بول كروغمان: لماذا يجب علينا تسييس المناخ؟
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
يقول الكاتب الأميركي بول كروغمان في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) إن السياسات الأميركية حول المناخ ربما لا تكون من الناحية العملية قضية مركزية في الحملات الانتخابية لعام 2024، لكن على الأميركيين أن يدركوا أنها من أهم القضايا التي يجب أن يصوّتوا عليها.
وأضاف كروغمان، الحائز على جائزة نوبل التذكارية لعام 2008 في العلوم الاقتصادية لعمله في التجارة الدولية والجغرافيا الاقتصادية، "يجب علينا تسييس المناخ، لأننا أصبحنا نعيش في زمن تتسارع فيه الكوارث المتعلقة به".
وأوضح أنه في ظل مناظرة سياسية أكثر عقلانية، ستكون قضية المناخ أكبر قضية انتخابية للجميع، رغم التطرف البيئي للحزب الجمهوري الأكثر عداء للعمل المناخي من أي حزب سياسي رئيسي آخر في العالم المتقدم.
ما شاهدناه من كوارث مجرد مقدمات
واستعرض كروغمان الكوارث المرتبطة بالمناخ هذا العام، رغم أننا لا نزال في منتصف العام، وتطرق إلى الجدل حول ارتباط هذه الكوارث بتغيّر المناخ، قائلا رغم أنه من الصعب إثبات علاقة بين الاثنين، يبدو من الآمن أن نقول إن هذا التسلسل العالمي لأحداث الطقس المتطرفة كان مستحيلا تصوره دون تغير المناخ، ومن شبه المؤكد أن ما شاهدناه من كوارث هو مجرد مقدمة للأزمة، وهي صغيرة مقارنة بالكوارث العديدة المقبلة.
وقال إنه لا يجب أن يكون القلق بشأن أزمة المناخ قضية حزبية، لكنها كذلك، على الأقل في أميركا، واعتبارا من العام الماضي، كان 22% فقط من الأميركيين المنتمين لليمين السياسي يعتبرون أن تغير المناخ يشكل تهديدا كبيرا، وكانت الفجوة بين اليسار واليمين في أميركا أكبر بكثير مما هي عليه في البلدان الأخرى جميعها. وفي أميركا فقط يمكن مشاهدة قوة سياسية مثل الجمهوريين في ولاية تكساس تحاول بنشاط تقويض قطاع الطاقة المتجددة المزدهر في الولاية.
الحجج حول المناخ لم تتغيروأشار إلى أن الشيء اللافت للنظر هو أن الحجج حول ارتباط أو عدم ارتباط الكوارث بالتغيّر المناخي لم تتغير على مر السنين، ولم يتم التخلي عن أي حجة في وجه الأدلة، ولن يتم، ولا ينبغي أن نتوقع من الجمهوريين أن يخففوا من معارضتهم للعمل المناخي، بغض النظر عما يحدث في العالم.
ونبه الكاتب إلى أنه إذا سيطر الجمهوريون في أميركا على البيت الأبيض والكونغرس العام المقبل، فمن المؤكد أنهم سيحاولون تفكيك مجموعة دعم الطاقة الخضراء التي سنتها إدارة الرئيس جو بايدن، والتي يعتقد الخبراء أنها ستؤدي إلى خفض كبير في الانبعاثات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أمیرکا
إقرأ أيضاً:
تغير المناخ يهدد إنتاج القهوة.. هل يقدم جنوب السودان حلا؟
مع ارتفاع درجات الحرارة التي تضرب إنتاج القهوة عالميا، تبرز دولة جنوب السودان وجهة جديدة وواعدة لزراعة البن، لا سيما صنف إكسيلسا، المعروف بقدرته على تحمل الجفاف وتغير المناخ مقارنة بمحاصيل أخرى، مما يمنح المزارعين أملا بمستقبل أفضل بعد سنوات من الفقر.
واكتُشفت قهوة إكسيلسا منذ أكثر من قرن في جنوب السودان، وهي تثير اهتمام السكان الذين يعانون من ضائقة مالية، وتجذب اهتمام المجتمع الدولي وسط أزمة البن العالمية الناجمة عن تغير المناخ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما بصمتنا الكربونية وكيف نخفف من أثرها؟list 2 of 2"عائدون إلى البلاستيك".. لماذا يلاحق ترامب المصاصات الورقية؟end of listوبينما تسعى الدول الرائدة في إنتاج البن، مثل البرازيل وكولومبيا لتجربة زراعة المحاصيل في طقس أكثر جفافا، ارتفعت أسعار القهوة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، مع الإشارة إلى أن الصناعة تكافح لإيجاد حلول وبدائل.
وتشير التقديرات إلى أن محصول البن في البرازيل التي ضربها الجفاف، وتعد من أكبر مزارع القهوة في العالم، قد ينخفض بنحو 12% هذا العام بعد تسجيل انخفاض في الأعوام السابقة.
وتنمو شجرة إكسيلسا في جنوب السودان وعدد قليل من البلدان الأفريقية الأخرى، بما فيها الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا، كما تُزرع أيضا في الهند وإندونيسيا وفيتنام.
إعلانوتسمح جذور الشجرة العميقة وأوراقها الجلدية السميكة وجذعها الكبير بالازدهار في ظروف قاسية، مثل الجفاف والحرارة، حيث لا تستطيع أنواع القهوة الأخرى ذلك، فضلا عن أنها مقاومة للعديد من آفات وأمراض القهوة الشائعة.
لكنها رغم ذلك تشكل أقل من 1% من السوق العالمية، متأخرة كثيرا عن أنواع أرابيكا وروبوستا التي تعد أكثر أنواع القهوة استهلاكا في العالم.
ويقول الخبراء، إن إكسيلسا يجب أن تثبت أنها عملية على نطاق أوسع بكثير لسد الفجوة في السوق الناجمة عن تغير المناخ، إذ لم يعرف جنوب السودان أبدا بأنه دولة منتجة للقهوة.
فرصة للاقتصادورغم أنه يمكن لجنوب السودان أن تنتج محصولا بديلا من محاصيل القهوة التي تأثرت بشدة بفعل تغير المناخ، إلا أن سنوات الصراع في البلاد جعلت صناعة وزراعة البن متأخرة جدا.
وأكدت شركة إيكواتوريا تيك، وهي شركة زراعة غابات مستدامة تعمل في جنوب السودان -لأسوشيتد برس- أن أشجار إكسيلسا قادرة على تحمل الحرارة أفضل بكثير من الأنواع الأخرى، لكن المعلومات عنها لا تزال شحيحة لتراجع زراعتها نتيجة الحروب في السنوات الماضية.
وأوضحت الشركة أنها تعمل مع المجتمعات المحلية لإحياء صناعة القهوة وزيادة الإنتاج، بما يشمل تقديم الشتلات والدورات التدريبية للمزارعين الذين يعني لهم ذلك فرصة انتشالهم من الفقر.
وبدأت العديد من الأشجار في إنتاج البن لأول مرة هذا العام، وتأمل الشركة في تصدير الدفعة الأولى التي تبلغ نحو 7 أطنان إلى المتاجر المتخصصة في أوروبا، وفق الشركة.
وبحلول عام 2027، يمكن أن تضخ إكسيلسا نحو 2 مليون دولار في اقتصاد جنوب السودان، مع اهتمام المشترين الكبار مثل نسبرسو بها.
لكن الإنتاج يحتاج إلى مضاعفته 3 مرات حتى يكون الأمر يستحق الاستثمار من قبل المشترين الكبار، كما قالت شركة إيكواتوريا تيك.
كما أن الافتقار إلى البنية التحتية وانعدام الأمن في جنوب السودان يجعل من الصعب تصدير القهوة التي تمثل للمزارعين فرصة كبيرة.
إعلانإذ يجب أن تقطع شاحنة واحدة محملة بـ 30 طنا من القهوة نحو 3 آلاف كيلومتر من جنوب السودان للوصول إلى الميناء في كينيا لشحنها.
وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى من تلك الرحلة، عبر أوغندا، أكثر من 7500 دولار، وهو ما يصل إلى خمسة أضعاف التكلفة في الدول المجاورة.
فعلى الرغم من اتفاق السلام في عام 2018 الذي أنهى حربا أهلية استمرت 5 سنوات، إلا أن القتال لا يزال متواصلا في بعض الأماكن بالبلاد، منها التي تُزرع بها أشجار إكسيلسا.
وقالت وزيرة الزراعة والغابات والبيئة في جنوب السودان أليسون برنابا -لأسوشيتد برس- إن الحكومة وضعت خططا لإعادة تأهيل مزارع البن القديمة وبناء مدرسة زراعية، لكنها لا تعلم من أين يمكن أن تمول ذلك، إذ لم تدفع جنوب السودان رواتب موظفيها المدنيين منذ أكثر من عام.
كما أن زراعة البن ليست أمرا سهلا دائما. إذ يتعين على المزارعين التعامل مع الحرائق التي تنتشر بسرعة في موسم الجفاف وتدمر محاصيلهم، لا سيما أن الصيادين يستخدمون الحرائق لتخويف الحيوانات ويستخدمها السكان لتطهير الأراضي للزراعة أيضا، في ظل انعدام محاسبة المتسببين بالحرائق.
ورغم الصعوبات التي تواجه زراعة البن في جنوب السودان، يرى السكان إكسيلسا فرصة لمستقبل أفضل.
ويرى سكان جنوب السودان -وفق مقابلات أجرتها أسوشيتد برس- أن أشجار البن هي فرصة للمجتمع ليصبح أكثر استقلالية ماليا، في ظل اعتماد الناس على الحكومة أو المساعدات الأجنبية التي يعني غيابها عدم القدرة على توفير حاجيات الأسر.
ولكي تزدهر القهوة في جنوب السودان، يقول السكان، إنه يجب أن تكون هناك عقلية طويلة الأجل، وهذا يتطلب الاستقرار.