الخليج الجديد:
2025-01-23@09:26:28 GMT

كي لا نعتاد المشهد

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

كي لا نعتاد المشهد

كي لا نعتاد المشهد

ليست فلسطين حالة عادية خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، وشعب فلسطين حي رغم ما يفرض عليه من موات متعمّد.

علينا أن نستمرّ مؤمنين بانتصار شعب فلسطين حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع.

وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

في كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ثمانية عقود.

* * *

مشهد غزة أصعب من أن نعتاد عليه، حتى وإن مرّت شهور أربعة على بدء العدوان الصهيوني.

نعم... الخبر واحد وإن تعدّدت العناوين، والصور متشابهة وإن اختلفت الوجوه، والصرخات هي نفسها وإن صدرت في كل مرّة من شخصٍ جديد، والدماء في كل غزّة باللون نفسه، لكن عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع. وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

لا شيء يتغيّر منذ زمن طويل. الجريمة واحدة والمجرم لا واحد، وإن طلّ علينا بأوجه كثيرة خارج فلسطين تضاهي وجهه القبيح في الداخل. والضحية دائما هي شعب فلسطين. وهذا هو ما يجعل كثيرين عرضةً لاعتياد المشهد والأرقام والأخبار والصور والصرخات والنداءات، ويجعلهم أيضا عرضة للتناسي والتجاهل وحتى الملل.

هي طبيعة البشر في البحث عن جديد حتى في سبيل التعاطف معه، وهي طريقتنا نحن البشر في التعاطي مع الأخبار والصور والمشاهد والمقاطع الحزينة والسعيدة، والمرعبة والمفرحة.

نبحث عمّا يكسر المألوف، والاحتلال الصهيوني لفلسطين وما نجم وينجم عنه من تقتيلٍ وتشريدٍ وتهجيرٍ وقصفٍ وتجويعٍ مألوف جدا. صحيحٌ أن هناك أحداثا مفاجئة أحيانا في سياق الاحتلال التاريخي المألوف لفلسطين تنجم عنها دهشة صادمة، لكنها سرعان ما تتلاشى تدريجيا حتى تموت!

فما الجديد هذه المرّة؟ مثل كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ما يقرب من ثمانية عقود.

يستدرج السؤال المتكرّر إجابة واحدة تبريرا للتناسي وخفوت الصوت. لكن الاحتلال قديم جدا، وما يفعله متكرّر ليس منذ 7 أكتوبر، بل منذ وطئت قدم المحتلّ أرض فلسطين.

لا جديد فعلا، ولكن هذا ليس مبرّرا للاعتياد، والاعتياد ليس مبرّرا للتناسي، والتناسي ليس مبرّرا للتجاهل، والتجاهل ليس مبرّرا للسكوت وصولا إلى تبرئة المجرم بفعل بقاء الوضع على ما هو عليه، وبحجّة أن كل ما فعلناه (وكأننا فعلنا شيئا حقيقيا!) لم يوقف الرصاص ولا شلالات الدم ولا قوافل الموت على أرض فلسطين.

يعرف الفلسطينيون قبل غيرهم هذا الواقع الأليم، يعيشونه يوميا، ويكابدون تبعاته لحظة بعد لحظة، ويجاهدون أنفسهم قبل العدو، في سبيل مكافحته، ومع هذا لا ييأسون، لأنهم مؤمنون بأنهم أصحاب حق، وأنهم قادرون، في النهاية، على استرداد الحق، وربما لهذا بقيت قضية فلسطين مشتعلة في نفوسهم ونفوس أبنائهم وأحفادهم وأبناء الأحفاء، وستبقى دائما حتى التحرير بإذن الله.

وفي كل واحدةٍ من حلقات النضال الفلسطيني المستمرّ، نتعلم درسا جديدا يخصّنا نحن الذين نتضامن مع القضية قدر المستطاع، وهو أننا نحتاج أن نكون مع الفلسطينيين أكثر من حاجته هو إلينا.

ولا ينبغي أن يكون اعتيادنا على المشهد الفلسطيني سببا في نفورنا من متابعة تفاصيل ما يحدُث والاغتسال الافتراضي بالدم البريء. لذلك علينا ألا نخضع لفكرة الاعتياد، وأن نقاومها، وأن نعتبر كل موت جديد موتاً ضخماً وجريمة لا تغتفر ولا يمكن القبول بها لمجرّد أنها جريمة معتادة، وأنه مجرد رقم في عداد الأرقام اليومي للشهداء.

ليست فلسطين حالة عادية لتكون خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، بكل ما فيها، وشعب فلسطين حي، رغم كل ما يفرض عليه من موات متعمّد، وعلينا أن نستمرّ مؤمنين بذلك حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الصهيونية 7 أكتوبر المشهد الفلسطيني الاحتلال الصهيوني قضية فلسطين شعب فلسطين العدوان الصهيوني

إقرأ أيضاً:

ولد الرشيد ينتفض ضد مكتب الماء: الإعتماد على الصهاريج لتزويد العيون بالمياه أصبح أمراً غير مقبول

زنقة 20 | العيون

شدد عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بين مختلف المتدخلين لضمان إدارة مستدامة للموارد المائية بالمنطقة.

وأشار والي العيون ، خلال اجتماع مجلس الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب، الذي انعقد امس الثلاثاء 21 يناير الجاري إلى أن التغيرات المناخية تفرض تحديات كبيرة على جهة العيون الساقية الحمراء، خاصة فيما يتعلق بتدبير المياه، مما يتطلب العمل وفق استراتيجية شاملة تعزز من نجاعة الإستغلال وترتكز على التكامل بين الجهات الفاعلة.

وفي السياق ذاته، شدد والي الجهة، على أهمية تتبع المشاريع المهيكلة التي تهدف إلى تحسين وضعية الموارد المائية وضمان استدامتها، داعيًا إلى اعتماد حلول مبتكرة وتقنيات حديثة لمواجهة مشكلة ندرة المياه، في خطوة أساسية نحو تحقيق إدارة رشيدة للمياه،و تسهم في الحفاظ على الموارد للأجيال القادمة.

من جهته أعرب مولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس الجماعي للعيون، عن استيائه من الوضع الحالي لقطاع الماء في المدينة.

وأشار ولد الرشيد إلى أن استمرار الإعتماد على صهاريج المياه المتنقلة في شوارع المدينة بعد 49 عامًا من استرجاع الأقاليم الجنوبية يُعد أمرًا غير مقبول، ويعكس أزمة حقيقية في تزويد المدينة بالماء الصالح للشرب.

واعتبر ولد الرشيد أن هذا الوضع يتناقض مع التقدم الكبير الذي حققته المدينة في مجال تطوير البنية التحتية والخدمات العامة، مبرزا أن سكان العيون ما زالوا يواجهون صعوبة في الحصول على الماء، حيث يعتمدون على خزانات المياه بسبب الانقطاع المستمر في الإمدادات.

و أشار ولد الرشيد، إلى أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لا يقدم تقارير دقيقة تعكس الوضع الفعلي لقطاع الماء في المدينة، وهو ما يعيق اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الأزمة.

إلى ذلك طالب رئيس جماعة العيون الجهات الوصية على القطاع، بحلول سريعة وفعالة لهذه المشكلة التي تؤرق الساكنة، مشيرًا إلى أن العيون تُصنف في آخر المراتب على مستوى المملكة من حيث كفاءة شبكة الماء.

مقالات مشابهة

  • دعاء الصباح اليوم الخميس.. «اللّهمّ ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك»
  • كايو سيزار: حلمي أصبح حقيقة باللعب للهلال.. فيديو
  • ولد الرشيد ينتفض ضد مكتب الماء: الإعتماد على الصهاريج لتزويد العيون بالمياه أصبح أمراً غير مقبول
  • أونروا: مخيم جنين أصبح غير صالح للسكن بسبب الغارات الإسرائيلية
  • بسبب الضرائب.. فالكاو يرحل عن ميوناريوس الكولومبي
  • عائلة تعود إلى منزلها بجنوب غزة وتجده قد أصبح مزارا للسنوار
  • ترامب: لو لم أصبح رئيسًا لما عاد المحتجزون من قطاع غزة
  • إيلون ماسك يعلق على تنصيب ترامب: أصبح مستقبل الحضارة مضمونا
  • موعد انطلاق مهرجان الدوحة السينمائي
  • حريق داخل مرفأ بيروت.. صور ترصد المشهد