سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على مبادرة إيطاليا فى أفريقيا بشأن إمدادات الطاقة التى تغيرت جذريًا خلال عام، فبعدما كانت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جيورجيا ميلوني، تدعو منذ فترة طويلة إلى فرض حصار بحرى على طول الساحل الأفريقي، وتمتع الملايين من أنصارها بنظريات المؤامرة القومية البيضاء، قامت الآن، بعد مرور أكثر من عام من ولايتها، بتطهير خطابها بشكل جذري.

وقد أعلنت ميلونى فى الأسبوع الماضي، وفى إطار قمة استضافتها روما، أن النهج "الأبوي" الذى تتبناه أوروبا فى التعامل مع أفريقيا قد فشل. ووعدت بأن إيطاليا ستسعى من الآن فصاعدا إلى إقامة تعاون "متبادل المنفعة" "بين متساوين"، خاليا من "افتراضات الماضى المفترسة".

نهج إيطالى جديد.. ماذا تريد؟
وأضافت "الجارديان" قى تحليل للكاتب جيمى ماكاى أن الحكومة الإيطالية تعهدت فى بادرة تجاه هذا النهج الجديد، بتقديم أكثر من ٥.٥ مليار يورو (٤.٧ مليار جنيه إسترليني) لتمويل مبادرات الطاقة والتعليم والرعاية الصحية والزراعة فى المغرب وساحل العاج والجزائر وموزمبيق ومصر وجمهورية الكونغو وأفريقيا، وآخرين.

فى المقابل؛ تأمل ميلونى أن تتخذ الدول الأفريقية إجراءات للمساعدة فى وقف عمليات عبور القوارب غير النظامية فى أجزاء من البحر الأبيض المتوسط، والتى ارتفعت العام الماضى بنحو ٥٠٪ عن عام ٢٠٢٢. وقد وصفت الحكومة القمة بأنها "نجاح كبير" و"الاجتماع الأكثر تاريخية من نوعه منذ ٢٠٠ عام".

هل المقترح مفيد لأفريقيا؟
وذكرت "الجارديان" أن الاستثمار المقترح لا يبدو مفيدًا بشكل خاص لأفريقيا، ففى حين أن التزام إيطاليا بتمويل المدارس ومرافق تنقية المياه أمر مرحب به من حيث المبدأ، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن سياسة مستدامة أصبحت فجأة مطروحة على الطاولة.

وأضافت أنه على العكس من ذلك، عندما نأخذ فى الاعتبار أن هذا الجزء من مبلغ ٥.٥ مليار يورو الموعود قد تم اقتطاعه من الميزانية التى كان من المفترض أن يتم تخصيصها لمشاريع المرونة المناخية، فإن المدفوعات المستقبلية ستقتصر على ٢.٨ مليون يورو سنويًا حتى عام ٢٠٢٦، وأن الشركات الأوروبية يمكنها أن تفعل ذلك.

وقال المحلل جيمى ماكاي: "فى نهاية المطاف، من خلال الاستفادة من المخطط، يبدأ الاستثمار فى الظهور بمظهر أقل شبهًا بتحول تاريخى فى السياسة بقدر ما يبدو وكأنه صفقة غرفة خلفية منظمة على عجل".

وأضاف: "كلما نظرنا أكثر فى تفاصيل "خطة ماتي" التى طرحتها ميلونى (التى سميت على اسم إنريكو ماتي، مؤسس شركة النفط الحكومية إيني)، كلما أصبح من الواضح أن رؤيتها لا تتعلق بالمشاركة فى خلق نماذج جديدة للتعاون العابر للقارات على الإطلاق، ولكن زيادة نفوذ الحكومة الإيطالية على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي".

تودد ميلونى لرئيسة المفوضية الأوروبية
وأوضح: "لعدة أشهر، كانت رئيسة الوزراء تتودد إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فى محاولة لإقناعها بأنها، على الرغم من ماضيها الشعبوي، آمنة وموثوقة. فمن دعمها القوى لحلف شمال الأطلسى إلى انسحابها من مبادرة الحزام والطريق الصينية، عملت ميلونى بلا كلل من أجل مواءمة إيطاليا مع حلفاء الاتحاد الأوروبى بشأن القضايا الاستراتيجية الرئيسية".

وأكد أن قمة هذا الأسبوع كانت جزءًا آخر من هذا الهجوم الساحر، ومن خلال جلب ٤٥ من القادة الأفارقة إلى روما قبيل الانتخابات الأوروبية، تهدف ميلونى إلى إظهار قدرة إيطاليا على تأمين اتفاقيات جديدة ليس فقط بشأن الهجرة ولكن أيضًا بشأن واردات الطاقة.

وأشار ماكاى إلى أن رسالة ميلونى كانت على هذه الجبهة واضحة: فى الوقت الذى تسعى فيه القارة إلى تعويض النقص فى الغاز الروسي، فإن حكومتها فى وضع مثالى لمساعدة الكتلة على اكتساب ميزة تنافسية على القوى الأخرى فى المنطقة من خلال إبرام صفقات جديدة مع الجزائر ومصر وروسيا. ليبيا".

وعود لا يمكن الوفاء بها.. ومخاوف من التنازلات
وقال المحلل فى "الجارديان": "إذا كنت تقرأ هذا وتعتقد أن مثل هذا المفهوم الجشع للموارد فى العلاقات بين الاتحاد الأوروبى وأفريقيا لا يتناسب مع خطاب المساواة المكتشف حديثًا الذى تتبناه الحكومة الإيطالية، فلن تكون الوحيد.. فقد أبدى موسى فقى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، بعض التحفظات القوية بشكل خاص بشأن مقترحات ميلوني، محذرًا إياها من "الوعود التى لا يمكن الوفاء بها"، مذكرًا إياها بأن الأفارقة ليسوا "متسولين".

وأضاف أن المنظمات غير الحكومية وجماعات المجتمع المدنى أعربت عن مخاوفها بشأن الطبيعة التنازلية للمقترحات، وشكت من أن الإيطاليين لم يبذلوا حتى الآن أى جهد للتشاور مع الحكومات والمجتمعات المحلية فيما يتعلق بالاستثمارات، وأنه لا توجد ضمانات لمنع الاستغلال. أو سرقة الموارد الطبيعية التى كانت سمة هيكلية للعلاقات السابقة.

واختتم المحلل جيمى ماكاي، بالتأكيد على أن الحقيقة تظل هى أنه إلى أن تتخذ إيطاليا خطوات جادة لإنهاء استعمار مؤسساتها، فإن أى حديث عن شراكة عادلة محكوم عليه بالنفاق. ويجب أن يبدأ هذا الجهد بالقرب من الوطن.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ايطاليا أفريقيا جيورجيا ميلوني

إقرأ أيضاً:

"الجارديان": على أوروبا تعزيز تضامنها مع أوكرانيا بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 أكدت صحيفة (الجارديان) البريطانية، أنه يجب على الدول الأوروبية تعزيز تضامنها مع أوكرانيا في حربها ضد روسيا بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض في يناير القادم.


وأشارت الصحيفة - في مقال افتتاحي اليوم الاثنين - إلى أنه من الضروري استمرار الدول الأوروبية في تقديم كافة أشكال الدعم لأوكرانيا حتى لا تفرض عليها روسيا خطة سلام غير عادلة من أجل وضع نهاية لتلك الحرب، لافتة إلى أنه على الرغم من أن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح للقوات الأوكرانية باستخدام صواريخ أمريكية بعيدة المدى لضرب مواقع داخل العمق الروسي قد أسهم في رفع معنويات القوات الأوكرانية، إلا أنه لم يؤدي إلى تغيير حقيقي في مسار الحرب بين الجانبين الروسي والأوكراني والتي تحولت بعد مايقرب من ثلاث سنوات إلى حرب استنزاف.
ولفتت إلى أنه من المؤكد أن تقليص المساعدات الأمريكية بعد تولي ترامب السلطة في الولايات المتحدة سوف يكون له أكبر الأثر في مسار الحرب مما قد يؤدي إلى فرض خطة سلام على أوكرانيا من أجل وضع نهاية لتك الحرب وهو الخيار الذي يجب على الدول الأوروبية مواجهته من خلال وضع استراتيجية للتعامل مع الموقف في ظل التطورات الجديدة.
وأوضحت الصحيفة أن وضع مثل هذه الاستراتيجية يستلزم وضوحا سياسيا وقيادة واعية لتحديات المرحلة القادمة من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لافتة إلى أن الإحساس بالملل بدأ ينتاب العديد من الدول الأوروبية بسبب طول مدة الحرب خاصة بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد العام الماضي إلى جانب نشوب الصراع في الشرق الأوسط بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة المعيشة.
وأضافت الصحيفة أن المستشار الألماني أولاف شولتز أعلن رفضه تزويد أوكرانيا بصواريخ ألمانية بعيدة المدى قبل الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في فبراير المقبل في محاولة لكسب أصوات الناخبين، موضحة أن استهداف القوات الروسية لمواقع أوكرانية بصاروخ باليستي بعيد المدى يهدف إلى إثارة مخاوف الناخب الأوروبي من المزيد من التصعيد في حرب أوكرانيا.
على ضوء تلك التطورات، يسعى رئيس وزراء بولندا دونالد توسك إلى تكوين تحالف يضم المملكة المتحدة وفرنسا ودول البلطيق لمواجهة أي محاولات لفرض سياسة الأمر الواقع على أوكرانيا أو دفعها لقبول خطة سلام لا تناسب مصالحها من أجل وضع نهاية للحرب.
وأوضحت الصحيفة في الختام أنه يجب على الدول الأوروبية ضمان موقف أوكراني قوي في أي محادثات سلام مع الجانب الروسي كما يجب الاستعداد لتعويض كييف عن أي مساعدات في حال توقف واشنطن عن تقديم الدعم اللازم لأوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • كاف يفاجئ حسين الشحات بشأن جائزة أفضل لاعب داخل أفريقيا.. عاجل
  • ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
  • المالية تصدر بياناً بشأن مرتبات موظفي الحكومة
  • ماذا حققت مبادرة صحة المرأة في مصر؟.. هشام الغزالي يكشف
  • "الجارديان": على أوروبا تعزيز تضامنها مع أوكرانيا بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض
  • ماذا وراء تكثيف حزب الله قصف وسط إسرائيل؟ خبير عسكري يجيب
  • عاجل: قرار مهم في الأهلي بشأن 3 لاعبين.. وسبب مفاجئ وراء استبعاد «الساعي»
  • عصابة الذهب.. ماذا تعرف عن زاما زاما في بلدة ستيلفونتين بجنوب أفريقيا؟
  • بشرى | قرار جديد بشأن ذوي الهمم .. ماذا حدث؟
  • ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟