صلاح جلال

قال الحُكماء عندما تبدأ الحرب يبدأ الكذب وينتهى الإعلام لتبدأ الدعاية 

كما قالت سيرة التاريخ تنتهى الحروب ويبدأ التفاوض عندما يخرج الواقع لسانه للمتحاربين وتستحيل عوراتهم ومناقِصهم عن السِتر وتنتهى صلاحية وتأثير الكذب والدعاية الحربية على عامة الناس ، ويسود ويفرض التفكير الواقعى نفسه وقبول الحقائق على الأرض كما هى لا كما نرغب أن نراها ، ويعترف طرفى الحرب بخسائرهم ومكاسبهم فى حجمها الطبيعى وليست المتخيل ويخرجون من حالة الإنكار Self Denail والكذب لحالة الصدق مع النفس والشعب Realistic والتعبير الزائف لمواجهة حقيقة الموقف بكل مأساويته ومراراته وأثقاله المُفزعه المغطاه برماد الدعاية الحربية والبطولات الزائفة والإنتصارات الإفتراضية ، بأكل الزلابية والبطيخ وسط المواطنين.

لرسم صورة خادعه للقائد المحبوب الذى جوع ٢٥ مليون مواطن ونزّح ١٠ مليون منهم وهجر ٢ مليون لدول الجوار وفقد السيطرة على عاصمته القومية وحرق نصف بنياتها الأساسية وفقد معظم المقار الرئيسية لقواته فى عهده الميمون كقائد عام للقوات المسلحة وليطلب المزيد من الثقة به للإستمرار فى الحرب ليغير إحداثياتها بعد عشرة أشهر من وقوعها، وهو المنتظر منه الإهتمام بالحياة بدل نشر الموت وسد الجوع بدل صناعة المجاعة وتوفير الدواء بدل انتشار الأوبئة بهذا المشهد المؤسف ينتظر أن يمنحه الشعب ثقة قائد تغريبة بنى هلال لتحقيق النصر وإلحاق الهزيمة بالعدو والحقيقة تقول (الخريف اللين من رشاشوا بين ) كما قالت إحد السيدات على لسان غالبية الشعب فى فيديوا مبذول على الأسافير ( *ما عايزين مزيد من الحرب وقلنا* *الروووب يا برهان*) هل من مجيب .

صناعة السلام ليست مهمة سهلة تحتاج لقدرات معرفية ونفسية ولقيادة حقيقية موحدة تمتلك الشجاعة والجراءة والصدق أكثر من قرار الدخول فى الحرب وتحقيق النصر *الصراع بالحق وسلاح التدافع السلمى أبلغ من الصراع بالقوة* فما تحقق من تغيير فى العالم بالسلام والكلمة أوسع وأعمق مما غيره العنف مع فرق التكلفة ، وكما ذكر الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى كتابه (نصر بلا حرب) وكما حقق الرسول الكريم بصلح الحديبية دخول مكة بلا حرب ، هل بمقدور القائد العام للقوات المسلحة فى هذه اللحظة التاريخية أن يستجمع شجاعته ويفلت من سياج(البلباصين) والمضللين سماسرة الحروب الخاسرة (الجنوب – دارفور – وشوارع الخرطوم ) الذين يحيطون به إحاطة السوار بالمِعصم فى حِلّه وترحاله فى بورتسودان ويزينون له غسل الدم بالدم وإبدال عمار السلام بدمار إستمرار الحرب ، لتحقيق أشواقهم الصغيرة فى السيطرة على السلطة بالقوة .

ختامة
إذا كانت هناك حرب خسارتها أشرف من كسبها هى هذه الحرب فى السودان . لنعود للشاعر الفلسطيني مروان البرغوتى
بعضُ المعاركِ في خُسرانِها شرفٌ
من عاد منتصرًا من مثلِها انهزَما

٨ فبراير ٢٠٢٤م

الوسومصلاح جلال

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح جلال

إقرأ أيضاً:

تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !

تراكم أخطاء إتفاقيات السلام …
وثمارها المرة الحرب الحالية … 2023 – 2025م … وفي الحروب التي ستأتي !
إن هذه الحرب بكل فظاعاتها وإجرامها المرتكب من القوات المتمردة هي نتيجة حتمية للأخطاء التفاوضية الكارثية لكل إتفاقيات السلام منذ 1972م ، ومن هذه الأخطاء مثالا لا حصرا :
+ قبول التفاوض مع الحركات المتمردة.
+ دمج المتمرد في الجيش والأسوأ أن يكون ضابطا في الجيش ويتمرد ثم يعاد دمجه من جديد.
+ تعيين قيادات التمرد في المناصب القيادية في الدولة.
+ السكوت عن إنتزاع إقرار بتجريم استهداف الممتلكات العامة :
في كل الإتفاقيات سكت المفاوض الحكومي عن إنتزاع إقرار واعتذار من الحركات المتمردة عن إستهدافها وتخريبها للبنيات التحتية والممتلكات العامة وهذا التخريب للممتلكات العامة تحديدا ظل ممارسة كل الحركات المتمردة ، وليت الأمر توقف عند ذلك فقد وصل إلى أن يتحول المتمرد السابق إلى مفاوض حكومي في تمرد تال !
+ السكوت عن ترويج المتمرد السابق لسرديته الخاصة وتاريخه الشخصي الذي يسميه كفاحا ونضالا.
فبعد إنضمام المتمرد السابق لأجهزة الدولة تم السكوت عن قيام المتمردين السابقين بالترويج لقتالهم ضد الجيش السوداني باعتباره كفاح ونضال وإسباغ هالات البطولة على قياداتهم ما يعني تجريما ضمنيا للجيش السوداني وهضما لتضحيات ضباطه وجنوده.
كل هذه التفريطات شجعت التكاثر المتزايد للحركات حتى تضخمت أعداد الحركات المسلحة ووصلت العشرات وصارت بارعة في تكتيكات الإنشقاقات بحيث يتفاوض منها جزء وينضم لإجهزة الدولة بيننا يظل شقهم الآخر متمترسا في الميدان.
ولكل هذه الأخطاء المتراكمة لا ييأس التمرد الحالي 2023م – 2025م وداعميه من إرتكاب الجرائم والانتهاكات لأن لديهم سوابق لا يختلف عنها إلا باختلاف القوة والكم وجميعها تم السكوت عنها في مفاوضات السلام بل وتم لاحقا إصدار قرارات بالعفو أو إلغاء العقوبات عن مرتكبيها.
وحتى لا تتواصل دورات الحروب فلا مناص لكل الحركات المتمردة حاليا أو التي وصلت للمناصب من التبروء والإعتذار عن كل ما مارسته من استهداف للممتلكات العامة وتحريضها على الحصار الاقتصادي للسودان والمؤسسات السودانية مع تجريم استخدام مصصطلحات التهميش والعدالة والمساواة كمبررات لحمل السلاح.
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أرسنال ضد سان جيرمان.. ماذا تقول سجلات التاريخ؟
  • القضاء على حماس والنصر المطلق.. ماذا يقول مسؤولون ومحللون إسرائيليون؟
  • وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي: الحرب على غزة ستنتهي خلال ١٢ شهرا وسنتوصل إلى مزيد من اتفاقيات السلام
  • من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
  • جهود دبلوماسية بالدوحة وتقدم نحو وقف إطلاق النار في غزة.. ماذا يحدث؟
  • مليشيا الحوثي تحاول السطو على أراض بالقوة وتشتبك مع قبائل بمأرب
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
  • عقيد أمريكي: زيلينسكي سيوقّع السلام مع روسيا قريبًا
  • المنتخب الكيني يسعى لكتابة التاريخ في أول ظهور بأمم أفريقيا للشباب 2025
  • 100 مليون قتيل.. ماذا لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان؟