الجديد برس:
2025-04-01@20:33:09 GMT

ليبرمان واغتيال الحوثي

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

ليبرمان واغتيال الحوثي

الجديد برس:

دخلت صنعاء معركة طوفان الأقصى، وهي البعيدة جغرافياً عن فلسطين، ضمن رؤيتها العقائدية والفكرية باعتبار فلسطين قضية الأمة المركزية، وقدمت قسطاً يفوق عملية الإسناد لغزة في حربها المصيرية.

تبجّح المتطرف الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنه لو كان القرار بيده لأمر باغتيال قائد اليمن عبد الملك الحوثي، كأن هذا المتطرف القابع في صفوف المعارضة الإسرائيلية، لأسباب تتصل بخلافات شخصية مع رئيس حكومة الاحتلال بيبي نتنياهو، يعيش أزمة أمنية ثقيلة تقض مضاجع المؤسسة الأمنية في كيانه، في أوج الصدمة مما فعله الحوثي بهذا الكيان وهو يطبق على أنفاسه البحرية الجنوبية.

يتناسى هذا المتطرف ليبرمان أن التحالف السعودي الإماراتي في حربه الطويلة على اليمن، وهو تحالف مدعوم لوجستياً من قوى الشر العالمي في أميركا وبريطانيا و”إسرائيل”، عجز طوال هذه الحرب عن لمس قدم الحوثي، فضلاً عن أن يغتاله.

ولكن قادة الكيان الإسرائيلي، وفي غمرة الشعور المتعاظم بالكبر بعد اغتيال الشيخ صالح العاروري وبعض قادة حرس الثورة الإيراني وغيرهم من قادة المقاومة، باتوا يظنون أن بإمكانهم اغتيال أي قائد يشاؤون، وهم الذين فشلوا في محاولات لا تحصى لاغتيال قادة عديدين، مثل محمد ضيف وأكرم العجوري، ناهيك بالقدرة على اغتيال غيرهم ممن يتمنون أن تنشق الأرض وتبتلعهم، والقائد يحيى السنوار مثال بارز الآن على الفشل الإسرائيلي المتجدد.

رمزية الشعور الإسرائيلي العاجز تجاه السيد عبد الملك الحوثي لها ما يبررها، وهو الذي يقود أجرأ عملية بحرية في العصر الحديث ضمن معادلة داخلية معقدة، ما زال فيها الجار السعودي معتدياً، وخلفه عدد غير قليل من المرتزقة في الداخل، في واقع يفتقد الشرعية الدولية الحقيقية، فنظام عدن متهالك رغم شرعيته الرسمية، فيما حكم صنعاء فتيّ قويّ، ولكنه يتعرض للعدوان الأميركي البريطاني اليومي منذ عدة أسابيع.

هنا، يجد الإسرائيلي الرسمي نفسه في مأزق مركب، رغم تهديدات سابقة لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بتوجيه السفن الحربية الإسرائيلية ساعر لقصف اليمن، وهو ما تكفَّلت به أميركا منذ أن أطلق وزير الحرب الأميركي أوستن حملة “حارس الازدهار” من تل أبيب لمواجهة اليمن في حصاره البحري المطبق على جنوب الكيان عبر نافذة إيلات الحيوية.

هذا المأزق الإسرائيلي المكشوف دفع المعارضة الإسرائيلية ممثلة بزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” ليبرمان إلى المزايدة في قضية بالغة الحساسية، وهو الذي شغل عدة مناصب، منها وزير الخارجية والمالية، وحتى وزير الحرب لمدة عامين، رغم أنه بدأ حياته عاملاً في ملهى ليلي، ولكنه لطالما أدى في عدة جولات انتخابية دور بيضة القبان، وأطلق عليه أحياناً صانع الملوك، عندما حصل حزبه على بضعة مقاعد كنيست جعلته يلعب على وتر الكتل اليمينية الرئيسة.

ونظراً إلى طول فترة نشاط ليبرمان السياسي، فهو يعي حساسية التلويح باغتيال الحوثي في ظل الأزمة الراهنة التي تعصف بكيانه، فـ”إسرائيل” التي تعتدي على سوريا، وربما وجّهت عدة اعتداءات داخل إيران، ما زالت حتى الآن في طور الصدمة تجاه هذا العدو اليمني الجديد المتعاظم، وهو الذي لم تحسب له حساباً يناسب مدى خطورته، رغم أنها عند سيطرة أنصار الله على صنعاء حذرت من مخاطر الفكر الثوري الذي يحمله أنصار الله، وخصوصاً على مضيق باب المندب الاستراتيجي، لكن هذا التحذير ظل في إطار نظري مع التصدي السعودي عبر تحالف عربي دولي لاحتواء هذا الخطر.

لا يعي ليبرمان وغيره ممن يطلقون الشعارات الرنانة أن التصدي الإسرائيلي المباشر للقوة اليمنية الزاحفة سيدفع أنصار الله، ومعها القوات المسلحة اليمنية، ربما لغزو إيلات عبر مئات القوارب السريعة أو من خلال وسائل بحرية وجوية لم تدخل ميدان المعركة حتى الآن، في ظل فاعلية الحصار اليمني للبحرين الأحمر والعربي في مواجهة “إسرائيل”، مع فشل البحرية الأميركية ومعها عدة بحريات دولية في فك هذا الحصار.

دخلت صنعاء معركة طوفان الأقصى، وهي البعيدة جغرافياً عن فلسطين، ضمن رؤيتها العقائدية والفكرية باعتبار فلسطين قضية الأمة المركزية، وقدمت قسطاً يفوق عملية الإسناد لغزة في حربها المصيرية، نظراً إلى نجاحها المبهر في القبض على شريان البحر الحيوي، وتصديها غير المتردد للبحرية الأميركية، وهي هنا تتحرك وفق متطلب ميدان محور المقاومة، فكيف إذا تجرأت “إسرائيل” على التورط في قتال مباشر معها أو محاولة اغتيال رمزها وقائد ثورتها السيد عبد الملك الحوثي؟

يعكس المزاج الأمني السياسي لهذا المتطرف ليبرمان مجمل مأزق الكيان الإسرائيلي الذي يجد نفسه اليوم يعوم وسط تناقضات استراتيجية، عبّر عنها وزير الحرب غالانت وهو يتحدث عن تفكيك كتائب خان يونس، وأن السنوار فقد آليات ضبط هذه الكتائب، ولكنه يعود ليشير إلى أن معركة غزة البرية أعقد مواجهة في العصر الحديث، رغم أن أرضها مجرد شريط رملي ساحلي ضيق، فكيف بالحال مع جبال اليمن الشاهقة وأرضها الفسيحة وممراتها البحرية وقدراتها العسكرية المتنامية التي تم بناؤها تحت الغارات الجوية اليومية طوال سنوات؟

معركة اليمن نصرة لمظلومية الشعب الفلسطيني، والتي تلخّصها بيانات العميد يحيى سريع، موجزة الكلمات عظيمة التضحيات بالغة الأثر، والتي اكتسبت زخماً شعبياً داخلياً وإلهاماً عربياً وإسلامياً، في ظل إعجاب شعبي عالمي منقطع النظير، حتى من قبل بعض الدول الأفريقية، تجعل القوات اليمنية تتحرق شوقاً لتلتحم مباشرة مع الكيان العبري، حتى في مواجهة عمليات أمنية كتلك التي تمناها ليبرمان، وهو ما سيحفّز العقل اليمني لابتكار ميدان مواجهة أمنية عابرة للحدود، وقد أخرجه الطوفان من معاقله الجبلية، ليبحر بعيداً مما يناسب مشروعه النهضوي القرآني.

*محمد جرادات – باحث فلسطيني

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: وزیر الحرب

إقرأ أيضاً:

العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله

 

ارتكب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدّو العالم كله، خطيئته العسكرية، أو خطأه العسكري الأوّل، بشنّ حرب عدوانية على اليمن. فقد أخطأ ترامب، من حيث لا يدري، أنه ذهب إلى الحرب ضد شعب اليمن، الذي طالما هزم دولاً كبرى، معتمداً على عدالة قضيته (تعرّضه للعدوان العسكري)، ومستنداً إلى مناعة جباله، وشدة شكيمة شعبه وإيمانه، وحساسية موقعه الاستراتيجي، ولا سيما سيطرته على باب المندب، من جهة، ووجوده الخليجي، في العصر الراهن، المؤثّر في الاقتصاد العالمي، في حالة تهديده لإنتاج النفط، أو خطوط نقله، من جهة أخرى.

فإلى جانب دروس التاريخ المتعدّدة، في مناعة اليمن على السيطرة العسكرية والاحتلال، ثمة تجربة الحرب الأخيرة، التي لم تحقّق انتصاراً، من خلال القصف الكثيف، لسنوات كذلك. أي إن تهديد ترامب، بالتدخل العسكري البرّي، سيواجَه، يقيناً بالصمود، وبمقاومة قاسية، تنتظره حيثما حلّ أو تحرّك.

إذا كان العدوان العسكري الذي شنّه ترامب في 15 /3 /2025، مصيره الفشل، ما لم يتدحرج إلى حرب إقليمية أوسع (هذه لها حساب آخر) في احتمالات الفشل أيضاً، فإن ترامب يكون قد ذهب إلى الاختبار الأقسى لاستراتيجيته التي لم تترك دولة، أو قوّة، في العالم، إلّا عادتها، بشكل أو بآخر، ولا سيما بالتهديد والوعيد، أو بالحرب الاقتصادية، من خلال العقوبات، أو رفع الجمارك، كجزء من الحرب الاقتصادية، والضغوط، بما هو دون استخدام القوّة العسكرية، التي تبقى كمسدس، تحت طاولة المفاوضات.

في الواقع، إن ما يُهدّد به ترامب، في شنّه الحرب على اليمن، لا يمكن اعتباره جديداً، لأن إدارة بايدن وبريطانيا، مارستا القصف الجوّي، والتهديد، من قبل، ولكن من دون نجاح، أو تحقيق هدف العدوان العسكري الجويّ، في التأثير على قدرات اليمن الصاروخية، أو استراتيجيته، المساندة، حتى المشاركة، للمقاومة في قطاع غزة. بل وصل الأمر، بعد كل ذلك، وبعد تهديدات ترامب، إلى توسّع اليمن في دعم المقاومة والشعب في قطاع غزة، ردّاً على سياسات التجويع، ووقف المساعدات الإنسانية. أي الانتقال إلى درجة أعلى وأقوى، في الوقوف اليمنيّ، إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة.

على أن التأكيد أعلاه، على فشل ترامب، في مغامرته العسكرية العدوانية ضد اليمن، لا يعني أن أحداً في اليمن، يمكنه أن يقف متفرجاً، أو شامتاً، وإنما يجب أن يتّحد اليمن كلّه خلف قيادة أنصار الله. بل يجب على الدول العربية، والشعوب العربية، والدول الإسلامية، والشعوب الإسلامية، وكل أحرار العالم، أن يرفعوا الصوت عالياً، ضدّ ترامب وعدوانه، وأن يقفوا، وفي المقدّمة الشعب الفلسطيني وفي طليعته المقاومة والشعب في غزة، إلى جانب اليمن الفلسطيني العربي المسلم، الحرّ الشجاع، القدوة والنموذج.

* كاتب وسياسي فلسطيني

 

مقالات مشابهة

  • الحوثي: 22 غارة أمريكية على صنعاء وصعدة شمال اليمن
  • الذكاء الاصطناعي واغتيال الخيال
  • مليشيا الحوثي تفجر الوضع عسكريا جنوب اليمن ..مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية ومليشيا الحوثي ‫
  • العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله
  • موقفٌ جديدٌ من الحوثي بشأن العمليات العسكرية ضد “إسرائيل”
  • أُطلق من اليمن..الجيش الإسرائيلي يُعلن إسقاط صاروخ
  • الحوثي تقصف إسرائيل صبيحة العيد.. وتشتبك مع حاملة طائرات أمريكية
  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً قادماً من اليمن
  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا باليستيا أُطلق من اليمن
  • ليبرمان: 41% من جنود الاحتياط تم فصلهم أو اضطروا لترك وظائفهم بسبب الحرب