التاريخية الأخرى المحيطة به التي لم تنجُ من نيران الحرب.

برج بيزا المائل يقع في مدينة بيزا الإيطالية (غيتي) الموقع

تربّع برج بيزا المائل عرش مدينة بيزا الإيطالية التابعة لإقليم توسكانا في الجزء الشمالي وسط إيطاليا.

وتقع بيزا في محافظة هادئة ذات كثافة سكانية منخفضة قرب البحر الليغوري، يحدها من الشرق فلورنسا على بعد نحو 80 كيلومترا شرقا، ومن الجنوب مقاطعة غروسيتو، في حين يحد المدينة شمالا مقاطعة لوكا، وغربا توسكانا.

ويقع برج بيزا في الميدان المعروف بميدان المعجزة أو ساحة المعجزات، خلف الكاتدرائية، وكان آخر معلم تاريخي بني هناك، لأنه في الأصل كان برجا لجرس الكنيسة.

يحيط بهذا البناء المعماري، إلى جانب كاتدرائية بيزا، عدد من البنايات التاريخية مثل متحف الكاتدرائية الواقع في الجهة الشرقية من ميدان المعجزة، ومعمودية بيزا التي بنيت عام 1152م، إلى جانب حديقة بها تماثيل وأروقة تحتوي على أضرحة في مقبرة كامبو سانتو، حيث كان يدفن رموز الطبقة الأرستقراطية.

تاريخ التشييد

تشير جل التقارير التي كتبت عن برج بيزا أن تاريخه يعود إلى القرن الـ12 الميلادي، وبالتحديد إلى أغسطس/آب عام 1173م.

وعلى الرغم من عدم قدرة المؤرخين على تحديد المهندس المعماري الذي بدأ تشييد البرج، إلا أن كتابات عدة أشارت إلى أن من بدأ تشييده هو المهندس المعماري والنحات الإيطالي بونانو بيزانو، كما أشارت إلى مهندسين آخرين ممن تعاقبوا لإتمام المهمة.

بناء برج بيزا استغرق 199 عاما (وكالة الأنباء الأوروبية)

وقد مرّ تشييد البرج بـ3 مراحل أساسية، إذ بدأ البناء من الطابق الأول، الذي أحيط بـ15 عمودا من الرخام الأبيض ذات تيجان كلاسيكية وأقواس تقليدية. واستمر الاشتغال في الطابقين الأول والثاني 5 سنوات.

وتفيد تقارير مختصة أن الشروع في بناء الطابق الثالث بدأ عام 1178م، إلا أنه لوحظ آنذاك أن البرج بدأ يميل ميلا إلى الجهة الجنوبية الشرقية بنحو 5 درجات بسبب طبيعة التربة الرخوة لمكان تشييده، فتوقفت عملية البناء لإنقاذ البرج من الانهيار ومساعدة أرضيته على أن تهدأ وتكسب تربتها الاستقرار.

وبسبب هذا التوقف الاضطراري الذي فرضته الطبيعة الإسفنجية للتربة، وأيضا لأسباب سياسية مرتبطة بالحرب التي خاضتها بيزا مع جيرانها، استغرق بناء الطابق الثالث وحده 90 عاما.

وابتداء من عام 1272م كلف المهندس جيوفاني دي سيمون باستكمال بناء البرج فبلغ الطابق السابع. وعمل على تقليص درجة الميل في الطوابق المتبقية من البرج، وتعرض لانتقادات عديدة لعدم قدرته على تعديل ميلان البرج، لكنه في المقابل نجح في بناء طوابق ووصل ارتفاع البرج إلى 7 طوابق وحال بدون توقف البناء نهائيا.

وبعد حوالي 60 سنة أخرى من توقف الأشغال، أنهى المهندس المعماري بيزاطوماسو بيزانو بناء هذا المعلم عام 1372م.

التسمية

أخذ برج بيزا المائل تسميته من شكله ومن درجة انحرافه على المستوى العمودي ومن اسم المدينة التي شيد فيها، كما أخذ أيضا اسم جرس كاتدرائية المدينة لقربه من هذه الكنيسة واستعمل لاحتضان جرسها.

وهناك من يطلق عليه البرج الأعجوبة، وغيرها من التسميات التي جعلت من هذا الصرح التاريخي معلما خالف كل قوانين الهندسة المتعارف عليها، فكل ما بني فوق أرض رخوة وبارتفاع حرج، يفترض أن يكون مآله السقوط.

برج بيزا بني ليكون برجا لأجراس كاتدرائية بيزا القريبة (غيتي) وصفه

بني برج بيزا المائل من مادة الرخام الأبيض على الطراز الروماني. فمن الخارج يبدو كمبنى حجري أسطواني الشكل بواجهة من الحجر الجيري الأبيض رمادي اللون المجلوب من مدينة سان جوليانو، ويحتوي على شرفات وأعمدة متينة وضخمة تشكل دعامات له، وتعلوه غرفة لأجراس الكنيسة الكاتدرائية.

ويخلو البرج من غرف داخله، ويتكون جزؤه الأوسط من أسطوانة مجوفة بواجهتها الداخلية من حجر فيروكانا المزخرف.

يتكون برج بيزا من 8 طوابق أو أدوار يربطها درج لولبي الشكل، يتكون من 300 درجة وبه أيضا مصعد كهربائي.

ليس برج بيزا البرج المائل الوحيد في العالم، بل هناك قائمة طويلة لأبراج أكثر ميلا مثل برج جرس سورهوسن بولاية ساكسونيا الألمانية بدرجة ميل تصل إلى 5.7 درجات، إلا أن برج بيزا يعد أشهر المباني المائلة في العالم.

وتواصلت الجهود لإنقاذه، ولم تتوقف الأشغال الرامية إلى تعديل شكله ليعود إلى برج عمودي، لكن كل المحاولات باءت بالإخفاق وكانت بدون جدوى.

ومع مرور الوقت، انخفضت درجة ميل برج بيزا من 5.5 درجات سابقا إلى 3.99 درجات، وبفضل أعمال الترميم التي جرت ما بين 1990 و2001، تقلص الميل إلى ما يقرب من 3.66 درجات، ولوحظ أن تلك الأعمال أتت أكلها وتمت إزاحة قمة البرج أفقيا.

برج بيزا يتكون من 8 طوابق (أدوار) يربطها درج لولبي الشكل (رويترز) اقتصاد

الشكل المائل لبرج بيزا جعله محط جذب كبير للسياح سواء من داخل إيطاليا أو خارجها.

وتخصص 6 طوابق من برج بيزا للتمتع بالمناظر الطبيعية سواء لمدينة بيزا أو للقرى القريبة منها، وهو ما يجعله نافذة من نوافذ السياحة ليس في بيزا فحسب، بل في إيطاليا برمتها.

يستقطب البرج أعدادا كبيرة من السياح تقدر بالملايين سنويا، يفدون من جميع أنحاء العالم ومن مدن إيطالية لزيارة البرج والأبراج القريبة منه من قبيل برج الساعة وميدان الفرسان وعشرات من الكنائس، إضافة إلى مآثر تاريخية أخرى مجاورة حبلى بأسرار الحضارة الرومانية العريقة.

وتأخذ مدينة بيزا حقها من هذه الحركة السياحية بحكم أنها تعد من المدن التاريخية الإيطالية القديمة، وتعرف بتعدد مبانيها الأثرية التي أصبحت معالم سياحية عالمية شهيرة.

أعلام

اقترن برج بيزا المائل باسم المهندس المعماري والنحات الإيطالي بونانو بيزانو، الذي وضع الحجر الأساس لهذا الصرح التاريخي، حسب إفادات عدد من المؤرخين.

وهو ابن مدينة بيزا، ترعرع فيها وقضى بها سنوات طويلة من حياته. ويحكى أنه بعد بدء تشييد البرج، شد بيزانو الرحال إلى بلدة مونريالي في صقلية، ليصنع هناك أبواب الكاتدرائية، ومباشرة بعد عودته إلى بيزا توفي ودُفن في سفح البرج. وفي عام 1820 اكتشف تابوته الحجري، وفي عام 1838 عُثر على بصمة لوحة معدنية تحمل أيضا اسمه.

الشكل المائل لبرج بيزا جعله محط جذب كبير للسياح سواء من داخل إيطاليا أو خارجها (وكالة الأناضول)

ومن بين الأعلام الذين ارتبطت أسماؤهم ببرج بيزا المهندس جيوفاني دي سيمون، الذي قرر إتمام مشوار بيزانو.

ففي عام 1272 م تولى جيوفاني مهمة إتمام بناء برج بيزا وحاول تقويم اعوجاجه وإرجاعه إلى وضعه العمودي الطبيعي، لكنه لم يفلح في ذلك، وتوقفت الأشغال من جديد.

وهناك أيضا المهندس بيزاطوماسو بيزانو، الذي أخذ المشعل وحاول الاشتغال على هذه المعلم، بعد أكثر من 60 سنة من التوقف، فكان له الفضل في استكمال بناء الطابق السابع عام 1319م وإضافة غرفة الأجراس، ومن ثم إتمام بناء البرج نهائيا عام 1372م.

محطات أساسية

في عام 1990 قررت الحكومة الإيطالية إغلاق برج البيزا الذي وصلت درجة ميله إلى 5.5 درجات، خوفا من انهياره كما وقع في برج جرس كاتدرائية بافيا عام 1989، واستدعت مجموعة من الخبراء الإيطاليين والأجانب في مجالات الهندسة ودراسة التربة والترميم وغيرها لبحث سبل إنقاذ البرج باستعمال مختلف المعدات والأثقال من سبائك الرصاص والأحبال الفولاذية السميكة، والاعتماد على عدة تقنيات لضمان تماسك البناية.

وأكد الخبراء استمرار ميل البرج بزاوية أكبر من أي وقت مضى، وخلصوا إلى أنه لم يعد آمنا للسيّاح والزوار. فكان لا بد من تقليل زاوية ميله؛ فأغلق 11 سنة.

خلال هذه المدة الحافلة بأعمال الترميم والصيانة، نجح فريق المتخصصين العالميين في إعادة البرج إلى وضعه السابق عن طريق وضع أوزان الرصاص على الجانب لشمالي وإزالة أطنان من الرمال ببطء من التربة أسفل الجانب الشمالي، لأن ميلان البرج كان باتجاه الجنوب، وفي فبراير/شباط 2000 وضع مزيد من الرصاص على الجانب الشمالي لتعديل الميلان.

العالم الإيطالي غاليليو غاليلي (شترستوك)

وبحلول يونيو/حزيران 2000 صُحح الميلان وأُعيد للدرجة التي كان عليها عام 1870، ومع انتهاء عمليات الترميم في يونيو/حزيران 2001 عاد البرج إلى الزاوية التي كان عليها عام 1838.

وتم تسليم برج بيزا بصورة رسمية إلى سلطات المدينة، لكن منعت زيارته وفرض على السياح الانتظار مهلة فاقت 5 أشهر، إلى حين وضع حواجز أمان خاصة وفتح البرج من جديد عام 2001.

تجربة

من النوادر التي تحكى عن برج بيزا المائل أنه كان محط أشهر تجربة علمية فيزيائية في تاريخ البشرية. وإضافة إلى كونه مكانا لجرس الكنيسة وواجهة سياحة بامتياز، إلا أنه كانت فيه مآرب أخرى.

وتشير تقارير إلى أن العالم الإيطالي غاليليو غاليلي، أستاذ مادة الرياضيات في جامعة بيزا، اتخذ برج بيزا مكانا للقيام بتجربة علمية جديدة، وذلك في نهاية القرن الـ16 الميلادي.

فقد أسقط غاليلي قطعتين من كتلتين مختلفتين من أعلى قمة برج بيزا المائل، وكان غرضه من هذه التجربة إثبات فرضية علمية مفادها أن زمن السقوط الحر لا يعتمد على الكتلة، وأن الأجسام تسقط بالتسارع نفسه.

وهي تجربة دحضت نظرية الجاذبية لأرسطو، التي كانت سائدة في ذلك الزمان، وكانت تقول إن سرعة سقوط الأجسام تعتمد على كتلها، هذه الحقيقة العلمية الجديدة بادر فينتشنزو فيفياني، تلميذ غاليلي، إلى تدوينها في مؤلف كتبه عام 1654 ونشره عام 1717.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المهندس المعماری برج بیزا المائل إلا أن إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

اكتشاف 50 قذيفة مدفعية من الحرب العالمية الأولى

جناق قلعة (زمان التركية) – عثرت السلطات المحلية التركية على 50 قذيفة مدفعية تعود إلى معارك جناق قلعة وذلك أثناء أعمال تجديد قنوات مياه الصرف الصحي في منطقة غاليبولي التابعة لولاية جناق قلعة التركية غربي البلاد.

وذكرت وكالات الأنباء أن فرق تابعة لمديرية المياه والصرف الصحي ببلدية غاليبولي عثرت على قذائف مدفعية أثناء قيامها بأعمال حفر لتجديد المجاري في منطقة علاء الدين.

وحضرت فرق الشرطة والدرك إلى الموقع بعد أن أبلغها العمال حيث قاموا بتطويق موقع الحفر، ومن ثم قام العمال بإخراج قذائف المدفعية من الأرض واحدة تلو الأخرى بطريقة منظمة، إذ وصل عدد القذائف المدفعية المستخرجة إلى 50 قذيفة.

واستلمت فرق الشرطة قذائف المدفعية، التي يعتقد أنها من فترة معارك جناق قلعة لحفظها في منطقة آمنة.

وسيتم نقل القذائف المذكورة إلى مديرية موقع غاليبولي التاريخي لمعارك جناق قلعة لفحص خصائصها التاريخية والتقنية.

جدير بالذكر أن منطقة غاليبولي في الولاية، شهدت معارك جناق قلعة عام 1915 بين الدولة العثمانية والحلفاء إبان الحرب العالمية الأولى؛ حيث حاولت قوات بريطانية وفرنسية ونيوزلندية وأسترالية احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وباءت المحاولة بالفشل.

وآنذاك، كلفت تلك المعارك الدولة العثمانية أكثر من 250 ألف شهيد، فيما تكبدت القوات الغازية نفس ذلك العدد تقريبًا، وخاصة من قوات الأنزاك (أستراليا ونيوزيلندا).

Tags: الحرب العالمية الأولىجاليبوليجناق قلعةمعارك جناق قلعة

مقالات مشابهة

  • مواليد 4 أبراج لا يستطيعون الالتزام بوعودهم.. لا يمكن الوثوق بهم
  • مطالب بالتحقيق حول مصير الأغنام التي وزعها وزير الفلاحة السابق على متضرري الزلزال
  • عضو بـ«النواب»: «بداية» من أهم المبادرات التي تعمل على تحسين حياة المواطنين
  • اكتشاف 50 قذيفة مدفعية من الحرب العالمية الأولى
  • الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت قرار تاريخي
  • عضو مجلس الحرب الإسرائيلية السابق: قرار محكمة لاهاي عار تاريخي
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • الكتابة في زمن الحرب: التنمية المستدامة لقرية ما بعد الحرب
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • بن جامع: الإحتلال الصهيوني قتل الصحفيين أكثر من الحرب العالمية الثانية