الخليج الجديد:
2024-07-04@11:00:38 GMT

كي لا نعتاد المشهد

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

كي لا نعتاد المشهد

كي لا نعتاد المشهد

ليست فلسطين حالة عادية خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، وشعب فلسطين حي رغم ما يفرض عليه من موات متعمّد.

علينا أن نستمرّ مؤمنين بانتصار شعب فلسطين حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع.

وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

في كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ثمانية عقود.

* * *

مشهد غزة أصعب من أن نعتاد عليه، حتى وإن مرّت شهور أربعة على بدء العدوان الصهيوني.

نعم... الخبر واحد وإن تعدّدت العناوين، والصور متشابهة وإن اختلفت الوجوه، والصرخات هي نفسها وإن صدرت في كل مرّة من شخصٍ جديد، والدماء في كل غزّة باللون نفسه، لكن عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع. وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

لا شيء يتغيّر منذ زمن طويل. الجريمة واحدة والمجرم لا واحد، وإن طلّ علينا بأوجه كثيرة خارج فلسطين تضاهي وجهه القبيح في الداخل. والضحية دائما هي شعب فلسطين. وهذا هو ما يجعل كثيرين عرضةً لاعتياد المشهد والأرقام والأخبار والصور والصرخات والنداءات، ويجعلهم أيضا عرضة للتناسي والتجاهل وحتى الملل.

هي طبيعة البشر في البحث عن جديد حتى في سبيل التعاطف معه، وهي طريقتنا نحن البشر في التعاطي مع الأخبار والصور والمشاهد والمقاطع الحزينة والسعيدة، والمرعبة والمفرحة.

نبحث عمّا يكسر المألوف، والاحتلال الصهيوني لفلسطين وما نجم وينجم عنه من تقتيلٍ وتشريدٍ وتهجيرٍ وقصفٍ وتجويعٍ مألوف جدا. صحيحٌ أن هناك أحداثا مفاجئة أحيانا في سياق الاحتلال التاريخي المألوف لفلسطين تنجم عنها دهشة صادمة، لكنها سرعان ما تتلاشى تدريجيا حتى تموت!

فما الجديد هذه المرّة؟ مثل كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ما يقرب من ثمانية عقود.

يستدرج السؤال المتكرّر إجابة واحدة تبريرا للتناسي وخفوت الصوت. لكن الاحتلال قديم جدا، وما يفعله متكرّر ليس منذ 7 أكتوبر، بل منذ وطئت قدم المحتلّ أرض فلسطين.

لا جديد فعلا، ولكن هذا ليس مبرّرا للاعتياد، والاعتياد ليس مبرّرا للتناسي، والتناسي ليس مبرّرا للتجاهل، والتجاهل ليس مبرّرا للسكوت وصولا إلى تبرئة المجرم بفعل بقاء الوضع على ما هو عليه، وبحجّة أن كل ما فعلناه (وكأننا فعلنا شيئا حقيقيا!) لم يوقف الرصاص ولا شلالات الدم ولا قوافل الموت على أرض فلسطين.

يعرف الفلسطينيون قبل غيرهم هذا الواقع الأليم، يعيشونه يوميا، ويكابدون تبعاته لحظة بعد لحظة، ويجاهدون أنفسهم قبل العدو، في سبيل مكافحته، ومع هذا لا ييأسون، لأنهم مؤمنون بأنهم أصحاب حق، وأنهم قادرون، في النهاية، على استرداد الحق، وربما لهذا بقيت قضية فلسطين مشتعلة في نفوسهم ونفوس أبنائهم وأحفادهم وأبناء الأحفاء، وستبقى دائما حتى التحرير بإذن الله.

وفي كل واحدةٍ من حلقات النضال الفلسطيني المستمرّ، نتعلم درسا جديدا يخصّنا نحن الذين نتضامن مع القضية قدر المستطاع، وهو أننا نحتاج أن نكون مع الفلسطينيين أكثر من حاجته هو إلينا.

ولا ينبغي أن يكون اعتيادنا على المشهد الفلسطيني سببا في نفورنا من متابعة تفاصيل ما يحدُث والاغتسال الافتراضي بالدم البريء. لذلك علينا ألا نخضع لفكرة الاعتياد، وأن نقاومها، وأن نعتبر كل موت جديد موتاً ضخماً وجريمة لا تغتفر ولا يمكن القبول بها لمجرّد أنها جريمة معتادة، وأنه مجرد رقم في عداد الأرقام اليومي للشهداء.

ليست فلسطين حالة عادية لتكون خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، بكل ما فيها، وشعب فلسطين حي، رغم كل ما يفرض عليه من موات متعمّد، وعلينا أن نستمرّ مؤمنين بذلك حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الصهيونية 7 أكتوبر المشهد الفلسطيني الاحتلال الصهيوني قضية فلسطين شعب فلسطين العدوان الصهيوني

إقرأ أيضاً:

نقابة الصحفيين ترد على مايك والتز: القضاء العراقي أصبح رمزاً لوحدة البلاد

السومرية نيوز - محليات

استنكرت نقابة الصحفيين العراقيين، اليوم الاثنين، تصريحات السيناتور الامريكي "مايك والتز" وإساءته للقضاء العراقي، فيما أكدت أن القضاء العراقي أصبح رمزاً لوحدة البلاد. وذكرت النقابة في بيان ورد لـ السومرية نيوز، أنها "تعبر عن رفضها واستنكارها الشديدين لتصريحات السيناتور مايك والتز عضو مجلس الشيوخ الامريكي من الجمهوريين التي أساء فيها للعراق أولا ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه بشكل خاص في سابقة لم نعهدها من قبل".

وأضافت، "وإذ تستنكر الأسرة الصحفية العراقية هذه التصريحات المسيئة، وتؤكد دعمها الكامل للقضاء العراقي ورئيسه القاضي فائق زيدان ولكل التشكيلات القضائية الأخرى لأن القضاء في العراق أصبح رمزا لوحدة البلد وعاملا مهما في استقراره وحارسا للديمقراطية والعدالة على مدى سنوات طويلة".

وعبّرت النقابة ايضاً – بحسب البيان - عن "رفضها للتدخل بالشؤون الداخلية للعراق والمساس بسيادته بعد ان ضحى آلالاف من العراقيين بحياتهم من اجل تلك السيادة لوقوفهم بوجه الإرهاب على مدى السنوات الماضية".

مقالات مشابهة

  • تخفيف الأحمال أسلوب حياة
  • أحمد حسني: مصر من أهم الدول الرائدة في مجال الإنشاد الديني
  • هل أصبح مصير ترشح بايدن لانتخابات الرئاسة بيد زوجته؟
  • مصدر أمني:أمن مطار بغداد الدولي أصبح من مسؤولية وزارة الداخلية
  • إيكونوميست: هكذا كان عالم الجاسوسية وهكذا أصبح
  • إجابة 37 سؤالا من امتحان الإنجليزي للثانوية العامة.. راجع حلك
  • الثانوية العامة 2024.. تداول إجابة سؤال عن الصدق بامتحان الإنجليزي يثير السخرية
  • مصيبة عظيمة
  • “نكبة واحدة أكثر من كافية”.. سفير فلسطين: تمكنا في نيويورك من توحيد الموقف العربي وفق 3 أهداف
  • نقابة الصحفيين ترد على مايك والتز: القضاء العراقي أصبح رمزاً لوحدة البلاد