صحيفة بريطانية: غزة تشهد أزمة إنسانية لا مثيل لها في العصر الحديث
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل منذ أربعة أشهر على قطاع غزة المُحاصر أدى إلى مُحاصرة أكثر من نصف سكان القطاع في قطعة ضيقة من الأرض بين الهجوم البري الإسرائيلي والهجمات القادمة من البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت الصحيفة في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس، أن غزة تشهد أزمة إنسانية لا مثيل لها في العصر الحديث، في حين أعلنت إسرائيل أن قواتها ستستهدف مدينة رفح في حملتها ضد حركة حماس، التي أفلت قادتها الكبار في غزة من الاعتقال.
وأشارت الصحيفة إلى قول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يوم الاثنين الماضي:"إننا سنصل أيضًا إلى الأماكن التي لم نقاتل فيها بعد، وخاصة آخر مركز ثقل لا يزال في أيدي حماس؛ وهو مدينة رفح".
وبحسب الصحيفة، فإن ما يقدر بنحو 1.4 مليون شخص مُحاصرين في المدينة الحدودية الجنوبية - ويعانون بالفعل من ظروف قاسية وقصف متواصل - وليس لديهم مكان آخر يفرون إليه.
وقالت الصحيفة: إن مشاعر الخوف من الهجوم القادم تُهيمن في مخيمات الخيام مترامية الأطراف في رفح، والتي تهطل عليها أمطار الشتاء، حيث يعيش معظم النازحين بعد تقدم الجيش الإسرائيلي من الشمال إلى الجنوب وهدم ما لا يقل عن نصف مباني القطاع.
وبدورها قالت أم خالد عاشور، وهي أم لثلاثة أطفال- في تصريح خاص لمراسل الصحيفة:" إن أطفالها كانوا يسألونها: "هل ستأتي الدبابات إلى رفح وتقتلنا كما فعلت في الشمال؟!.. وأشارت إلى أنها فرت مع أسرتها من منزلها في شمال غزة وتعيش حاليًا في مدرسة تحولت إلى مأوى في غرب رفح.. وقالت: "أحاول أن أطمئنهم بأن ذلك لن يحدث، لكنهم يرون الخوف في عيني".
ومن جانبه، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أمس الأربعاء من أنه إذا أرسلت إسرائيل جيشها إلى رفح، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الكابوس الإنساني بشكل كبير.
وقال جوتيريش ـــ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ــــ :" لقد أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى دمار وموت في غزة على نطاق واسع وسرعة لم نشهدها من قبل إنني منزعج بشكل خاص من التقارير التي تُفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز بعد ذلك على رفح، حيث يتم الضغط على مئات الآلاف من الفلسطينيين في بحث يائس عن الأمان".
وتظهر صور الأقمار الصناعية الحديثة وبيانات الرادار -حسبما أبرزت الصحيفة- حجم الأضرار التي لُحقت بالمباني ومدى الضغط على سكان غزة في رفح ومخاطر أي عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في المنطقة المكتظة بالسكان.
وفي رفح، قالت لمى، ابنة عاشور البالغة من العمر خمس سنوات، في خوف أسوأ من الموت، وسألت:" ماما لو استشهدت هتدفنيني هنا في رفح وترجعي من غيري وتتركيني هنا وحدي؟!
وتظهر بيانات الرادار أن والدتها ليس لديها ما تعود إليه في الشمال؛ حيث تم تدمير حوالي 80% من المنازل والمباني في شمال غزة.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" في تقريرها أن الجيش الإسرائيلي طالب المدنيين، عندما اجتاح غزة، بالتوجه جنوبًا - وقد فعل معظمهم ذلك، وتوجهوا أولاً إلى خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة ومعقل حماس ثم، في أوائل ديسمبر الماضي، بدأت قوات الدفاع الإسرائيلية عملياتها في خان يونس، التي كانت بحلول ذلك الوقت مكتظة بمئات الآلاف من النازحين داخلياً وتعرضت المدينة للدمار بحلول منتصف يناير، بعد ذلك، فر المدنيون جنوباً إلى رفح.
وتابعت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يرى في رفح الملاذ الأخير لقادة حماس، ولذلك قصف عدة مواقع في رفح، بما في ذلك شن هجمات مكثفة في هذا الأسبوع وعادةً ما كانت الضربات الجوية تسبق المناورات البرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطاع غزة إسرائيل رفح الهجوم البري الإسرائيلي الجیش الإسرائیلی فی رفح
إقرأ أيضاً:
تحقيق: هكذا فشل الجيش الإسرائيلي في حماية نير عوز بـ7 أكتوبر
القدس المحتلة- صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعند الساعة 5:34، وردت رسالة صوتية على شبكة الاتصالات العسكرية وفرق الحراسة بمستوطنات "غلاف غزة"، بعث بها سماغد كيسوفيم نائب قائد الكتيبة 51 في لواء "غولاني"، يطمئن السكان اليهود في المنطقة، وأعلن أن القوات رفعت حالة التأهب والاستنفار وفقا للأوامر المتبعة وتقييم الوضع.
وعكست الرسالة الفشل الذريع في منع معركة "طوفان الأقصى"، حيث اتضح أن جميع قوات العسكرية وبضمنها "فرقة غزة" كانت غافلة تماما عن خطط حماس للهجوم، وفق صحيفة "هآرتس" التي استعرضت أبرز محاور الفشل والإخفاق في انهيار القيادة العسكرية وسقوط كيبوتس "نير عوز" بأيدي المقاومين الفلسطينيين أكثر من 6 ساعات.
وتشير كلمات كيسوفيم عبر شبكة الاتصالات، حسب يانيف كوبوفيتش مراسل الشؤون العسكرية بـ"هآرتس"، إلى أنه والقوات الأخرى في القطاع لم يكونوا يعلمون أنه في غضون 55 دقيقة سيتسلل آلاف المقاومين الفلسطينيين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
وعند الساعة 06:49 دخل أوائل المقاومين إلى الكيبوتس من البوابة الشمالية، ومن ثم من بوابة "كيرم" والبوابة الجنوبية، وبداية دخل 100-130 مقاتلا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذروة 300-500 مقاتل من منظمات مختلفة، وبعد دقائق، بدأ أول اشتباك وتبادل لإطلاق النار، في "نير عوز"، المعزول عن القوات الإسرائيلية.
واستمر تبادل إطلاق النار بين عناصر فرقة الحراسة وقوات النخبة (من المقاومين) أكثر من ساعتين، وبعدها سقط الكيبوتس بأيدي المقاومين، وعند الساعة 09:22، وصلت، لأول مرة، مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي وهاجمت جنوب المحور المؤدي من قطاع غزة إلى الكيبوتس، حيث تم تجمع عشرات المقاومين.
ووفق "هآرتس" لم يعلم الجيش الإسرائيلي بسقوط "نير عوز"، حيث طُلب من المروحية عبر الاتصال اللاسلكي إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية، لكنها وبفعل تحليقها المنخفض أصابها المقاومون بنيرانهم عند مشارف الكيبوتس، وهبطت اضطراريا.
إعلانومع استمرار المعارك عند تخوم "نير عوز"، كانت هناك 4 طلعات جوية أخرى لطائرات الهليكوبتر الحربية الإسرائيلية، التي أطلقت النار على المنطقة وأصابت عددا من المقاومين، وقتل أيضا عدد من سكان الكيبوتس المحتجزين.
وتتابع الصحيفة الإسرائيلية أن الأمر لم يقتصر على مهاجمة محور ومنطقة الكيبوتس، فعند 09:45، وردت تقارير عبر شبكة الاتصالات، ومجموعة قادة المجلس الإقليمي "إشكول"، حول إحراق منازل في "نير عوز"، وبعد دقائق، وصلت دبابة إلى بوابة الكيبوتس وأبلغت عن وجود مقاومين عند المدخل، قبل أن يتمكنوا من تفجيرها.
ووصلت قوات الاحتلال إلى المكان عند الساعة 13:10، بعد حوالي 40 دقيقة من آخر تحديد لهوية مقاتلي حماس وحركة الجهاد الإسلامي، لكنها لم تعثر على أي منهم، وفي المساء، انضمت قوات أخرى لعمليات التفتيش والإنقاذ.
وتقول "هآرتس" إن المقاومين الفلسطينيين اشتبكوا أكثر من 6 ساعات مع عناصر فرقة الحراسة وقتلوهم وأسروا نحو ربع السكان، ولم يدخل خلال تلك الساعات أي جندي إلى الكيبوتس، ولم يكن الجيش الإسرائيلي يعلم بما يحدث هناك.
كما لم تقع أي معركة في "نير عوز"، الذي تلقى الضربة الأكثر إيلاما وصدمة، و"كان هذا فشلا، ضمن فشل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)"، حسب اعتراف هرتسي هاليفي رئيس الأركان المنتهية ولايته، خلال عرض نتائج التحقيق العسكري في الهجوم المفاجئ، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وأظهرت نتائج التحقيقات في الهجوم المفاجئ على "نير عوز"، أن جيش الاحتلال فشل بالوصول إلى الكيبوتس، الذي كان يوجد فيه يوم الهجوم 386 شخصا، وقتل خلال الاشتباكات41 من المستوطنين العسكريين والمدنيين، وأُسر 76 آخرين، لا يزال 14 منهم محتجزين لدى حماس.
إعلان
انهيار
ووفق تحقيقات استعرضها يوآف زيتون مراسل الشؤون العسكرية لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن القيادة الأمنية الإسرائيلية انهارت بالكامل وفقدت السيطرة، وإن القوات العسكرية في "نير عوز" لم تأت لحماية المستوطنين الذين طلبوا مساعدتها بكل الوسائل المتاحة، لكنهم تركوا وحدهم لمواجهة هجوم قوات النخبة.
ونقل زيتون عن فريق التحقيق، قوله إن "فشل الجيش الإسرائيلي في عدم الوصول إلى نير عوز ليس تكتيكيا أو أخلاقيا، بل هو منهجي، حيث لم تفهم القيادات العسكرية أن الوضع كان صعبا، ولم تعط الأولوية لإرسال القوات إلى هناك على حساب أماكن أخرى".
وذكر الفريق أن "انهيار أنظمة القيادة والسيطرة، وخاصة في لواء وفرقة غزة، عامل رئيسي في فشل بناء صورة وتقييم حقيقي للوضع، وكان متوقعا أن تسعى هيئة الأركان العامة لاستخلاص صورة وضع حقيقية، وعدم الاعتماد فقط على التقارير الاستخباراتية التي اتضح أنها كانت غير صحيحة ومضللة".
وحاول فريق التحقيق الإجابة عن 4 أسئلة رئيسية في التحقيق بالفشل والإخفاق الممنهج خلال الهجوم؛ ما هو تسلسل الأحداث؟ ولماذا وصل هذا العدد الكبير من المقاومين إلى نير عوز؟ ولماذا فشلت الكتيبة في القطاع بإيقاف المسلحين؟ ولماذا لم تصل قوات الاحتياط بالوقت المناسب لتغيير الوضع، وأضاف الفريق "لو وُجِّه تحذير، حتى لو كان قصيرا، كان من الممكن تقليل الأضرار".
ويظهر التحقيق -حسب يديعوت- أن الكتيبة 51 لم تكن مستعدة بشكل صحيح لسيناريو بحجم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ولم تتلق أي تحذير، وانهارت سلسلة قيادتها بأقل من ساعة، ولم يتمكن مقاتلوها للتجمع لإجراء تقييم منظم للوضع، وكان عليها أن تتعاون مع فرق الحراسة بمستوطنات الغلاف لفهم حقيقة الوضع.
إعلانوأشار معدو التحقيق إلى أن إخفاق مراكز القيادة العسكرية في فهم الوضع الصعب، وحقيقة أنهم كانوا في حالة هجوم، وانهيار القيادة من مستوى اللواء والكتيبة إلى مستوى الفرقة، وخلصوا إلى أن "التحضيرات التي جرت السبت -قبل الهجوم- روتينية، وليست استعدادات للحرب، ولم تكن هناك وحدات مأهولة لحالات الطوارئ".