دبي "أ ف ب": تحذر منظمات إغاثية عاملة في اليمن من أن ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير عمليات التسليم جراء التصعيد العسكري في البحر الأحمر، يهدد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وبعد تسع سنوات من النزاع، يحتاج أكثر من نصف سكان اليمن إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية، وفقاً للأمم المتحدة، تزامناً مع النقص الحاد في التمويل الذي يعيق عملية الاستجابة.

وأدت هجمات اأنصار الله في اليمن على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة إلى تفاقم مشاكل البلاد، إذ تواجه شركات الشحن تكاليف أعلى لاضطرارها إلى الالتفاف حول جنوب إفريقيا لتجنب المرور في الممر المائي الاستراتيجي.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه يلمس بالفعل الآثار المترتبة عن التصعيد الذي تضمّن أيضاً ضربات أمرييكية وبريطانية على أهداف عسكرية لأنصار الله.

وقالت الوكالة الأممية في تقرير صدر الأسبوع الحالي إنه "مع استمرار تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر، يواجه برنامج الأغذية العالمي زيادة في تكاليف الشحن بالإضافة إلى تأخيرات محتملة في التسليم".

وأضاف البرنامج في تقريره أنه "من المتوقع أن يتدهور وضع الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة"، مضيفاً أن اليمن الذي يعاني من تبعات الحرب، يعتمد على الواردات في 90 بالمئة من احتياجاتها الغذائية.

منذ 19 نوفمبر، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

وتؤثر هجمات الحوثيين على الملاحة وتسببت بارتفاع كلفة التأمين لشركات الشحن، ما أجبر كثيرين إلى تجنب هذا الطريق الحيوي الذي تمرّ عبره 12% من التجارة البحرية العالمية.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فقد تراجعت حركة المرور في البحر الأحمر بالفعل بنسبة 30% على الأقل هذا العام نتيجة للهجمات.

"نشهد تأخيرات"

وإذ لجأت شركات عدة إلى سلوك طريق طويل يلفّ حول جنوب إفريقيا لتجنب الممر المائي المضطرب، فإن ذلك يضيف تكلفة كبيرة، بما في ذلك تكاليف الوقود، والتي قد تنعكس على السلع الاستهلاكية.

وقد تؤدي الرحلة الأطول أيضاً إلى تأخير عمليات التسليم. وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يواجه ارتفاعاً في تكاليف الشحن بسبب "زيادة أسعار الشحن والتأمين وتكاليف الوقود الإضافية"، بدون أن يحدد المسار الذي تسلكه سفن المساعدات.

من جهتها، قالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة أخرى تعمل في اليمن، إنها "تشهد بالفعل تأخيرات في شحنات السلع المنقذة للحياة، بما في ذلك الأدوية، بسبب التصعيد العسكري".

وأشارت أنيا كاولي منسقة السياسات والمناصرة والاتصالات في اللجنة باليمن، إن المنظمة لا تزال تقدم خدماتها بكامل طاقتها باستخدام مخزونها من المساعدات.

لكنها أضافت لوكالة فرانس برس أن الوضع بدأ يشهد "ارتفاعاً في التضخم وزيادة في أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحلية مثل الغذاء والوقود".

واعتبرت أنه "إذا ما تصاعد الوضع في البحر الأحمر، فقد تتأثر قدرة المنظمات الإنسانية مثل لجنة الإنقاذ الدولية على تقديم المساعدة الإنسانية".

وغرقت أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية بالنزاع منذ اجتاح أنصار الله صنعاء في العام 2014. وفي العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري لدعم الحكومة.

ولقي مئات الآلاف حتفهم في المعارك أو لأسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء، في ما وصفته الأمم المتحدة بواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

وقالت دليلة المهدوي من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن "الأزمة الإنسانية سيئة كما كانت دائماً".

"قائمة الإرهاب"

وبعدما أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها ستعيد إدراج أنصار الله في قائمة المنظمات "الإرهابية" بسبب هجمات البحر الأحمر، قالت المهداوي إن هناك مخاوف من أن التصنيف قد يعرّض الاستجابة الإنسانية للخطر بشكل أكبر.

واعتبرت أنه من السابق لأوانه معرفة كيف سيؤثر ذلك على إمدادات المساعدات، إذ وعدت واشنطن بتقليص التأثير على المنظمات الإنسانية.

وأضافت المهدوي، وهي المسؤولة الإعلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، لفرانس برس: "لقد رأينا في التصنيفات السابقة المماثلة أن الاستثناءات الإنسانية ضرورية للسماح بمواصلة تقديم المساعدات، لذا نأمل أن يتم الاتفاق على ذلك في هذا الوضع أيضاً".

ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يشهد اليمن بعضاً من أعلى معدلات سوء التغذية المسجلة على الإطلاق، حيث يواجه أكثر من 17 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.

وقال المكتب الأممي إن نحو نصف الأطفال دون سن الخامسة يعانون من توقف النمو المعتدل أو الشديد.

والأسبوع الماضي، أطلق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نداءً للحصول على مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار لليمن هذا العام بعد نقص التمويل الذي أجبر منظمات عدة على قطع المساعدات.

وفي يناير، أصدرت 26 منظمة إغاثة تعمل في اليمن بياناً مشتركاً حذّرت فيه من أن المنظمات الإنسانية بدأت تشعر بالفعل بتأثير التصعيد في البحر الأحمر.

وقالت المنظمات التي تضم منظمة "كير" و"المجلس النروجي للاجئين" و"سايف ذا تشيلدرن"، إن "اضطراب التجارة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويتسبب في تأخير شحنات السلع المنقذة للحياة".

بقلم هاشم عسيران

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر فی الیمن

إقرأ أيضاً:

أوتشا: 2024 هو العام الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن عام 2024 هو "العام الأكثر دموية" للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، وذلك بسبب العدوان الذي تشنه إسرائيل على غزة منذ أكثر من عام.

وأشار المكتب في بيان، اليوم الجمعة، إلى "أن 280 من موظفي الإغاثة قتلوا في 33 دولة عام 2023"، وأن عدد هذا العام تجاوز "الأرقام القياسية" السابقة.

ولفت إلى أن "2024 هو العام الأكثر دموية لمنظمات الإغاثة الإنسانية، بتأثير الحرب في غزة".

وذكر أن "مقتل أكثر من 320 من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول/ اكتوبر 2023، كان له دور كبير في زيادة أرقام قتلى موظفي الإغاثة إجمالا".

وأضاف أن "أغلبية القتلى (في القطاع) كانوا على رأس عملهم لحظة قتلهم، وأنهم عموما من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا )".

وأكد أن المنظمات الإنسانية واصلت تقديم المساعدات الحيوية على الرغم من المخاطر، موضحا أنه في العام الماضي، تم الوصول إلى نحو من 144 مليون شخص محتاج، في حين تم الوصول إلى أكثر من 116 مليون شخص حول العالم حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2024

المصدر : وكالة وفا

مقالات مشابهة

  • «الأمم المتحدة»: 2024 الأكثر دموية للعاملين الإغاثيين جراء العدوان على غزة
  • الأمم المتحدة: 2024 الأكثر دموية للعاملين الإغاثيين جراء حرب غزة
  • أوتشا: 2024 هو العام الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية
  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • صحيفة سعودية تكشف بتعقيدات جديدة في اليمن واستهداف قادة بارزين
  • مجموعة تجارية أمريكية تدعو الرئيس بايدن لحماية الممرات الملاحية الدولية في البحر الأحمر من هجمات الإرهابيين الحوثيين
  • واشنطن تحمل الحوثيين مسؤولية فشل مفاوضات السلام في اليمن
  • إشادة عمانية ببطولات مغاوير اليمن وتأييد صيني رسمي
  • مجلس الأمن يعلن قرارًا جديدًا حول اليمن.. ماذا يتضمن؟
  • لندن:هجمات اليمن تخنق التجارة البريطانية