أفاد متحدث قضائي تونسي، اليوم الخميس، بأن 13 مهاجرا سودانيا لقوا حتفهم فيما يتواصل البحث عن 27 آخرين مفقودين قبالة السواحل الشرقية لتونس إثر غرق مركبهم.

وقال المتحدث باسم محكمة المنستير فريد بن جحا إن 42 مهاجرا انطلقوا من سواحل منطقة جبنيانة من محافظة صفاقس، شرقي البلاد، بحسب ما ذكرت فرانس برس.

وأضاف المتحدث أنه تم انقاذ مهاجرين اثنين، فيما ارتفع عدد المفقودين من 17 إلى 27 مهاجرا.

وجميع هؤلاء المهاجرين من الرجال، وكانت لديهم بطاقات لجوء.

وأضاف بن جحا أنه تم فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، دون أن يستبعد احتمال أن يكون المهاجرين "تم استغلالهم في قضية الاتجار بالبشر أو في تكوين وفاق إجرامي للوصول إلى أوروبا خلسة".

وأكد بن جحا أن العمليات لا تزال جارية للبحث على مهاجرين آخرين.

وتمثل تونس، إلى جانب ليبيا، نقطة الانطلاق الرئيسية لآلاف المهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا.

وحتى نوفمبر 2023، اعترض الحرس الوطني التونسي 69963 مهاجرا مقابل 31297 خلال الفترة نفسها من عام 2022، بحسب احصاءات أفاد بها الناطق باسم الحرس حسام الدين الجبالي وكالة فرانس برس في وقت سابق.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد توفي أكثر من 2270 شخصا عام 2023 في وسط البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل الأوروبية بطريقة غير قانونية، أي بزيادة بنسبة 60% عن العام السابق.

 يذكر أن أكثر من 25 مليون سوداني تضرروا من الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 10 أشهر، وأدت إلى تشريد نحو 10 ملايين عبر 1.5 مليون منهم الحدود إلى بلدان مجاورة.

وخلفت الحرب الحالية في السودان أسوا كارثة نزوح على مستوى العالم، حيث يشكل النازحون السودانيون نحو 12 % من مجمل النازحين في العالم؛ بحسل منظمة الهجرة الدولية.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات المنستير صفاقس أوروبا تونس ليبيا الحرس الوطني التونسي المنظمة الدولية للهجرة البحر الأبيض المتوسط الجيش السوداني قوات الدعم السريع السودان السودانيون منظمة الهجرة الدولية أخبار تونس أخبار السودان هجرة غير شرعية قوارب اللاجئين قوارب الموت السودانيون المنستير صفاقس أوروبا تونس ليبيا الحرس الوطني التونسي المنظمة الدولية للهجرة البحر الأبيض المتوسط الجيش السوداني قوات الدعم السريع السودان السودانيون منظمة الهجرة الدولية أخبار تونس

إقرأ أيضاً:

أكثر من 100 مليون قتيل.. ماذا لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان؟

في مشهد يعيد إلى الواجهة هشاشة العلاقات بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، اندفعت الهند نحو تصعيد حاد بحق جارتها، إذ أمهلت صباح الخميس جميع المواطنين الباكستانيين المقيمين على أراضيها حتى التاسع والعشرين من أبريل/ نيسان لمغادرتها، وذلك في أعقاب هجوم دموي وقع في "بيهالغام"، إحدى مناطق إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين تخضع للإدارة الهندية، أودى بحياة 26 شخصًا في فصل من العنف في المنطقة التي تقطنها أغلبية مسلمة.

شملت الإجراءات الهندية أيضا تعليق العمل بمعاهدة رئيسية لتقاسم المياه، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي بين البلدين الجارين، وتخفيضات واسعة في أعداد الدبلوماسيين، بما في ذلك سحب العديد من الدبلوماسيين والملحقين العسكريين والموظفين الهنود من إسلام آباد، وتوجيه إنذارات لنظرائهم الباكستانيين للعودة إلى ديارهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما الذي يعنيه أن تكون صحفيا فلسطينيا وسط الإبادة؟list 2 of 2100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخend of list

من جانبها لم تنتظر إسلام آباد طويلا للرد، فأصدرت بيانًا شديد اللهجة تؤكد فيه أن أي تهديد لسيادتها سيُقابل بردٍ رادع، وأن أي محاولة هندية لوقف أو تحويل تدفق مياه نهر السند "ستعتبر سببا للحرب"، وأغلقت مجالها الجوي والحدود البرية مع الهند، وعلّقت التجارة الثنائية وطردت عددًا من الدبلوماسيين الهنود.

إعلان

في غضون ذلك، ظهر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بنبرة لا تخلو من التحدي، متوعدا بملاحقة من خطط للهجوم أو نفّذه، قائلا إن العقاب سيكون "فوق قدرتهم على التصور"، في حين صرح مسؤولون هنود للجزيرة -شريطة عدم الكشف عن هويتهم- بأنهم يشتبهون في أن 4 مهاجمين شاركوا في الهجوم، اثنان منهم من باكستان، واثنان من الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير.

على الصعيد الرسمي، نفت باكستان تماما أي صلة لها بالحادث، وقدّمت تعازيها للضحايا، معلنة عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي لصياغة ردّ محسوب. غير أن جماعة تسمي نفسها "جبهة المقاومة" (TRF) أعلنت فيه مسؤوليتها عن الهجوم، ويُعتقد أنها فرع من جماعة "لشكر طيبة" الباكستانية. وقد ربط البيان هذه الهجمات بمنح آلاف تصاريح الإقامة للهنود، مما يسمح لهم بالعيش والعمل في إقليم كشمير.

بيد أن ذلك الحدث ليس معزولا عن سياق طويل من التصعيدات المتكررة بين البلدين على الأخص في كشمير، وهو يعيد إلى الأذهان أحداث فبراير/شباط 2019، حين قُتل أكثر من 40 جنديًا هنديًا في هجوم استهدف قافلتهم في كشمير، فردّت الهند حينها بغارات جوية داخل الأراضي الباكستانية.

ولعل أخطر ما كُشف في هذا السياق، ما أورده وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو في مذكراته، حين أشار إلى أن البلدين كانا على بعد خطوة واحدة من مواجهة نووية في ذلك العام، بعد أن أبلغ مسؤول هندي واشنطن بأن باكستان بدأت فعليًا في تجهيز ترسانتها النووية، وأن الهند تدرس ردًا مماثلا.

الردع الأدنى

تبنّت الهند منذ وقت مبكر مسارا إستراتيجيا طموحا في المجال النووي، إذ بدأت أبحاثها في هذا الميدان في عام 1944 قبل الاستقلال عن بريطانيا، ومع أن أول اختبار نووي لها لم يُجرَ إلا بعد 3 عقود تقريبًا (عام 1974 تحت اسم "بوذا المبتسم")، فقد شكّل ذلك لحظة فارقة أثارت ردود فعل دولية غاضبة، ودفعت بالولايات المتحدة إلى فرض عقوبات صارمة على البلاد، رغم أن الهند لم تكن قد انتقلت بعد إلى إنتاج الأسلحة النووية فعليًا.

إعلان

لكن التحول الجوهري في مسيرة الهند النووية حدث في عام 1998، عندما أجرت الهند سلسلة من التجارب النووية الجديدة، وخرجت بالتزامن بعقيدة نووية واضحة، تقوم على مفهوم "الردع الأدنى الموثوق" (Credible Minimum Deterrence)، الذي يرتكز على مبدأ "الانتقام فقط" (Retaliation Only) هذه العقيدة لم تُبنَ على خوض سباق تسلح نووي مفتوح، بل على فلسفة إستراتيجية دقيقة قوامها الاكتفاء بعدد محدود، لكنه كافٍ، من الأسلحة النووية القادرة على إلحاق ضرر غير مقبول بالعدو في حال وقوع هجوم نووي.

بهذه الرؤية، يصبح التوازن النووي من وجهة النظر الهندية ليس نتاجًا للكمية، بل للفعالية؛ بما يعني أن نيو دلهي في هذا السياق لا تحتاج لترسانة ضخمة بل لقدرة كافية تضمن تنفيذ رد مدمر، حتى بعد تلقي أول ضربة، مما يجعل تكلفة أي هجوم عدواني باهظة للغاية على الطرف الآخر.

الشق الثاني من العقيدة الهندية لا يقل أهمية، وقوامه عدم البدء بالاستخدام النووي، فالهند تعهدت بألا تكون البادئة باستخدام الأسلحة النووية في أي صراع، لكنها في المقابل توضح أن ردها على أي هجوم نووي سيكون ساحقًا. هذه المقاربة تجعل الهدف النهائي للهند من التسلح النووي منع الحرب، لا خوضها، عبر تحويل استخدام السلاح النووي إلى خيار محفوف بالخسائر المؤكدة، وبالتالي إرساء نوع من التوازن الرادع خصوصًا في منطقة محفوفة بالتوترات مثل جنوب آسيا.

في المحصلة يمكن القول إن العقيدة النووية الهندية تشكّل مزيجًا من الطموح التقني والحسابات الجيوسياسية، وهي تسعى (على الأقل فيما هو مُعلن) لتحقيق الردع من دون سباق تسلح نووي مفتوح بهدف امتلاك أكبر قدر ممكن من الرؤوس كما هو معتاد في السباقات النووية.

صاروخ حتف-3 الباكستاني (وكالة الأنباء الأوروبية) ردا على "بوذا المبتسم"

على الجانب الآخر، تبنّت باكستان برنامجها النووي في لحظة سياسية وعسكرية حرجة، إذ جاء انطلاقه عام 1972 كردّ مباشر على التفوق النووي الهندي الآخذ في التبلور، وذلك عقب الهزيمة المدوية التي لحقت بها في حرب 1971، وما ترتب عليها من انفصال باكستان الشرقية وولادة دولة بنغلاديش.

إعلان

هذه الصدمة الجيوسياسية دفعت إسلام آباد إلى اعتبار السلاح النووي ضرورة وجودية وإستراتيجية لا مجرد ترف عسكري، وتكثف العمل على البرنامج النووي الباكستاني بشكل متسارع بعد التجربة النووية الهندية الأولى عام 1974 (بوذا المبتسم)، ما اعتُبر آنذاك إعلانًا غير مباشر عن تغيير في موازين القوة الإقليمية.

وبحلول عقد الثمانينيات، يُعتقد أن باكستان كانت قد امتلكت القدرات التقنية لإنتاج السلاح النووي، وإن دون إعلان رسمي. ومع اعتراف الهند بنفسها قوة نووية في مايو/أيار 1998، عبر سلسلة من التجارب النووية، لم تتأخر باكستان في الرد: سلسلة مقابلة من التجارب النووية بعد أقل من شهر، مصحوبة بتصريحات تؤكد امتلاكها للقدرة النووية.

هذا التبادل النووي الحاد أدخل جنوب آسيا في مرحلة جديدة من الردع النووي المعلن، ورفع منسوب القلق الدولي من احتمالات انزلاق المنطقة إلى سباق تسلح نووي مكشوف. لكن ما يميز العقيدة النووية الباكستانية عن نظيرتها الهندية، حسب معهد كارنيجي للسلام هو تبنيها لمبدأ "الردع من خلال الاستخدام الأول (First Use Doctrine)، فعلى عكس سياسة "عدم البدء بالاستخدام" التي تروج لها الهند، ترى باكستان في التلويح بالاستخدام المبكر للسلاح النووي وسيلة ضرورية لردع أي مغامرة عسكرية هندية قبل وقوعها، لا بعد أن تُصبح أمرا واقعا.

وقد وضعت إسلام آباد إطارا نظريًا واضحًا لهذه العقيدة من خلال ما يُعرف بـ"الحدود الأربعة" وهي سيناريوهات محددة يمكن أن تؤدي إلى تفعيل الرد النووي، هي الحدود المكانية: وتعني قيام القوات الهندية بتوغلات واسعة داخل الأراضي الباكستانية، تثبت القوات التقليدية عجزها عن صدها، ثم الحدود العسكرية: وتشير إلى تدمير محتمل لجزء كبير من القوة العسكرية الباكستانية، لا سيما القوات الجوية، أو إذا استخدمت الهند أسلحة كيميائية أو بيولوجية.

إعلان

وثالثا تأتي الحدود الاقتصادية: وهو سيناريو يتعرض فيه الاقتصاد الباكستاني لانهيار شديد نتيجة إجراءات كالحصار أو استهداف البنية التحتية الحيوية، مثل الممرات التجارية أو مصادر المياه والطاقة، وأخيرا الحدود السياسية: في حال تعرّض الاستقرار الداخلي لتهديد وجودي، كحالات التمرد الواسع المدعوم من الخارج، أو أي تحركات قد تُفضي إلى تقويض استقرار باكستان أو تهديد وحدة أراضيها.

تُظهر هذه العقيدة الباكستانية رؤية أمنية مبنية على مبدأ "الردع بالغموض"، حيث تظل احتمالات الاستخدام النووي قائمة ومفتوحة، مما يجعل الهند (أو أي خصم آخر محتمل) تفكر مرتين قبل أن تقدم على أي تصعيد. إنها إستراتيجية تقوم على زرع الشك في عقل الخصم، وتضييق هامش الأمان العسكري، بما يحول دون تحول التفوق التقليدي الهندي إلى حسم فعلي على الأرض.

وفي المحصلة، يمكن القول إن الردع النووي في الحالة الباكستانية لا يهدف فقط إلى منع الحرب، بل إلى تجنب الخسارة في الحرب، وهو ما يجعل العقيدة أكثر مرونة، ولكنها أيضًا أكثر خطورة (حيث استخدام الأسلحة النووية أكثر احتمالا)، خصوصًا في منطقة تتكرر فيها المواجهات المحدودة وتبقى الاتصالات العسكرية والدبلوماسية هشّة وعرضة للانقطاع.

ترسانة خطرة

حاليا يُعتقد أن الهند وباكستان تمتلكان في المجمل ما بين 300 و400 رأس نووي (يتقاسمها البلدان بالتساوي تقريبا)، معظمها من القنابل الانشطارية (بقوة نحو 10-20 كيلوطنا)، مع بعض الأسلحة الهيدروجينية.

وتمتلك كل من الهند وباكستان أيضا صورا مختلفة من مكونات الثالوث النووي، وهو اصطلاح يشير إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الإستراتيجية وتتألف من 3 أسلحة رئيسية: قاذفات القنابل الإستراتيجية (الطائرة)، والصواريخ الباليستية البرية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات.

إعلان

بشكل خاص، تمتلك الهند مجموعة صواريخ آجني "Agni" متنوعة المدى، والتي تبدأ من آجني-1 بمدى 700-1200 كيلومتر (مدى قصير/متوسط)، وتصل إلى آجني-5، بمدى يصل إلى 8 آلاف كيلومتر، وهو مدى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، بحيث يصل ليغطي جميع أنحاء الصين وما وراءها.

وإلى جانب ذلك، تمتلك الهند منصات بحرية قادرة على إطلاق الصواريخ النووية مثل الغواصة "أريهانت" (INS Arihant) وهي أول غواصة نووية تطورها الهند محليا لتكون قادرة على حمل الصواريخ الباليستية وإطلاقها من البحر، وتُسلح بصاروخ باليستي النوع "كي-15 ساغاريكا" (K-15 Sagarika) بمدى يبلغ 700 كيلومتر تقريبا، كما جرى تجهيزها للتسلح بالصاروخ الباليستي كي-4، بمدى يبلغ 3500 كيلومتر تقريبًا.

وإلى جانب ما سبق، تم تعديل طائرات مثل "ميراج 2000 إتش" (Mirage 2000H) و"سو-30″ (ع – 30) و"جاغوار-آي إس" (Jaguar IS) التي تشغلها القوات الجوية الهندية، لحمل السلاح النووي، لكن يظل التركيز الرئيسي ونقطة القوة مرتكزا على الصواريخ الباليستية المنطلقة بريا.

على الجانب الآخر، تمتلك باكستان سلسلة حتف (بعائلتيها شاهين وغوري)، والتي تبدأ من صواريخ مثل شاهين-1 بمدى يساوي نحو 750 كيلومترا، وصولًا إلى شاهين-3، بمدى نحو 2750 كيلومترا، وفي هذا النطاق يمكن أن يصيب الصاروخ الجزر الشرقية للهند. إلى جانب ذلك، تم تطوير صاروخ كروز "بابور-3" والذي يُطلق من الغواصات (بمدى نحو 450 كيلومترا)، كما تم تعديل طائرات "إف-16″ (F-16) و"ميراج ⅗" (Mirage ⅗) لحمل قنابل نووية.

وتختلف صواريخ كروز عن الصواريخ الباليستية، فهي تطير مثل الطائرات، على ارتفاع منخفض (أحيانًا قريب من الأرض أو سطح البحر)، وتبقى داخل الغلاف الجوي طوال الرحلة، وتستخدم أجنحة ومحركات نفاثة (مثل الطائرات الصغيرة)، على خلاف الصواريخ الباليستية التي تُحلق إلى أعلى في مسار يشبه القوس (مسار باليستي)، وتخرج من الغلاف الجوي وتعود لتضرب الهدف بسرعة عالية.

إعلان

وتعد صواريخ كروز دقيقة جدًا، وقادرة على إصابة أهداف صغيرة بدقة، بفضل نظام التوجيه المتطور، وكذلك يمكن لهذه الصواريخ المناورة والتخفي من الرادار، وهنا تمتلك ميزة على الصواريخ الباليستية، الأقل دقة والأسهل في الكشف بواسطة أنظمة المراقبة والرادارات.

في الحرب النووية المفترضة، تُفعّل الهند عقيدتها النووية، فتقوم بتوجيه 20 ضربة إستراتيجية(شترستوك) حرب نووية مُفترضة

في عام 2019، نُشرت ورقة بحثية في "نشرة علماء الذرة" (The bulletin of the atomic scientists)، صاغت سيناريو افتراضيًا يُحاكي انزلاق الهند وباكستان إلى صراع نووي شامل في عام 2025، وبالرغم من الطابع النظري، فإن هذا السيناريو يستند إلى محددات واقعية، تُبرز مدى هشاشة الردع النووي في منطقة جنوب آسيا، خصوصًا في ظل التوترات المستمرة بين البلدين.

تبدأ الدراسة بهجوم "إرهابي" مفترض يستهدف البرلمان الهندي، يسفر عن اغتيال عدد من القادة السياسيين الكبار ويُحدث زلزالًا في البنية السياسية والمؤسسية الهندية. في هذا السياق، تتولى المؤسسة العسكرية زمام المبادرة، فتُقرر الرد بقوة ميدانيا عبر شن هجوم بري بالدبابات على الأراضي الباكستانية، خاصة في منطقة كشمير المتنازع عليها.

هذا التحرك المفاجئ يُحدث صدمة في القيادة العسكرية الباكستانية، التي تدرك اختلال ميزان القوى التقليدية لصالح الهند. في ظل غياب خيار تقليدي ناجع، تُفعّل باكستان عقيدتها الخاصة بـ"الردع من خلال الاستخدام الأول"، وتقرر استخدام أسلحة نووية تكتيكية كوسيلة دفاعية عاجلة.

في اليوم الأول من الحرب النووية المفترضة، تستخدم باكستان 10 قنابل نووية تكتيكية، تبلغ قوة كل منها نحو 5 كيلوطن (أي أقل من نصف قوة قنبلة هيروشيما)، تستهدف بها التجمعات المدرعة الهندية داخل كشمير. هذه القنابل تُفجّر على ارتفاع منخفض، لتقليل نطاق التأثير الجانبي، والتركيز على الأهداف العسكرية فقط.

إعلان

في اليوم الثاني، وبعد توجيه 15 ضربة تكتيكية إضافية من قبل باكستان، تتجاوز الهند مرحلة التريث، وتُفعّل عقيدتها النووية القائمة على "الرد الانتقامي الموثوق"، فتقوم بتوجيه 20 ضربة نووية إستراتيجية، تُستخدم فيها رؤوس نووية أكبر تأثيرًا، بهدف شل البنية العسكرية الباكستانية بالكامل. تشمل الأهداف الرئيسية مدينة بهاولبور -التي تضم قوة باكستانية كبرى- إضافة إلى المطارات ومستودعات الأسلحة النووية.

هنا يظهر الفارق بين السلاح النووي الإستراتيجي والسلاح التكتيكي، الأول يُستخدم لتوجيه ضربات ساحقة تستهدف مراكز حضرية أو بنى تحتية إستراتيجية بقصد إحداث شلل شامل، بينما يُستخدم الثاني لتحقيق مكاسب عسكرية موضعية في ميدان المعركة، كتدمير كتائب، أو دبابات، أو نقاط تمركز.

في اليوم الثالث، تستمر الدوامة التصعيدية: باكستان ترد باستخدام 30 صاروخًا نوويًا إستراتيجيًا، تُوجّه 20 منها نحو مدن هندية كبرى، في حين تستهدف العشرة المتبقية القواعد البحرية والمطارات في مناطق حضرية. إضافة إلى ذلك، تُطلق 15 رأسًا نوويًا تكتيكيًا جديدًا ضد القوات الهندية المتقدمة. وفي ذروة التصعيد، تُطلق الهند وابلًا نوويًا جويًا ضد 10 مواقع باكستانية حيوية، تضم قواعد عسكرية وبحرية وجوية، تقع كلها ضمن نطاقات سكانية حضرية.

سلم التصعيد

الآن، لا يمكن وقف التصعيد، فهناك غضب وذعر وفوضى في كلا الجانبين، وعلى مدار الأيام الثلاثة التالية، تستخدم باكستان ما تبقى من ترسانتها الإستراتيجية (نحو 120 سلاحًا نوويا) لتدمير المدن الهندية، وترد الهند بـ70 سلاحا نوويا، لكنها تحتفظ بـ100 سلاح في ترسانتها، بغية ردع أي هجوم محتمل من قبل الصين.

تقدر الدراسة أن سلم التصعيد المذكور سيصل بالخسائر البشرية إلى ما بين 50 و125 مليون شخص، قد يموتون خلال الأسبوع الأول، وذلك حسب قوة الأسلحة المستخدمة، مع محو المدن الكبرى في البلدين والتي ستصبح غير صالحة للسكن، وتدمير كامل البنية التحتية تقريبا.

إعلان

في هذا السياق ستُطلق حرائق المدن المحترقة ما بين 16 و36 مليون طن من الكربون الأسود في الغلاف الجوي، سيرتفع "السخام" إلى طبقة الستراتوسفير، مانعًا ضوء الشمس ومؤديًا إلى انخفاض كبير في درجات الحرارة العالمية، وقد تُسبب هذه الظاهرة برودة عالمية، وتتسبب في تقصير مواسم الزراعة، وانخفاض في هطول الأمطار، مما يؤثر بشدة على الأمن الغذائي العالمي كله، ودخول دول أخرى لا علاقة لها بهذه المعارك في مجاعة طويلة الأمد.

بالطبع يظل هذا السيناريو احتمالا ضعيفا، لكن مجرد وجوده يرعب العالم كله، لقد خاضت هاتان الدولتان 4 حروب تقليدية (1947 و1965 و1971 و1999) ودخلتا في العديد من المناوشات التي أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح، ويعني ذلك أن الاحتمال المرعب يتزايد عاما بعد عام، وفي مرحلة ما قد يسيطر الغضب على قادة الدولتين ويبدأ التصعيد، وساعتها لن يكون بالإمكان إعادة الزمن إلى الوراء.

 

مقالات مشابهة

  • سبحان الرزاق… من 200 ريال إلى أكثر من مليون!
  • أكثر من 100 مليون قتيل.. ماذا لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان؟
  • شاهد | مجموعة الأزمات الدولية: الحرب الأمريكية على اليمن امتداد للحرب على غزة
  • قوات الأمن التونسية تستأنف حملة تفكيك خيام المهاجرين في صفاقس
  • الهجرة الدولية: نزوح أكثر من 4 آلاف شخص داخلياً في اليمن منذ مطلع 2025
  • السلطات الليبية تعتقل 262 مهاجراً بينهم سودانيين قبل إبحارهم نحو أوروبا .. تحرير 34 وافداً من قبضة عصابة تمتهن الاتجار بالبشر
  • تعاون بين مصر وتونس في مجالات الصادرات الزراعية والبحث العلمي
  • الحكومة تخصص 200 مليون درهم لتحفيز الأدمغة المغربية بالخارج لتطوير البحث العلمي بالمملكة
  • أكثر من 55 مليون مسافر مغربي ومغربية اختاروا القطار في 2024
  • استهدف خلال الحرب.. انتشال جثمان مُسعف في الجنوب