كيف استفز صحفي أميركي ساسة وإعلاميين غربيين؟
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
أثار الصحفي الأميركي تاكر كارلسون تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل بعدما نشر مقطع فيديو أعلن فيه نيته إجراء مقابلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد حصد المقطع 100 مليون مشاهدة.
وكارلسون صحفي محافظ ومثير للجدل، له شعبية واسعة في الولايات المتحدة، وقد غادر قبل أشهر قليلة قناة "فوكس نيوز"، ليطلق برنامجه الخاص على موقعه الإلكتروني وعلى منصة "إكس".
وقال كارلسون إنه يسعى إلى إجراء مقابلة مع بوتين لأن وظيفة الصحافة هي "إعلام الناس"، مضيفا "بعد مرور عامين على الحرب التي تعيد تشكيل العالم بأسره معظم الأميركيين لا يعلمون شيئا، نحن لسنا هنا لأننا نحب فلاديمير بوتين، نحن هنا لأننا نحب الولايات المتحدة، نريدها أن تظل مزدهرة وحرة".
وأوضح أيضا أنه طلب مقابلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معربا عن أمله في أن يحصل على موافقة.
لكنه قال إن المقابلات التي أجريت مع الرئيس الأوكراني في الإعلام الأميركي تعمدت تضخيم مطلب كييف بتدخل الولايات المتحدة الأميركية في الحرب بشكل أعمق وأن تدفع ثمنها.
ليست صحافةوأضاف "هذه ليست صحافة، إنها دعاية حكومية، السياسيون ووسائل الإعلام يقومون بذلك، ولم يكلف أي صحفي غربي نفسه عناء إجراء مقابلة مع رئيس الدولة الأخرى المتورطة في هذا الصراع".
ولاحقا، أعلن كارلسون أن المقابلة التلفزيونية التي أجراها مع بوتين ستبث على موقعه الإلكتروني مساء اليوم الخميس.
ولم يعجب سلوك كارلسون نجوم الإعلام الغربي مثل المذيعة البريطانية كريستيان أمانبور التي ردت عليه بالقول "هل يعتقد تاكر حقا أننا كصحفيين لم نحاول إجراء مقابلة مع الرئيس بوتين كل يوم منذ غزوه الشامل لأوكرانيا؟ إنه أمر سخيف، سنستمر في طلب إجراء مقابلة، تماما كما فعلنا منذ سنوات حتى الآن".
ولم يكتف كارلسون بانتقاد الإعلام، لكنه اتهم البيت الأبيض بإعاقة هذه المقابلة مع بوتين، قائلا "منذ نحو 3 سنوات تجسست إدارة بايدن بشكل غير قانوني على رسائلنا النصية ثم سربت محتوياتها إلى خدمها في وسائل الإعلام".
وأضاف "لقد فعلوا ذلك من أجل إيقاف مقابلة بوتين التي كنا نخطط لها، نحن على يقين من أنهم فعلوا الشيء نفسه مرة أخرى الشهر الماضي، لكن هذه المرة أتينا إلى موسكو على أي حال".
بدوره، نفى البيت الأبيض بالطبع هذا الادعاء، ووصف الاتهامات بالسخيفة والمثيرة للسخرية.
تفاعل واسعوتفاعل رواد مواقع التواصل مع هذا الجدل، إذ قال كيفن "لقد ماتت الصحافة تماما، وكم من المحزن أنه ليس لدينا سوى عدد قليل من الصحفيين الشجعان الذين لن يقبلوا تلقي الأوامر".
أما تيموثي فقال "تاكر كارلسون يعتقد بهذه المقابلة أنه سيقول الحقيقة للعالم؟ بل سيوصل أكاذيب بوتين فقط، لماذا يبرر الحرب؟"، فيما علق شانون بالقول "عندما تريد أن ترى صحفيا حقيقيا ابحث عن تاكر كارلسون".
وأضاف أنه "يدخل في صلب الموضوع مباشرة، لا يقوم بتجميل أي شيء، هو يقول الحقيقة، وهذا يخيف اليسار وهذه الإدارة".
لكن سايمون يختلف ويقول إن "الشجاعة ليست أن تبرر لمجرم حرب أفعاله أو أن تمجده عبر إعطائه مساحة للكلام، الشجاعة أن تقف مع ضحايا الحرب الروسية على أوكرانيا أيها الصحفي".
وحتى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي شاطر سايمون الرأي بقوله إن ما فعله بوتين في أوكرانيا يجب أن يكون واضحا للجميع، وكذلك الأسباب الوهمية والسخيفة التي يحاول من خلالها تبرير أفعاله.
وقال كيربي "هذه المقابلة الجديدة مع بوتين لم تكن ضرورية لكي يدرك الشعب الأميركي وحشية الرئيس الروسي".
في المقابل، دافع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن مقابلة بوتين مع كارلسون وقال "وجهة نظره تختلف عن الآخرين".
وختم بالقول "إنها ليست مؤيدة لروسيا بأي حال من الأحوال، وليست مؤيدة لأوكرانيا، إنها مؤيدة لأميركا، لكنها على الأقل تختلف جذريا عن موقف وسائل الإعلام الأنغلوساكسونية التقليدية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إجراء مقابلة مع مع بوتین
إقرأ أيضاً:
التطبيع بين لبنان وإسرائيل... مُجرّد حلم أميركيّ
أثار تصريح الموفد الأميركيّ إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الجدل، بعدما قال إنّ لبنان قد يلتحق "باتّفاقيات إبراهيم" والتطبيع مع إسرائيل، وخصوصاً في ظلّ هذا التوقيت الحساس، بعد خروج البلاد من حربٍ تدميريّة مع العدوّ، واستمرار الأخير باحتلال 5 نقاط استراتيجيّة على الحدود الجنوبيّة، وخرقه يوميّاً قرار وقف إطلاق النار عبر استهدافه البلدات اللبنانيّة والحدوديّة مع سوريا، واغتياله شخصيّات من "حزب الله".
وأشار محللون عسكريّون إلى أنّ طرح ويتكوف بشأن لبنان وإسرائيل، لا يختلف عن خطّة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ويصعب تطبيقه وهو بمثابة حلم أميركيّ غير واقعيّ،فاللبنانيّون لا يزالون يُشيّعون الشهداء، بينما لا تزال أعمال البحث عن مفقودين مستمرّة. وتجدر الإشارة في هذا السياق أيضاً، إلى أنّ نواباً من مُختلف الكتل أعلنت بوضوحٍ خلال جلسة مُناقشة البيان الوزاريّ، أنّ إسرائيل هي عدوّة لبنان، ويستحيل الدخول معها في سلام.
وفي نظرة تاريخيّة على الصراع اللبنانيّ – الإسرائيليّ، يظهر أنّ لبنان من بين أكثر البلدان العربيّة التي دفعت ثمناً بعد فلسطين بسبب الحروب مع إسرائيل، ولعلّ آخر حربٍ كانت الأشرس والأعنف والأكثر تدميراً على اللبنانيين. من هذا المُنطلق، ليس من الوارد أنّ تُوافق الحكومة أو المكوّنات الوطنيّة على التطبيع مع تل أبيب، أقلّه في المدى القريب.
كذلك، فإنّه لا يُمكن فرض اتّفاق بالقوّة على مكوّن أساسيّ في البلاد، وهنا الحديث عن الطائفة الشيعيّة وآلاف المواطنين الذين خسروا منازلهم وأحباءهم ، وهم أكثر من تأثّر في الحرب الأخيرة. ويقول مراقبون في هذا الإطار، إنّ الهدف الحقيقيّ من دعوة الولايات المتّحدة الأميركيّة عبر تصريح ويتكوف، عن إمكانيّة التوصّل لاتّفاق سلام بين لبنان وإسرائيل هو حماية الإسرائيليين من أيّ مخاطر إيرانيّة تتمثّل ببقاء "حزب الله" عسكريّاً على الحدود الجنوبيّة وتهديده المستوطنات، فواشنطن تخشى من أنّ يجدّ "الحزب" طرقاً جديدة لإعادة بناء نفسه، ودخوله في حربٍ مع تل أبيب في المستقبل، بعدما أشارت إيران إلى أنّها لن تتخلّى بسهولة عن "المقاومة" في لبنان، وأنّها ستبقى داعمة لها لأنّ دورها لم ينتهِ بعد.
حتّى الآن، ليس هناك من حديثٍ فعليّ في لبنان عن نزع سلاح "الحزب"، على الرغم من أنّ خطاب قسم رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون وبيان الحكومة الوزاريّ يُشدّدان على أنّ القوى العسكريّة وفي مقدّمتها الجيش هي المسؤولة عن أمن اللبنانيين وحماية البلاد، بينما يستمرّ "حزب الله" في مُحاولات إدخال ونقل العتاد العسكريّ والأموال إلى البلاد، واستهداف إسرائيل لأيّ سيارة تشكّ في أنّها مُحمّلة بالأسلحة أو يستقلّها عناصر من "المقاومة" دليلٌ على ذلك.
وبحسب محللين عسكريين، فإنّ الظروف للتطبيع بين لبنان وإسرائيل لم تتحقّق، وتصريح ويتكوف يُعتبر مُجرّد حبرٍ على ورقٍ، فلا يُمكن بناء سلام مع تل أبيب في الوقت الذي تُكمل فيه عدوانها عبر خرق إتّفاق وقف إطلاق النار، وعدم إحترام السيادة اللبنانيّة. ويُضيفون أنّ هناك بلداناً عربيّة أصبحت طرفاً أساسيّاً في "اتّفاقيّات ابراهيم"، أو سبق وأنّ دخلت في مُعاهدات سلام مع العدوّ، لكنّ شعوبها لا تزال تكنّ العداء لإسرائيل ولم تُرحّب بالتطبيع، ولعلّ اختطاف وقتل الحاخام اليهوديّ تسفي كوغان في الإمارات، والتضييق على الإسرائيليين في بطولة كأس العالم التي أُقيمت في قطر عام 2022، أمثلة على رفض شريحة كبيرة من الشعوب العربيّة التقارب من تل أبيب، حتّى لو كانت هناك حسابات أخرى لدى حكوماتهم تتعلّق بالإقتصاد والتجارة والأمن.
أمّا في ما يتعلّق بلبنان، فيقول المحللون إنّ المُوافقة على التطبيع مع إسرائيل تتطلب أوّلاً حلّ سلاح "حزب الله" والفصائل الفلسطينيّة وبعض الأحزاب، وثانيّاً، بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانيّة عبر تقويّة الجيش ودعمه من الولايات المتّحدة الأميركيّة والبلدان الأوروبيّة، بغطاء إسرائيليّ، وثالثاً، أنّ يكون اللبنانيّون جميعاً مُوافقين على السلام، وفي مُقدّمتهم المسلمون وبشكل خاص الشيعة، لأنّ التجارب السابقة أثبتت أنّه لا يُمكن إقصاء أيّ مكوّن وطنيّ، وخصوصاً إذا كان الأمر مُرتبط بالتطبيع مع عدوّ عاث شرّاً باللبنانيين أيّ كانت طائفتهم منذ العام 1948. المصدر: خاص "لبنان 24"