عربي21:
2025-01-07@04:47:00 GMT

فلسطين فضحت «عالما بلا قيم»!

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

لماذا لم يستطع العالم أن يمكّن الفلسطينيين من الحصول على دولة قابلة للحياة؟ سؤال مشروع، ولكن مسار التعامل مع القضية الفلسطينية من طرف الغرب بقيادة أمريكا يجعلنا لا نستغرب ما يأتي من دول مارقة استغلّت الأمم المتحدة، لكي تُجيز العدوان الدولي. في المقابل تحرص على حماية شركاء التحالف، وعلى رأسهم إسرائيل.

وبالتالي من الطبيعي أن تغضّ البصر عن كلّ التجاوزات التي يأتيها الكيان الصهيوني، بما فيها جرائم الإبادة بحثا عن تصفية القضية الفلسطينية نهائيا وتبخّر حلم الدولة.

لم يعد هناك مجال للشك في القول إنّ ما تدعيه الولايات المتحدة من نزاهة وصدقية وحفظ السلم في العالم، ما هي إلا أكاذيب دأبت على ترويجها لإحكام قبضتها على الأنظمة وسيطرتها على الشعوب. وبالتالي استنفاد خيراتها واستعبادها. والكثير من العمليات الإرهابية التي قامت بها إسرائيل وبتأييد مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية، رافقتها التصريحات والمواقف التي كانت تقف وما زالت إلى جانب كيان الاحتلال بشكل مفضوح ولا أخلاقي، وفي انعدام تام للضمير الإنساني..

الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تمثلان أكبر تهديد للسلام العالمي، من خلال لجوئهما دائما للعنف والاعتداء على سيادة الدول وأمن الشعوب، وأكبر مثال هو أفعالهم الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، بشكل جعل إسرائيل واحدة من أكثر الكيانات إجراما ورعبا في العالم، وكل ذلك بتشجيع أمريكي. ألا يتعاطف العالم الغربي مع فلسطين، ويطغى الصمت على ممارسات استعمارية وحشية تعالت الأصوات الغربية سابقا، وتتعالى إلى الآن على مآسٍ شبيهة بها أو أقلّ منها حدّة، هي أمور لم تعد تثير الاستغراب. ولا مبالاتهم الصامتة، القديمة والثابتة إزاء شعب يتعرّض إلى الظلم بالقوّة، هي مسألة مفهومة. فهم من تسببوا في زرع هذا الكيان الغاصب، ويوفرون له كل أشكال الدعم، ومكّنوه من أسباب البقاء، ضمن معركة أيديولوجية متواصلة يتحوّل فيها الكذب إلى وسيلة مشروعة، وتُستخدم الحجج الأخلاقية لتسويغ القرارات التعسفية، وتعطيل الشرعية الدولية، وإعطاء سلوكهم الشائن شكلا مقبولا، أخذا بالاعتبار ما دأبوا عليه من التلاعب بالرأي العام العالمي، على قاعدة أنّه لا يمكن خلق تعاطف مع قضية إذا لم يكن لها أساس في نظرهم. هم الذين يزوّرون التاريخ ويشوهون الحاضر، لكن غير المستوعب هو مثل هذا الصمت العربي والإسلامي، وكأنّ القضية لم تعد تعني شيئا بالنسبة لهم، إلى درجة أن تقدم جنوب افريقيا قضية إلى محكمة العدل الدولية ضد كيان الاحتلال في غياب أمة بكاملها. لم يسبق أن كان الموقف العربي بمثل هذا القدر من العجز والشلل التام، في علاقة بالقضايا القومية والقضية الفلسطينية، على وجه الخصوص.

وجدوا ضالتهم في إقامة كيان في قلب المنطقة، يكون بمثابة قاعدة سياسية واقتصادية، تُقدّم على أنّها دولة لها مشروعية تاريخية ودينية، يحقق بها الغرب مصالحه الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية. مكروهون بما فيه الكفاية، ومع ذلك يتركون الدّاء يستفحل، ويعزّزون ريبة الشعوب بشأن مقاربة الغرب المبنية على مصالح إسرائيل في المنطقة. والسياسة الأمريكية المبنية بالكامل على المصالح، بدل القيم، ما زالت ترى في الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية متقدمة تحقق مصالحها في الشرق الأوسط. ورغم أنّ ميثاق الأمم المتحدة دعا إلى حفظ السلم والأمن الدوليين، وتحقيق التعاون وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بلا تمييز، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم، على قاعدة المساواة في الحقوق بين الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، فإنّه إلى الآن لم يتمكّن مجلس الأمن من إرغام إسرائيل على الامتثال لتنفيذ قراراته، لأنّ دولا بعينها تقف وراء هذا المنع، وتتحكم في السياسة الدولية وفق مصالح انتهازية مفرطة، لا تعير اهتماما للشرعية الدولية، فمنذ عام 1971 والولايات المتحدة ترفض وبشكل منهجي التسوية السلمية، وتتجاهل الإجماع الدولي، وتدّعي البحث عن حل دبلوماسي. وعانى مجلس الأمن ما عانت منه الأمم المتحدة، حيث استبعد «الفيتو» الأمريكي أي دور لهذه الهياكل الأممية في حل القضية. ومنذ التسعينيات، فترة الهيمنة الأمريكية على العالم، أصبح المصير الفلسطيني خاضعا لمبادئ السياسة الأمريكية التي حوّلت خياراتها نحو موقف أكثر تطرّفا تجاه الشرق الأوسط. ولا أحد يعلّق على استخدام النقض بشكل متكرر، حتى في المسائل الإنسانية الملحة، كذلك المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي قبلته الأمم المتحدة بإجماع دول العالم في 10 ديسمبر 1948. وينص على حق العودة للوطن. وهذه المادة استُخدمت للسماح لليهود السوفييت وغيرهم بالهجرة إلى حيث يشاؤون تطبيقا لحقوق الإنسان. لكن أمريكا وإسرائيل اللتين تكاتفت جهودهما في معارضة القرار 194 الصادر في 11 ديسمبر 1948 والذي أكد على حق اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا خلال الحرب في أن يعودوا إلى ديارهم، ترفضان تطبيق المادة نفسها لصالح الفلسطينيين المتمسكين بحق العودة.

مسارات القضية الفلسطينية التي وصلت إلى محاولات التصفية النهائية بإرادة أمريكية وغربية مشتركة، تفسّر إلى حد بعيد كيف تكاتفت جهود القوى الاستعمارية لتبرير طموحات إسرائيل التوسعية. واقعية غطرسة ومعايير مزدوجة ترافقت مع ضعف البنى المؤسسية للنظام الرسمي العربي، بشكل جعل قرارات القمم العربية بلا تنفيذ، خاصة ما يهمّ الاجتماعات العاجلة بشأن التطوّرات التي تحدث كلّ مرة في فلسطين المحتلّة. عوامل وهن وخيبة للأنظمة التي يزيد انفصالها عن الشعوب، وفّرت السياقات المناسبة للتفرقة والتشرذم، وحدّت من فعالية النظام العربي وتطوره، ما سمح لإسرائيل أن تفعل ما تريد، ومثل هذه الأنظمة العاجزة من الطبيعي أن تقف عند حدود التنديد وبيانات الشجب التي لفظتها الشعوب. بايدن مثله مثل ترامب واصل تعميق المرحلة السوداء في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالموقف الأمريكي هو ذاته، ولا ضغط على إسرائيل. والإدارة الأمريكية عاجزة في الحقيقة عن تقديم مراجعة نقدية للممارسات الصهيونية لأنها في الخندق نفسه، ومسؤولة عما وصلت إليه الأوضاع منذ عقود. فهل دعّمت أمريكا استقلال فلسطين؟ أم أنها زادت في تمتين الاستعمار، وترسيخ الاستيطان عبر سياسة الفيتو، ودعمها المطلق لإسرائيل وتهميشها لكل مبادرات السلام؟ في المحصلة النهائية، ما دمنا في عالم لا يعترف إلا بمنطق القوة وسياسة الأمر الواقع على الأرض، فإنه لا بديل عن خيار المقاومة بمختلف أشكالها، فهي الموجعة لكل مستعمر عبر التاريخ، وهي الوحيدة التي تفرض أهدافا سياسية ووطنية، بما يكفل استرداد الحق المسلوب.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

تقرير فلسطين الإحصائي: 7.6 مليون فلسطيني من أصل 15 مليون يعيشون في الشتات حول العالم

فلسطين – أظهر تقرير فلسطين الإحصائي السنوي لعام 2024 أن عدد الفلسطينيين حول العالم بلغ نحو 15 مليون فلسطيني يعيش منهم 5.5 مليون فلسطيني فقط داخل فلسطين ونحو 7.6 مليون في الشتات حول العالم.

وكشف التقرير أن “عدد الفلسطينيين في العالم بلغ حوالي 15 مليون فلسطيني ( 14.9 مليون)، نصفهم خارج فلسطين التاريخية، ويعيش منهم حاليا 5.5 مليون في دولة فلسطين، ( 3.4 مليون في الضفة الغربية، و 2.1 مليون في قطاع غزة)، كما يعيش 1.8 مليون فلسطيني في أراضي 1948، بينما بلغ عدد الفلسطينيين في الشتات نحو 7.6 مليون فلسطيني، منهم 6.4 مليون في الدول العربية”.

وبيّنت رئيسة الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، علا عوض أن “عدد سكان قطاع غزة انخفض بمقدار 6% عن تقديرات عدد السكان بالقطاع لعام 2023، بنحو 160 ألف نسمة”.

وأشارت إلى بيانات وزارة الصحة الفلسطينية التي أعلنت أن نحو 45500 فلسطيني، أكثر من نصفهم نساء وأطفال، استشهدوا منذ اندلاع الحرب، في حين فقد 11 ألفا إلى حين إعداد التقرير.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن “الرئيس الفلسطيني محمود عباس تسلم اليوم الأحد، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، تقرير فلسطين الإحصائي السنوي لعام 2024، خلال استقباله عوض”.

وأشاد عباس، “بالجهود الكبيرة التي تبذلها طواقم الإحصاء الفلسطيني لتوفير المؤشرات الدقيقة، خاصة في قطاع غزة، لصناع القرار الفلسطيني للاستفادة منها في وضع الخطط الآنية والمستقبلية الموضوعة لخدمة الشعب الفلسطيني”.

وأكد على ضرورة التدخل الدولي العاجل لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، الخاص بوقف إطلاق النار بشكل فوري، وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من قطاع غزة، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة لرفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني.

المصدر: وفا

مقالات مشابهة

  • مسؤول عسكري أردني سابق: إسرائيل أداة لتنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة
  • تقرير فلسطين الإحصائي: 7.6 مليون فلسطيني من أصل 15 مليون يعيشون في الشتات حول العالم
  • “مفتي الديار” يستنكر مواقف الكثير من الشعوب الإسلامية المتخاذلة عن نصرة فلسطين
  • سلطنة عمان تبحث مع مبعوث الأمم المتحدة مستجدات القضية اليمنية
  • الصين تهاجم إسرائيل لتحويلها مستشفيات غزة ساحة معارك
  • «الأونروا»: حظر إسرائيل مساعدتنا للفلسطينيين اقترب
  • «مهرجان الشيخ زايد» يحتفي بحِرف الشعوب
  • الأمم المتحدة: دخول حظر إسرائيل لـ أونروا حيز التنفيذ يؤدي لمعاناة هائلة
  • إسرائيل تدافع عن غارتها على مستشفى غزة.. ومفوض الأمم المتحدة يعلق
  • رغم محاولات إسرائيل تبريره..الأمم المتحدة ترفض تدمير مستشفى كمال عدوان في غزة