الفن و المشاهير، نيللي مقدسي سعيدة بأصداء كليب أغنيتها الحلو طل،عبّرت الفنانة اللبنانية نيللي مقدسي عن سعادتها بأصداء أغنيتها الجديدة الحلو طل .،عبر صحافة لبنان، حيث يهتم الكثير من الناس بمشاهدة ومتابعه الاخبار، وتصدر خبر نيللي مقدسي سعيدة بأصداء كليب أغنيتها "الحلو طل"، محركات البحث العالمية و نتابع معكم تفاصيل ومعلوماته كما وردت الينا والان إلى التفاصيل.

نيللي مقدسي سعيدة بأصداء كليب أغنيتها "الحلو طل"

عبّرت الفنانة اللبنانية نيللي مقدسي عن سعادتها بأصداء أغنيتها الجديدة "الحلو طل" التي طرحتها على يوتيوب.

وكتبت نيللي في صفحتها الرسمية بموقع للتواصل الاجتماعي :"شكرا جزيلا لكل من شارك في هذا المشروع تحت إشراف المخرجة رندلى قديح".وها هي يللي مقدسي تثبت مرة جديدة أنها تنتقي أعمالها بكل ذكاء وتنال إعجاب جمهورها بكل عمل جديد تطلقه، لذلك في كل مرة تطرح فيها أغنية جديدة تحتل المراتب الأولى.وتوّجت نيللي تعاملها فمن ناحية الكلمات والألحان مع زياد جمال في أغنية "الحلو طّل" الذي جرى تصويرها على طريقة الفيديو كليب تحت إدارة المخرجة رندلا قديح ، وقد تولى توزيع الأغنية: البير بويادجيان، المكس وماسترنغ جورج برين شاكر، أما التسجيل فجري في استديو فادي جيجي.وانتشر الكليب وصدى الأغنية بلمح البصر ولقي استحسانًا وقبولًا كبيرًا من الجمهور إذ إن الاغنية ايقاعية راقصة لكما أن صون نيللي الجميل أضفى على الأغنية سحراً من نوع آخر.

المصدر: صحافة العرب

كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس

إقرأ أيضاً:

قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية

عبد العزيز الحلو: كيف كبدنا خذلان الحركة الشعبية له في اتفاقية السلام الشامل “2005”
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
(الحرب القائمة في السودان حالة قصوى من العزة بإثم السلاح وهرجه. ولم يسلم من عدوى هذا الهرج حتى من خرج للحق متأبطاً سلاحه بلا حاجة لذلك. فلن يقف حامل السلاح عند تحرير نفسه بالعنف من الخصم الذي خرج له أول مرة. بل ستجده يلجأ للسلاح أيضاً متى أشكل عليه أمر في حركته نفسها كما رأينا في انقسام الحركة الشعبية في 2017. ولربما كانت هذه الحرب على علاتها مناسبة لا للعن ظلام صفوة الحكم منذ 1956 وحسب، بل للعن ظلام من حاربوها بالسلاح في حين ظلت صفوة نكداء في المركز تسقط بالثورة المدنية المركز اللعين في كل مرة بينما السلاح الذي خرج لقتالها في أغماده. وكما قال مارتن لوثر كينغ “إنك لن تحارب الظلام بالظلام”)
لم تروج الحرب القائمة لنقد صفوة الحكام الوارثين للدولة السودانية من الاستعمار الإنجليزي في 1956 على نطاق واسع فحسب، بل وفي سياق محاولة حثيثة لتبديله حيث هو في الخرطوم بيد “الدعم السريع” لا باللسان من الهامش كما كان قبل ذلك.
وأكثر شكوى نقاد هذا الحكم لصفوة الشمال النيلي أنه ضرج حياتنا بالحرب ضد كل من خرج عليه يطلب حقاً. فأظهر زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان عبدالعزيز الحلو عزة شديدة في حديثه بالوسائط للجنة المقاومة في حي العباسية بمدينة أم درمان في 11 سبتمبر (أيلول) 2020 بنهوض الهامش السوداني منذ 1983 بالسلاح لرفع الغبن التنموي والسياسي الواقع عليها من نخبة الأفندية “الشمالية” التي استأثرت بالحكم منذ الاستقلال. فما خرج أحد بمظلمة حتى لاقته هذه النخبة الحاكمة بالسلاح، ثم اكتشفت أخيراً أنها لا تحتكر وحدها السلاح. فجاءها من كل صوب.، وبينما صح نعي الحلو هذه النخبة لمفاسدها في الدولة وإفراطها في العنف لتبقى على كراسيها إلا أنه أعفى من مؤاخذة من خرجوا لـ”عتابها”، في قول الشاعر بشار بن برد، بالسلاح من كل تبعة في الأزمة السودانية وعنفها. فالذين خرجوا بالسلاح أعداهم غروره بالمثل وضربهم هرجه.
وكان الحلو نفسه ضحية رفاقه من حملة السلاح. فاعتزاله الدولة والثورة والحرب السودانية لياذاً بدولته المحررة بجبال النوبة جنوب غربي البلاد أثر من خذلان رفاق السلاح له في أوائل القرن الحالي. فكان طلب من الحكومة الانتقالية بعد سقوط حكومة الإنقاذ في 2019 أن تعلن علمانية الدولة، أو أن تمنح جبال النوبة حق تقرير المصير الذي يأذن باستقلالها متى أراد أهلها ذلك.
قال الحلو لشباب مقاومة حي العباسية بأم درمان أنه غير ملح مع ذلك على علمانية الدولة وسيكتفي بتقرير مبدأ فصل الدين والدولة، والعلمانية وفصل الدين عن الدولة وجهان لعملة واحدة بالطبع.
إذا أردنا معرفة لماذا اعتزل الحلو الثورة والحكومة الانتقالية والحرب القائمة عدنا إلى مفاوضات السلام التي انعقدت بين دولة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان في 2002. وهي المفاوضات التي تحقق بها لجنوب السودان، الذي هو الأصل في دعوة السودان الجديد التي استجاب لها الناس في جبال النوبة ومنطقة النيل الأزرق ودارفور، ألا يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وحق تقرير المصير الذي انتهى بالجنوب للانفصال من السودان في 2011 فيما خرجت جبال النوبة والنيل الأزرق صفر اليدين من ذلك الحق. في حين أنها حاربت لأجله كتفاً بكتف مع الحركة الشعبية، بل وباسمها، للحصول عليه.
روت الدبلوماسية النرويجية التي شاركت في مفاوضات السلام السودانية في أوائل القرن هيلدا جونسون، في كتابها “شن السلام في السودان” 2011 عن تنازل العقيد جون قرنق عن شمول جبال النوبة والنيل الأزرق عن ذلك الحق ولوازمه مثل ألا تطبق الشريعة وسطهم. فقد عارضت الحكومة أن يكون للمنطقتين ما للجنوب لأنهما واقعتان في حدود شمال السودان منذ استقلاله في 1956 ويجري عليهما ما يجري عليه. ولما جعلت الحكومة استفتاء المنطقتين عن مصائرهما خطاً أحمر تكون به المفاوضات أو لا تكون تنازل قرنق متحرجاً. وجدت هيلدا مخرجاً لقرنق من حرجه حيال رفاق سلاحه. فاقترحت عليه منح المنطقتين ما عرف لاحقاً بـ”المشورة الشعبية” التي قالت إنها مستمدة من تجربة تيمور الشرقية مع إندونيسيا. وبمقتضاها لا يسقط عن المنطقتين حق الانفصال فحسب، بل وتطبق الشريعة الإسلامية فيهما أيضاً. وتعويضاً لهما عن الفقد سيكون لمجالس المنطقتين النيابية الشورى في مدى التزام الحكومة بما اتفقت عليه حيالهما في اتفاق السلام الشامل عام 2005. ومن حق تلك المجالس أن تقرر، على ضوء جردها لما تحقق من ذلك الالتزام، أن كانت سعيدة بسجل الحكومة في الخصوص أو أن تعطل اتفاقية السلام معها، وتطلب الاستفتاء المؤدي للانفصال. وتركوا كل ذلك لزمانه ومكانه تحت الحكومة الانتقالية التي سيكون للحركة الشعبية فيها حظ كبير.
وبلغ من حرج قرنق لخروجه بالاستفتاء والعلمانية، إذا كان لا بد، للجنوب دون المنطقتين أن سأل هيلدا أن تراضي الحلو وزعيم الحركة الشعبية بمنطقة النيل الأزرق مالك عقار على صيغة المشورة الشعبية التي اعترفت هي نفسها أن نسختها الإندونيسية شملت الاستفتاء نصاً. وللمراضاة وعدت هيلدا الحلو وعقار أنها ستحشد الرأي العام العالمي لتقوم انتخابات المجالس التشريعية في المنطقتين حرة نزيهة، وأن تقف دولتها، النرويج، بقوة مع خياراتهما في المشورة الشعبية. وكان ذلك مما يسميه الفرنجة “جر الصوف على عين محدثك”، أي خداعه، فقالت إن العالم لم يلتزم بأي مما التزمت به هي لهما. فنسي المنطقتين. ولم تجنِ أي منهما ثمار السلام المسمى شاملاً فحسب، بل ساق غموض مفهوم المشورة الشعبية الملتبس إلى الحرب بين الحكومة والحركة الشعبية في المنطقتين خلال 2011. ووصفت هيلدا ذلك التنصل من تلك الالتزامات بالخيانة التي ارتكبها العالم وصفوة الخرطوم بما فيها صفوة الحركة الشعبية الحاكمة التي كانت طرفاً ذا ثقل في الحكومة الانتقالية من 2005 إلى 2011. وزادت هيلدا بقولها إن شعبي المنطقتين يشعران بالمرارة من هذه الخيانة وعليه وجب اعتبار هذه المرارة في أي سيناريوهات قادمة لحلحة أزمة السودان.
وأخذ الحلو على النخبة التي اختطفت دولة ما بعد الاستقلال أنها جعلت الحرب سمة تاريخنا المعاصر، وجعلت العنف شريعة ضد كل صاحب مظلمة. والأحرى بالقول إنها جعلت العنف شريعة فينا. فلم تجد الحركة الشعبية المسلحة، التي كان الحلو نائب القائد العام لها، بداً من تصفية الخلافات التي ثارت وسطها في 2017 إلا بالعنف، فانقسمت يومها إلى جناحين. كان على رأس واحد منها رئيس الحركة عقار وأمينها العام ياسر عرمان وناطقها الرسمي مبارك أردول، بينما كان الحلو على رأس الجناح الثاني حيث نجح في حيازة غالب أصول الحركة المادية والبشرية. فأجلى خصومه من إقليم جبال النوبة الذي يدين له بالهوية العرقية بجانب أمور أخرى. ولاحقهم في إقليم النيل الأزرق الذي ينتمي عقار لبعض شعبه. وأضعفهم للغاية. والتحم جيشا الجمعين في مثل معركة قوز البقر 19 فبراير (شباط) 2018 بالدبابات والسيارات المحملة بالمدافع الرباعية والدوشكا. وعم شر القتال أهالي المنطقة فأسرعوا بالألوف للجوء إلى دولة جنوب السودان، فيما ناشد وجوه القوم من المنطقة الحلو أن يبتعد عنها ويمتنع عن الفتنة بين مكوناتها. واستنكر مبارك أردول على الحلو أن يوقف العدائيات مع حكومة البشير في حين يوجه بنادقه إلى صدور رفاقه.
وكان لهذا العنف بين الرفاق الأعداء ومقاتلة ذيوله السياسة المضرجة بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018. فامتنع الحلو عن الجلوس على مائدة واحدة مع جناح عقار في مفاوضات السلام بجوبا في 2020 لأنه لا يعترف بتمثيل عقار لأي من المنطقتين، جبال النوبة والنيل الأزرق، كما يدعي.
وفي غياب الحلو حصل جناح عقار من اتفاقية جوبا على حظ لا بأس به من المناصب. فخصته الاتفاقية بمنصب الوالي على النيل الأزرق ومنصب نائب الوالي في جبال النوبة، علاوة على نصيب معقول من حقائب الوزراء والمديرين وغيرها في المنطقتين. وزاد الطين بلة اعتلاء عقار بالاتفاقية سدة المجلس السيادي للدولة. وبالطبع أثقل على الحلو تعيين ياسر عرمان مستشاراً لعبد الله حمدوك، رئيس الوزراء، وأردول مديراً للشركة الوطنية للمعادن، جوهرة ثروة السودان. ذلك كله في نظر الحلو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق. فاعتزل منبر جوبا يريد لحركته ذات الشوكة مائدة مفاوضات مستقلة لتناقش مطلبه بالعلمانية، أو بمنح دولته بجبال النوبة حق تقرير المصير. وهي عودة إلى مطلب خسره منذ 20 عاماً خلت على رغم أنه دفع ثمنه غالياً. ولا أعرف خسارة للحكومة الانتقالية توازن خسارتها من اعتزال الحركة الشعبية بغزارة تابعيتها وخبراتها السياسة والعسكرية لها. وفي المقابل لا أعرف خسارة للحركة الشعبية مثل اعتزالها لثورة هي بنت اجتهاد قوى المقاومة المدنية وصفها الحلو نفسه بـ”المجيدة”. وقال في تحية شبابها في أم درمان إنها كسرت ظهر نخبة مركزية متشبثة بكراسي الحكم ومستأثرة به لتتخطى “جميع أدوات وآليات فرق تسد بدءاً من اللون والدين والعرق والإثنية والثقافة والجهة لتوحد كل السودانيين حول المشتركات والقضايا الأساسية التي تجمعهم كلهم”.
ليست الزعزعة التي ضربت إقليم النيل الأزرق في خريف 2022 وقتلت المئات وشردت الألوف ببعيدة عن صراع الحلو وعقار المار ذكره بصورة غير خالصة التأكيد بعد. فمن رأي المحللين أن ظاهر الصراع كان بين شعب الهمج وحلفائه، مما يسمى بالمكونات الأصلية للمنطقة، وبين شعب الهوسا المستوطن فيها، ولكنه كان في باطنه صراعاً بين عقار والحلو من جناحي الحركة الشعبية. ونفى الواثق كمير، العليم في شأن الحركة الشعبية، أن يكون لها دخل فيه على رغم الاتهامات التي وجهت للحلو وقائد جناحه في النيل الأزرق جوزيف تكة بإذكاء الفتنة بين المكونات الاجتماعية هناك.
وقال الواثق إن هذا الفهم ربما ترسخ “في أذهان البعض على خلفية الاتهامات والملاسنات المتبادلة بين قيادات الحركتين”. فمن جانب، صرح والي النيل الأزرق من جناح عقار أحمد العمدة، بأن “جهات أجنبية والحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، ضالعة في أعمال العنف القبلي الذي وقع بالإقليم هذا الشهر”. وحمل جناح الحلو، من الجانب الآخر، الوالي وعقار مسؤولية تأجيج الصراع علاوة على فشل اتفاق جوبا في توفير الأمن والاستقرار. ومع أن الواثق المحسن للتحري مصدق في الشأن إلا أن تبادل الجناحين الاتهامات في أمر جلل كمحنة النيل الأزرق لا بد أن فيه ما فيه. فالمنطقة عظمة نزاع بينهما ولا يتصور المرء أنهما اعتزلا مجرياتها المأسوية حباً وكرامة. فليس الجناحان ممن يعف عند المغنم. فالسلاحف وحدها، في قول السودانيين، من تحسن عض واحدها الآخر ولا أحد يرى.
الحرب القائمة في السودان حالة قصوى من العزة بإثم السلاح وهرجه. ولم يسلم من عدوى هذا الهرج حتى من خرج للحق متأبطاً سلاحه بلا حاجة لذلك. فلن يقف حامل السلاح عند تحرير نفسه بالعنف من الخصم الذي خرج له أول مرة. بل ستجده يلجأ للسلاح أيضاً متى أشكل عليه أمر في حركته نفسها كما رأينا في انقسام الحركة الشعبية في 2017. ولربما ربما كانت هذه الحرب على علاتها مناسبة لا للعن ظلام صفوة الحكم منذ 1956 وحسب، بل للعن ظلام من حاربوها بالسلاح في حين ظلت هذه صفوة نكداء في المركز تسقط بالثورة المدنية المركز اللعين في كل مرة بينما السلاح الذي خرج لقتالها في أغماده. وكما قال مارتن لوثر كينغ “إنك لن تحارب الظلام بالظلام”.

قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
فمعرفتنا الراهنة بالدين هي “بنت ضغينة علمانية تمكنت من الصفوة الحديثة”. فغالباً ما جرى التعامل مع الدين بلا مبالاة أو بعداء صريح. وهنا منشأ العلمانية الأصولية.
جون إسبسيتو، جامعة جورج تاون
علمانية الدولة
بدا أن جائزة عبدالعزيز الحلو التي أغرته بـ”تأسيس” هو قبولها بغير شيء من ضرب الأخماس في الأسداس أن تنص وثيقتها صريحاً على مطلب “علمانية الدولة” (في الديباجة) كما لم يفعل عهد سوداني من قبل. وعلمانية الدولة عقيدة مؤثلة للحلو اضطر أحياناً إلى استبدالها بـ”فصل الدين عن الدولة” في وثائق وقعها مع طيف واسع من الأحزاب السودانية وحتى مع الفريق ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة عام 2021. وطالما هبت الريح علمانية ناحيته جاء الحلو إلى الوثيقة بمطلب أذاعته حركته وهو أن ينص الدستور القادم على “مبادئ فوق دستورية” مثل العلمانية وهي التي لا تخضع للتعديل مثل غيرها التي ينص الدستور على إجراءات تعديلها. فهذه المبادئ فوق الدستورية في الحفظ والصون ومتى أراد أحد تغييرها صار من حق الجماعات السودانية المتضررة نفض يدها عن البلد بممارسة حق تقرير المصير (الباب الأول المادتان 3 و7).
ومع اقتناع كثر بأن فصل الدين عن الدولة بصورة أو أخرى أزف بدليل أنه ورد مكرراً تكراراً مزعجاً في وثيقة “اتفاق سلام جوبا” إلا أن إصرار الحلو على “توثين” علمانية الدولة، توثيناً يعتزل بها الصراع السياسي الذي قد ينال من العلمانية وحتى الديمقراطية، فهو حال استثنائية في عبادة مبدأ سياسي خلت منه المبادئ. وبدا من الحلو من فرط هذا التوثين أنه مصاب بـ”الأصولية العلمانية” التي حذرنا منها جون إسبسيتو الأستاذ بجامعة “جورج تاون”، تحذيره من الأصولية الدينية. فمعرفتنا الراهنة بالدين في رأيه هي “بنت ضغينة علمانية تمكنت من الصفوة الحديثة”. فغالباً ما جرى التعامل مع الدين بلا مبالاة أو بعداء صريح. ويقع تحذير “إسبسيتو” من الأصولية العلمانية في سياق مراجعة لعلاقة الدين بالعلمانية انعقدت منذ عقود. فالأكاديمي الأميركي كريق كالهون من المراجعين، صرف من اعتقد أن العلمانية حال خالصة خلت من الدين بالكلية. فقال “غالباً ما أخذنا العلمانية كحالة غياب عما عداها. فهي في اعتقادنا ما يتبقى لنا متى تلاشى الدين لا من السياسة فحسب، بل من الوجود” كما كان مطلب الثورة الفرنسية وممارستها في أول عهدها حتى بدلت الفرنسيين، وإلى حين، ديناً أحسن من دينهم في رأيها.
ونبه نيكلوس كريستوف الصحافي في “نيويورك تايمز” في أعقاب ذيوع العبارة الدينية في عهد الرئيس جورج بوش الابن إلى القطيعة القائمة بين الصحافة الليبرالية و”المهتدين الجدد” من الأميركيين. فيؤمن، إحصائياً، 48 في المئة من الأميركيين، في قوله، بخلق الله للعالم في سبعة أيام بينما يؤمن 28 في المئة منهم بمبدأ داروين. ويعتقد الأميركيون بنسبة الثلثين أو يزيد بوجود الشيطان بأكثر من صدقية نظرية داروين. وتعيش هذه الجماعة المهتدية بمعزل عن الليبراليين في ثقافتها المستقلة. فمن بين أكثر الكتب مبيعاً سلسلة كتب مسيحية عن نهاية الكون وزعت 50 مليون كتاب. ومن بين أكثر مقدمي برامج التلفزيون شهرة داعية إنجيلي يشاهده الناس داخل 190 قطراً في العالم. ومن يرى ليومنا طي خيام الليبرالية بيد إدارة الرئيس ترمب صدق قول من سمى تدين الدولة في عهد بوش بـ”الصحوة الدينية الرابعة” خلال الـ300 عام من عمر أميركا. فاللدين طرائق قدداً في الأوبة بعد الغيبة.
إعادة تأسيس
اتفق لـ”تأسيس” إعادة تأسيس كل القوى العسكرية والأمنية والخدمية المدنية من أول وجديد. فسينشأ بمقتضى وثيقتها جيش جديد مهني وقومي يمثل الطيف السوداني وتحت قيادة مدنية. وهو جيش خلا من الولاءات السياسية والجهوية والإثنية ولا تداخل له في السياسة والاقتصاد. وستكون إعادة الـتأسيس هذه حين يغلب حلف “تأسيس” ويمسك بزمام الدولة (الباب الأول 14). وحتى ذلك اليوم ستحتفظ الجماعات المسلحة الموقعة على “تأسيس” بقواتها العسكرية، أو ما وصفته الوثيقة بالاستمرار في “الكفاح المسلح كوسيلة من الوسائل المشروعة للمقاومة والنضال من أجل التغيير وبناء السودان (الباب الأول 20). فصاروا في حال بخلاء الجاحظ. جلسوا حول قدر ماء يغلي رمى فيه كل واحد منهم بقطعة لحمه مشدودة إلى الخيط لتنضج، فتفرق طعامهم بينما القدر واحد.
وبدا من نص “تأسيس” أن رهاب الإسلاميين “الكيزان” هو ما أوحى حصرياً به. فلم تكتف “تأسيس” بحل حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وتفكيكهما (الباب الأول 32) بل نصت على تحريم قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني. وربما أبعدت الوثيقة النجعة هنا لاعتقادها أن “الكيزان”، الذين أقاموا بالحق نظاماً سياسياً كئيباً، هم آخر من يرغب أن تؤوب الدولة للدين. فلا استنفاد لرغائب أمة من المسلمين ولا لعزائمهم في أن يحكموا دينهم فيهم هم، لا في غيرهم، مما ساحته التشريع المنتظر، أي القنطرة البعيدة لا تزال. وهي القنطرة التي جاءت في الوثيقة بدعوتها الالتزام بمبدأ العمل السياسي السلمي في السودان الجديد على “أسس وقواعد ومبادئ النظام الديمقراطي والشرعية الدستورية” (الباب الأول 19). وبالطبع سارعت الوثيقة في نصها هنا لتجريم “استغلال الدين لأغراض سياسية”. وهذا بلا مراء خرق للديمقراطية التي جاءت في النص والتي تقوم على المنافسة من فوق برامج سياسية على مرأى من ناخبين ومسمع. فجذم آصرة الدين عن السياسة هو ما أوقعتنا فيه عبارة “الإسلام السياسي” التي ناسبت خصوم المشروع الإسلامي ليقولوا إن ثمة إسلام آخر غير سياسي، وكفى به.
وساق هذا الرهاب من الإسلام إلى نوع هوس، فلم تكتف “تأسيس” بتحصين العلمانية كمبدأ فوق دستوري يأذن للجماعة المتضررة كما رأينا بالطلاق من الأمة متى جرى انتهاكه، بل سارعت بتجريم حتى قيام الحزب الذي يدعو لغير العلمانية. ولو صح أن تكون المظالم من “نظام الإنقاذ” هي مبلغ علمنا في تدبير شأننا السياسي لجرمت “تأسيس” قيام الأحزاب على أساس إثني. فهول الإثنية والسلالية على السودان ليس أقل من هول الحزب الديني عليه. ولكن لم يطرأ لواضعي “تأسيس” منع قيام الحزبية على الإثنية والقبائلية لأنه ما اجتمع في نيروبي إلا كل ذي عصبية منهما. ويكفي أن بين الموقعين على “تأسيس” ممثل لـ”مؤتمر البجا” وهو شعب في شرق السودان.
تَطَيُر الصفوة من حلف نيروبي وشفقتهم من أن يؤدي إلى تقسيم السودان وظيفة لاكتفائها من الواقعة دون نصها. فمن قرأ “تأسيس” في سياقاته التاريخية وملابساته المعاصرة أشفق على أهله قبل السودان لأنهم صدروا فيه عن غبائن من “الكيزان” كأن نجاة السودان في إلغائهم. فرهنوا بذلك أنفسهم لعادة معارضة الكيزان أو اللوثة بهم، لا يزال، بينما استحق السودان جرأة في تخيله تضع “دولة الإنقاذ” حيث هي في ذمة التاريخ مهما بدا من انتفاش منها يحاكي صولة الأسد. فمن شأن قراءة مثل “تأسيس” أن تزيل في قول أحدهم “المحق الدارج والمفازع المبالغ فيها”.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية
  • تسمم شخصين بالغاز في سعيدة
  • بصور عفوية.. مصور حفلات هوليوود يكشف أسرار المشاهير بحفل ما بعد الأوسكار
  • نيللي كريم تكشف تفاصيل دورها في مسلسل “إخواتي”
  • تطرحها فى عيد الفطر.. مروة ناجي تكشف عن أغنيتها الجديدة | خاص
  • سهل جدا .. طريقة عمل جلاش حلو بأقل التكاليف
  • أكلات شعبية تُزين الموائد الرمضانية العربية
  • تعرف على الأغنية التي تسببت في شهرة عبد المطلب بأولى حلقات «رمضان المصري وأصحابه»
  • ترقب لمعرفة سبب مقتل ربيع.. مواعيد عرض الحلقة الثانية من مسلسل «إخواتي» بطولة نيللي كريم
  • جاسيكا حسام الدين: سعيدة بالمشاركة في «كامل العدد ++».. والكواليس عائلية ومليئة بالمفاجآت|شاهد