الثورة / متابعة / إبراهيم الأشموري
قالت إعلامية وكاتبة أسترالية أن دول الغرب تستخدم حاليا أدوات الدعاية النازية للتحريض على دول ترفض إملاءاتها وتسعى لمواجهة مؤامراتها.
وأضافت الصحفية كيتلين جونستون أن دول الغرب الكبرى تندد وتستنكر ما فعلته “النازية” في ثلاثينيات القرن الماضي من جرائم لكنهم لا تجد حرجاً في القيام بالممارسات والفظائع ذاتها عندما يتعلق الأمر بأي دولة تخالف مسارهم، مشيرة في مقال نشرته على منصة “ميديام” إلى أن قوى الغرب الكبرى لجأت إلى استخدام بروباغندا نازية تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي للتحريض ضد دول معينة في الشرق الأوسط ترفض الانصياع لإملاءات الغرب وغض الطرف عن مؤامراته.


وأضافت جونستون أن حملة “البروباغندا” التي تشنها وسائل الإعلام الغربية حالياً، بما فيها من صحف كبرى وقنوات بث معروفة تهدف إلى “شيطنة” دول معينة ترفض السير في فلك الإملاءات الأمريكية والغربية، مبينة أن توقيت هذه البروباغندا مهم للغاية فهو يتزامن بشكل مدروس مع الاعتداءات المتكررة التي تشنها أمريكا وشركاؤها على دول عدة، منها اليمن وسوريا ولبنان .
وأوضحت الكاتبة الأسترالية أن صحفاً غربية مثل “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”الغارديان” تسمح بنشر مقالات وتقارير عنصرية بحتة في الأيام الأخيرة، وجميعها موجهة ضد سكان الشرق الأوسط في وقت يشن فيه تحالف قوى الغرب – وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا – اعتداءات عسكرية على عدد من هذه الدول.
وأشارت جونستون إلى أن أياً من وسائل الإعلام الغربية غير قادرة على نشر أي صورة أو تقرير أو رأي مناهض لـ “إسرائيل” أو يحمل نوعاً من الانتقاد لها مهما بلغت بساطته، وعندما قامت صحيفة “سيدني مورنينغ هيرالد” الأسترالية عام 2014 بنشر رسم كرتوني يصور ”إسرائيلياً” يستخدم جهاز تحكم عن بعد لتفجير المنازل في قطاع غزة كانت التداعيات وخيمة بالنسبة لإدارة المجلة التي أجبرت على نزع ذلك المحتوى والاعتذار عن نشره، وتم التشهير بالصحيفة والترويج ضدها على مدى أشهر لاحقة بعد ذلك الحدث.
وأكدت جونستون أن كل شيء يصبح مسموحاً في الإعلام الغربي عند الترويج لكيان الاحتلال الصهيوني.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

لماذا نتقبل حداثة الغرب ونرفض التجديد في ثقافتنا؟

لا يزال الحديث يجري في الأوساط الفكرية والثقافية في الوطن العربي بين الفينة والأخرى وهذا يجري بين ممن جرفهم التغريب، وغيرهم الذين يريدون تجديد الأمة من داخلها، والسؤال المطروح: هل نأخذ الحداثة المعاصرة الغربية كما وُضعت في بيئتها الفكرية الغربية؟ أم نأخذ مصطلح التجديد العربي/ الإسلامي، المعبر عن ثقافتنا، ويعطي ما نريده من إزالة العوائق التي تقف أمام نهضتنا وتقدمنا؟ فعندما ظهرت الحداثة الغربية، كانت تحمل رؤية فلسفية، وفكرية للعالم والكون والحياة، وصياغة المدركات الإنسانية على أسس جديدة مختلفة عن التصورات التي كانت قبل ظهور مفهوم الحداثة ورؤيتها، لكن البعض يرى أن هذه الحداثة وتصوراتها ليست جديدة، بل هي حالة جنينية في التراث الغربي. فالمشروع الحداثي، لم يأت فجأة، ولم يتشكل دفعة واحدة، وسبق هذه الولادة حركات الإصلاح الديني في الغرب، ثم جاء عصر الأنوار الذي حسم القطيعة مع الفكر الكنسي القديم، وظهر مفهوم الحداثة، لكن جاء هذا المشروع ليناقض الكنيسة وتصوراتها فقط، وليس كل ثقافة الحضارة المسيحية واليونانية، كانت الكنيسة تتدخل في قضايا العلم والاختراع، ولهذا تم إقصاء هذه التصورات التي لا دخل لها بالديانة المسيحية التي هي ديانة روحية، ومع ذلك كانت رؤية الكثير من الفلاسفة غير متطرفة تجاه الكنيسة، بعكس العديد غيرِهم، الذين كانوا قساة حتى على الدين نفسه، والدين بريء من الكثير مما فعلته الكنيسة تجاه العلم والاختراع، ولا شك أن للاكتشافات العلمية، وحدوث التغّيرات الفكرية الكبرى في الغرب، أثرها الكبير في تحقق التحولات الفكرية والعلمية في الغرب، وكانت هذه الاكتشافات العلمية، هي التي جرفت بعض الفلاسفة والمفكرين إلى مقولات مادية صرفة، وكلها كراهية في الكنيسة وما فعلته من محاربة للعلم والتقدم، دون مبرر في تحميل الأديان ممارسات لا تعبر عنها حقيقة كما أشرنا آنفاً.

لكن عندما جاء الإسلام ونزلت رسالته العالمية، تم تسمية العصر الذي قبله بالعصر (الجاهلي)، تمييزا عن عصر الإسلام الذي هدم الأغلال الشركية عن أمة العرب والمسلمين الذين آمنوا برسالة دعوة هذا الدين، فالإسلام ليس عدوا للحداثة بإطلاق، أو النهضة في شتى المجالات، ففي العصر الإسلامي الأول، كان هناك انفتاح على الحضارات والفلسفات الأخرى، التي تتقاطع فكريا مع الإسلام في جوانب كثيرة، كالحضارة الرومانية واليونانية والفارسية ـ قبل اندماجها في الإسلام ـ أخذا وعطاء، ففي العصر الأول، فترة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تم أخذ بعض التطبيقات الفارسية في الإدارة، ثم في عصور إسلامية تالية تم الالتقاء مع حضارات عديدة، أخذا وعطاء، ثم بعد ذلك استفاد الغرب من الحضارة الإسلامية في وقت ازدهارها، بعد فترة الحروب الصليبية، وفي فترة الحكم الإسلامي في الأندلس، وهذا باعتراف الغربيين أنفسهم، وكل الحضارات الإنسانية تتبادل الأفكار، وتستفيد من العطاء الإنساني، وكل حضارة تضيف إلى الأخرى رصيدا جديدا في مجال التطورات العلمية والفكرية، منذ فجر التاريخ حتى الآن، لكن أن يكون الأخذ بما يلائم فكرها وثقافتها، ولا يتصادم معه، خاصة في التصورات الاعتقادية.

لكن الإشكالية في الحداثة الغربية، أنها جعلت من نفسها النموذج الوحيد الأوحد الذي يجب أن يسود العالم، وهذا الأمر يغاير مقولاتها في الحرية والديمقراطية، ومن هذه المنطلقات، أنها لا تعترف بالتعددية الفكرية والتنوع في الثقافات الإنسانية، لأنها تريد أن تكون الرؤية الفلسفية الغربية هي التي تسود العالم، وهذه إحدى الإشكالات مع الحداثة الغربية، فهي، أي الحداثة، لها وجهان ـ كما يرى البعض ـ الوجه الإيجابي هي دعوتها إلى تفجير طاقات الإنسان، ورفع القيود عنه، بالحرية و العقلانية والاهتمام بالعلم، والتطور إلى آخر المقولات، لكن لها وجه آخر سلبي، وهو ما يناقض هذه المقولات من خلال الهيمنة والتسلط، والاستعمار، والنظرة الدونية إلى الثقافات الأخرى. وإذا كان هدف الحداثة، استقلال الإنسان وتحرره وإطلاق عقله في الحياة الإنسانية، فالمشكلة الأساسية التي يقع فيها بعض المفكرين والمثقفين العرب، الذين انبهروا بالغرب في رؤيته للنهوض والتقدم المعاصر لواقعنا المتأخر في النهوض، أن انبهارهم بما جرى في الغرب من نهضة علمية وفكرية، جعلهم مجرد تابعين، لكل ما سار عليه مع اختلاف الظروف الفكرية والثقافية بيننا وبينهم، فكل أمة لها رؤيتها الفكرية وثقافتها الذاتية، فهؤلاء المنبهرون بالغرب لا يريدون الانطلاق من داخل ذاتهم وفكرهم، بل يرون أن الوصول للحداثة والنهضة، هو الاندماج في الغرب والانسلاخ من كل ما نملكه في رصيدنا الفكري والحضاري، ولا شيء غير ذلك إذا ما أردنا أن نسير سيرتهم ونملك الحداثة، كما جرت في الغرب، مع مقاطعة ميراثنا وتراثنا تماما، لكي يكون مثل الغرب وهذه للأسف عقلية جامدة وسقوط في فكر الآخر، مع أنهم يتهمون المخالفين لهم بالجمود في الماضي، على ما أنتجه الغربيون، وساروا عليه، ليس بالإبداع، بل بالتقليد والالتحاق به والانسحاق بما يسير عليه، ويعتقد هؤلاء أن الغرب فعل هذا بتراثه عندما تخلى عن هذا التراث تقدم ونهض وتحقق له ما أراد من تقدم وحضارة ومن ثم ظهرت الحداثة، وهذا ليس صحيحا تماما، فالغرب نفسه تدرج في سيرته الإصلاحية، بدءًا من حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في أوروبا الغربية، قبل أن تنطلق ما تسمى بحركة الأنوار في القرن الثامن عشر، وما بعدها، وينقل د/ محمد عابد الجابري في كتابه (في نقد الحاجة إلى الإصلاح)، عن أحد المثقفين الغربيين في القرن الثاني عشر فيقول هذا المثقف الغربي: «لا يمكن الانتقال من ظلمات الجهل إلى نور العلم إلا بقراءة وإعادة قراءة كتب القدماء بشغف حي ومتزايد، فلتنبح الكلاب، ولتغمغم الخنازير، فإن ولائي للقدماء سيبقى قائما، وسأظل منصرفا إليهم بكل اهتماماتي، وسيجدني الفكر منهمكا في قراءة مؤلفاتهم».

والحداثة عندما ظهرت مع عصر ما سمي بالأنوار، فيها الشيء الكثير من الإيجابيات المتعلقة بأفكار النهضة والتقدم، وفيها ما يقابلها من السلبيات المتعلقة بالفلسفة المادية والنظرة إلى العقل باعتباره هو المرجعية الوحيدة في المعرفة الإنسانية، لذلك الإسلام كما أرى، لا يتقبل النماذج الجاهزة، والتسليم أو الانسحاق أو الانصهار لكل الأفكار والأيديولوجيات دون النظرة الواقعية لما هو جدير بالأخذ، ورفض ونقد لما هو مخالف وسلبي، كما يراه الإسلام في مضامين توجهاته ونظرته العامة، والحداثة نفسها أيضا، لم تسلم من النقد العنيف منذ ظهورها في القرن الثامن عشر من المفكرين والفلاسفة الغربيين أنفسهم، وازداد النقد بصورة كبيرة في القرن التاسع عشر، بعد ظهور كما نعرف، مفهوم (ما بعد الحداثة)، الذي يخالف مفهوم وفلسفة الحداثة في الكثير من توجهاتها ومقولاتها، فإذا كان الغرب نفسه، راجع مفهوم الحداثة، وناقض رؤيتها الفلسفية والفكرية، بل وطالب بتجاوزها من خلال فلسفة (ما بعد الحداثة)، فإذا كان الغرب نفسه ينقد الحداثة بهذه الصرامة والحدة إلى حد التقاطع، أليس من حق الثقافات والحضارات والأديان الأخرى، المغايرةُ والتناقضُ، مع هذه الفلسفات والأفكار التي تخلفها فكريا في بعض فلسفاتها؟

إذن الحداثة واجهت السهام والنقد العنيف أيضا من داخلها، ولم تكن رؤيتها محصنة من الأخطاء والالتباسات، ومن وجهة نظر الغربيين أنفسهم. فريدرك نيتشه، كان من الداعين إلى نقد العقل الغربي، وتعرية أنساقه وتحطيمها، الفيلسوف الألماني (يوغرن هابر ماس)، اعترف بأزمة الحداثة، في الغرب، وقال إن الحداثة في أزمة، وأنها (مشروع لم يكتمل)، كما أن العديد من المفكرين الغربيين البارزين في القرن العشرين، دعوا إلى هدم الحداثة وتفكيك مقولاتها وهدمها، ومن هؤلاء ميشال فوكو( 1926..1984)، وجاك دريدا ( 1930..2004)، ومارتن هيدجر، كل هؤلاء دعوا إلى تفكيك الحداثة وتقويض الصرح الفلسفي الغربي، وإزالة ذلك التعالي الكاذب.الذي وصف نفسه به، وهناك الكثير من النقد من المفكرين الغربيين الذين نقدوا العقلية الغربية الحداثية، والتي قدست الإنسان، وأعطته مركز الاهتمام، ولذلك فإن حركة بعض الحركات الفكرية في الغرب أرست (مبدأ نسبية المعرفة) وعدم قبول التعميمات التي وضعتها الحداثة للمعرفة الإنسانية.

كما أن الحداثة من الناحية المنطقية والواقعية، لا تستنسخ ولا تستجلب من خارج نطاقها، والحداثة كفكر وفلسفة، تبدع إبداعا من داخلها، وهذا ما يبرز في تطبيقات الحداثة في دول عديدة عربية وغيرها، ذلك أن التربة غير صالحة للغرس دون انتقاء أو فرز، ويرى العالم الألماني المسلم مراد هوفمان في بحثه (مستقبل الإسلام في الغرب والشرق)، أن منطلقات عصر الأنوار أصابها الكثير من التصدعات السياسية والفكرية، وظهور: «الفاشية، والستالينية، والنازية، والماوية (..)، وإن المحنة الأخلاقية والفكرية في زماننا، ومشكلة ما سمي بالعدمية والقيم النسبية، قد نجمت عن حقيقة أن خطاب العقل الذي حفظ الفكر الأوروبي منذ عصور التنوير، قد انهار.. وعلى الخلفية، يعد اتهام المسلمين بأنهم فوتوا فرصة التنوير التي لاحت لهم، ضربا من الفحش والقذارة».

والذي نخلص له أن الحداثة رؤية غربية خالصة، انبثقت من ظروف صراعها مع الكنيسة، وجاءت ردود الفعل كبيرة مع التراث الكنسي في أوروبا، وصلت لحد القطيعة والعدم في فلسفات عديدة، وجعلت الإنسان محور الكون، وقدست العقل، وغيبت القيم، وأعلت من شأن المادة، على الرغم من الفتوحات الكبيرة في مجال العلوم والتكنولوجيا، وغيرها من أوجه التقدم العلمي والتقني. وهذا ما جعل الحداثة تتناقض مع الكثير من مقولاتها، بعدما خرجت عن هدفها الأساسي ومناهجها في بدايات انطلاقتها الفكرية.

عبدالله العليان كاتب وباحث في القضايا السياسية والفكرية ومؤلف كتاب «حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين»

مقالات مشابهة

  • ما قبل الغرب.. صعود وسقوط أنظمة العالم الشرقي.. قراءة في كتاب
  • كأنها آلة كاتبة.. «آلاء» تبدع في رسم الحروف العربية والإنجليزية
  • لماذا نتقبل حداثة الغرب ونرفض التجديد في ثقافتنا؟
  • "كيف صنع العالم الغرب؟"
  • الانتخابات الإيرانية والتنظيم المؤسسي والدستوري
  • بيلاوسوف: الدول الغربية تتواطأ مع نظام كييف في فرض النازية
  • أمريكا وأدواتها تلجأ لحرب جديدة وصنعاء ترفض تجويع اليمنيين
  • حب الدنيا وكراهية الموت.. استمرار العون من الله
  •  تضامن واسع مع نائبة أسترالية علق البرلمان عضويتها لدعمها فلسطين
  • لماذا ترفض الجزائر الحكم الذاتي للصحراء المغربية؟