ساعات مخصصة للفلسطينيين وأخرى للمستوطنين.. هل قُسّم الأقصى زمانيا؟
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
القدس المحتلة- أمَّ المسجدَ الأقصى، اليوم الخميس، نحو 15 ألف فلسطيني من القدس والداخل المحتل، إحياء لذكرى الإسراء المعراج. وبالتزامن، أغلقت شرطة الاحتلال باب المغاربة أمام اقتحامات المستوطنين.
وبينما قيّدت دخول الفلسطينيين إلى المسجد لأقصى على مدار 5 أيام في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، سمحت لأكثر من 1300 مستوطن باقتحامه لإحياء عيد الأنوار اليهودي، في تجسيد واضح للتقسيم الزماني في المسجد الأقصى.
تردد مصطلحا "التقسيم الزماني" و"التقسيم المكاني" للتحذير من مغبة تطبيقهما في المسجد الأقصى، لكن العقد الأخير كشف عن تطبيق قسري تدريجي للتقسيم الزماني تحديدا، والذي يتمثل بتخصيص أيام أو أوقات محددة لصلاة المسلمين في الأقصى، وأخرى لصلاة اليهود فيه.
فتح الاحتلال عام 2003 باب المغاربة -أحد أبواب المسجد الأقصى- أمام المستوطنين الراغبين في اقتحام المسجد لهدف ديني لا سياحي، حيث باتوا يقتحمون المسجد بمجموعات منظمة وبحراسة خاصة من شرطة وقوات الاحتلال. ويُخصص لهم ساعات معينة صباحا وأخرى ظهرا على مدار 5 أيام في الأسبوع، يضيّق خلالها على دخول المسلمين إلى المسجد.
ومنذ عام 2015 تصاعد التضييق على دخول المصلين المسلمين إلى الأقصى خلال الأعياد والمناسبات اليهودية، مقابل تأمين علني لاقتحام المستوطنين، في الأعياد التالية: رأس السنة العبرية، وعيد الغفران، وعيد العرش، وعيد الأنوار، وعيد المساخر، وعيد الفصح، وعيد الشعلة، وعيد نزول التوراة، و6 أيام صيام متفرقة.
خلال تلك الأعياد، كثف الاحتلال حملات الإبعاد عن المسجد بحق الناشطين والمرابطين الفلسطينيين، كما اقتصر السماحَ بالدخول -خلال فترة الاقتحام- على كبار السن منهم فقط، واحتجزت الشرطة بطاقات المصلين الشخصية على الأبواب شرطا للدخول.
وفي أحيان كثيرة مُنع الدخول كليا، بحجة "الحفاظ على النظام العام"، كما أكد مصلون للجزيرة نت أن الشرطة عللت المنع صباحا بعدم حلول وقت الصلاة.
حاولت شرطة الاحتلال الظهور بمظهر الطرف المحايد الراغب بتحقيق النظام والأمن داخل المسجد الأقصى، فعمدت إلى وقف الاقتحامات وإغلاق باب المغاربة خلال المناسبات الدينية الإسلامية مثل ذكرى الإسراء والمعراج، والمولد النبوي الشريف، ورأس السنة الهجرية، والعشر الأواخر من رمضان.
لكن إذا تقاطعت مناسبة دينية إسلامية مع أخرى يهودية كانت الشرطة تسمح بالاقتحام وتوفر حماية قصوى للمستوطنين مقابل قمع المصلين كما حدث في العشر الأواخر من رمضان عام 2021.
هل يشابه الإبراهيمي؟
تكمن خطورة التقسيم الزماني في الإقرار بأن المسجد الأقصى المبارك قابل للقسمة بين المسلمين واليهود. وهنا يقول أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف للجزيرة نت إن تقسيم المسجد زمانيا أو مكانيا يعني تغيير الوضع القائم فيه نهائيا.
وأضاف "أي تقسيم في الأقصى سيكون بداية عملية مبرمجة لتغيير الوضع القائم في المسجد نحو السيطرة الكاملة، كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل".
ويُعد المسجد الإبراهيمي نموذجا جليا للتقسيم الزماني والمكاني، حيث احتُل بالكامل عام 1967، وأغلق أشهرا بعد المجزرة التي حدثت فيه عام 1994، ومن ثم حول إلى ثكنة عسكرية تملؤها كاميرات المراقبة والبوابات الإلكترونية، وتعلوها الأعلام الإسرائيلية، كما اقتطعت أجزاء منه للمستوطنين بشكل نهائي، وخلال الأعياد اليهودية يغلق بالكامل أمام الفلسطينيين، ويفتح للمستوطنين.
حاول الاحتلال إسقاط تجربته في الإبراهيمي على الأقصى، لكنه اصطدم بهبة باب الأسباط عام 2017 حين حاول إنشاء بوابات إلكترونية عند أبوابه فأفشلت خطته.
ومع ذلك ما يزال خطر التقسيم المكاني يهدد المنطقة الشرقية قرب باب الرحمة، حيث يؤدي المستوطنون المقتحمون صلواتهم الصامتة والعلنية عندها، ويعقدون محاضرات ودروسا، وينفذون طقوسا دينية جماعية مثل السجود الملحمي، وتقديم القرابين النباتية في عيد العرش، وتأبين جنودهم القتلى.
وخلال فترة الاقتحام تمنع شرطة الاحتلال المصلين وحراس المسجد الأقصى من الاقتراب من المنطقة الشرقية تماما، وتعتقل وتبعد كل من يخالف ذلك.
يرى معروف أن تطبيق مخطط المسجد الإبراهيمي في الأقصى مرتبط بردة الفعل الشعبية، التي تمثل برأيه الرادع الوحيد، قائلا إن تمرير أي انتهاك يعني تمكين الاحتلال من التقدم خطوات إضافية نحو حلمه في السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، في ظل الاعتياد على التقسيم وجعله أمرا واقعا.
ومع أن التضييق على أبواب المسجد الأقصى اشتد بشكل غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا إن التقسيم الزماني كان قائما قبل ذلك، وتجلى خلال اقتحام عيد العُرش اليهودي الذي سبق معركة طوفان الأقصى.
ويحذّر معروف من أن التقسيم المكاني قد يكون الخطوة التالية بعد التقسيم الزماني، قائلا "قد يعمل الاحتلال على تخصيص جزء من المسجد لصلاة المستوطنين، وتحديدا في المنطقة الشرقية، وإن ظل الصمت الفلسطيني والعربي مطبقا فإنه سيفتح شهية الاحتلال لاقتطاع مساحات إضافية أعلن عنها مسبقا مثل الزاوية الجنوبية الغربية، أو الساحات الشمالية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المسجد الأقصى فی المسجد
إقرأ أيضاً:
استشهاد فلسطيني عقب هجوم للمستوطنين على بلدة سنجل شمال رام الله
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الاثنين، استشهاد مواطن عقب هجوم للمستوطنين على بلدة سنجل شمال رام الله بالضفة الغربية.
وقالت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أن "المواطن وائل باسم محمد غفري (48 عاماً)، استشهد نتيجة الاختناق بالغاز السام الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال توفيها الحماية لعشرات المستوطنين الذين اقتحموا بلدة سنجل، شمال رام الله".
وهاجم المستوطنون اليوم الاثنين، بلدة سنجل شمال محافظة رام الله والبيرة، وأحرقوا منازل وممتلكات لمواطنين فلسطينيين.
وقال شهود عيان إن "مجموعة من المستوطنين هاجمت تلة تفصل بين قريتي سنجل والمزرعة الشرقية المجاورة لها، وأحرقوا بيتا ريفيا بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي".
وأضافوا أن "مواجهات اندلعت في البلدة مع جيش الاحتلال الذي قدم الحماية للمستوطنين، وأطلق الرصاص تجاه المواطنين بمساعدة المستوطنين المسلحين، ولم يبلغ عن وقوع إصابات بالرصاص، فيما أصيب عشرات المواطنين بحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع الذي أطلق تجاه المواطنين هناك".
ولاحقا، أعلنت وزارة الصحة استشهاد المواطن وائل باسم محمد غفري (48 عاماً) نتيجة الاختناق بالغاز السام من قبل قوات الاحتلال في بلدة سنجل.
وأوضح شهود العيان أن حوالي 20 مستوطنا اقتحموا البلدة في منطقة خربة التل في ساعة متأخرة من ليلة أمس، وصباحا توجه أهالي البلدة لموقع الخربة، هاجمهم المستوطنون، الذين استقدموا مزيدا منهم ووصل عددهم لنحو 200 مستوطن، وأحرقوا عزبة تعود ملكيتها للمواطن محمد غفري، وورشة قيد البناء و3 "بركسات"، كما سرقوا 45 رأسا من الخراف، وقتلوا عددا منها.
وأضاف أن أحد أصحاب العزب المحروقة أصيب بجلطة قلبية بعد أن تم الاعتداء عليه وضربه في وجهه ورشه بالغاز السام.
يُذكر أن المستوطنين أقاموا 60 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية منذ بدء الحرب ضد قطاع غزة في تشرين أول/ أكتوبر 2023، منها 51 بؤرة في عام 2024، وفق معطيات صادرة عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وأدت الانتهاكات الاستيطانية الإسرائيلية بالضفة، إلى تهجير 29 تجمعا فلسطينيا مكونا من 311 عائلة يصل تعداد أفرادها إلى نحو ألفين، بين 7 أكتوبر 2023 ونهاية عام 2024، بحسب الهيئة.