منطقة حرة أفريقية.. جذب للاستثمار وتعزيز التكامل الاقتصادى
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
تعرض الاقتصاد المصرى لصدمات متتالية جراء الأزمات العالمية العاصفة بداية من جائحة كورونا وانعكاساتها الاقتصادية المختلفة، على جميع دول العالم مرورًا بالحرب الروسية – الأوكرانية وصولا إلى الصراع المسلح فى السودان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعها من توترات فى منطقة البحر الأحمر مما أثر بشكل ملحوظ على حركة الملاحة فى قناة السويس، ورغم هذه الأزمات إلا أن الاقتصاد المصرى لديه فرص للخروج من عنق الزجاجة، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات، خاصة أن مناخ الاستثمار فى مصر شهد وخاصة فى السنوات القليلة الماضية العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بهدف تيسير وتبسيط الإجراءات على المستثمرين.
ونظرا للعلاقة التى تربط مصر بالقارة الأفريقية، خاصة على مدار السنوات الأخيرة وتحديدا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى عمل بجدية على تعميق علاقة مصر بدول القارة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وشعبيا وأمنيا وإنسانيا، فالتوجه نحو أفريقيا أصبح ثابتًا ومستقرًا، من أجل التنمية فى أفريقيا وإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء، ويعد من أهم المستهدفات فى التعاون الاقتصادى هو دعم وتشجيع الاستثمار والتوصل لتحفيز الاستثمار الأجنبى فى القارة الإفريقية، بجانب الاهتمام بنقل التكنولوجيا والاعتماد المتبادل على الطاقة المتجددة، كون إفريقيا قارة واعدة فى هذا المجال.
لذلك أعتقد أن هناك حاجة مُلحة للتوجه إلى القارة الأفريقية بخطوات أكثر فاعلية وتأثيرًا، والاستفادة من كافة المقومات والمعطيات المتوفرة للتعاون الاقتصادى لدعم جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات، ومن هنا اقترحت إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر، وتقدمت باقتراح برغبة لمجلس الشيوخ بهذا المقترح وقد وافقت عليه لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار وسط تأييد ممثلى الحكومة.
فمن الضرورى إنشاء منطقة حرة أفريقية والتحرك من أجل تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية، للاستفادة منها والتوجه نحو القارة الأفريقية والاستفادة من المواد الخام الموجودة فى القارة مع إيجاد أوجه استفادة متبادلة بين مصر والدول الأفريقية الأخرى، لتعزيز التنمية المشتركة بين مصر ودول القارة، وتفعيل آليات التعاون فى ظل الاتفاقية، لتعظيم الاستفادة من الاستثمار والتجارة البينية فى القارة.
كما أن منطقة التجارة الحرة بالقارة الأفريقية (AfCFTA) يمكن أن تلعب دورًا مهمًا فى تعزيز نمو وتكامل الاقتصادات الأفريقية، وتفعيل وتحقيق أهداف الاتفاقية المنشئة للكوميسا لتعزيز وتكامل التعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء، بحيث يتم دفع عجلة التنمية المشتركة فى كل مجالات النشاط الاقتصادى، وذلك عن طريق التعاون فى إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلى والأجنبى، وهو ما سيساهم فى تفعيل مقترح إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر.
ولا يخفى على أحد دور المناطق الحرة فى جذب الاستثمارات ودعم الاقتصاد، حيث تُعد المناطق الحرة فى مصر نمطاً استثمارياً متميزاً، كما تمثل آلية هامة من آليات توطين الصناعة وزيادة الصادرات وتوفير العملة الأجنبية الصعبة، وزيادة الناتج القومى إلى جانب خلق فرص عمل جديدة نظراً لما تتمتع به من مزايا عديدة أهمها الارتباط المباشر بالعالم الخارجى وتوافر أراضٍ مكتملة المرافق والبنية الأساسية، إلى جانب خصوصية التعامل فيها من حيث النواحى الجمركية والاستيرادية والنقدية وغيرها والتى تتعلق بحركة البضائع دخولاً وخروجاً مما يسمح بقدر كبير من الحرية فى المعاملات التى من شأنها جذب الاستثمارات.
القارة الإفريقية تتمتع بمقومات هائلة تشجع على الاستثمار، ولديها موارد طبيعية عديدة تحتاج لحسن الاستغلال والتسويق الجيد لاستقطاب الاستثمار الأجنبى، وفى ضوء ذلك، اقترحت إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة فى أفريقيا.
ويمكن التركيز فى المنطقة الحرة الأفريقية على المشروعات الاستثمارية والتنموية المتعلقة بصناعات واعدة وذات ميزة تنافسية فى مصر وأفريقيا، وتوقيع بروتوكولات تعاون مع الدول الإفريقية التى يتوفر لديها مواد خام بحيث تكون هناك استفادة متبادلة، مع ضرورة الترويج والتسويق الجيد لمزايا ومقومات المنطقة الحرة فى الأسواق والمحافل الدولية لجذب الشركات العالمية فى مختلف المجالات للاستثمار فى مشروعات داخل المنطقة الحرة.
ختاما.. أتمنى أن اتخاذ خطوات جدية سريعة لتفعيل هذا المقترح الذى تم التوافق عليه بين اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ والحكومة، ولا نستهدف منه سوى مصلحة مصر ودفع عجلة النمو الاقتصادى وتعزيز جهود الدولة لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منطقة حرة أفريقية جذب للاستثمار تعزيز التكامل الاقتصادي التكامل الاقتصادى الاقتصاد المصري القارة الأفریقیة جذب الاستثمارات فى مصر
إقرأ أيضاً:
خبراء: الضرائب أداة فعَّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية
◄ "الغرفة" تستعرض دور تنظيم السياسات المالية في دعم النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال
◄ أدهم بن تركي: النمو الاقتصادي ما يزال هشًّا ومُتقلبًا أمام تغييرات أسعار النفط العالمية
◄ الرواس: غياب سياسة ضريبية متوازنة يُضعف الحافز على العمل والاستثمار
◄ السعيدي: تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والصناعات الاستراتيجية يُحفِّز الاستثمار
◄ المسافر: نقترح إعادة توجيه الإيرادات الضريبية لدعم القطاع الخاص وضخ السيولة
◄ كفاءة الانفاق الحكومي تُعوِّض الفاقد من الاستهلاك والاستثمار
◄ ضرورة توجيه الإيرادات الضريبية للبنية الأساسية والخدمية لتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار
◄ تأثر النمو الاقتصادي بالضرائب يعتمد على الأدوات الضريبية ومدى تدرجها وكفاءتها وأعبائها
◄ الضرائب أداة لتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي
مسقط- الرؤية
أكد خبراء ومتخصصون أهمية التطبيق العادل والمتوازن للضرائب وتحسين كفاءة النظام الضريبي؛ لتعزيز إسهام الضرائب في التنمية الاقتصادية، وبما يحقق التوازن بين تحفيز بيئة الأعمال والاستثمار وتمويل الخدمات العامة.
جاء ذلك في الأمسية الرمضانية الثالثة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة عُمان بعنوان "الضرائب وأثرها على التنمية الاقتصادية"، تحت رعاية معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد، وحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة، وأصحاب وصاحبات الأعمال.
وقال سعادة الشيخ رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان: "تعد الضرائب إحدى الأدوات المالية الأساسية التي يُعتمد عليها في تمويل النفقات العامة، ما يجعلها ليست مجرد تحصيل إيرادات، وإنما لها دو محوري في تحقيق التنمية الاقتصادية وتوجيه الاقتصاد نحو النمو والاستقرار". وبيّن سعادته أن توجيه الإيرادات الضريبية نحو تعزيز البنية الأساسية والخدمية يعزز بيئة الأعمال ويحسن مستوى المعيشة، وبالتالي يُشجِّع الاستثمار ويحفز النمو الاقتصادي، إلّا أن عدم وجود سياسة متوازنة للضرائب سيؤدي إلى إضعاف الحافز على العمل والاستثمار، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال أو تراجع النشاط الاقتصادي، خاصة وأن الضرائب المفرطة قد تؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى دول ذات معدلات ضرائب أقل فيما يعمل التهرب الضريبي على إضعاف الإيرادات الحكومية ويؤثر على تمويل المشاريع التنموية. وأضاف الرواس أن "العدالة الضريبية تُحفِّز على الامتثال وتُعزِّز مناخ الأعمال، مما يساعد على النمو الاقتصادي المستدام".
وقدم صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عُمان، ورقة عمل حول "أثر السياسات المالية والضريبية في سلطنة عُمان"، استعرض من خلالها ملامح السياسة المالية لسلطنة عُمان والتي تتضمن السياسة التنموية والصناعية والتي استثمرت الدولة من خلالها في البنية الأساسية، وأنشأت مناطق حرة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاعات غير النفطية بجانب ضبط الإنفاق؛ حيث نفَّذت الحكومة إصلاحات مالية شملت إعادة توجيه الدعم وتقنين منظومة التوظيف في القطاع العام للسيطرة على العجز، علاوة على الإصلاحات المالية وتنفيذ خطة التوازن المالي والتي شملت إعادة توجيه الدعم وإدخال ضريبتيْ القيمة المضافة والانتقائية، وإعادة جدولة الرسوم وتحسين كفاءة الانفاق العام.
واستعرض رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة في ورقة العمل أثر السياسات على النمو الاقتصادي والاستثمار من حيث الآثار الإيجابية، التي تشمل ارتفاع الاستثمار الأجنبي وتنويع الاقتصاد مع وجود بعض التحديات التي تشير إلى أن النمو الاقتصادي ما يزال هشًّا ومُتقلبًا أمام تغييرات أسعار النفط العالمية. وتطرقت ورقة العمل إلى آثار الضرائب من حيث الانفاق الاستهلاكي والادخار وتأثيرها على الاستثمار، مُبينًا أن تأثر النمو الاقتصادي بالضرائب يعتمد على الأدوات الضريبية ومدى كفاءتها وتدرجها وأعبائها؛ حيث تختلف آثار أنواع الضرائب المباشرة وغير المباشرة على الأفراد والشركات من حيث الاستهلاك والاستثمار. وشدد سموه على أهمية تعيين سياسة مالية وضريبية واضحة ومُتزنة في النوع والكم، مع مراعاة التجاذبات الاقتصادية والمالية، إضافة إلى أن كفاءة الانفاق الحكومي تُعوِّض الفاقد من الاستهلاك والاستثمار بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للضرائب.
من جهته، قدَّم الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس لجنة التظلمات ورئيس مجلس إدارة مركز التحكيم التجاري، ورقة عمل، حول "دور الضرائب في تحقيق الاستدامة المالية"؛ حيث استعرض الدور الذي تؤديه الضرائب كمصدر أساسي للإيرادات الحكومية؛ ما يوفر الاستدامة المالية التي تُمكِّن الحكومة من إدارة مواردها المالية بطريقة تضمن استمرارية تقديم الخدمات العامة دون اللجوء إلى مديونية مُفرطة أو عجز مُزمن في الميزانية؛ حيث إن الضرائب توفر مصدرًا ثابتًا لإيرادات لتمويل الإنفاق الحكومي، علاوة على أنه يمكن للسياسات الضريبية أن تُحفِّز الاستثمار والإنتاج، مثل تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والصناعات الاستراتيجية.
وبين السعيدي أن تحسين التحصيل الضريبي وتقليل التهرب، يُمكِّن الحكومة من تقليل العجز في الميزانية، بجانب دورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، من خلال فرض ضرائب على سلع نوعية أو تعديل الضرائب على الاستثمارات، ما يساعد الحكومة على توجيه الاقتصاد نحو استدامة أكبر.
من جانبه، قدم رشاد بن علي بن عبدالله المسافر المؤسس والشريك الإداري بشركة الآفاق المالية، ورقة عمل عن "الضرائب.. كأداة من أدوات السياسة المالية وأثرها على التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية"؛ حيث سلط الضوء على محورية الضرائب في السياسة المالية؛ إذ تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز التنمية، وتمويل المشاريع الوطنية، مشيرًا إلى أن نجاح السياسة الضريبية يعتمد على تحقيق توازن بين فرض الضرائب وتحفيز الاستثمار والاستهلاك، لضمان تحقيق أهداف النمو الاقتصادي دون التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي العام.
وتطرق المسافر إلى أهمية الإصلاحات الضريبية المستمرة وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث إن ذلك يُعَدّ ضرورة حتمية لتحقيق تنمية مُستدامة وشاملة. كما تطرق إلى تمويل الإيرادات الضريبية للعديد من المشاريع الوطنية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والتي على رأسها مشاريع البنية الأساسية التي تعزز من كفاءة النقل والتجارة وكذلك تحسين جودة التعليم والخدمات الصحية؛ مما يؤدي إلى رفع مستوى رأس المال البشري وتعزيز الإنتاجية وأيضا توفير الحكومة للدعم المالي للمؤسسات الناشئة.
واقترحت ورقة العمل عددًا من الآليات لاستخدام الضرائب في تحفيز الاقتصاد منها إعادة توجيه الإيرادات لدعم القطاع الخاص وضخ السيولة في السوق لدعم الأعمال، وخلق فرص عمل جديدة وتقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات الناشئة والصغيرة وتحفيز الاستثمار من خلال سياسات ضريبية مرنة.
وأكدت النقاشات خلال الأمسية، الدور المحوري للسياسات الضريبية في تعزيز بيئة الأعمال وتطوير الاستثمار، وأهمية تبني استراتيجيات ضريبية مدروسة لخلق مناخ استثماري جاذب يُساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.