الخليج الجديد:
2024-07-08@08:05:41 GMT

إشكالية خليجية كبرى مهملة

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

إشكالية خليجية كبرى مهملة

إشكالية خليجية كبرى مهملة

هناك سياسة تجنيس متسارعة لكل أنواع الأجانب غير العرب في كل دول المجلس بينما تتراجع نسب العمالة العربية من شتى أقطار الوطن العربي.

يتم مواجهة المشاكل نفسها، عبر السنين والأجيال، بنفس الأساليب والعقلية، وبإرادة متراجعة، يشمل الأمر مشاكل كبرى معقدة مثلما ينطبق على مشاكل أصغر.

تتعاظم مخاطر مشكلة التركيبة السكانية بجميع دول الخليج وثمة حلول معقولة تراكمية، لكن المواقف الرسمية تظل كما هي دون أي تغيير: مواجهة وتخطيطاً وبدائل.

هناك 16 مليون آسيوي بدول الخليج وقد يصل إلى 30 مليونا في 2025، أي بعد سنتين. وهناك 7 ملايين آسيوي بالإمارات، يشكل الهنود منهم 60% من مجموع السكان.

* * *

لا يستطيع الإنسان أن يفكّ لغز ظاهرة تتكرر في طول وعرض الوطن العربي، وتتمثل في مواجهة المشاكل نفسها، عبر السنين والأجيال، بالأساليب والعقلية نفسيهما، وبإرادة تتراجع بدلاً من أن تقوى وتتحسّن. ينطبق الأمر على المشاكل الكبرى المعقدة مثلما ينطبق على المشاكل الأصغر.

سأختار مشكلة التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون كمثل، فمنذ حصول دول مجلس التعاون على استقلالها الوطني منذ أكثر من نصف قرن، والكتابات والمؤتمرات تكتب وتطرح من قبل الكتاب المحلّلين، ومن بعض مؤسسات المجتمع المدني، منبّهة إلى تعاظم مخاطر مشكلة التركيبة السكانية في جميع دول المجلس، ومقترحة حلولاً معقولة تراكمية، لكن المواقف الرسمية في هذه الدول تظل كما هي دون أي تغيير: مواجهة وتخطيطاً وبدائل.

ولتوضيح هذا الأمر أكثر دعني أشير إلى محاضرة ألقيتها منذ حوالي خمس عشرة سنة بشأن إشكالية التركيبة السكانية. لقد أشرت بوضوح وهلع إلى أن سكان دول مجلس التعاون في عام 1975 كانوا سبعة ملايين ونصف المليون نسمة، وأن عدد الوافدين آنذاك كان حوالي مليونين.

وبالتالي فإن ذلك يجعل نسبة الوافدين آنذاك من مجموع السكان حوالي ثلاثين في المئة، لكن تلك الأعداد والنسب تغيرت بصورة هائلة بحلول سنة 2008، سنة المحاضرة، أي بعد مرور ثلث قرن. لقد اقترب العدد الإجمالي للمواطنين في دول المجلس من ثلاثة وعشرين مليوناً، بينما وصل عدد الوافدين إلى حوالي ستة عشر مليوناً، لتصبح نسبة الوافدين من مجموع السكان في الدول الست حوالي سبعين في المئة.

وأشرت إلى فداحة نوع العمالة الوافدة، عندما أشرت إلى دراسة قام بها عمر الشهابي، الذي بين أن النسبة المئوية للعرب في مجموع الأيدي العاملة الوافدة تناقصت من 72% في عام 1975 لتصبح في سنة 2004 اثنين وثلاثين بالمئة فقط، أي تناقصت بمقدار النصف. ونبّهت، مثلما نبّه غيري، إلى أنه:

«لا يحتاج الإنسان لحاسوب ليدرك حجم الفاجعة في التركيبة السكانية التي ستواجهها دول المجلس، بعد ثلث قرن، لو أن نسب الزيادات في أعداد الوافدين غير العرب ونسب التراجع في أعداد الوافدين العرب استمرت بهذه الوتيرة».

الآن نحن نقترب من قمة تلك الوتيرة كما سنرى. منذ فترة بيّن الدكتور حسين غباش أن هناك 16 مليون آسيوي في بلدان مجلس التعاون، وأنه من المرشح أن يصل إلى 30 مليونا في عام 2025، أي بعد سنة أو سنتين من الآن. وأشار إلى أن هناك سبعة ملايين آسيوي في الإمارات وحدها، يشكل الهنود منهم 60% من مجموع السكان.

ويكاد الأمر في قطر أن يكون مماثلاً للإمارات. ورغم أن النسب في بقية دول المجلس أقل من ذلك، إلا أنها تبين زيادات كبيرة مرشحة إلى أن تتضاعف في السنين المقبلة، وبالتالي فان الظاهرة هي واحدة.

وخرج بنتيجة إلى أن الوجود الأجنبي، وغالبيته الساحقة من غير العرب، ينخر في الجسم العربي الخليجي. ومثل غيره أشار إلى المخاطر الكثيرة المقبلة، وإلى قلة تفعيل الحلول لمواجهة تلك المخاطر. دعنا هنا نشير إلى أربعة مخاطر مقلقة يكثر الحديث عنها..

*هناك الاقتراب التدريجي المقبل من أن المجتمع الدولي بدأ يطالب بحق القوى العاملة المهاجرة في التوطين والمواطنة، بما فيه حقهم في الإتيان بعائلاتهم ليسكنوا معهم. وأنه سيتبع ذلك قرار دولي بحق هؤلاء في التصويت في الانتخابات البلدية والنيابية، وفي حق التمثيل النسبي في بعض سلطات الحكم التنفيذية.

*هناك الصعود الكبير لبعض الأفراد والمؤسسات الأجنبية غير العربية، في تقلد المناصب الكبرى في الشركات والبنوك وشتى مؤسسات القطاع الخاص الحيوية. وشيئاً فشيئاً ستكون لبعض هؤلاء الكلمة الفاصلة في شؤون الاقتصاد والمال، وبالتالي في شؤون مصير واستعمالات ثروات البترول الهائلة.

*هناك الأخطار الثقافية الهائلة، ومن ضمنها على الأخص التراجع والتهميش لوجود استعمالات اللغة العربية في كثير من المجالات، والتي ستهدد مستقبلاً الهوية العروبية، بل حتى الإسلامية، في مجتمعات دول المجلس. ويتكلم البعض عن مأساة خليجية مماثلة للمأساة الفلسطينية، والعديد من مآسي ضياع أجزاء من الوطن العربي في المستقبل. ولن يعدم الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية إيجاد الأسباب الكاذبة لخلق كيانات استئصالية مماثلة للكيان الصهيوني في الخليج العربي.

*هناك سياسة تجنيس كل أنواع الأجانب غير العرب المتسارعة في كل دول المجلس بينما تتراجع نسب العمالة العربية من شتى أقطار الوطن العربي، كما بينّا سابقاً والذي يصب في تقوية وإنجاح كل المخاوف التي ذكرنا.

نعود من جديد إلى النقطة الأساسية وهي الغياب شبة التام لخطة استراتيجية متناغمة من قبل مؤسسة مجلس التعاون الخليجي لمواجهة هذه الإشكالية. وعلى سبيل المثال فقد اقترح وزراء العمل في أقطار الخليج بعض الحلول وقدموها لأحد مؤتمرات القمة الخليجية.

لكن الانشغال بالصراعات وبمرض السيادة الوطنية والضعف والوهن الذي أصاب مجلس التعاون مؤخراً، لأسباب يعرفها الجميع قد قادت إلى تأجيل بعد تأجيل لهذا الموضوع وإلى اقتراب منطقة الخليج العربي، أحد أجزاء الوطن العربي، إلى حدوث مأساة مماثلة لمأساة ضياع الأندلس.

وسينطبق آنذاك على قادة مجلس التعاون ما قالته أم آخر خليفة أموي في الأندلس عندما رأته يقف باكياً على ضياع آخر مملكة: «إبك كالنساء على مُلكٍ لم تحافظ عليه كالرجال». وسأسمح لنفسي أن اضيف: لو أن أمرأة حكمت الأندلس لما ضاعت الأندلس وضاع غير الأندلس يا سيدتي القوية الحكيمة.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إشكاليات الوافدين الهنود دول الخليج التركيبة السكانية الخليج العربي العمالة الأجنبية مجلس التعاون العمالة العربية الترکیبة السکانیة الوطن العربی مجلس التعاون دول المجلس غیر العرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

الدورة الثانية لمجلس الشباب العربي للتغير المناخي تباشر أعمالها

 بدأت الدورة الثانية لـ”مجلس الشباب العربي للتغير المناخي”، للفترة 2024 – 2026، أعمالها حيث أعلن مركز الشباب العربي اليوم عن أسماء الأعضاء وذلك بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة، ومكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون التغير المناخي، بالشراكة مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص العربية والخاص.

يضم المجلس في دورته الحالية 12 شابا وشابة من 10 دول عربية، بخبرات متقدمة في مجالات البيئة والاستدامة والتغير المناخي.

ويأتي الإعلان عن إطلاق النسخة الجديدة للمجلس بهدف مواصلة عمله في تمكين الشباب العربي من العمل المناخي، وإيجاد الحلول والمقترحات من منظورهم وتقديمها كتوصيات لكل من القطاعين العام والخاص، وصنَاع القرار في الوطن العربي.

ويعمل المجلس على توفير المزيد من الفرص للشباب العربي للمشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لرفع مستوى الوعي حول التحديات المناخية، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في المؤسسات والشركات الناشئة العاملة في هذا المجال.

وقال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف COP28 “تحرص القيادة الرشيدة في دولة الإمارات على صقل مهارات الشباب وتأهيلهم، للقيام ”بدور فعّال في بناء مستقبل مستدام”.

وأضاف “يقوم ’مركز الشباب العربي‘ بدور مهم في هذا المجال بما يعزز مساهمة أجيال المستقبل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجميع”، مشيرا إلى “الدور المحوري للشباب في إنجاح مخرجات COP28، وحِرص المؤتمر على تعزيز مشاركتهم من خلال إضفاء الطابع المؤسسي بشكل رسمي على دور رائد المناخ للشباب في مؤتمرات الأطراف المستقبلية لدعم استمرار المشاركة الفاعلة للشباب في العمل المناخي”.

ورحّب معاليه بانضمام أعضاء جدد إلى “مجلس الشباب العربي للتغير المناخي”، معربا عن ثقته بأنهم سيقومون بدور مؤثر في الحد من تداعيات تغير المناخ ونشر الوعي المجتمعي حول هذا الموضوع المهم.

وأشار معاليه إلى أن توسيع قاعدة المشاركة الشبابية في العمل المناخي واستقطاب أصحاب الكفاءات الواعدة هو خطوة استراتيجية لصناعة أجيال عربية أكثر وعيا ومعرفة بالتحديات الحالية، ويعزز مساهمتهم في تحقيق تقدم جوهري وملموس في العمل المناخي، بما يخدم مستهدفات التنمية المستدامة ويربط الشباب بالفرص الواعدة في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعات وتقنيات الذكاء الصناعي.

من ناحيته أكد معالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي وزير دولة لشؤون الشباب نائب رئيس مركز الشباب العربي”يشهد ملف التغير المناخي تطورات سريعة على المستوى العالمي، وهذا ما يفرض علينا ضرورة تعزيز وتكاتف المزيد من الجهود من أجل إبقاء الشباب في قلب المتغيرات والاستماع إلى آرائهم والاستفادة من توصياتهم لتصميم وتنفيذ الحلول المبتكرة للحد من تحديات التغير المناخي، واستشراف الفرص المستقبلية”.

وأضاف معاليه”سيبني المجلس الجديد على مكتسبات الدورة السابقة لزيادة الوعي بقضايا التغير المناخي في الأوساط الشبابية، بالاستفادة من الشبكة الشبابية الدولية، وقاعدة البيانات التي تمكن مركز الشباب العربي من بنائها خلال فوزه بتنظيم واستضافة مؤتمر الشباب من أجل المناخ “كوي18″، وسنعمل مع أعضاء المجلس الحالي ممن تنافسوا بجدارة مع مئات من المرشحين على توجيه طاقة الشباب نحو أولويات العمل المناخي الذي يتقاطع مع كافة مجالات العمل التنموي، سواء من خلال الدراسات الشبابية و الفعاليات والورش المتخصصة أو المؤتمرات والملتقيات االمتميزة”.

ويضع المجلس مجموعة أهداف استراتيجية أهمها تمكين الشباب العربي من المهارات المطلوبة لمواجهة التحديات المناخية، وتمثيل صوته في المحافل العربية والدولية في مجال البيئة، ودعم الدول العربية في تعزيز جهودها للعمل المناخي، ورفع توصيات استراتيجية لصنّاع القرار في العالم العربي.اقتراح حلول فعالة بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، وتشجيع الاستثمار في المشروعات الناشئة والصغيرة في مجال حماية البيئة ومواجهة التغير المناخي وتحقيق الاستدامة.

وسينضم أعضاء المجلس الجديد لبرنامج تدريبي مكثف خلال الفترة القادمة، استعدادا لسلسلة من المشاركات في الفعاليات والمؤتمرات لتمثيل أصوات الشباب العربي وتوسيع شبكة عمل المجلس، والمساهمة في برامج تطوير المهارات والسياسات ودعم صناع القرار، وتعزيز التعاون والشراكات الإقليمية، وإجراء دراسات واستطلاعات متخصصة للمساهمة برفع الوعي المناخي، ودعم وتعزيز الاقتصاد الأخضر من خلال تعزيز المهارات والوظائف الخضراء والاستفادة من إمكانات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وجمع البيانات، وتطوير مبادرات مفيدة تعكس تطلعات شباب ومجتمعات المنطقة العربية وربطها بالمؤشرات والممارسات العالمية.

وكان مركز الشباب العربي قد أطلق مجلس الشباب العربي للتغير المناخي أول مرة في عام 2021، بهدف إحداث تحول كبير في طريقة تفاعل الشباب العربي مع القضايا البيئية.

وبعد عامين حافلين بالأحداث أنجز المجلس 6 مبادرات و4 دراسات نوعية، وعمل مع شبكة شبابية ضمت أكثر من 8000 شاب وشابة من مختلف أرجاء الوطن العربي، وما يزيد عن 60 شريكا إقليميا ودوليا، وشارك بتنظيم وتطوير برنامج 6 أحداث دولية، حيث تم تكريمه أعضائه ضمن فعاليات مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ “COP28”.وام


مقالات مشابهة

  • مجلس التعاون يؤكد أهمية استقرار العراق
  • رئيس مجلس الدولة الصيني: تعزيز التعاون مع بريطانيا سيسهم في مواجهة التحديات العالمية
  • إطلاق الدورة الثانية لمجلس الشباب العربي للتغير المناخي
  • الدورة الثانية لمجلس الشباب العربي للتغير المناخي تباشر أعمالها
  • لتعزيز التعاون مع دول العالم.. إنجازات مجلس "الشيوخ" في المجال الدبلوماسي خلال الانعقاد الرابع
  • اختتام فعاليات ملتقى الشعر الخليجي 2024
  • استعراض مشروعات العمل والتنمية الاجتماعية بدول المجلس
  • إعادة انتخاب الإمارات لعضوية المنظمة العربية للطيران المدني
  • رئيس جامعة سوهاج: هناك إنجازات كبرى في ملف التعليم العالي وكليات جديدة ستضاف للجامعة
  • إعادة انتخاب الإمارات لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني