من الدورة 35 للمربد الشعري: الصدق في الحياة مع الشاعر وهاب شريف
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري
وهو يقرأ ويهز القاعة من شمالها إلى يسارها، في الدورة 35 للمربد الشعري بالبصرة الجميلة في كنف العراق مستهزئا بالأشكال المختلفة للشعر، العمودي والتفعيلي والنثري.. مستمعا لقلبه ونفسه، ضاحكا تارة وحزينا أطوارا أخرى، وهو يحبّ ذاته المهيمنة على الركح ينفخ من روحه في جسد ضئيل اسمه وهاب شريف، وأنا مبهور به، كنتُ أحدث نفسي، ليس الشعر ما يعرفه وقنّنه الناس، الشعر ببساطة هذا الصدق الهادر من حنجرة هذا الشاعر الساخر من كل شيء، بدءا من جسمه الخفيف من ريشة كما صرّح بذلك في قصيدته، ومرورا بأساتذته المتعاقبين على ضربه وصفعه وتوبيخه، وصولا إلى الخلفاء الذين تداولوا على خنق الإنساني فيه.
حقيقة طرح عليّ سؤالا مهمّا وهو يتلو قصيدته “الشاعر مضروبا في نفسه”، لقد جابهت كلّ هذه الحيل الخبيثة بالصدق طوال حياتك ولكنّك لم تخلص أبدا له، نعم لكلّ منّا زلاته وهفواته ومحظوظ من ظلّ مخلصا للصدق في كلّ شيء وخاصة في علاقته بربّه وبالناس عموما، والأهمّ أنّ الشاعر بقدر ما أضحكني وأحزنني بقدر ما نقلني من قاعة الأمسية إلى أسئلة تحلّق عاليا وبعيدا، هل أنا مخلص للعقيدة التي أؤمن بها؟ هل أنا مخلص لاختياراتي من عملي إلى أمّ أطفالي إلى حلفائي وأعدائي؟ هل أنا وفيّ حقّا لما أسمّيه تاريخي النضالي؟ هل ندمت يوما ما على ما كتبته، فمثلا كم كتبت عن العراق وسوريا وليبيا وكلّ جراحاتنا العربية، وما زلت تكتب عن فضيحتنا الأفدح: غزة؟ هل غيرت شيئا؟ لا، اكتب إذن كهذا الضئيل مثل الريشة بكلّ سخرية ممكنة.
هذا ما يتوجّب عليّ وعلى كلّ من استمع إلى تلك القصيدة، الإجابة عنه والتصالح معه وتفادي خسارة الوقت إذ يجب إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل حلول ذاك الكريه ذاك الحقّ الذي لا بدّ منه، ويوم تلاقي نفسك في مواجهة الموت ومساءلة ذاتك: ماذا فعلت وماذا جنت وماذا قطفت؟
على كلّ هذه المصافحة الأولى من مهرجان المربد بالبصرة، وإن كان بي تعب جسيم إثر السفر مدّة طويلة نسبيا، فقد ظللنا ننتظر الطائرة المتجهة إلى البصرة قرابة سبع ساعات، ولكنّي سعيد بوصولي ورؤية أصفياء لي مثل الشاعر عبد الله العريمي والشاعر حسن المطروشي والشاعرين الأردنيين راشد عيسى وصلاح أبولاوي، والكثير الكثير من أصدقائي العراقيين على رأسهم الدكتور عارف الساعدي ومن قلب العراق أذكر الشاعر دريد شاروط الذي أكرمني بخدمة (عجوز مثلي يتعافى) ودون أن أسهو عن ذكر العراقي ابن تكريت الذي أهداني مجاميعه وقضّى معي صبيحة اليوم، الشاعر طلال الغوار، ولا أنسى صديق حياتي التونسي الذي كابد السفر معي جوهر أولاد حمودة، وفي خاتمة هذه اللمحة المستوحاة من قصيدة “الشاعر مضروبا في نفسه” للشاعر الحادّ كالسكين والخفيف على النفس مثل ريشة وهاب شريف ابن النجف وسأعود إليه وإلى آخرين أهدوني مجاميعهم، أترككم مع بعض المقاطع من هذه القصيدة التي قد أسميها الحقيقة:
“أنا وهاب
كانَ معلمُ القراءةِ يُسمّيني “قُوزي”
وتُسمّيني أمّي “ريشة”
وتحبسُني في الغرفة أثناء هبوب العاصفة
كي لا أطير كما في المرّة السابقة
عند عودتي من المدرسة
يناديني أصدقائي “صاروخ”
أبتلعُ الشوارعَ مثل حَبّة الأسبرين
لا أترك ُ أحداً أمامي
أنا الآن وهاب أيضاً
أرى إسطوانةً
تتدحرجُ على أرض وعرة
إلى جوار حائط آيلٍ للسقوط”
ومقطع أخير نختم به:
“هكذا حافظ شاعر على أطرافه في الحروب
هكذا حافظ شاعرٌ على حياته من الطغاة
هكذا حافظ شاعر على رجولته في العراق
أنا الآن وهاب أيضاً
أعيش بعينين مغمضتين وفم مبتسم
أعيشُ بقلبٍ ممتليءٍ بالخسارات وبالمقابر.
الإرادةُ الإلهية ُ تعرفني
وتعرف أهميَّةَ وجودي
لقد متُّ عدة مرات في حياتي
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
تنفيذ حكم الإعـ.دام فى قـ.اتل زوجة الشاعر محمد عفيفى مطر
شهد سجن برج العرب 2 خلال الساعات الماضية تنفيذ حكم الإعدام فى قـ.اتل الأديبة والناقدة نفيسة قنديل زوجة الشاعر الراحل محمد عفيفى مطر، ليسدل الستار على أبشع الجرائم التي شهدتها محافظة المنوفية خلال العام 2019.
وقامت عائلة القاتل المدعو عادل السيد محمد يونس، بدفن جثته فى مقابر عائلة زوجته بالإسكندرية، تجنبا لاحتجاجات أهالى مدينة أشمون التى شهدت الجريمة البشعة فى مارس 2019، فيما سادت حالة من الارتياح بين عائلات قرية رملة الأنجب بالمنوفية، بعد تنفيذ حكم الإعدام والقصاص لشهيدة الغدر.
وقال صبحى مبارك هلال محامي عائلة الناقدة نفيسة قنديل، إن حكم إعدام القاتل جرى التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية فى أبريل الماضي، بعدما قضت محكمة النقض في الطعن رقم 3634 لسنة 91 قضائية جنايات إعدام بجلستها المنعقدة بالدائرة "أ" فى 19 ديسمبر الماضي، بتأييد الحكم بإعدام القاتل وعدم قبول الطعن منه شكلا، وقبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المدعو السيد عادل السيد محمد يونس، 31 عاما وحرفته نجار مسلح.
وأضافت هلال، أن المحكمة أنصفت الضحية الشهيدة نفيسة قنديل دون استعمال الرأفة مع القاتل المجرم، وقبلت طلباتنا بتوقيع أقصى عقوبة واردة بالمواد 230 و 231 و 234 فقرة 2 عقوبات والمادة 317 عقوبات، وأحالت أوراق القضية إلى المفتى الذي أيد إعدامه.
ولفت إلى أن حكم الإعدام ضد هذا القاتل هو الوحيد خلال العام 2020 الذي تصدره المحكمة نظرا لبشاعة الجريمة بالنظر للمقارنة بين عمر كل من القاتل والضحية وإصراره على تنفيذ جريمته التي استمرت أحداثها داخل منزل الشاعر الراحل لعدة ساعات.
كانت الدائرة الثالثة جنايات شبين الكوم، قضت في 20 ديسمبر 2020 ، برئاسة المستشار عبد الحليم حسين المسيري، بإعدام السيد عادل السيد محمد يونس قـ.اتل الناقدة نفيسة قنديل، زوجة الشاعر الكبير الراحل محمد عفيفي مطر، شنقا حتى الموت، عقب تأييد فضيلة المفتي، وصدر الحكم بإجماع الآراء، حيث ضمت هيئة المحكمة في عضويتها، المستشار أحمد فتحي عبد العال، المستشار الدكتور مصطفى علي خلف، المستشار أحمد سويلم محمد، وأمانة سر سعيد أبو صالح.
تعود أحداث القضية رقم 10586 لسنة 2019 جزئي جنايات أشمون المقيدة برقم 663 لسنة 2019 كلي شبين الكوم، إلى فجر يوم 19 مارس 2019، حينما اقتحم القاتل، المقيم بقرية "سدود" التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، فيلا "شهيدة الغدر" نفيسة قنديل، بقرية رملة الأنجب، المجاورة لقريته، مسلحًا بغرض سرقة أموالها، وقام بقتلها عمدا مع سبق الإصرار والترصد، مستغلا مبيتها وحدها- بحسب قرار الإحالة.
وبتكثيف البحث والتحرى واستجواب المشتبه بهم، تم ضبط المتهم بعد 5 أيام من الواقعة، واعترف بجريمته تفصيليًا، وقام بتمثيلها أمام ضباط المباحث الجنائية بقيادة العميد محمد على، وأقر باستخدام أداتين "حديدة" و"مفك" في الجريمة؛ واقتحام منزل الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، وقتل زوجته وسرقة مبلغ مالي.
كما اعترف بسابقة اقتحام منزلها وتقييدها وسرقة أموالها فى واقعة سابقة بتاريخ 17 مارس 2017 والتي لم تتوصل التحريات وقتئذ إلى مرتكبها، وقضت المحكمة بحبسه سنة مع الشغل، قبل تنفيذ حكم إعدامه هذا الأسبوع.