#تحذير_شديد_اللهجة من #التهجير – #ماهر-أبوطير
قبيل حرب الإبادة في قطاع غزة وصل عدد الأطفال الأيتام في القطاع قرابة الثلاثين ألف طفل يتيم، ومع الحرب الحالية فإن التوقعات تؤشر على عدد مذهل.
هذا غير آلاف الأطفال ممن استشهدوا وتعرضت عائلاتهم إلى إبادة كلية، أو تعرض الأباء إلى أضرار صحية تؤثر على حياتهم، وملف أطفال قطاع غزة متشعب من حيث التفاصيل، سواء الأضرار على مستوى التعليم، أو العلاج، أو الحرمان، أو بث الذعر والخوف في قلوب الأطفال من هول القصف والتدمير.
عشرات آلاف الأطفال من الأيتام في قطاع غزة بحاجة إلى مبادرة لتبنيهم من حيث الإنفاق عليهم وكفالتهم، وهذا الأمر قد يبدو بنظر البعض ليس أولوية أمام حجم الكارثة التي يتعرض لها القطاع ذاته، واستشهاد أكثر من خمسة وثلاثين ألف إنسان، وجرح أكثر من سبعين ألف إنسان، فيما العمليات الدموية مستمرة، بما يعني أن الخسائر الإنسانية سوف تتضاعف خلال الفترة القليلة المقبلة.
مقالات ذات صلة #تأملات_قرآنية 2024/02/08نتحدث هنا عن أجيال متضررة بطريقة غير مسبوقة، على كل المستويات، إذ يكفي غياب الأهل أو هدم المدارس، وهدم المساكن وغير ذلك، والمخاوف من استمرار العمليات وصولا إلى رفح وما يعنيه ذلك من مخاطر التهجير القسري.
وسط كل المطالبات بوقف الجرائم الإسرائيلية، ووقف الحرب كليا، وإعادة إعمار قطاع غزة، فإن ملف أطفال القطاع حصرا، بحاجة إلى جهد مختلف، وإلى بلورة موقف في سياقات التعامل مع كلف الحرب، ونتائجها على المستوى الاجتماعي، وإذا كنا نعرف جميعا أن الحاضنات الاجتماعية والعائلية لن تتخلى عن أطفال قطاع غزة، وسترعاهم، في مجتمع يتسم بقوة الروابط العائلية أصلا، وبسمات التدين أيضا، إلا أن هذا الملف بحاجة الآن إلى رصد تفصيلي، تمهيدا للمرحلة المقبلة، من حيث الأرقام، وطبيعة الحالات، ونوعية الضرر، خاصة، أننا سنجد آلاف الأطفال أيضا فقدوا الأب والأم معا، بما يجعل اليتم هنا مضاعفا، وبعضهم فقد كل عائلته خاصة مع المذابح العائلية التي لا ينجو منها سوى فرد أحيانا.
لا يوجد في قطاع غزة سوى عدد محدود لدور للأيتام، تبلغ الطاقة الاستيعابية لكل واحدة منها 2800 طفل يتيم بحسب برنامج النظام الوطني لحماية الطفل والرعاية البديلة، وبعض هذه الدور تضرر إثر حرب 2021، وبالتأكيد فإن الحرب الحالية قد تكون أدت إلى ضرر كامل لكل المؤسسات الحاضنة، هذا إضافة إلى الأضرار المتعلقة بحقوق الأطفال على صعيد التغذية، وهو أمر يشترك فيه كل أطفال غزة.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، حذرت نهايات العام الماضي، من أن الأطفال الفلسطينيين بقطاع غزة لا يحصلون على 90 % من استهلاكهم الطبيعي للمياه، كما حذرت المنظمة أيضاً من أن الأطفال دون سن الخامسة هناك يواجهون خطراً كبيراً للإصابة بسوء التغذية الحاد والوفاة، كذلك حذرت المنظمة من أن الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لصدمات الدمار والهجمات المتواصلة والنزوح والنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء، وهذا يعني في المحصلة تدميرا شاملا.
كيف يمكن للعواصم الغربية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والأطفال أن تسكت على مذابح تؤدي إلى التسبب باليتم لكل هذه الأعداد من الأطفال، غير استشهاد الآلاف، في عمل بشع جدا، لا يمكن تصنيفه أصلا من أعمال الحرب العادية، ولا الدفاع عن النفس، ولا أي مشروعية قانونية أو أخلاقية أو دينية، بما يفتح الباب للتساؤلات عن طبيعة المشروع الإسرائيلي الذي يتعمد تصنيع أجيال كاملة مدمرة عاطفيا، أو غير مؤهلة تعليميا، أو تعاني من الحرمان والفقر، في اعتقاد إسرائيلي بكون هذه الجرائم قد تنجب أجيالا خائفة، ومرعوبة، فيما الذي سيحدث العكس.
الأطفال الأيتام في غزة، تحديدا، وبقية الأطفال المتضررين أو المصابين بحاجة إلى مبادرة من داخل فلسطين، أو المنطقة العربية ونحذر بشدة من أضرار كارثية، حتى لا نصحو تحديداً على مؤسسات دولية وعواصم غربية تحاول مد يدها إلى هذا الملف لغايات خفية، أقلها ترحيل وتهجير آلاف الأطفال الأيتام ممن بلا حاضنات اجتماعية، إلى بعض الدول الغربية، تحت عنوان توفير الرعاية لهم، وهذا سيناريو قد لا يظهر الآن علنا، وربما أيضا التحكم في مسار مساعدة الاطفال الأيتام داخل قطاع غزة ذاته، بهدف إنتاج أجيال مغسولة العقل والضمير.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تحذير شديد اللهجة التهجير ماهر تأملات قرآنية آلاف الأطفال فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
امتلأت عينا الجد الفلسطينى «سعيد سالم» بالدموع وهو يتفقد ما تبقى من منزله وبيوت جيرانه فى شمال قطاع غزة، جلس يستريح على كرسيه، الذى نجا بطريقة ما من العدوان الإسرائيلى، محاطاً بأحفاده والأنقاض، يتذكر المنزل الذى فقدته عائلته فى السابق أثناء «نكبة فلسطين» فى عام 1948، عندما فروا من قرية «هربيا»، التى تبعد نحو 15 كيلومتراً من مدينة غزة، والتى أصبحت الآن، بعد تهجير الفلسطينيين منها، مستوطنة إسرائيلية تحمل اسم «زيكيم»، هرباً من القصف والفظائع التى ارتكبتها العصابات الصهيونية، يقول عن تلك اللحظات العصيبة، التى لا يستطيع محوها من ذاكرته: «أغلقنا منزلنا وأخذنا المفتاح وسرنا باتجاه غزة، معتقدين أننا سنعود بعد أيام قليلة».
«سالم»: فقدت 90 شخصاً من أسرتى وأصدقائى ونعرف مخاطر البقاء فى «غزة» ولن نتخلى عن منازلناكان عمر «سالم» فى ذلك الوقت 5 سنوات، ليصطدم بالواقع الأليم، ففى نهاية الطريق، لم يكن هناك سوى مخيمات اللجوء «المنفى الدائم للأسر النازحة»: «عندما اتضحت الحقيقة، أننا تركنا منازلنا وأخذها آخرون، تمنينا ألف مرة لو أننا بقينا وواجهنا الموت بدلاً من ذلك، الندم لم يغادرنا أبداً»، كان واحداً من بين 700 ألف فلسطينى أُجبروا على ترك منازلهم فى حرب 1948، لذا عندما بدأ العدوان الإسرائيلى على غزة فى 7 أكتوبر 2023.
تحدى «سالم» وعائلته أوامر الإخلاء إلى جنوب القطاع: «لقد أقسمنا على ألا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى»، ظلت العائلة فى شمال غزة، خلال الحرب، مع قرابة 400 ألف شخص آخرين: «لقد عانينا من المجاعة والعطش والقصف والخوف وكل شىء، الجثث مدفونة تحت الأنقاض، نأكل طعاماً لم يكن صالحاً حتى للحيوانات، ولكننا لم نغادر شمال غزة»، وفى كل مرة يأمر فيها جيش الاحتلال الإسرائيلى الفلسطينيين بالإخلاء، كان «سالم» ينتقل فقط إلى حى قريب، ثم يعود إلى منزله.
ووفق تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، فى عددها لهذا الأسبوع، فإن إعلان الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أنه يريد امتلاك غزة، وإعادة توطين سكانها فى مكان آخر، واصفاً القطاع الفلسطينى بأنه «سيئ الحظ، ويجب إعادة بنائه ليكون ريفييرا الشرق الأوسط»، أثار موجة غضب واسعة، ليس فقط فى معظم دول العالم وأروقة الأمم المتحدة، بل أيضاً فى نفس «سالم» وعائلته، التى فقد منها الكثير، وغيرها من العائلات الفلسطينية، حيث أشار العجوز الفلسطينى إلى أنه فقد نحو 90 شخصاً من أصدقائه وأسرته، عندما دمرت غارة جوية منزل شقيقه، وقضت على كل من كان يحتمى به: «أعرف مخاطر البقاء فى غزة، خاصةً إذا لم تصمد اتفاقية وقف إطلاق النار، لكنى لن أغادر، لن أكرر النكبة، ولن أتخلى عن غزة».
شن جيش الاحتلال الإسرائيلى حرباً مدمرة على غزة، بعد أن نفذت حركة «حماس» هجوماً عبر الحدود، فى 7 أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلى، واحتجاز 251 آخرين، وفى الأشهر الـ15 التى تلت ذلك اليوم، استشهد أكثر من 48 ألف فلسطينى نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، بمن فيهم 13 ألف طفل، فضلاً عن إصابة أكثر من 111 ألف شخص، وفق السلطات الصحية فى القطاع الفلسطينى، وتضررت آلاف المنازل، وأصبح 90% من سكان غزة مشردين وجوعى بشكل دائم، كما تعرضت المستشفيات إلى غارات جوية وقصف بالمدفعية الثقيلة، مما أدى إلى شلل نظام الرعاية الصحية تماماً، ولم تعد هناك مياه نظيفة.
«معزوزة»: نرفض مخططات التهجير ولن نقبل بمنازل بديلة فى المنفىأحد أبناء «معزوزة أبوهندى»، ذات الـ60 عاماً، كان من بين الشهداء، حيث سقط قتيلاً بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلى أثناء محاولته العثور على الطعام والحطب لعائلته، واختفى ابن آخر فى معتقلات الاحتلال، وكان منزلها من بين المبانى التى دمرتها الهجمات الإسرائيلية، فى الوقت الحالى، تتشارك مع بناتها الثلاث وأحفادها، فصلاً دراسياً محترقاً فى إحدى المدارس المخصصة للاجئين، ذلك الفصل هو الملجأ العاشر لها منذ بدء الحرب، وتحدثت لـ«الجارديان» قائلةً إنها وعائلتها هربوا ذهاباً وإياباً لمدة 15 شهراً، وسط ظروف معيشية بالغة الصعوبة، بدون ماء أو طعام: «عشنا كالحيوانات، أكلنا طعام الدواجن وعلف الأرانب، كنا نحصل على بعض الخبز والأرز من منظمات الإغاثة، لكنها لا تكفى دائماً، نستيقظ فى الـ5 صباحاً للصلاة، على الرغم من عدم وجود مساجد، لأنها دُمرت تماماً».
تابعت «معزوزة»: «يستيقظ الأطفال فى السادسة صباحاً، يعدون الإفطار إذا كان لديهم طعام، وحال عدم وجوده يكتفون بالشاى، يمكن استبدال المال والممتلكات، لكن من سيعوضنا عن الأرواح التى فقدناها؟»، هى مثل «سالم» تفضل أن تكافح فى غزة، بدلاً من قبول عرض «ترامب» الغامض بمنزل جديد فى المنفى: «أرفض تماماً فكرته بتهجيرنا، إذا كان يريد إعادة بناء غزة، فلنتركه يبنيها وسنبقى نحن هنا».
«خالدية»: لا أحد يستطيع إنهاء وجودنا على أرضنا.. وتحملنا الجوع والقصففى بداية الحرب كانت «خالدية الشنبرى» لديها 3 أخوات، والآن، أصبحت تعيش فى قوقعة سوداء مع شقيقتها الوحيدة الباقية على قيد الحياة، داخل أحد فصول اللاجئين المحترقة، تجلس على كرسى متحرك، بعد أن احترقت ساقاها بشكل سيئ إثر هجوم لقوات الاحتلال الإسرائيلى على مدرسة أخرى كانت تحتمى بها، تطبخ على نار صغيرة فى الفصل، لا توجد نوافذ أو أبواب، وكل ما يثير قلقها أن يُدمر الفصل الذى تحتميان فيه أو يؤخذ منهما، قالت: «ستفتح المدارس أبوابها من جديد أمام الطلاب، وإذا أُجبرنا على الخروج، فلن يكون لدينا مكان نذهب إليه، منزلى وكل ما أملك اختفى، لقد زرعت الأعشاب والخضراوات وسط الأنقاض، على أمل أن نجد شيئاً نأكله، لكن العثور على الماء هو الصراع الدائم، أنا لا أنام، أريد فقط الحياة التى كانت لدينا قبل الحرب، الخوف يطاردنى، ماذا لو بدأت الحرب مرة أخرى؟».
وعلى الرغم من الحزن والخسارة والإرهاق اليومى، فإن «خالدية» مصممة على البقاء فى غزة، وعبرت عن ذلك بقولها: «لا ترامب ولا أى شخص آخر يستطيع القضاء علينا، عندما هرب الناس إلى الجنوب، نحن لم نغادر شمال غزة، على مدار عامين، تحملنا الجوع والقصف والخسائر، لكننا ما زلنا هنا، وسنصمد حتى ينتهى هذا الكابوس».