اَلْحُزْن بِالْقَلْبِ ! مَاذَا عَنْ اَلْمَلَامِحِ ؟
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
اَلْحُزْن بِالْقَلْبِ ! مَاذَا عَنْ اَلْمَلَامِحِ ؟
الكَاتِبَةُ : هِبَةُ أَحْمَدْ اَلْحُجَّاجِ
عِنْدَمَا كُنْتُ طِفْلَةً صَغِيرَةً سَمِعّتُ ذَاتَ مَرَّةٍ يَقُولُونَ : اَلْبَحْرُ هُوَ مَلْجَأُ كُلِّ شَخْصٍ حَزِينٍ وَمَهْمُومٍ ، يُشَارِكُهُ أَحْزَانَهُ وَيُعَبِّرُ لَهُ عَمَّا بِدَاخِلِهِ ، فَالْبَحْرُ يَبْعَثُ فِي اَلنَّفْسِ رَاحَةً وَسَكِينَةً وَيُنْسِيكَ هُمُومَكَ ، فَيَأْخُذُكَ بِأَمْوَاجِهِ اَلسَّاحِرَةِ إِلَى عَالَمٍ آخَرَ .
نَظَرَتُ إِلَيْهَا كَانَتْ اِمْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ فِي اَلسِّنِّ ، حَانِيَةً اَلظَّهْرِ تَلْبَسُ عَبَاءَةً كَبِيرَةً ، إِنَهَاَ امَرَأَةً وقُورْةً ، حَادَّةُ اَلنَّظَرَاتِ ، بَيْضَاءُ اَللَّوْنِ ، مُرَوِّعَةَ اَلْقَامَةِ ، عَرِيضَةُ اَلْجَبِينِ ، حُلْوَةَ اَلصُّورَةِ ، ظَرِيفَةَ اَلْمَنْطِقِ .
اِبْتَسَمَتْ لِي قَائِلَةً : اِقْتَرِبِي مُنِيَ قَلِيلاً ، أُرِيدُ أَنْ تُشَاهِدِيَ هَذَا اَلْفِيدْيُو عَلَى هَاتِفِيٍّ يُنَاسِبُ حَالَتَكَ تَمَامًا . اِبْتَسَمَتُ لَهَا وَقَلَّتْ : صَحِيح ؟ وَشَاهَدَتْهُ ، كَانَ شِعَرًا جَمِيلاً ، يَقُولُ ” هُمُومَ اَلْحَيَاةِ اَللَّيُّ تَخَلِّيَ خَاطِرِكَ حَزِين لَوْ تَشَوُّفِ جَمَالِ وَجْهِكَ وَاَللَّهُ مُا جَاتَكَ ” .
اِبْتَسَمَتُ وَقُلَّتُْ لَهَا ” هَذَا مِنْ لُطْفِكِ يَا جَمِيلَةَ اَلْمَلَامِحِ وَالْقَلْبِ”. نَظَرَتْ إِلَي مُبْتَسِمَةً وَقَالَتْ : مَا سَبَبُ حُزْنُكِ يَا جَمِيلَةَ اَلصُّورَةِ ؟ هَزَزْتُ رَأْسِي مُبْتَسِمَةً اِبْتِسَامَةً مَمْزُوجَةً بِالْحُزْنِ وَقَلَّتْ لَهَا : لَقَدْ عِشْتُ اَلْفَقْدَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَالْآنَ تَسَلَّلَ اَلْفَزَعُ لِبَقِيَّةِ أَيَّامِي ، إنَّنِي عَلَى يَقِينٍ أَنَّ بَعْضَ اَلصَّدَمَاتِ اَلْمُرَوِّعَةِ يُكْتَبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحَمِّلَهَا مَعَنَا إِلَى اَلْأَبَدِ .
نَظَرَتْ إِلَي وَقَالَتْ : ” لَا تَكْرَهْ شَيْئًا اِخْتَارَهُ اَللَّهُ لَكَ ، فَعَلَى اَلْبَلَاءِ تُؤَجِّرُ ، وَعَلَى اَلْمَرَضِ تُؤَجِّرُ ، وَعَلَى اَلْفَقْدِ تُؤَجِّرُ ، وَعَلَى اَلصَّبْرِ تُؤَجِّرُ ، فَرَبُّ اَلْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِالخَيْرِ “لَوْلَا أَنَّ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ” ، ثُمَّ رَفَعَتْ يَدَيْهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ وَقَالَتْ : اَللَّهُمَّ اُرْبُطْ عَلَى قَلْبِهَا وَقَلْبِ مِنْ ذَاقَ مَرَارَةَ اَلْفَقْدِ ، فَلَا يَتَأَلَّمُ وَجَعًا ، وَلَا يَجْزَعُ سَخَطًا ، وَأَنْزَلْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا . . . آمِينٌ.
مَسَكْتُ يَدَهَا وَقُلْتُ لَهَا : مَا قَصَدُكِ اَلْحُزْنُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ ؟ ! كَيْفَ ذَلِكَ ، اَلْحُزْنُ يَتَسَلَّلُ إِلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ اَلْجِسْمِ ، بِالْعَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالْقَلْبِ وَ أَولْهُمْ اَلرُّوحِ .
قَالَتْ : اَلْحُزْنُ عَلَى وَفَاةِ شَخْصٍ عَزِيزٍ ، يَبْدَأَ كَبِيرًا ثُمَّ يُصَغِّرُ بِمُرُورِ اَلْوَقْتِ وَقَدْ صَدَّقُوا . أجَبْتُهَا مُقَاطِعَةً إِيَّاهَا : وَلَكِنْ مَا لَمْ يَقُولُوهُ هُوَ أَنَّ اِفْتِقَادَهُ وَالشَّوْقُ إِلَيْهِ يَكْبُرُ . نَظَرَتْ إِلَي نَظْرَةً غَرِيبَةً لَمْ أَسْتَطِعْ تَفْسِيرَهَا وَقَالَتْ : ذَاتَ يَوْمٍ قِرَاءَةُ قِصَّةً فِي كِتَابِ المُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ لِلْكَاتِبْ أَدْهَمْ اَلشَّرْقَاوِي ، أَعْجَبَتْنِي كَثِيرًا سَأَرْوِي لَكَ اَلْقِصَّةَ وَأَنْتِ سَتَكْتَشِفِينَ اَلْإِجَابَةَ.
” قَالَ اَلْمَدَائِنِي : رَأَيْتُ بِالْبَادِيَةِ اِمْرَأَةً لَمْ أَرَ أَجْمَلُ مِنْهَا قَطُّ ! فَقُلْتَ : وَاَللَّهُ هَذَا فِعْلُ صَلَاحِ اَلدُّنْيَا وَالسُّرُورِ بِكَ ! فَقَالَتْ : كَلَّا ، وَاَللَّهُ إِنَّ لَدَي أَحْزَانٍ ، وَخَلْفِيٌّ هُمُومٍ ، وَسَأُخْبِرُكَ : كَانَ لِي زَوْجٌ ، وَكَانَ لِي مِنْهُ اِبْنَانِ فَذَبَحَ أَبُوهُمَا شَاةً يَوْمَ عِيدِ اَلْأَضْحَى ، وَالْوِلْدَانِ يَلْعَبَانِ فَقَالَ اَلْأَكْبَرُ لِلْأَصْغَرِ : أَتُرِيدُ أَنَّ أَرِيكْ كَيْفَ ذَبَحَ أَبِي اَلشَّاةُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . فَقَامَ إِلَيْهِ يُلَاعِبُهُ ، فَإِذَا بِهِ قَدْ ذَبْحَهُ فَلَمَّا نَظَر إِلَى اَلدَّمِ فَزَع ، وَهَرَبَ نَحْوَ اَلْجَبَلِ ، فَأَكَلَهُ اَلذِّئْبُ فَخَرَجَ أَبُوهُ فِي طَلَبِهِ فَوَقَعَ وَمَاتَ فَقُلْتَ لَهَا : وَكَيْفَ أَنْتَ وَالصَّبْرُ ؟ فَقَالَتْ : لَوْ دَامَ لِي لَدُمْتَ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ جُرْحًا فَانْدَمَلَ !
لَا تَخْدَعْنَكُمْ اَلْمَظَاهِرَ ، اَلنَّاسُ صَنَادِيقَ مُغْلَقَةً . فَلَا تَحْكُمُوا عَلَى اَلصُّنْدُوقِ فَإِنَّ فِيهِ مَا لَا تَرَوْنَ ، وَالنَّاسُ كَالْكُتُبِ فِيهِمْ مَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتَهُ بِالنَّظَرِ إِلَى اَلْغِلَافِ فَقَطْ !
خَلْفَ اَلضِّحْكَاتِ جُرُوح غَائِرَةً يُحَاوِلُ اَلنَّاسُ كِتْمَانَهَا عَنْ اَلنَّاسِ ، فَلَا تَرَ إِلَّا مَا تَرَى وَرَاءَ بَعْضِ اَلنِّعَمِ اَلظَّاهِرَةِ حِرْمَان قَاتِلٌ يَتَجَرَّعُهُ صَاحِبُهُ بِمَرَارَةٍ وَلَا يَدْرِي بِهِ إِلَّا خَالِقُهُ ! وَالسَّعَادَةُ اَلَّتِي تَحْسَبُهَا كَامِلَةً ، أَنْتَ لَا تَدْرِي إِنَّ كَانَتْ مُجَرَّدَ غِلَافِ اَلصَّفَحَاتِ ، أَنْتَ لَا تَعْلَمُ حَرْفًا عَمَّا فِيهَا ! اَلصُّوَرُ فِي مَوَاقِعِ اَلتَّوَاصُلِ لَيْسَتْ إِلَّا ثَمَرَةَ جَوْزٍ إِنَّهَا اَلْقِشْرَةُ اَلصُّلْبَةُ فَقَطْ ، فِي اَلدَّاخِلِ أَشْيَاءَ هَشَّةً جِدًّا ! هَذِهِ اَلدُّنْيَا دَارُ نَقْصٍ ، وَلَا تَكْتَمِلُ لِأَحَدٍ ، ثِقْ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَنْقُصُهُ شَيْءُ مَا ، فَمُرَّ هَيِّنًا ، كُلُّ إِنْسَانِ فِيهِ مَا يَكْفِيهِ . يَا بُنْيَتِي ! كُلَّنَا مُسَافِرُونَ ، فَطُوبَى لِمَنْ مَرَّ هَوْنًا عَلَى اَلدَّارِ هَيِّنًا ، لِينًا ، خَفِيفًا ، سَلِيمَ اَلْقَلْبِ فِي مَغِيبٍ وَمَحْضَرٍ . لَمْ يَرَ مِنْهُ أَهْلُهَا إِلَّا ” سَلَامًا ” . . . لَا تُعْطِي لِلْحُزْنِ فُرْصَةً ، أَنَّ يَتَوَغُّلَ فِيكِ يَقَضُمُ أَجْزَاءَ عُمْرِكِ ، لَا تَسْتَسْلِمِي لِلْحُزْنِ وَتَجْعَلِي نَفْسَكِ بَيْتًا لَهُ قَاوَمِهِ بِكُلِّ مَا أُوتِيَتِي مِنْ قُوَّةٍ.
أَرْفُضِي كُلُّ شُعُورٍ سَلْبِيٍّ لَا تَدَعِي لِلتَّشَاؤُمِ طَرِيقًا إِلَى قَلْبِكِ ، فِي اَلْجَنَّةِ سَتَغِيبُ تَجَاعِيد اَلسِّنِينَ ، وَدُمُوعَ اَلْحَنِينِ ، وَإِرْهَاقُ اَلْكَدَرِ ، وَأَلَمَ اَلْفَقْدِ ، حَتَّى اَلْمَوْتِ سَيَمُوتُ !”
اَللَّهُمَّ اَلْفِرْدَوْس اَلْأَعْلَى لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَذُرِّيَّاتِنَا .
أَمْسَكَتُ يَدَهَا وَقَبْلَتُ جَبِينَهَا وَقَلَّتُ لَهَا : ” وَيُبْتَلَى اَلْإِنْسَانُ بِالرِّقَّةِ كَمَا يُبْتَلَى بِالْقَسْوَةِ وَالْجَفَاءِ ، وَإِنَّ اَلِابْتِلَاءَ بِالرِّقَّةِ لِشَدِيدٍ ! يُبْتَلَى بِالرِّقَّةِ فَيَقِف عِنْدَ أَحْزَانِ غَيْرِهِ وَقَفَتْهُ لِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ صَاحِبُ اَلْهَمِّ وَالْغَمِّ ؛ فَيَلْبِسْهُ اَلْأَلَمُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَيَقِفُ عِنْدَ اَلْأَوْجَاعِ فَيَكُونُ اَلدَّمْعُ لِعَيْنِهِ أَقْرَبَ مِنْ اَلْبَوْحِ لِلِسَانِهِ ، وَيَقِفُ عِنْدَ اَلْفَقْدِ فَيَكُونُ هُوَ نَفْسُهُ اَلْمَفْقُودَ وَالْفَاقِدِ ” .
قَالَتْ لِبِابْتِسَامَةٍ مَمْزُوجَةٍ بِالْحُبِّ وَالْحَنَانِ : فِي قَانُونِ اَلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ ، اَلْفَرَحُ يَتَضَاعَفُ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ يَضْرَبُ فِي اِثْنَيْنِ ، وَالْحُزْنُ يَصَغِّرُ وَيَقِلُّ حَجْمُهُ لِأَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى اِثْنَيْنِ . مقالات ذات صلة على مفترق طرق ! 2024/02/06
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ب ال ق ل ب
إقرأ أيضاً:
شجون علي إسماعيل: والدي رفض تقاضي أجر عن تكوين فرقة رضا l خاص
تحل اليوم ذكري ميلاد الموسيقار الكبير علي إسماعيل ، والذي يعد واحدا من أهم الموسيقين في تاريخ الفن المصري .
حيث قام علي إسماعيل بتقديم عشرات الألحان الهامة والتي تظل عالقة في الوحدان لكبار المطربين والمطربات ، قام قدم الموسيقي التصوير لمئات الاعمال السينمائية ، ومن أبرزها : أفلام “معبودة الجماهير ويوم من عمري والخطايا وابي فوق الشجرة والأيدي الناعمة والشموع السوداء والسفيرة عزيزة ولا تطفيء الشمس وعروس النيل واجازة نصف السنة والبنات والصيف”.
ظهرت تبكي على فيسبوك.. من هي ألفت عمر صاحبة " قضية رآي عام" ؟حسن الرداد يعلن عن مهاجم جديد للنادي الأهلي l ماهي القصة ؟أحمد الفيشاوي : مزورتش قبر والدي ولا مرة ولو روحت ممكن أطب ساكتحنان سليمان تقتـ ل جارتها بسبب البلوك فى ثامن حلقات "ساعته وتاريخه"وتقول شجون علي إسماعيل في تصريحات خاصة لـ صدي البلد : لقد كان والدي مومن بالعمل الجماعي فقد ساهم في تكوين فرقة رضا بعدما كانت الفكرة لدي على ومحمود رضا ، وقد عرضوا على ملحنين الانضمام الى الفرقة ، الا انه طلبوا أجور عالية ، وهنا كان والدي في بداية نحاجه الفني ،ورشحه علي رضا الي شقيقه وحين عرضوا عليه الامر وافق ورفض ان يحصل على مقابل .
وستكمل شجون علي إسماعيل : بالفعل بدأ في الموسم الأول بتطوير عدد من أغاني الفلكور ، وفى الموسم الثاني صنع أغاني خصيصاً للفرقة ، كما قا بتكوين فرقة الثلاثى المرح .