10 أصوات يصدرها الجسم قد تستدعي زيارة الطبيب
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
إنجلترا – يصدر الجسم بين الحين والآخر بعض الأصوات الغريبة التي لا يمكن التحكم فيها، مثل الصرير أو فرقعة الأصابع، وهو أمر لا يدعو للقلق عادة.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن الأصوات اللاإرادية التي يصدرها جسمك قد تكون في بعض الأحيان علامة على وجود مشكلة ما، ولذلك سيكون من المفيد معرفة سبب تلك الأصوات المقلقة، ومتى يتطلب الأمر زيارة الطبيب.
1. قرقرة البطن
إذا أصدرت معدتك صوت قرقرة عاليا، فعادة ما تفترض أن ذلك بسبب الجوع. لكن معدتك قد تصدر هذه الأصوات أيضا بعد تناول الطعام، ما يشير إلى أن المعدة والأمعاء تدفع السوائل والطعام عبر الجهاز الهضمي، وفقا لما ذكرته جامعة هارفارد هيلث.
ولكن إذا كان هذا الصوت مصحوبا بألم أو تورم أو حمى، فقد يعني هذا أنك تعاني من عدوى في المعدة أو مشكلة أخرى تتطلب مراجعة الطبيب.
2. اللهاث في الليل
يعد الشخير مشكلة ليلية شائعة جدا ولا يكون عادة علامة على وجود شيء خطير. ولكن إذا استيقظت وأنت تلهث، أو شعر شريكك بالقلق من أن تنفسك يبدو وكأنه يتوقف أثناء النوم، فربما أنت تعاني من حالة تسمى انقطاع النفس النومي.
وإذا كنت تشعر بأعراض مثل التعب الشديد طوال اليوم على الرغم من حصولك على قدر كبير من الراحة، وصعوبة في التركيز والاستيقاظ مع شعور بالصداع، فأنت بحاجة إلى التحدث إلى الطبيب العام، حيث يمكن أن يكون انقطاع النفس النومي خطيرا ويزيد من احتمالية الإصابة بحالات مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والاكتئاب وحتى الإصابة بالسكتة الدماغية.
3. فرقعة الكاحلين والركبتين
قال ديفيد جير، مدير الطب الرياضي في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية، إن فرقعة وطقطقة الركبتين والكاحلين يمكن أن يكون نتيجة لطقطقة الأوتار فوق المفاصل، أو تحولات في السوائل التي تفرقع فقاعات الغاز، أو تحرك المفاصل خارج مسارها. وينصح بمراجعة الطبيب إذا شعرت بأي ألم أو تورم أو انقباض مصاحب لهذه الأصوات، أو إذا شعرت بعدم القدرة على ممارسة الرياضة.
4. صفير الأنف
عادة ما يعني إصدار الأنف صفيرا عند التنفس أنك مصاب بالزكام أو أن أنفك مسدود، حيث يضيّق المخاط المساحة الموجودة في أنفك ويتحرك الهواء من خلالها.
ولكن إذا بدأ هذا الصوت بعد الإصابة أو إدخال الإصبع بقوة في الأنف، فقد يكون هذا مؤشرا على وجود ثقب في الحاجز الأنفي، وهو ثقب في الجدار بين الممرات الأنفية. وهذا بالتأكيد يتطلب زيارة الطبيب.
5. طقطقة عظم الفك
قال جيمس فان إيس، الأستاذ المساعد في جراحة الفم والوجه والفكين في “مايو كلينك”، إن الطقطقة والفرقعة في عظم الفك قد تعني أن المفصل أو الغضروف في الفك العلوي والسفلي قد يكون خارج المحاذاة. ولا داعي للقلق بشأن ذلك إلا إذا انغلق الفك أو لا يفتح ويغلق بالكامل.
6. طنين في الأذنين
يمكن أن تسمع صوت الرنين أو الصفير أو الطنين في إحدى أذنيك أو كلتيهما بين الحين والآخر، ولكن يجب عليك مراجعة الطبيب إذا كنت تعاني من طنين الأذن بانتظام أو إذا كان الوضع يزداد سوءا أو يؤثر على نومك أو تركيزك ويجعلك تشعر بالقلق.
وقد يكون السبب هو التهاب الأذن أو تراكم الشمع، ولكنه قد يكون أيضا علامة على فقدان السمع.
7. تسمع نبضات قلبك في أذنيك
تنبض قلوبنا باستمرار، ولكن يمكن أن يكون ذلك علامة حمراء إذا بدأت فجأة في سماعها في أذنيك.
وتُسمى هذه الحالة بالطنين النابض، وهي ناجمة عن تغير في تدفق الدم في الأوعية القريبة من أذنيك.
ويمكن أن تحدث زيادة تدفق الدم عند ممارسة التمارين الرياضية بشكل مجهد أو عند الحامل، أو المعاناة من فقر الدم الشديد أو فرط نشاط الغدة الدرقية، وفقا لموقع Tinnitus UK.
وأضاف الموقع أنه في بعض الحالات، قد تكون التغيرات في تدفق الدم ناجمة أيضا عن تصلب الشرايين أو ارتفاع ضغط الدم أو أورام في الرأس والرقبة. ولذلك يوصي الخبراء أي شخص يعاني من طنين الأذن النابض بزيارة الطبيب للتشخيص، لأن الطنين النابض يمكن أن يشير إلى مشكلة صحية خطيرة، مثل السكتة الدماغية.
8. النقر في حلقك
قد يكون صوت النقر الصادر من حلقك علامة على وجود أمراض عصبية تؤثر على التحكم في العضلات، مثل مرض باركنسون.
ويمكن أيضا أن يكون سببه زيادة في غضروف الغدة الدرقية الذي يمكن للطبيب إزالته جراحيا.
ويجب زيارة الطبيب إذا لاحظت أن حلقك ينقر عند البلع، وفقا لمارشال سميث، أستاذ طب الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب بجامعة يوتا.
9. صوت مزعج وقوي في الرأس
هل تفاجأ أحيانا بصوت عال أثناء النوم أو الاستيقاظ؟، هذا قد يعني أن لديك حالة تحمل اسما مثيرا: متلازمة الرأس المنفجر.
ويقول المصابون بهذه الحالة إن الأصوات تبدو مثل انفجارات عنيفة، وتيارات كهربائية، وتصفيق، وألعاب نارية، وبرق، وفقا لمراجعة نُشرت في مجلة Sleep Medicine Reviews.
وتوضح مؤسسة النوم البريطانية أن هذه النوبات المخيفة تميل إلى الاستمرار لثانية أو ثانيتين فقط، وعلى الرغم من أنها قد تتسبب في الحرمان من النوم، إلا أنها لا تضر الصحة من الناحية الفنية.
10. السعال والصفير في نفس الوقت
نعاني جميعا من السعال ونزلات البرد في وقت ما على مدار العام. ولكن إذا لاحظت أنك تصدر صوت صفير أثناء السعال، فقد يعني ذلك أنك مصاب بالربو، وهذا ما يستدعي زيارة الطبيب.
المصدر: ذي صن
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: زیارة الطبیب علامة على على وجود ولکن إذا قد یکون یمکن أن أن یکون
إقرأ أيضاً:
لا حق للدول في الوجود ولكن الحق للشعوب
ترجمة: أحمد شافعي -
في واشنطن التي تغلي اليوم بالتناحر الحزبي، يتفق الديمقراطيون والجمهوريون على هذا الأمر في الأقل: لإسرائيل حق في الوجود. وقد تأكد هذا الحق على لسان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسن وخصمه الديمقراطي زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز وعلى لسان أنطوني بلينكن وزير الخارجية في إدارة بايدن وخلفه الجمهوري ماركو روبيو، وعلى لسان بيت هيجسيث وزير الدفاع الجديد في حكومة ترامب، وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر. وفي عام 2023 أكد مجلس النواب حق إسرائيل في الوجود بتصويت 412 في مقابل 1.
وما بهذه الطريقة يكون حديث ساسة واشنطن بعامة عن البلاد الأخرى. فهم في الغالب يبدأون بحقوق الأفراد، ثم يتساءلون عن نصيب دولة معينة من حسن تمثيل الشعب الذي تسيطر عليه. ولو كانت أمريكا تبالي بحياة من يعيشون في ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، لتبين بوضوح أن التساؤل عن حق إسرائيل في الوجود هو السؤال الخاطئ. وخير منه هذا السؤال: هل تحسن إسرائيل، بما هي دولة يهودية، حماية حقوق جميع الأفراد الخاضعين لسيطرتها؟
والإجابة هي لا.
وتأملوا هذا السيناريو: إذا انفصلت أسكتلندا قانونيا، أو أنهى البريطانيون الحكم الملكي، فلن تصبح الممكلة المتحدة مملكة أو متحدة. وسوف تنتهي بريطانيا التي نعرفها من الوجود، وسوف يقبل روبيو وشومر وزملاؤهما هذا التحول ويرونه شرعيا لاعتقادهم أن الدول ينبغي أن تقوم على رضا المحكومين.
وهذه نقطة يؤكدها الزعماء الأمريكيون قطعيا وهم يتناقشون مع أعداء أمريكا. وهم كثيرا ما يدعون إلى أن تُستبدل بأنظمة الحكم القمعية دول تتحقق فيها الأعراف الديمقراطية الليبرالية على نحو أفضل. في عام 2017، ذهب جون بولتن ـ الذي أصبح لاحقا في إدارة ترامب الأولى مستشارا للأمن الوطني ـ إلى أن «سياسة الولايات المتحدة المعلنة ينبغي أن تطيح بنظام الملالي في طهران». وفي 2020، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو جمهورية الصين الشعبية بأنها «نظام حكم ماركسي لينيني» وبأنها «ّذات أيديولوجية استبدادية مفلسة». وحثَّ كلا المسؤولين الأمريكيين كلا البلدين لا على استبدال قائد بقائد وحسب، وإنما على تغيير نظاميهما السياسيين، وذلك يعني في جوهره إقامة الدولة من جديد. فيكون معنى ذلك في حالة جمهورية الصين الشعبية ـ الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعي، أو في حالة جمهورية إيران الإسلامية التي تتبع حكما إسلاميا، تغيير اسم البلد الرسمي نفسه على الأرجح.
في 2020، أعلن الوزير بومبيو في خطبة له أن مؤسسي أمريكا كانوا يؤمنون بأن «الحكم يوجد لا لتقليص حقوق الأفراد أو إلغائها وفق أهواء من يتولون السلطة، وإنما يوجد الحكم لضمان هذه الحقوق. فهل يكون للدول التي تنكر على الأفراد حقوقهم «حق وجود» بالشكل الراهن؟ ما يوحي به كلام الوزير بومبيو أن هذا الحق لا يكون لها.
ماذا لو تكلمنا عن إسرائيل بمثل تلك الطريقة؟ قرابة نصف البشر الخاضعين لسيطرة إسرائيل فلسطينيون. وليس بوسع أكثرهم ـ من المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة ـ أن يصبحوا مواطنين في الدولة التي تفرض عليهم سلطة الحياة أو الموت. وقد فرضت إسرائيل هذه السلطة في غزة حتى قبل غزو حماس في السابع من أكتوبر سنة 2023، بل منذ أن سيطرت على المجال الجوي للقطاع، والساحل، والسجل السكاني، وأغلب الممرات البرية، فجعلت من غزة بحسب وصف هيومان رايتس ووتش «سجنا مفتوحا».
وحتى أقلية الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية ـ ويوصفون أحيانا بـ’عرب إسرائيل’ ـ تعوزهم المساواة القانونية. فالصندوق الوطني اليهودي، الذي قصر التزاماته على «اليهود» وأكد أنه لا يعمل «من أجل نفع جميع مواطني الدولة»، فيحوز قرابة نصف مقاعد جهاز الدولة المسؤول عن تخصيص أغلب أرض إسرائيل.
في الشهر الماضي، وعد الوزير بلينكن بأن الولايات المتحدة سوف تساعد السوريين على إقامة دولة «احتوائية غير طائفية». بينما إسرائيل الموجودة اليوم فعليا فاشلة في هذا الاختبار.
ومع ذلك، فبالنسبة لأغلب قادة المجتمع اليهودي الأمريكي المنظم، لا مجال للتفكير في بلد احتوائي غير طائفي في هذه الأرض. ولليهود حق الغضب حينما يدعو القادة الإيرانيون إلى محو إسرائيل عن الخريطة. لكن هناك فارق حاسم بين دولة ينتهي وجودها بغزو من جيرانها لها، ودولة ينتهي وجودها بتبنِّيها شكلا في الحكم أكثر تمثيلا.
ولا يكتفي القادة الأمريكيون اليهود بإصرارهم على حق إسرائيل في الوجود، إنما يصرون على حقها في الوجود بوصفها دولة يهودية، ويتشبثون في فكرة أنها يمكن أن تكون يهودية وديمقراطية معا برغم التناقض الأساسي بين التفوق القانوني لمجموعة عرقية دينية ومبدأ المساواة الديمقراطي في ظل القانون.
إن الإيمان بأن لدولة يهودية قيمةً مطلقة ـ بغض النظر عن أثرها على الشعب الذي يعيش فيها ـ مناقض لطريقة الأمريكيين في الحديث عن البلاد الأخرى. وهو مناقض أيضا للتراث اليهودي الذي لا يرى أن للدول حقوقا، بل ينظر إليها في ارتياب عميق. ففي الإنجيل أن شيوخ الإسرائيليين يطلبون من النبي صمويل أن يجعل لهم ملكا يحكمهم. فيأمر الرب صمويل بأن يحقق للشيوخ رغبتهم على أن يحذرهم من أن حاكمهم سوف يرتكب انتهاكات شنيعة. ويقول لهم صمويل إن «يوما سيأتي فيبكون فيه بسبب الملك الذي اختاروه بأنفسهم».
والمعنى واضح، وهو أن الممالك ـ أو الدول بموجب اللغة المحدثة ـ ليست مقدسة. فإن هي إلا أدوات تحمي الحياة أو تدمرها. ولقد كتب الناقد الاجتماعي الإسرائيلي الأورثوذكسي يشعياهو ليبوفيتز سنة 1975 يقول «إنني أنكر بشدة أن تكون للدولة أي قيمة في ذاتها على الإطلاق». ولم يكن ليبوفيتز أناركيا. وبرغم أنه كان يعد نفسه صهيونيا، فقد أصر أن تحاكَم الدول ـ ومنها الدولة اليهودية ـ بناء على معاملتها للبشر الخاضعين لسيطرتها. فلا حق للدول في الوجود وإنما هذا الحق للشعوب.
يخاطر بعض أعظم أبطال الإنجيل ـ ومنهم موسى ومردخاي وغيرهما ـ بحياتهم إذ يرفضون معاملة الحكام الطغاة بوصفهم آلهة. وبرفضهم عبادة سلطة الدولة، فهم يرفضون الوثنية، وذلك الرفض من ركائز الديانة اليهودية حتى لقد وصفه الحبر يوحنان في التلمود بأنه التعريف الجوهري للمؤمن باليهودية.
غير أن هذا الشكل من الوثنية ـ أي عبادة الدولة ـ يبدو اليوم مستشريا في الحياة اليهودية الأمريكية السائدة. وتبجيل أي كيان سياسي أمر خطير. لكنه يصبح خطيرا بصفة خاصة حينما يخص كيانا يصنف بعض الناس باعتبارهم أرقى أو أدنى قانونيا بناء على انتمائهم القبلي. وحينما تصر أهم الجماعات اليهودية الأمريكية ـ شأن الزعماء الأمريكيين ـ مرارا وتكرارا على أن لإسرائيل حقا في الوجود، فهي تقول عمليا إن إسرائيل لا يمكن أن تأتي بعمل ـ مهما بلغ إيذاؤه للشعب الخاضع لسيطرتها ـ فيستوجب إعادة التفكير في طبيعتها كدولة.
ولقد فعلت ذلك حتى حينما تزايدت انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان بصورة صارخة. فعلى مدار قرابة ستة عشر عاما، منذ أن رجع بنيامين نتنياهو إلى السلطة سنة 2009، خضعت إسرائيل لحكم زعماء يتباهون بمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من تأسيس بلدهم، وإجبارهم بالتالي على الحياة بوصفهم (لامواطنين) على الدوام، بلا أي حقوق أساسية في ظل الحكم الإسرائيلي. في عام 2021، اتهمت جماعة حقوق الإنسان الإسرائيلية الكبرى (بيتسليم) إسرائيل بممارسة الفصل العنصري. وأورد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هجمات للمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية في 2024 تتجاوز هجماتهم في أي عام منذ أن بدأ الرصد قبل قرابة عشرين عاما.
غير أن القادة اليهود الأمريكيين ـ والساسة الأمريكيين ـ مستمرون في إصرارهم على أن التشكيك في شرعية الدولة اليهودية أمر غير مشروع، بل ويندرج في عداد معاداة السامية. وبذلك جعلنا من إسرائيل مذبحا مقدسا. وتحققت مخاوف ليبوفيتز: «عندما تكون أمة وبلد ودولة قيما مطلقة، فأي شيء حينئد يستساغ».
كثيرا ما يقول القادة اليهود الأمريكيون إن وجود دولة يهودية ضروري لحماية حياة اليهود. فلا يمكن أن يأمن اليهود دونما حكم يهودي. وإنني أتفهم ما يجعل كثيرا من اليهود الأمريكيين ـ وهم بصفة عامة يؤمنون أنه لا ينبغي للدول التمييز بناء على الدين أو العرق أو العنصر ـ يستثنون إسرائيل. فذلك ناجم عن آلام تاريخ شعبنا. لكن برغم معاداة السامية العالمية، يبدو أننا معشر يهود الشتات ـ الذين نعلق الأمن على مبدأ المساواة القانونية ـ أشد أمنا من يهود إسرائيل.
وليس هذا من قبيل الصدفة. فالبلاد التي يكون لكل فرد صوت في حكمها تنزع إلى أن تكون أكثر أمنا للجميع. وقد تبين لدراسة أجريت سنة 2020 على مئة وست وأربعين حالة صراع عرقي في العالم منذ الحرب العالمية الثانية أن الجماعات العرقية التي أقصيت من سلطة الدولة كانت أكثر احتمالا بثلاث مرات لأن تحمل السلاح مقارنة بالجماعات الممثلة في الحكم.
ويمكن أن نرى هذه الآلية حتى في إسرائيل نفسها. ففي كل يوم، يضع اليهود الإسرائيليون أنفسهم وهم في أضعف حالاتهم بين أيدي الفلسطينيين، أي على طاولات العمليات. وذلك لأن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يمثلون 20% من أطباء إسرائيل، و30% من ممرضاتها، و60% من صيادلتها.
لماذا يجد اليهود الإسرائيليون أن الفلسطينيين من مواطني إسرائيل أقل خطورة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة؟ يرجع سبب ذلك إلى حد كبير إلى أن الفلسطينيين من مواطني إسرائيل يمكن أن يصوتوا في الانتخابات الإسرائيلية. ولذلك، وبرغم أنهم يواجهون تمييزا شديدا، فإن لديهم على الأقل بعض السبل السلمية والقانونية لإسماع صوتهم. قارنوا ذلك مع الفلسطينيين في غزة، أو في الضفة الغربية، ممن يعدمون سبيلا قانونيا للتأثير على الدولة التي تقصفهم وتسجنهم.
فمن ينكر على شعب حقوقه الأساسية، يعرضه لعنف هائل. وعاجلا أم آجلا، يكون هذه العنف خطرا على الجميع. لقد حدث في عام 1956 أن رأى طف صغير عمره ثلاث سنوات اسمه زياد النخالة جنودا إسرائيليين يقتلون أباه في مدينة خان يونس بقطاع غزة. وبعد قرابة سبعين سنة، يرأس جماعة الجهاد الإسلامي وهي جماعة أصغر من حماس ولكنها تنافسها في التشدد.
وفي السابع من أكتوبر، قتل مقاتلو حماس والجماعة الإسلامية قرابة ألف ومائتي شخص إسرائيلي واختطفوا مائتين وأربعين. وردت إسرائيل على ذلك بمجزرة عبر هجوم على غزة تقدر مجلة لانسيت الطبية البريطانية قتلاه بأكثر من ستين ألفا، ودمرت أغلب مستشفيات القطاع ومدارسه وزراعته. ويمثل دمار غزة دليلا مريعا على فشل إسرائيل في حماية وكرامة جميع البشر الخاضعين لسلطتها.
والفشل في حماية أنفس الفلسطينيين في غزة يمثل في النهاية خطرا على اليهود. ففي هذه الحرب، قتلت إسرائيل في غزة بالفعل أكثر بمائة مرة ممن قتلت في المجزرة التي أودت بحياة والد زياد النخالة. فكم من ولد في الثالثة من العمر الآن سوف يطلب الثأر بعد سبعة عقود من الآن؟
ومثلما حذر عامي أيالون، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) حتى قبل نشوب الحرب الراهنة في غزة بقوله «إننا لو استمررنا في نشر الإذلال واليأس، فسوف تزداد شعبية حماس. وإذا تمكنا من إبعاد حماس عن السلطة، فسوف نواجه القاعدة، وبعد القاعدة داعشا، وبعد داعش ما لا يعلم إلا الله».
ولكن، باسم سلامة اليهود، يبدو أن المنظمات اليهودية الأمريكية تتسامح مع أي شيء تفعله إسرائيل في الفلسطينيين وإن يكن حربا تعتبرها الآن منظمة العفو الدولية إبادة جماعية، شأنها في ذلك شأن عمر بارتوف الباحث البارز في الهولوكوست المولود في إسرائيل. ولكن ما لا يستطيع الزعماء اليهود والسياسيون الأمريكيون أن يقبلوه هو المساواة بين الفلسطينيين واليهود ـ لأن من شأن هذا أن ينتهك حق إسرائيل في الوجود بوصفها دولة يهودية.
بيتر بينارت كتاب الرأي المشاركين نيويورك تايمز وأستاذ في كلية نيومارك للصحافة في جامعة مدينة نيويورك، ومحرر في مجلة (جويش كارنتس)، وكاتب نشرة (بينارت نوتبوك) الأسبوعية.
خدمة نيويورك تايمز