تعرض الاقتصاد المصرى لصدمات متتالية جراء الأزمات العالمية العاصفة بداية من جائحة كورونا وانعكاساتها الاقتصادية المختلفة، على جميع دول العالم مرورًا بالحرب الروسية – الأوكرانية وصولا إلى الصراع المسلح فى السودان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعها من توترات فى منطقة البحر الأحمر مما أثر بشكل ملحوظ على حركة الملاحة فى قناة السويس، ورغم هذه الأزمات إلا أن الاقتصاد المصرى لديه فرص للخروج من عنق الزجاجة، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات، خاصة أن مناخ الاستثمار فى مصر شهد وخاصة فى السنوات القليلة الماضية العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بهدف تيسير وتبسيط الإجراءات على المستثمرين.

 

ونظرا للعلاقة التى تربط مصر بالقارة الأفريقية، خاصة على مدار السنوات الأخيرة وتحديدا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى عمل بجدية على تعميق علاقة مصر بدول القارة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وشعبيا وأمنيا وإنسانيا، فالتوجه نحو أفريقيا أصبح ثابتًا ومستقرًا، من أجل التنمية فى أفريقيا وإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء، ويعد من أهم المستهدفات فى التعاون الاقتصادى هو دعم وتشجيع الاستثمار والتوصل لتحفيز الاستثمار الأجنبى فى القارة الإفريقية، بجانب الاهتمام بنقل التكنولوجيا والاعتماد المتبادل على الطاقة المتجددة، كون إفريقيا قارة واعدة فى هذا المجال. 

لذلك أعتقد أن هناك حاجة مُلحة للتوجه إلى القارة الأفريقية بخطوات أكثر فاعلية وتأثيرًا، والاستفادة من كافة المقومات والمعطيات المتوفرة للتعاون الاقتصادى لدعم جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات، ومن هنا اقترحت إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر، وتقدمت باقتراح برغبة لمجلس الشيوخ بهذا المقترح وقد وافقت عليه لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار وسط تأييد ممثلى الحكومة.

فمن الضرورى إنشاء منطقة حرة أفريقية والتحرك من أجل تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية، للاستفادة منها والتوجه نحو القارة الأفريقية والاستفادة من المواد الخام الموجودة فى القارة مع إيجاد أوجه استفادة متبادلة بين مصر والدول الأفريقية الأخرى، لتعزيز التنمية المشتركة بين مصر ودول القارة، وتفعيل آليات التعاون فى ظل الاتفاقية، لتعظيم الاستفادة من الاستثمار والتجارة البينية فى القارة. 

كما أن منطقة التجارة الحرة بالقارة الأفريقية (AfCFTA) يمكن أن تلعب دورًا مهمًا فى تعزيز نمو وتكامل الاقتصادات الأفريقية، وتفعيل وتحقيق أهداف الاتفاقية المنشئة للكوميسا لتعزيز وتكامل التعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء، بحيث يتم دفع عجلة التنمية المشتركة فى كل مجالات النشاط الاقتصادى، وذلك عن طريق التعاون فى إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلى والأجنبى، وهو ما سيساهم فى تفعيل مقترح إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر. 

ولا يخفى على أحد دور المناطق الحرة فى جذب الاستثمارات ودعم الاقتصاد، حيث تُعد المناطق الحرة فى مصر نمطاً استثمارياً متميزاً، كما تمثل آلية هامة من آليات توطين الصناعة وزيادة الصادرات وتوفير العملة الأجنبية الصعبة، وزيادة الناتج القومى إلى جانب خلق فرص عمل جديدة نظراً لما تتمتع به من مزايا عديدة أهمها الارتباط المباشر بالعالم الخارجى وتوافر أراضٍ مكتملة المرافق والبنية الأساسية، إلى جانب خصوصية التعامل فيها من حيث النواحى الجمركية والاستيرادية والنقدية وغيرها والتى تتعلق بحركة البضائع دخولاً وخروجاً مما يسمح بقدر كبير من الحرية فى المعاملات التى من شأنها جذب الاستثمارات.

القارة الإفريقية تتمتع بمقومات هائلة تشجع على الاستثمار، ولديها موارد طبيعية عديدة تحتاج لحسن الاستغلال والتسويق الجيد لاستقطاب الاستثمار الأجنبى، وفى ضوء ذلك، اقترحت إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة فى أفريقيا. 

ويمكن التركيز فى المنطقة الحرة الأفريقية على المشروعات الاستثمارية والتنموية المتعلقة بصناعات واعدة وذات ميزة تنافسية فى مصر وأفريقيا، وتوقيع بروتوكولات تعاون مع الدول الإفريقية التى يتوفر لديها مواد خام بحيث تكون هناك استفادة متبادلة، مع ضرورة الترويج والتسويق الجيد لمزايا ومقومات المنطقة الحرة فى الأسواق والمحافل الدولية لجذب الشركات العالمية فى مختلف المجالات للاستثمار فى مشروعات داخل المنطقة الحرة.

ختاما.. أتمنى أن اتخاذ خطوات جدية سريعة لتفعيل هذا المقترح الذى تم التوافق عليه بين اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ والحكومة، ولا نستهدف منه سوى مصلحة مصر ودفع عجلة النمو الاقتصادى وتعزيز جهود الدولة لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: منطقة حرة أفريقية جذب للاستثمار تعزيز التكامل الاقتصادي التكامل الاقتصادى الاقتصاد المصري القارة الأفریقیة جذب الاستثمارات فى مصر

إقرأ أيضاً:

المشاط: نسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة وحوكمة الإنفاق الاستثماري

التقت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، النائب مصطفي سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أمين الأمانة المركزية لشئون العلاقات الحكومية بحزب مستقبل وطن، وذلك لمناقشة جهود تنفيذ خطط التنمية المستدامة.

وخلال اللقاء، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، جهود الوزارة في تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري، والمنهجية الجديدة لإعداد الخطة للعام المالي المقبل، وذلك في إطار الموازنة التشاركية ومنظومة متكاملة للتخطيط قائمة على النمو الاحتوائي ومعايير الاستدامة وتحقيق كفاءة الإنفاق العام في إطار التنمية الشاملة والمتوازنة لتحقيق أهداف التخطيط القومي طويل المدى والأولويات متوسطة وقصيرة المدى للدولة.

وأوضحت أن الحكومة تضع إعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية لرفع معدلات الكفاءة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي على رأس أولوياتها، موضحةً أنه تم تشكيل اللجنة العليا للهيئات الاقتصادية في عام 2022، وذلك قبل تشكيل اللجنة الفنية برئاسة الدكتور حسين عيسى، لتتولى أعمال دراسة أوضاع تلك الهيئات ودراسة الاختيارات الأمثل وفقًا لوضع كل هيئة بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي.  

واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، جهود تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية، مؤكدةً سعي الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال تضافر جهود مختلف مؤسساتها وبما يتسق مع الخطط الاستراتيجية المتكاملة، مشيرةً إلى تولي وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مهمة متابعة تنفيذ رؤية مصر 2030 والبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وذلك بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنيّة كافة وبالتعاون مع شركاء التنمية الدوليين للحصول على تمويلات دعم الموازنة لمساندة تنفيذ تلك الإصلاحات الهيكلية، والتي من شأنها تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وتحسين بيئة الأعمال، فضلًا عن تعزيز قدرة الاقتصاد الكلي للصمود أمام الصدمات والتحديات الخارجية، ودعم الانتقال الأخضر، بالإضافة إلى فتح آفاق مستقبلية لتنمية شاملة ومستدامة، لتعظيم الاستفادة من الشراكات التنموية.

وتطرقت "المشاط" إلى محاور برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، والتي تضمنت تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتنويع الهيكل الإنتاجي للاقتصاد المصري من خلال التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي، والمتضمنة قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيات المعلومات، وزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى دعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، ورفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني.

وتابعت "المشاط"، أن الوزارة أطلقت الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية خلال قمة المستقبل ضمن اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيو يورك سبتمر الماضي، وتم تطويرها بما يتسق مع الاستراتيجيات والسياسات الوطنية الرئيسية، وبرنامج الإصلاح الهيكلي الوطني، وسياسة ملكية الدولة، وإطار التمويل السيادي المستدام، وكذلك مع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج الإصلاح الذي يدعمه صندوق النقد الدولي.

وأضافت "المشاط"، أن الاستراتيجية المتكاملة لتمويل التنمية في مصر تدعم جهود الحكومة المصرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويمكن أن تُساهم آلياتها وإجراءاتها للتعاون واتخاذ القرار وإشراك الأطراف ذات الصلة في مصر من خلال سَد فجوة التمويل والحد من المخاطر المالية المستقبلية.

ومن جانبه، أشاد النائب مصطفى سالم بجهود وزارة التخطيط  والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المبذولة خلال الفترة الحالية، مشيرًا إلي أن الوزارة تأتي كإحدى الوزارات المهمة التي لها دور كبير في إعداد الخطط الاقتصادية القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل ومتابعة تنفيذها؛ فضلًا عن دورها البارز في توفير المنح الاقتصادية والتمويلات لمصر .

وأشار إلى أهمية زيادة الزيارات والمتابعات الميدانية للمشروعات المنفذة بالأقاليم خاصة محافظات الصعيد للتحقق من نسبة الإنجاز الفعلية، والدفع نحو سرعة الانتهاء من التنفيذ، و إزالة أي معوقات وعقبات تواجه الأعمال، مطالبًا بضرورة زيادة الاعتمادات المالية الخاصة باستثمارات محافظات الصعيد خلال خطة العام المالي القادم وذلك بالتنسيق بين الوزارات والمحافظات المختلفة.

كما أشار "سالم" خلال اللقاء إلى ضرورة سرعة استفادة الدولة من آلاف الأصول غير المستغلة والتي تم حصرها منذ سنوات عديدة ولم تتم الاستفادة منها بشكل كامل حتي الآن؛ مثنيًا على الجهد المبذول من الوزارة فيما يتعلق بدراسة أوضاع الهيئات الاقتصادية، مطالبًا بضرورة الإسراع بتنفيذ الرؤية بعد الانتهاء منها نظرًا لما تحمله العديد من الهيئات من أعباء للموازنة العامة للدولة.
 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإكواتوري تعزيز السلم والأمن في القارة الأفريقية
  • هاتفيا.. وزير الخارجية والهجرة يبحث مع نظيره الإكواتوري تعزيز السلم والأمن في القارة الأفريقية
  • انطلاق البرنامج التدريبي حول تخطيط وتصميم مشروعات التنمية الاقتصادية في بني سويف
  • أحمد عبيد مساعدا لوزير الثقافة للاستثمار
  • السوداني يؤكد تطلع العراق للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية مع سلطنة عُمان
  • السوداني: العراق يتطلع للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سلطنة عُمان
  • هيئة الاستثمار تستعرض آخر تطورات أنشطة الوساطة التجارية في مصر
  • وزير الاستثمار: الحكومة تسعى إلى منح الفرصة للقطاع الخاص لقيادة التنمية الاقتصادية
  • وزير الاستثمار يبحث مع وفد جون آفريك ترتيبات إقامة المنتدى الأفريقي للاستثمار والتمويل
  • المشاط: نسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة وحوكمة الإنفاق الاستثماري