مستقبل الوظائف.. بالقطاع الخاص أم تبقى «الحكومية» الخيار الأول؟
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
تباينت آراء خبراء ومواطنين حيال قدرة القطاع الخاص على منافسة المؤسسات الحكومية على جذب وتوظيف الكوادر الوطنية كخيار للمستقبل، فبينما أكد البعض زيادة نسبة المواطنين العاملين في القطاع الخاص في ظل تزايد قدرة هذا القطاع على المنافسة وتحسين بيئة العمل وقدرته على تقديم الحوافز والامتيازات الوظيفية، بما فيها الأمان الوظيفي، أشار آخرون إلى أن القطاع الحكومي سيبقى الخيار الأول للشباب الباحث عن عمل، سواء الآن أو في المستقبل، في ظل صعوبة رفع امتيازات العمل في القطاع الخاص بما يوازي ما هو متاح حالياً.
وأشاروا في تصريحات لـ «العرب» إلى أن التباين في معدلات الدخول بين القطاعين الحكومي والخاص، سيبقى العامل الرئيسي في تفضيل التوظيف بالقطاع الحكومي. وأكدوا أهمية توفير الدعم التأهيلي والمالي للقطاع الخاص لتوظيف القطريين فيه، بما يعادل الامتيازات الوظيفية في القطاع الحكومي من حيث ساعات العمل والامتيازات المالية وغيرها، لافتين إلى أن عدم تفضيل العمل بالقطاع الخاص لا يلغي وجود العديد من المؤسسات التي نجحت في استقطاب العديد من الخريجين، من خلال تحسين بيئة العمل من حيث الامتيازات الوظيفية وأوقات العمل، لافتين إلى أن هناك عدة محفزات ضرورية لزيادة جاذبية التوظيف بالقطاع الخاص منها تحقيق الاستقرار الوظيفي مع ضرورة تسهيل الدوام وتحديده بـ 8 ساعات عمل، وتطبيق نظام الإجازات على غرار العمل الحكومي.
خالد العماري: «التشبع» الحكومي يفتح الباب لاستكشاف «الخاص»
رجح السيد خالد العماري استمرار توجه الشباب للعمل في القطاع الحكومي لما تتميز به الوظائف الحكومية من امتيازات ورواتب قد لا تتوافر في الكثير من الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص؛ فضلا عما تتميز به الوظائف الحكومية من استقرار وظيفي إلى حد كبير، بالإضافة إلى أنها لا تحتاج في العادة لجهد كبير، وعدد ساعات العمل بها تكون أقل من الوظائف في القطاع الخاص، لافتا إلى أن مؤسسات القطاع الحكومي ما زالت تستطيع استيعاب أعداد الخريجين والمتقدمين للعمل.
وأعرب العماري في تصريحات لـ العرب، عن اعتقاده باستمرارية هذه المعادلة حتى يتشبع القطاع الحكومي، وعندها سيتوجه الشباب لاستكشاف الفرص الجديدة او المستجدة في القطاع الخاص.
وأوضح أن القطاع الخاص يتميز بالقدرة على إكساب الموظفين لقدر كبير من الخبرات بشكل أكبر وأسرع من القطاع الحكومي، وسهولة التنقلات وتغيير التخصص واكتساب خبرات ومهارات جديدة، بعكس القطاع الحكومي البيروقراطي.
وقال العماري انه في أثناء الأزمة المالية في الولايات المتحدة في 2008، تأثرت معظم قطاعات الأعمال، وقامت الكثير من الشركات والمؤسسات بالقطاع الخاص بتسريح عدد كبير من الموظفين. ولكن أقل الوظائف تأثراً هي الوظائف الحكومية، فلم يشعر الموظفون بأي تأثير يذكر من جراء الأزمة المالية وهو ما يعطي احد الامثلة على ميزة الاستقرار الوظيفي في القطاعات الحكومية التي تبقى جاذبة للخريجين.
خالد صالح: مطلوب حوافز في المهــــــــــن الفنية والإدارية
قال السيد خالد صالح، خبير التنمية البشرية «إن برامج التقطير التي اتبعتها الدولة حتى الآن نجحت في توطين العديد من الوظائف في مختلف القطاعات بما فيها القطاع الخاص وإن كانت نسبة حضور المواطنين في هذا القطاع الخاص لا تلبي تطلع المواطنين واستراتيجية الدولة في تعزيز التقطير في مختلف القطاعات، خاصة في ظل العدد الكبير من الخريجين سنوياً من الجامعات الباحثين عن فرص عمل، ما يحتم على شركات القطاع الخاص لعب دور الشريك في استيعابهم.
وأكد صالح في تصريحات لـ «العرب» أهمية تقديم الحوافز للقطريين لتشجيعهم على شغل المهن الفنية والإدارية العليا في قطاعات الأعمال والصحة والتعليم، وإيجاد فرص تدريبية عالية الجودة لجميع المواطنين، كل حسب طموحاته وقدراته، بهدف بناء قوة عمل ملتزمة وذلك بتحقيق مشاركة متزايدة ومتنوعة لقطريين في قوة العمل من خلال استثمارات واسعة لمؤسسات القطاعين العام والخاص في برامج التأهيل والتدريب، مع تحسين السياسات وتحسين معلومات وأبحاث سوق العمل وتوفير خدمات عالية الجودة في مجال التوظيف وتقديم الاستشارة المهنية من خلال استحداث أساليب وطرق وأدوات جديدة للتوطين.
وأوضح أن أرقام المواطنين العاملين في القطاع الخاص مقارنة بأرقام العاملين من جنسيات أخرى ربما تعكس حجم الفجوة بين القطاعين، رغم الجهود التي بذلتها الدولة في تأهيل الشباب القطري وتدريب المواطنين الباحثين عن عمل وفقاً لاحتياجات سوق العمل، منوها بضرورة برامج التفطير بحملة تثقيفية تبين أهمية وظائف القطاع الخاص تبدأ من وسائل الإعلام في الترويج لمشروعات التقطير داخل القطاع الخاص، والتركيز على تشجيع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على اتباع سياسة التقطير حيث الرؤية تلزم القطاع الخاص بتحقيق نسبة معينة من التوظيف والاشغال للوظائف بالمواطنين.
عبدالرحمن إبراهيم: شركات خاصة تنافس بالمزايا.. ولكن الاستقرار غائب
قال عبدالرحمن ابراهيم – موظف – إن العديد من الشباب يتجهون للعمل في شركات القطاع الخاص، رغم وجود مؤسسات عمل قوية لديها العديد من المزايا بما فيها الامان الوظيفي، داعيا الشركات الكبرى العاملة في القطاع الخاص والشركات التي تساهم بها الدولة باكثر من 50% من رأس المال إلى مواكبة خطط الدولة في التقطير من خلال فتح ابوابها للخريجين القطريين وتخفيف الضغط على القطاع الحكومي، حتى لا تتحول الكوادر في وزاراتنا الى بطالة مقنعة أو المساهمة في حدوث تضخم اداري.
وأكد ان خلق وظائف جديدة للخريجين الجدد يتطلب خطة تبدأ من الموارد البشرية في الجهات الحكومية، مروراً بديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل ثم وزارة المالية، تتضمن وضع تصور لاحتياجات سوق العمل للسنوات الخمس القادمة، داعيا الى تحويل مفهوم التقطير من التوظيف من اجل الاستيعاب فقط الى خلق فرص وظيفية مناسبة لكل تخصص.
ودعا الى اعتماد برنامج رقابي لمراقبة التوظيف ونسب التقطير في تلك الشركات بما فيها قطاع البنوك، وغيرها من المؤسسات التي دعمتها الدولة واصبح من واجبها ان توفر وظائف برواتب تنافس القطاع الحكومي، وذلك لمواكبة اعداد الخريجين التي ستتزايد في في السنوات القادمة وما يفرض وجود التخطيط والاستعداد لذلك...
وأكد ان الموظفين القطريين المتخصصين أو أصحاب الخبرة الذين تركوا مناصبهم هم ثروة يجب استغلالها، من خلال اعتماد برنامج للاستفادة من الكفاءات القطرية في مؤسسات ووزارات اخرى مختلفة.
كما دعا مؤسسات القطاع الخاص إلى «التجاوب» مع مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء والعمل على استقطاب الكفاءات القطرية للعمل لديها حتى لو تطلب هذا الأمر في بعض الحالات استحداث برامج تدريبية لتأهيل المواطنين الموظفين بما يخدم هذه المؤسسات ويرفع من كفاءتهم، وأكد أن الكوادر القطرية أثبتت كفاءتها في القطاعات غير الحكومية مشيرا إلى أن بعض الوظائف في القطاع الخاص ليست مستدامة بالنسبة للعديد من المواطنين، واقترح على مؤسسات القطاع الخاص اعتماد عقود عمل لا تقل عن خمس سنوات والتجديد لنفس المدة، أما انهاء الخدمات فيجب أن يعتمد من لجنة فض المنازعات لضمان الحياد والنزاهة منوهاً بأن انهاء العقد يجب صدوره قبل التجديد بما لا يقل عن 8 اشهر وذلك لمنح الموظف فرصة لإيجاد وظيفة بديلة وكذلك منحه الفرصة الكافية للدفاع امام لجنة فض المنازعات.
خالد فخرو: «الثغرات» تعرقل توجه الشباب بعيداً عن الروتين
توقع السيد خالد فخرو تزايد قدرة القطاع الخاص على جذب الكوادر الوطنية في ظل استمرار الدولة في جهود التقطير، بما فيها خطط تدريب وتأهيل القطريين للالتحاق بسوق العمل، والإحلال والتوطين، وقانون الضمان الاجتماعي الذي شمل القطاع الخاص، مبينا أن ذلك ساهم في تشجيع المزيد من القطريين للعمل فيه عبر منصة «كوادر»، واشار إلى أن القطاع الخاص يختلف عن القطاع الحكومي من حيث الامتيازات والحوافز، لكن امتيازات بعض الشركات الخاصة اصبحت تضاهي ان لم نقل تتجاوز مؤسسات القطاع الحكومي، مشيرا الى توجه جديد من الشباب نحو العمل في القطاع الخاص مع زيادة الوعي وزيادة الحوافز المادية.
وأكد فخرو وجود بعض الثغرات التي ترجح كفة القطاع الحكومي في نظر الخريجين الشباب خاصة في بعض الأمور المتعلقة بالمعاشات والتأمين الصحي وغيرها من الأمور التي تجعل العديد من المواطنين يترددون كثيرا في التوجه نحو القطاع الخاص، نظرا لتميز القطاع الحكومي عن الخاص فيما يتعلق بالأمان الوظيفي، وأيام الإجازات، والبعثات الدراسية، حتى التفرغ للدراسة أو للعلاج.
وأضاف فخرو - أن هذه الأمور هي التي تدفع الشباب القطري إلى العزوف عن العمل بالقطاع الخاص الذي يصنف العمل فيه بغير المضمون النتائج للتغييرات التي تحدث به بين الفترة والأخرى، مما يشعر الموظف بحالة من القلق والخوف على مستقبله، لكن هناك العديد من مؤسسات القطاع الخاص تستقطب العديد من الشباب القطري، مثل قطاع البنوك، والشركات المختلطة كشركات البتروكيماويات، وهذه القطاعات لا تقل عن القطاع الخاص من حيث الرواتب والحوافز، بل تتفوق عليه أحياناً.
وأوضح أن هناك توجها جديدا من الشباب نحو العمل في القطاع الخاص لان المزايا في العديد من الشركات اصبحت تضاهي القطاع الحكومي وتتفوق عليه.
خطط لتحقيـق التـوازن بسـوق العمـل
تسعى العديد من الخطط والبرامج والقرارات الحكومية إلى تشجيع الشباب القطري على الاتجاه نحو العمل في القطاع الخاص لتحقيـق مزيـد مـن التـوازن فـي سـوق العمـل، بدءا من مشروع قانون توطين الوظائف في القطاع الخاص الذي وافق مجلس الوزراء بما يتضمنه من الحوافز والتسهيلات والامتيازات الممنوحة بموجب هذا القانون وذلك لدعم الاستثمار الأمثل في القوى العاملة الوطنية.
كما حرص ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي على تشجيع القطريين الذين تم استيعابهم في القطاع الخاص من خلال منحهم 7000 ريال خلال فترة التدريب، الأمر الذي شجع العديد من المواطنين على العمل في القطاع الخاص.
ومن جهته فإن مركز قطر للتطوير المهني يتبنى برنامجًا تدريبيًا متعدد الأوجه يستهدف تشجيع وتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في القطاع الخاص، وذلك في ظل تفضيل ما يقرب من 71% من الطلاب وأولياء الأمور، العمل في القطاع الحكومي وفق دراسة سابقة للمركز.
كما ساعدت الجهات الحكومية المختصة المواطنين القطريين للعمل في القطاع الخاص بما في ذلك قانون الضمان الاجتماعي والذي شمل القطاع الخاص مما حفز القطريين للعمل فيه عبر منصة «كوادر». حيث شهد العام 2022 توظيف 1189 قطريا منهم 939 في القطاع الحكومي و250 قطريا في القطاع الخاص حسب لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى.
إلى ذلك، تواصل المنصة الوطنية للتوظيف «كوادر» إتاحة الفرصة أمام الباحثين عن عمل للتقديم على الوظائف المتوفرة في مؤسسات القطاع الخاص، والتقدم لها والسير في إجراءات التعيين مع ضرورة تحقيق الشروط وتشمل:
- التسجيل في التوثيق الوطني
- التسجيل في منصة كوادر
- إرفاق الإثباتات الشخصية مثل البطاقة الشخصية والشهادة الدراسية والسيرة الذاتية والدورات إذا كانت موجودة
- اختيار الجهة التي يريد العمل بها أو الوظيفة التي تناسب مؤهلاته
- يحدد له مقابلة وفي حال القبول يتم التعيين
وتهدف استراتيجية وزارة العمل إلى فهم العوامل المؤثرة على زيادة القطريين في مؤسسات وشركات القطاع الخاص والقيام بدراسات التحليل والتنبؤ بسوق العرض والطلب على المهارات القطرية وعمل تحليل واقتراحات لزيادة تعيين القطريين في سوق العمل وأيضاً الاهتمام بمخرجات التعليم والتدريب. وحسب معطيات الوزارة فإن القطاعات الأكثر توظيفاً للقطريين في القطاع الخاص هي القطاع المالي وقطاع التأمين، وقطاع الطاقة والصناعة وقطاع الخدمات والنقل وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وظائف القطاع الخاص توظيف الكوادر الوطنية القطاع الحكومي العمل فی القطاع الخاص مؤسسات القطاع الخاص فی القطاع الحکومی بالقطاع الخاص الشباب القطری الوظائف فی الدولة فی من الشباب سوق العمل العدید من للعمل فی بما فیها من خلال بما فی إلى أن من حیث
إقرأ أيضاً:
عاجل| رئيس الوزراء: القطاع الخاص المصدر الرئيس والأكبر لتوفير فرص العمل
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، إن الحكومة مؤمنة بأهمية دور القطاع الخاص، وأنه قاطرة التنمية في الدولة المصرية، موضحًا أن هذه الاستثمارات كانت دائمًا تمثل الرقم الغالب في إجمالي الاستثمارات العامة للدولة، إلا أن الظروف التي مرت بها الدولة منذ عام 2011 وعدم الاستقرار أدت إلى تراجع القطاع الخاص وتخوفه من التوسع.
مدبولي: سداد 7 مليارات دولار من الديون المستحقة خلال نوفمبر وديسمبر الجاري بعد موافقة «مدبولي».. «تطوير التعليم بالوزراء» يبحث مع «العربي للطفولة» بدء تنفيذ مشروع روضات «جيل ألفا»وشدد "مدبولي"، خلال مؤتمر صحفي عرضته قناة "إكسترا نيوز"، على أن تخوف القطاع الخاص من التوسع في الاستثمارات أدى لدخول الدولة المصرية في الاستثمارات وزيادة الاستثمارات العامة، متابعًا: "إحنا النهاردة أحرص ما نكون أن تكون مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات العامة هي الحاكمة".
وأوضح أن القطاع الخاص ظل هو المصدر الرئيسي والأكبر لتوفير فرص العمل، مؤكدًا أن أكثر من 80% من فرص العمل بالدولة هي من القطاع الخاص، منوهًا بأن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي هو الأكبر، مضيفًا: "القطاع الخاص هو الأقدر في الإدارة والتشغيل".