«واشنطن بوست»: مخاوف من تداعيات مدمرة لنقل الحرب إلى رفح الفلسطينية
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء فى تقرير لها، على الأوضاع الصعبة التى يواجهها الفلسطينيون فى مدينة رفح بقطاع غزة، وذلك فى ظل التدابير القاسية التى فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفى ظل هذه الإجراءات، يجد نحو نصف سكان غزة، الذين يبلغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة، أنفسهم مضطرين للتجمع فى المدينة الجنوبية للبلاد، وهو ما ينذر بتداعيات خطيرة بالنسبة لهم.
وفى هذا السياق، أكدت الصحيفة أن الخطط الإسرائيلية المعلنة لاستهداف مدينة رفح، تثير مخاوف متزايدة من تداعيات مدمرة قد تلحق بالسكان المدنيين.
ومن جانبها، عبرت المنظمات الإغاثية، وكذلك العاملون فى المجال الإنسانى عن قلقهم العميق إزاء توسيع نطاق العمليات العسكرية فى المنطقة، خاصة مع تزايد الاكتظاظ السكانى فى مدينة رفح، التى تعد الملجأ الأخير للفلسطينيين المتضررين.
ونقلت الصحيفة عن جولييت توما، مديرة الاتصالات فى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قولها إن عدد سكان مدينة رفح قد تضخم إلى ما يقارب ١.٤ مليون شخص على الأقل، مقارنة بتقديرات السكان السابقة التى كانت تشير إلى نحو ٢٨٠ ألف نسمة قبل فترة قصيرة من الزمن.
وفى تصريحاتها، أكدت توما أن هذا الرقم يعكس تضاعفًا كبيرًا فى عدد السكان فى المدينة، حيث يبلغ حجم الزيادة خمسة أضعاف مقارنة بما كان عليه الوضع قبل حدوث الحرب الأخيرة.
وأشار تقرير "واشنطن بوست" إلى أن المسئولين الإسرائيليين لم يحددوا بوضوح خططهم المستقبلية بشأن مدينة رفح، مشيرة إلى استمرار تنفيذ جيش الاحتلال لضربات فى المنطقة، بما فى ذلك غارات جوية نفذت قرب المستشفى الكويتى فى المدينة فى ديسمبر الماضي، مما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين وفقًا لموظفى المستشفى.
وأفاد التقرير بأن النزاع الأخير فى غزة قد أعاد هيكلة تكوين السكان فى القطاع بشكل جذري، حيث أصبح تسعة من كل عشرة أشخاص يعيشون الآن فى غزة نازحين، مما يسلط الضوء على تداعيات هذا الصراع.
نداء إنساني.. الناس يواجهون خطر الموت جوعًا
تناول تقرير "واشنطن بوست" الأوضاع المأساوية التى يواجهها سكان مدينة رفح فى قطاع غزة، حيث حذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية المساعدات المارة عبر الحدود لا تكفى لتلبية احتياجات السكان المتزايدة بشكل متزايد.
ووجهت سيندى ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي، نداءً عاجلًا، طالبت خلاله باتخاذ إجراءات جديدة لتسهيل دخول المزيد من الشاحنات إلى القطاع، موضحة أن الناس فى غزة يواجهون "خطر الموت من الجوع على بعد أميال قليلة من الشاحنات المملوءة بالأغذية".
وأفاد أحد عمال الإغاثة الفلسطينيين بأن استخدام الخيام بشكل واسع يثير ذكريات الأوضاع الصعبة التى عاشها اللاجئون بعد حرب عام ١٩٤٨. وأوضح أن الخيام، التى قد يبلغ حجمها ٢٠٠ قدم مربع، تستضيف عائلة بأكملها أو اثنتين، مشيرًا إلى أن برد الشتاء يزيد من معاناة السكان.
وفى ظل هذا الطقس البارد والممطر، أصبحت الخيام الوجهة الأخيرة للكثيرين، وهو ما يزيد من الصعوبات التى يواجهها السكان المحاصرون فى مدينة رفح.
الاحتياطات الصحية انهارت.. ومؤشرات على وجود أمراض معدية
فى إطار تقريرها الشامل، كشفت الصحيفة الأمريكية عن انهيار الاحتياطات الصحية فى مدينة رفح، حيث أشارت إلى أن "آلاف الأشخاص يتقاسمون المراحيض الفردية، ويواجهون طوابير تستمر من ٤ إلى ٥ ساعات لاستخدام الحمامات"، مما يعكس مدى الاكتظاظ والضغط الكبير على المرافق الصحية.
وأضاف التقرير أن "التغوط والتبول فى العراء يشكلان خطرًا كبيرًا على الصحة العامة"، حيث تم رصد حالات هائلة من الإسهال المائى الحاد، الذى قد يكون نتيجة لوجود أمراض معدية مثل "كوليرا"، ما يبرز تفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية فى ظل الظروف القاسية التى يعيشها السكان فى رفح.
تفاقم الأزمة الإنسانية فى غزة بسبب تعثر تمويل "الأونروا"
وتؤكد "واشنطن بوست" فى تقريرها أن الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة تفاقمت بشكل كبير نتيجة للأزمة السياسية الحالية، حيث قررت عشر حكومات غربية على الأقل هذا الأسبوع تجميد تمويلها لـ "الأونروا، الجهة الرئيسية المسئولة عن توفير المساعدات الإنسانية فى القطاع.
وتأتى هذه الخطوة فى أعقاب تقديم إسرائيل ملفًا يزعم أن أكثر من عشرة من موظفى الأونروا تورطوا فى هجمات بتاريخ ٧ أكتوبر على إسرائيل، مع ادعاءات بوجود دعم واسع النطاق لحركة حماس والجماعات المسلحة الأخرى داخل المنظمة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي رفح غزة الإنسانیة فى واشنطن بوست فى غزة
إقرأ أيضاً:
تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 …. عدم وجود الاستجابة من المجتمع الدولي
تقرير: حسن اسحق/أقامت الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية منتدي اسفيري بعنوان ’’ تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 ‘‘ يوم الخميس 6 فبراير 2025، استضافت فيه عدد من الباحثين في الشأن العام السوداني، تطرقت ’’ الشبكة المدنية ‘‘ الي أبرز أحداث العام الماضي، الممثلة في توقيع اتفاق تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ’’ تقدم‘‘ علي وثيقة مع قوات الدعم السريع في اثيوبيا، أعلنت فيها قوات الدعم السريع استعدادها لوقف إطلاق النار، والتفاوض المباشر مع الجيش السوداني، لكن الجيش رفض التوقيع علي هذه الوثيقة، واعتبرها تحالفا بين قوات الدعم وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية والدعم السريع.
فيما يتعلق بالتداعيات الإنسانية في العام الماضي، كانت كارثية، اعداد النازحين تقدر بالملايين، بينما بعض المناطق شهدت حالة نهب وقتل، وانعكس ذلك علي معاناة المواطنين المتزايدة، مع تزايد حالات النزوح في كل من الخرطوم ودارفور، من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان كانت متصاعدة، وكان في استهداف المدنيين خاصة النساء والأطفال، وممارسات طائفية وقبلية، وتخريب البنية التحتية.
شارت الشبكة المدنية الي اهمية دور المجتمع المدني في حماية المدنيين، بدوره واجه تحديات عديدة، منها عدم وجود الاستجابة الدولية فيما يحدث في انتهاكات في السودان، لعدم التزام أطراف الحرب بالقوانين الدولية، وهذا كان يشكل عائقا امام تخفيف المعاناة، اضافة الى تدهور الوضع الصحي، وانعدام الخدمات الصحية.
وارتفاع معدل الاصابات بالامراض المزمنة في المناطق المتأثرة بالصراع، ونقص في المستشفيات والمراكز الصحية، ادي الي انتشار الأمراض، الحميات والكوليرا، أما فيما يتعلق بالموسم الزراعي، بسبب انعدام الكهرباء، ونقص التقاوي الزراعية، بدوره ادى الى تراجع الانتاج الزراعي، وانعدام الأمن، جعل المزارعين بعيدين عن الزراعة.
الجهود الشعبية في مواجهة الأوضاع الانسانية
تطرقت الكاتبة مزن النيل والباحثة في سياسات الصناعة، إلى الجهود الشعبية في مواجهة الأوضاع الإنسانية الناتجة عن حرب، واضافة الى اهمية التركيز على الجهود الشعبية، مشيرة الي وجود ضعف في الاستجابة الدولية، كما اشار اليه تقرير ’’ الشبكة الشبابية ‘‘، مع إيقاف برامج المساعدات الامريكية في عام 2025، توضح مزن في هذا الشأن، أن التدخلات الدولية من الصعب الاعتماد عليها، لارتباطها بالمواقف الجيوسياسية، والانظمة التي تتحكم فيها، يمكن أن تتغير لاعتبارات مختلفة، اضافة لذلك، عدم قدرة المؤسسات الدولية في إجبار الجيش السوداني وقوات الدعم السريع علي الالتزام بالقانون الدولي، وتعنت وتعطيل هذه المساعدات.
اوضحت مزن ان هذه ليس سياسات عرضية، بل هي من طبيعة المجتمع الدولي، وطبيعة الكيانات السودانية المرتبطة بالحرب، ان الجيش والدعم السريع وصلا السلطة عن طريق العنف، في ذات الوقت، وجد الطرفان قبولا دوليا، رغم خرق القوانين، والنظام العالمي يحبذ مبدأ السيطرة علي قيم العدالة، وما يجعل المجتمع الدولي قدراته ضعيفة.
تطرقت مزن الي اهمية العنصر الداخلي، والنظر الي المجهودات الشعبية وقدرتها علي مساعدة الناس اكبر، رغم قلة التمويل، وأسهمت في الحفاظ علي حياة الناس، وقبل الحرب معظم المنشآت الصناعة كانت موجودة في الخرطوم وولاية الجزيرة، ومعظم العاملين في هذا القطاع الخاص، فقدوا عملهم، خاصة بعد هجوم قوات الدعم السريع، علي ولاية الجزيرة، وأكدت الحكومة لم تقم بدور في تقديم مساعدات للمواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم.
أوضحت رغم ضعف المجهود الرسمي للدولة، إلا أن المجهود الشعبي كان أكثر كفاءة، واكثر اهتماما بحياة الناس، ورفع مستوي الحياة حتى في الأوضاع الصعبة، وان المجهودات الشعبية استخدمت موارد محدودة، وتضع النسبة الأكبر من التمويل الخارجي في الخدمة المباشرة للجهات المستفيدة من هذه الخدمات.
تطالب بتوفير الصحة النفسية و خلق مناخ ايجابي للاطفال، هذا يشمل الانشطة الثقافية، حتي هذه الجهود الشعبية واجهتها بعض النواقص والعيوب، إلا أنها الأقدر علي تلبية احتياجات المتضررين، ويجب أن هناك تفكير للحصول علي تمويل مستدام في الخدمات الاجتماعية، المدارة شعبيا، لانها اثبتت كفاءتها وعدالتها، من الادارة الحكومية الرسمية، وادارة المنظمات للخدمات.
الاشادة بالدور التوثيقي
يضيف دكتور قصي همرور شيخ الدين الباحث والاستشاري منذ بداية الحرب ما زال حجم المجاهيل اكبر، وحجم المعلومات الموثقة أصغر، وهذا جعل تلمس الدروب في هذا الجانب صعب، وهذا بدوره يقود الي الاشادة بالدور التوثيقي الذي تعمل عليه ’’ الشبكة الشبابية ‘‘، ويجب ان تكون هناك مصداقية في هذا العمل، في الأسابيع الأولى للحرب، كانت كل الأطراف السياسية الفاعلة، ليس القوات المسلحة والدعم السريع، كانت هذه الجهات تعتقد ان الحرب لن تستمر الى فترة طويلة، وتصل إلى سنة وزيادة، مع استمرار الازمة الاوضاع اصبحت مختلفة.
ذكر قصي خمسة عوامل اساسية في هذه التغييرات، العامل الأول أن الحرب كانت بعناصر داخلية في المجمل، وقدرات موجودة مسبقة داخل القوات المسلحة، ومنظومة قوات الدعم السريع، كانت لدرجة كبيرة اشتعال لمكونين متناقضين، بين مكونات السلطة، انفجرت فيها الاحتقانات الكبيرة المتراكمة، ولم تكن غائبة عن نظر الجميع، من دلائل أن الحرب بدأت بعناصر داخلية، في ذلك الوقت، رئيس المجلس السيادي لفترة ما يحارب في نائبه، من دون أن يعزله، وهذا يؤكد المجلس الانتقالي لم يكن كتلة صماء، بل داخله تناقضات ممكن تنفجر في أي لحظة، بينما كان السياسيين الذين يمثلون تطلعات الشعب، وصوت الحراك الثوري في المفاوضات، كانوا يتعاملون مع الطرفين باعتبارهم عساكر فحسب.
أضاف قصي أن العامل الثاني مع بداية الحرب كانت هناك جهتين فقط تحمل السلاح، مع استمرار الحرب، أصبحت هناك عدة جهات مسلحة، وكان هذا امرا متوقعا، وتعددت الجهات حاملة السلاح، وكل جهة لا يمكن أن توصف ان دوافعها ورؤيتها تتوافق مع المعسكر الكبير، داخل كل معسكر توجد هذه الجهات، مثلا، القوة المشتركة، قوات حركات الكفاح المسلح التي قررت التصدي لأطماع قوات الدعم السريع، وصارت حليف قتالي للجيش في هذه الحرب، وقوات درع السودان التي ارتمت في احضان قوات الدعم السريع، ثم عادت الي الجيش السوداني، و كتيبة البراء بن مالك هي تتبع للكيزان، المسؤولين عن إنشاء الدعم السريع، اضافة ظهور المستنفرين، دوافعهم لا تشبه دوافع الفصائل المسلحة الاخرى، لان جملة أسباب انضمام الى الحرب، نابعة من الضرر البليغ الذين وصل إلى المواطنين.
ishaghassan13@gmail.com