الجديد برس:
2025-04-24@20:54:55 GMT

ليبرمان واغتيال الحوثي

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

ليبرمان واغتيال الحوثي

الجديد برس:

دخلت صنعاء معركة طوفان الأقصى، وهي البعيدة جغرافياً عن فلسطين، ضمن رؤيتها العقائدية والفكرية باعتبار فلسطين قضية الأمة المركزية، وقدمت قسطاً يفوق عملية الإسناد لغزة في حربها المصيرية.

تبجّح المتطرف الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنه لو كان القرار بيده لأمر باغتيال قائد اليمن عبد الملك الحوثي، كأن هذا المتطرف القابع في صفوف المعارضة الإسرائيلية، لأسباب تتصل بخلافات شخصية مع رئيس حكومة الاحتلال بيبي نتنياهو، يعيش أزمة أمنية ثقيلة تقض مضاجع المؤسسة الأمنية في كيانه، في أوج الصدمة مما فعله الحوثي بهذا الكيان وهو يطبق على أنفاسه البحرية الجنوبية.

يتناسى هذا المتطرف ليبرمان أن التحالف السعودي الإماراتي في حربه الطويلة على اليمن، وهو تحالف مدعوم لوجستياً من قوى الشر العالمي في أميركا وبريطانيا و”إسرائيل”، عجز طوال هذه الحرب عن لمس قدم الحوثي، فضلاً عن أن يغتاله.

ولكن قادة الكيان الإسرائيلي، وفي غمرة الشعور المتعاظم بالكبر بعد اغتيال الشيخ صالح العاروري وبعض قادة حرس الثورة الإيراني وغيرهم من قادة المقاومة، باتوا يظنون أن بإمكانهم اغتيال أي قائد يشاؤون، وهم الذين فشلوا في محاولات لا تحصى لاغتيال قادة عديدين، مثل محمد ضيف وأكرم العجوري، ناهيك بالقدرة على اغتيال غيرهم ممن يتمنون أن تنشق الأرض وتبتلعهم، والقائد يحيى السنوار مثال بارز الآن على الفشل الإسرائيلي المتجدد.

رمزية الشعور الإسرائيلي العاجز تجاه السيد عبد الملك الحوثي لها ما يبررها، وهو الذي يقود أجرأ عملية بحرية في العصر الحديث ضمن معادلة داخلية معقدة، ما زال فيها الجار السعودي معتدياً، وخلفه عدد غير قليل من المرتزقة في الداخل، في واقع يفتقد الشرعية الدولية الحقيقية، فنظام عدن متهالك رغم شرعيته الرسمية، فيما حكم صنعاء فتيّ قويّ، ولكنه يتعرض للعدوان الأميركي البريطاني اليومي منذ عدة أسابيع.

هنا، يجد الإسرائيلي الرسمي نفسه في مأزق مركب، رغم تهديدات سابقة لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بتوجيه السفن الحربية الإسرائيلية ساعر لقصف اليمن، وهو ما تكفَّلت به أميركا منذ أن أطلق وزير الحرب الأميركي أوستن حملة “حارس الازدهار” من تل أبيب لمواجهة اليمن في حصاره البحري المطبق على جنوب الكيان عبر نافذة إيلات الحيوية.

هذا المأزق الإسرائيلي المكشوف دفع المعارضة الإسرائيلية ممثلة بزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” ليبرمان إلى المزايدة في قضية بالغة الحساسية، وهو الذي شغل عدة مناصب، منها وزير الخارجية والمالية، وحتى وزير الحرب لمدة عامين، رغم أنه بدأ حياته عاملاً في ملهى ليلي، ولكنه لطالما أدى في عدة جولات انتخابية دور بيضة القبان، وأطلق عليه أحياناً صانع الملوك، عندما حصل حزبه على بضعة مقاعد كنيست جعلته يلعب على وتر الكتل اليمينية الرئيسة.

ونظراً إلى طول فترة نشاط ليبرمان السياسي، فهو يعي حساسية التلويح باغتيال الحوثي في ظل الأزمة الراهنة التي تعصف بكيانه، فـ”إسرائيل” التي تعتدي على سوريا، وربما وجّهت عدة اعتداءات داخل إيران، ما زالت حتى الآن في طور الصدمة تجاه هذا العدو اليمني الجديد المتعاظم، وهو الذي لم تحسب له حساباً يناسب مدى خطورته، رغم أنها عند سيطرة أنصار الله على صنعاء حذرت من مخاطر الفكر الثوري الذي يحمله أنصار الله، وخصوصاً على مضيق باب المندب الاستراتيجي، لكن هذا التحذير ظل في إطار نظري مع التصدي السعودي عبر تحالف عربي دولي لاحتواء هذا الخطر.

لا يعي ليبرمان وغيره ممن يطلقون الشعارات الرنانة أن التصدي الإسرائيلي المباشر للقوة اليمنية الزاحفة سيدفع أنصار الله، ومعها القوات المسلحة اليمنية، ربما لغزو إيلات عبر مئات القوارب السريعة أو من خلال وسائل بحرية وجوية لم تدخل ميدان المعركة حتى الآن، في ظل فاعلية الحصار اليمني للبحرين الأحمر والعربي في مواجهة “إسرائيل”، مع فشل البحرية الأميركية ومعها عدة بحريات دولية في فك هذا الحصار.

دخلت صنعاء معركة طوفان الأقصى، وهي البعيدة جغرافياً عن فلسطين، ضمن رؤيتها العقائدية والفكرية باعتبار فلسطين قضية الأمة المركزية، وقدمت قسطاً يفوق عملية الإسناد لغزة في حربها المصيرية، نظراً إلى نجاحها المبهر في القبض على شريان البحر الحيوي، وتصديها غير المتردد للبحرية الأميركية، وهي هنا تتحرك وفق متطلب ميدان محور المقاومة، فكيف إذا تجرأت “إسرائيل” على التورط في قتال مباشر معها أو محاولة اغتيال رمزها وقائد ثورتها السيد عبد الملك الحوثي؟

يعكس المزاج الأمني السياسي لهذا المتطرف ليبرمان مجمل مأزق الكيان الإسرائيلي الذي يجد نفسه اليوم يعوم وسط تناقضات استراتيجية، عبّر عنها وزير الحرب غالانت وهو يتحدث عن تفكيك كتائب خان يونس، وأن السنوار فقد آليات ضبط هذه الكتائب، ولكنه يعود ليشير إلى أن معركة غزة البرية أعقد مواجهة في العصر الحديث، رغم أن أرضها مجرد شريط رملي ساحلي ضيق، فكيف بالحال مع جبال اليمن الشاهقة وأرضها الفسيحة وممراتها البحرية وقدراتها العسكرية المتنامية التي تم بناؤها تحت الغارات الجوية اليومية طوال سنوات؟

معركة اليمن نصرة لمظلومية الشعب الفلسطيني، والتي تلخّصها بيانات العميد يحيى سريع، موجزة الكلمات عظيمة التضحيات بالغة الأثر، والتي اكتسبت زخماً شعبياً داخلياً وإلهاماً عربياً وإسلامياً، في ظل إعجاب شعبي عالمي منقطع النظير، حتى من قبل بعض الدول الأفريقية، تجعل القوات اليمنية تتحرق شوقاً لتلتحم مباشرة مع الكيان العبري، حتى في مواجهة عمليات أمنية كتلك التي تمناها ليبرمان، وهو ما سيحفّز العقل اليمني لابتكار ميدان مواجهة أمنية عابرة للحدود، وقد أخرجه الطوفان من معاقله الجبلية، ليبحر بعيداً مما يناسب مشروعه النهضوي القرآني.

*محمد جرادات – باحث فلسطيني

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: وزیر الحرب

إقرأ أيضاً:

اليمنُ.. مُخطَّطات الحرب المُركَّبة سيناريو هوليوديٌّ يُداسُ تحتَ نعلِ الصمود

 

هناك حيث الغرف المعتمة في الجناح الغربي للبيت الأبيض مقر تمركز الشر داخل أروقة المكتب البيضاوي تُحاكُ مؤامرات الشيطان بعيداً عن ضجيجِ الكاميرات، وهناك تحديداً تَنسجُ واشنطنُ حروبَها التركيبيّة بخيطانٍ مِن وَهْمٍ.. كأنّها مُخرجةٌ تُعيدُ تصويرَ فيلمِها الفاشلِ بسيناريو أكثرَ تعقيداً.

اليمنُ هنا ليس مجرّدَ موقعٍ جغرافيٍّ، بل “جريمةٌ مثاليّة” تُحاولُ أمريكا حلَّها بمنطقِ أفلامِها البوليسيّة: (حربٌ مُركَّبةٌ) تختلطُ فيها القنابلُ بالفتنِ والتضليل الإعلامي والصواريخُ بالأكاذيبِ، لكنّها تنسى أنّ أبطالَ هذه الروايةِ لا يقرأونَ من نصوصِهم، بل يكتبونَ فصولَ المقاومةِ والثبات والصمود بدماءٍ لا تنضبُ.

أولى المشاهدِ كانتْ (الغاراتُ الجويّة).. رُكامٌ مِن صمتٍ! كأنّ الطائراتَ الأمريكيّةَ تُلقِي وَحياً على صحراءٍ لا تسمعُ إلاّ همسَ التاريخ: “أهلا بكم في مقبرة الغزاة حيث دُفِنَتْ أحلامُ الإمبراطوريّات”. لم تكن السماءُ اليمنيّةُ سوى مرآةٍ عكستْ عجزَ ترامبَ عن فهمِ معادلةٍ بسيطةٍ: اليمني الذي يُولَدُ من رحمِ المُعاناةِ جيلاً بعد جيل لا يمكن أن تروضُهُ القُدُراتُ النوويّة، فتحوّلَ الفشلُ العسكريُّ إلى “كوميديا سوداء” تُعرِي أسطورةَ القوةِ الأمريكيّةِ، بينما تُواصلُ غزّةُ – في الخلفيّة – تلقي ضوءَ القمرِ مِن عيونِ اليمنيّين.

الآن، وبعدَ أن صارتْ (حاملاتُ الطائراتِ) في البحر الأحمرِ أشبهَ بسفن أشباح، تُلقي بظلالِ الهزيمةِ على مياهِ الخليج، تنتقلُ أمريكا إلى الفصلِ الثاني مِن دراما الحربِ المُركَّبة: (مُختبرُ الفوضى)، إنّه السيناريو الأكثرُ خبثاً تفجيرُ الأزماتِ الداخليّةِ، وزرعُ الشكِّ في أوساط المجتمع وتصويرُ الوحدةِ الوطنيّةِ كـ”جريمةٍ مُغلَّفةٍ بالورقِ الوطني”. لكنّهم ينسونَ أنّ اليمنَ – كشخصيّةٍ رئيسةٍ في روايةِ تشيخوف – لا تُطلقُ رصاصةَ الضعفِ إلاّ إذا كانَتْ مُوجَّهةً إلى قلبِ العدوِّ.

ما يُشبهُ (العدوى) في الرواياتِ البوليسيّة، تُحاولُ أمريكا حقنَ المجتمعِ اليمنيِّ بفيروسِ الفتنة المُعلَّبة، لكنّ الدمَّ اليمنيَّ يَمتلكُ مضاداتٍ حيويّةً مِن نوعٍ خاصّ، إنه الوعيُ الأمنيُّ الذي يقرأُ المؤامرةَ قبلَ اكتمالِ حروفِها، والإنتماء الوطني الذي يتحوّلُ إلى سِترٍ مِن نارٍ ضدَّ مُخطَّطاتِ “التفكيك”، هنا تُصبحُ كلُّ ندبةٍ في جسدِ الوطنِ شاهداً على إخفاقِ الحربِ النفسيّةِ، وكلُّ طلقةٍ صاروخيّةٍ مِن صنعاءَ نحو القطع الأمريكية في البحر الأحمرِ رسالةً مُشفَّرةً، “لا تُوجد حربٌ مُركَّبةٌ تُهزِمُ شعباً مُركَّباً مِن بارود الإرادة”.

في المشهدِ الأخيرِ، حيثُ تتدخّلُ الماكنةُ الإعلاميّةُ الأمريكيّةُ بأبواق ودمى سعودية – إماراتية – قطرية – تركية لِصناعةِ وَهْمِ النصرِ، يعودُ اليمنيُّونَ إلى أسلوبِهم القديمِ في فضحِ الأكاذيب (مدري) هي الصمتُ الذي يُشبهُ تلكَ اللحظةَ في الأفلامِ البوليسيّةِ حيثُ يكتشفُ المحقّقُ أنَّ الجاني الحقيقيَّ هو مَنْ ظنَّ نفسَهُ خارجَ الشبهاتِ.

صمتٌ يختزلُ كلَّ خططِ الحربِ المُركَّبةِ في سؤالٍ وجوديٍّ: كيفَ لِحربٍ أنْ تنتصرَ على أرضٍ تتنفّسُ أسماءَ أبنائِها قبلَ أكسجينِ السماءِ؟

اليمنُ لا يحتاجُ إلى (بطولات خارقة) لإنقاذِهِ.. هو يُدركُ أنَّ انتصار الحربَ التركيبيّةَ، مجرّدُ وهمٍ مِن مخيّلةِ مَنْ اعتادُوا كتابةَ النهاياتِ السعيدةِ لجرائمِهم، أمّا في البلاد السعيدة، فالنهايةُ الوحيدةُ المُمكنةُ هي سقوطُ الأقنعةِ، وتكسيرُ أقلامِ مَنْ ظنّوا أنَّهم يَملِكونَ حبرَ التاريخِ. اليمنُ – ببساطةٍ – يُعيدُ تعريفَ الحربِ: ليستْ معركةَ أسلحةٍ، بل اختبارُ إرادةٍ.. وإرادةُ هذا الشعبِ تُشبهُ جملةً مُقتضبةً في روايةٍ طويلةٍ: (لا تُناقشْ) فنحن قوم (لا نبالي) واجعلوها حرب كبرى عالمية.

 

مقالات مشابهة

  • الحوثي: موقف اليمن داعم لفلسطين نموذج يحتذى به.. ويكشف عن 7 ضربات صاروخية ناجحة تجاه العمق الإسرائيلي 
  • معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي
  • لماذا الأمم المتحدة تقلق من الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي في اليمن؟
  • اليمنُ.. مُخطَّطات الحرب المُركَّبة سيناريو هوليوديٌّ يُداسُ تحتَ نعلِ الصمود
  • أفيغدور ليبرمان يحذر من إدخال أي مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر
  • اليمن يطلق صاروخا على إسرائيل ويسقط مسيّرة أمريكية
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
  • الجيش الإسرائيلي يعلن رصد صاروخ أطلق من اليمن
  • هكذا علقت إسرائيل على الغارات الأميركية التي تشنها على اليمن 
  • شاهد | العدو الإسرائيلي يقر أن العدوان الأمريكي على اليمن سيفشل