وزيرة التنمية الاجتماعية: منظورنا للحماية الاجتماعية ينبع من جوهر «السياسات الوطنية»
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
ثمن «إعلان الدوحة» الصادر عن الاجتماع رفيع المستوى لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، ضمن أعمال المنتدى العربي للتنمية الاجتماعية متعددة الأبعاد، الذي اختتم أمس، بمبادرة دولة قطر في إطلاق تعهدها العالمي حول «حماية منظومة الأسرة من التغيرات الأمنية والاجتماعية والفكرية المؤدية لإضعاف بنية الأسرة الطبيعية».
وبين الإعلان، الذي جاء بعنوان «تعزيز الحماية الاجتماعية المتكاملة وترسيخ المبادئ والأعراف العربية ذات الصلة بالأسرة»، أن المبادرة القطرية شددت على أن الأسرة الفعالة القائمة على الزواج بين الرجل والمرأة، توفر الضمان الأكيد للرعاية والمساعدة الخاصة التي يستحقها الأطفال، حيث ينبغي أن ينشأ الأطفال في جو من السعادة والمحبة والتفاهم لكي تنمو شخصيتهم نموا كاملا ومتناغما، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ السياسات والتدابير الرامية إلى دعم وحماية الأسرة بمكوناتها الطبيعية.
وأشاد «إعلان الدوحة» بجهود دولة قطر ومبادرتها بتنظيم هذا الاجتماع المهم، الذي جاء انطلاقا من سجلها الثري في ميادين دعم جهود الأسرة الراسخة، منوها بجهودها في تيسير المفاوضات باسم مجموعة الـ 77 والصين لدى الأمم المتحدة، التي أدت إلى اعتماد اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 76 للأعمال التحضيرية للذكرى العشرين للسنة الدولية للأسرة، والاحتفال المقرر لها خلال العام الجاري.
وأثنى الإعلان على الجهود الإقليمية والعالمية، التي يقودها عدد من الدول الصديقة وفي مقدمتها سنغافورة وتركيا وهنغاريا، وغيرها من الدول والتجمعات الصديقة التي تشاطر إقليمنا العربي في ضرورة الحفاظ على الأسرة والتمسك بقيمها الراسخة المبنية على الفطرة الإنسانية السوية.
ودعا «إعلان الدوحة» الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إلى اقتراح آلية وزارية في إطار مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، لمتابعة تنفيذ متطلبات هذا الإعلان، بالتنسيق مع أجهزة جامعة الدول العربية ذات الصلة، وبالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة والدول والمنظمات والمجموعات الإقليمية والجهوية الصديقة، وبما يحقق أهداف وتوجهات هذا الإعلان، الرامية في مجملها إلى تعزيز الحماية الاجتماعية المتكاملة، والحفاظ على المبادئ والأعراف العربية الراسخة ذات الصلة بالأسرة. وجدد الإعلان التأكيد على «تعهد الدوحة»، الذي وقعه أصحاب السعادة وزراء التنمية الاجتماعية والأسرة العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، الذي يأتي امتدادا لجهود دولة قطر في ترسيخ مبادئ وهوية الأسرة العربية وحمايتها من المخاطر التي تهدد وحدتها وتماسكها، ومواجهة المحاولات الرامية لتغيير المبادئ والأعراف الإنسانية الطبيعية.
استراتيجيات تتواءم مع «العالمية»
وأكدت سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة، أن منظور دولة قطر للحماية الاجتماعية ينبع بالأساس من جوهر حوكمة السياسات الوطنية، التي تضع نصب أعينها إدراك رؤيتها الوطنية 2030، وما تتضمنه من استراتيجيات متوائمة تترابط فيها مع أهداف التنمية العالمية المستدامة، ما يتيح للمواطنين ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ويضمن مشاركتهم في تطوير المجتمع.
وقالت سعادتها، خلال الاجتماع عالي المستوى لتعزيز الحماية الاجتماعية المتكاملة وترسيخ المبادئ والأعراف العربية ذات الصلة بالأسرة، الذي انعقد على هامش أعمال اليوم الثاني من المنتدى العربي رفيع المستوى للتنمية الاجتماعية متعددة الأبعاد: «إن استراتيجياتنا الوطنية شملت تنفيذ سياسات وبرامج اجتماعية في خمسة قطاعات استراتيجية منها: التماسك الأسري، وتمكين المرأة، والحماية الاجتماعية التي تحتل سلما متقدما في سلم الأولويات التنموية للجميع»، مبرزة أن السياسة السكانية للدولة راعت تحقيق التوازن بين النمو السكاني ومتطلبات التنمية المستدامة، بما يرتقي بقدرات السكان الإنتاجية ويوسع خياراتهم، ويرفع مستويات مشاركتهم في تقدم المجتمع القطري ورفعته.
وحول حماية وتعزيز حقوق المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، أشارت سعادة وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة إلى أنه قد أنشئ عدد من الآليات لرصد وتشخيص الأدوار وتكاملها في الدولة، كما منحت اختصاصات وصلاحيات واسعة لحماية وتعزيز حقوق هذه الفئات من ضمنها: رصد أوضاعهم، واقتراح السبل اللازمة لتعزيز ومتابعة تحقيق الأهداف الواردة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية، التي أصبحت دولة قطر طرفا فيها، من خلال دراسة التشريعات المتعلقة بهم، واقتراح تعديلها لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، لافتة إلى اعتماد قطر على زيادة وفاعلية رأس المال الاجتماعي في السبيل نحو مضاعفة نطاق خدمات مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، وتعزيز وتفعيل العمل الاجتماعي التطوعي والمشاركة المجتمعية، عبر زيادة عدد مؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة».
الأسرة محور الحماية
وأوضحت سعادتها إيمان قطر إيمانا راسخا من منطلقاتها الشرعية والدستورية والقانونية، بأن منظومة الحماية الاجتماعية الوطنية تدور حول أركان مساحة جوهرية في المجتمع، تمثلها الأسرة الراسخة، مبينة أن الأسرة الراسخة تعد هدفا تمضي نحوه كل مسارات الحماية الاجتماعية الوطنية، حيث قالت في هذا السياق: «إذ نؤمن بأن افتقار مجتمعنا لنواته الأهم، الأسرة، يفقد منظومة الحماية الاجتماعية صوابها وأهدافها»، موضحة أن كل عنصر من عناصر المجتمع سواء كان امرأة أو فتاة أو طفلا أو كبير سن أو معاقا، لن تجدي أي وسائل للحماية معه إن لم تكن هناك أسرة راسخة ينتمي لها، تتعهده جسديا ونفسيا، وترعاه وتحميه وتصونه وتعلمه طرق التعامل مع المجتمع.
كما نوهت سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند إلى أنه انطلاقا من هذه الرؤية، بادرت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة للتوجه نحو عناصر القيمة المضافة المساعدة في تعضيد أسس الأسرة، وإعانتها على صد هجمات التغريب الآتية من كل الاتجاهات بهدف تفكيك نسيجها وإحلال قيم جديدة ترى في الفردية حلولا، تحت شعارات مختلفة تصطبغ بمناحي أيديولوجية هدامة ومنتجة لكل آفات المجتمعات، منها ما هو مدرك اليوم وتمثله نسب الطلاق المتنامية، ومنه ما هو آت في الطريق مولدا ظواهر الجنوح نحو الجريمة المنظمة والإرهاب والمخدرات والانفلات القيمي، وفقدان بوصلة الأصالة والهوية، مشيرة إلى طرح الوزارة مبادرة ميثاق الأسرة الراسخة، وهي جرس وعي في متاهة العولمة والتغريب.
توعية بميثاق الأسرة
وأشارت سعادتها إلى أنه قد تم تدشين هذه المبادرة قبل أيام قليلة، وسيتنقل الميثاق في مواقع مختلفة من دولة قطر للتوعية بقيمه، وتشجيع المجتمع من قطريين ومقيمين للتوقيع عليه، ليكون منهجا ومنارة ملهمة، لإعادة التذكير بالتماسك الأسري وتقوية الوازع الديني والقيمي لدى الأفراد، لافتة إلى أنه مع تأثير الثقافات المعولمة الجديدة على الأسرة، تولدت أنماط جديدة تؤثر سلبا على قوة ودور وأهمية مؤسسة الزواج والأسرة، فضلا عن أن العولمة تعزز أسلوب الحياة الغربي الذي يتميز بالفردية والاستهلاكية والمادية. وبينت سعادة وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة، خلال الاجتماع، أن عام 2024 يصادف الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حيث يتطلع المؤتمر الدولي للاحتفال بالذكرى الثلاثين للأسرة المقرر عقده في الدوحة خلال شهر أكتوبر المقبل، ليسلط الضوء على الأهمية الحيوية التي توليها دولة قطر للأسرة، والتزامها الثابت في تعزيز الرفاه الاجتماعي القائم على الأسرة، وترسخ فيه أهمية معالجة الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على الأسرة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر إعلان الدوحة وزراء الشؤون الاجتماعية العرب مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية المنتدى العربي للتنمية الاجتماعية التنمیة الاجتماعیة والأسرة وزیرة التنمیة الاجتماعیة الحمایة الاجتماعیة على الأسرة ذات الصلة دولة قطر إلى أنه
إقرأ أيضاً:
ندوة عن الاتجاهات العالمية الجديدة لنظم الحماية الاجتماعية المرنة بمعهد التخطيط القومي
عقد معهد التخطيط القومي أولى حلقات سلسة المحاضرات المتميزة للعام الأكاديمي 2024/2025 حول "الاتجاهات العالمية الجديدة لنظم الحماية الاجتماعية المرنة"، ألقتها ناتاليا ويندر روسي، ممثلة منظمة يونيسف في مصر، وأدار الحلقة الدكتور خالد زكريا، مدير مركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومي، بحضور الدكتور أشرف العربي، رئيس المعهد، والدكتور أشرف صلاح الدين، نائب رئيس المعهد لشؤون التدريب والاستشارات وخدمة المجتمع، والدكتور خالد عطية، نائب رئيس المعهد لشؤون البحوث والدراسات العليا، ونخبة من الخبراء والباحثين والمهتمين بهذا الشأن.
في مستهل الحلقة، أشار الدكتور خالد زكريا إلى أن المحاضرة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية تطوير نظم حماية اجتماعية شاملة، مع التركيز على رفاهية الأطفال والحد من الفقر باعتبارهما المحركين الرئيسيين للرفاه الاجتماعي والاقتصادي، واستعراض التحديات العالمية التي تواجه أنظمة الحماية الاجتماعية، وأبرزها الفجوات التمويلية، لا سيما في الإنفاق الاجتماعي، وضيق الحيز المالي الناجم عن الديون والصراعات وتباطؤ النمو الاقتصادي، والتأكيد على الدور المحوري لليونيسف في جعل الأنظمة المالية تعمل لصالح الأطفال.
وفي سياق متصل، أكدت ناتاليا ويندر روسي أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا جوهريًا في توجهات الحماية الاجتماعية من التوجه الإغاثي، الذي كان يقتصر على مساعدة الفئات الأكثر احتياجًا، إلى التوجه الحقوقي الذي يعتبر الحماية الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من الحق في التنمية، خصوصًا في ظل الأزمات العالمية المتتالية التي أدت إلى التباطؤ الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر، وهو ما يستدعي ضرورة تطوير سياسات حماية اجتماعية تستجيب للصدمات.
وأشارت ممثلة اليونيسف إلى أن الحماية الاجتماعية هي مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف إلى وقاية جميع الناس من الفقر والضعف والإقصاء الاجتماعي أو حمايتهم منه طوال حياتهم، مع التركيز بشكل خاص على الفئات المستضعفة، خاصة في البيئات الهشة والمعرضة للنزاعات، حيث يعيش حوالي 50% من الأطفال الذين يعانون من الفقر المدقع عالميًا. وأكدت على ضرورة دمج الحماية الاجتماعية ضمن استراتيجيات التنمية الشاملة.
ولفتت ناتاليا ويندر روسي إلى أن اليونيسف تدعم أكثر من 150 دولة لتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية واستدامتها على المدى الطويل، في مختلف السياقات القطرية. مشيرة إلى أن أولوياتها الأساسية ترتكز على توسيع نطاق التغطية المتعلقة بإعانات الأطفال الشاملة، وسياسات الدخل والرعاية والدعم، وبناء أنظمة حماية اجتماعية شاملة ومستدامة تمويليًا.
وبشأن التزام اليونيسف بجعل أنظمة التمويل تعمل لصالح الأطفال، أشارت ويندر روسي إلى ضرورة إعادة النظر في مساعي الإدماج الاجتماعي، بما يعزز كفاءة وشفافية وإنصاف الإنفاق والاستثمار الاجتماعي الحالي. كما أكدت على أهمية العمل على توفير خيارات تمويل جديدة، مثل المساعدة الإنمائية الرسمية، وتخفيف أعباء الديون، والتمويل المختلط، والدعم المباشر للحكومات، إضافة إلى الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية.