رغم أن قوانين الأحوال الشخصية والأسرة في الدول العربية مستمدة في معظمها من الشريعة الإسلامية، فإن مطالب تحديثها وتعديلها تثير الكثير من النقاش والجدل، وخاصة ما يتعلق بمطلب المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى وإلغاء الاعتراف بالطلاق الشفهي وإلغاء قوامة الرجل وحظر تعدد الزوجات.. فهل مطلب تحديث هذه القوانين يعود لحاجة فعلية أم لضغوط سياسية داخلية وخارجية؟

وفق الدكتور حاتم عبد العظيم، أستاذ الفقه وأصوله ورئيس أكاديمية تواصل للدراسات الشرعية، فإن الأصول والمنطلقات لقوانين الأحوال الشخصية والأسرة في معظم الدول العربية هي شرعية وشرعية مذهبية، ولكن أضيف إليها تأثيرات من المدارس القانونية الغربية.

والنقطة نفسها، أكدت عليها عضوة لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، سناء الحداد، بقولها إن قوانين الأحوال الشخصية والأسرة ومنذ نشأتها في الدول العربية كانت مستمدة من الفقه الإسلامي ولها مرجعية إسلامية.

ومن جهتها، قالت المحامية نيفين معرفي -في مداخلتها ضمن برنامج "موازين"- إن أغلب الدول العربية تستند إلى الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية والأسرة، لكنها تختلف باختلاف المذاهب الإسلامية، الحنبلي والمالكي والشافعي والحنفي، بالإضافة إلى المذهب الجعفري في بعض الدول. وقالت إنه في الكويت هناك قانون للأحوال الشخصية خاص بالسنة وآخر خاص بأصحاب المذهب الجعفري، وهناك دوائر قضائية خاصة لغير المسلمين.

وتحدث ضيوف حلقة (2023/7/19) من البرنامج عن بعض المطالب المتعلقة بتحديث وتغيير قوانين الأحوال الشخصية والأسرة، وذلك تلبية لمستجدات العصر.

وترى سناء الحداد -وهي محامية لدى محكمة النقض التونسية- أن هناك ضغوطا دولية تمارس على الدول العربية والإسلامية بالترغيب والترهيب لتغيير قوانينها، مثل ما يتعلق بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل من خلال إلغاء القوامة والعدة والمهر وتغيير أحكام الميراث، مضيفة أن محاولات تغيير قوانين الأسرة لتتلاءم مع الأجندة الغربية تجري عبر ترويج الشبهات حول أحكام الأسرة في الإسلام وفي النظام الإسلامي ككل.

وبينما أشار عبد العظيم إلى أن مسألة القوامة جعلها الله -عز وجل- من خصائص الرجولة ولا يجوز نقلها للمرأة، أكدت المحامية التونسية أن مبدأ القوامة موجود في القانون التونسي، لكن منذ عام 1993 تم إلغاء واجب طاعة الزوجة لزوجها، وهو ما يعني إفراغا لمفهوم القوامة.

تجريم حق تأديب الأبناء

وبالنسبة لقوانين حماية الطفل في الدول العربية، أوضحت سناء الحداد أن قوانين مناهضة العنف المنزلي والعنف ضد المرأة يتضمن مفهوما للعنف يتعارض مع المرجعية الإسلامية، وأعطت مثالا على ذلك بقانون صدر عام 2017 في تونس يلغي حق الوالدين في تأديب أبنائهم ويجرّم ذلك الحق. وقالت إن مشروع قانون مشابه طرح في الأردن وتم رفضه، يجعل من تأديب الوالدين جريمة يعاقب عليها القانون.

وبشأن مسألة تعدد الزوجات التي يتجدد الجدل والخلاف حولها وتجرّمها تشريعات بعض الدول العربية بينما تقيّدها أخرى، نوّه عبد العظيم إلى أن الدول التي تحظر التعدد مثل تونس لم تقض على التعدد، مؤكدا أن زواج الرجل بامرأة أخرى لا يشترط علم الزوجة ولا إذنها.

وعن تجربة تونس، تشرح سناء الحداد أن القانون التونسي يمنع تعدد الزوجات ويعتبر الزواج الثاني باطلا، وهناك عقوبة سنة كاملة سجنا للزوج وللزوجة الثانية، وكشفت أن من يضبط وهو متزوج بثانية، فإنه يزعم أنها عشيقته وليست زوجته، وطبعا القانون لا يعاقب على جريمة الزنا ويعتبرها مسألة شخصية.

وبالنسبة للميراث، أشارت عضو لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى مشروع قانون قدمه الرئيس الأسبق في تونس بشأن تغيير أحكام الميراث، إذ يلغي قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين" بدعوى عدم المساواة في الميراث، وهو ما يمس بهوية المجتمع، كما قالت سناء التي حذرت من خطر الابتعاد عن الشريعة الإسلامية في قضايا الأسرة والأحوال الشخصية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدول العربیة تعدد الزوجات

إقرأ أيضاً:

هل سيخفض قانون الأحوال الجديد نسب الطلاق في العراق أم العكس؟ - عاجل

بغداد اليوم- بغداد

علق الخبير في الشأن القانوني، محمد السامرائي، اليوم الأحد (24 تشرين الثاني 2024)، حول امكانية خفض نسبة الطلاق بعد اجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية.

وقال السامرائي لـ "بغداد اليوم"، إن: "حديث البعض عن خفض نسبة الطلاق في العراق بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية غير صحيح اطلاقاً بل هذا التعديل سوف يدمر الأسرة والمجتمع وسيرفع من حالات الطلاق، خاصة وأن القانون الحالي هو مانع لكثير من حالات الطلاق".

وأضاف، أن "تعديل قانون الأحوال الشخصية وفق ما تريده بعض الأطراف السياسية يخالف القوانين، ولهذا سيتم الطعن بهذا التعديل كونه سيساهم بتفكك الأسرة وكذلك يرفع نسبة الطلاق ولا يخفضها، وهناك معارضة كبيرة له على المستوى الاجتماعي والسياسي".

وأثارت تعديلات قانون الأحوال الشخصية والتي تمت قراءتها للمرة الأولى في البرلمان قبل أسابيع، موجة من الانتقادات من مختلف الفئات الاجتماعية، مما يثير تساؤلات جدية حول فعاليته ومحتواه، ولا سيما في ما يتعلق ببنود القانون الخاصة بسن الزواج والنفقة والميراث.

وفي تعريف لقانون الأحوال الشخصية فإنه مجموعة قواعد قانونية تنظم علاقة الأفراد في ما بينهم، من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة، وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية.

هناك من يعتبر أن بعض فقرات القانون الجديد قد تتعارض مع التشريعات أو الأعراف الاجتماعية السائدة، مما قد يسبب إرباكا في التنفيذ.

وعُدل قانون الأحوال الشخصية العراقي 17 مرة حتى عام 1999 فيما لم يُعدل خلال الأعوام الـ 25 الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • أسر إفريقية تتوارث الزوجات.. محظيات أم خطة للسيطرة على المال والأبناء!
  • برلمانية تكشف آخر التطورات في مشروع قانون الأحوال الشخصية (فيديو)
  • نائبة تنفي سحب الحكومة مشروع قانون الأحوال الشخصية من البرلمان
  • لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
  • هل سيخفض قانون الأحوال الجديد نسب الطلاق في العراق أم العكس؟
  • أبرز مقترحات قانون الأحوال الشخصية الجديد لقضايا المرأة
  • هل سيخفض قانون الأحوال الجديد نسب الطلاق في العراق أم العكس؟ - عاجل
  • المشاط: التحديات الجيوسياسية بالدول العربية تُعوق مسيرة التنمية في المنطقة والعالم
  • العنف الأسري: مشكلة تهدد المجتمع والأسرة
  • أبوالغيط: الحروب والصراعات بالدول العربية أدت إلى تراجع معدلات التنمية