دول عربية تعين إسرائيل بجسر بري.. دلالات ومآلات
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
منذ بضعة أيام أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية وصول شاحنات بعدد كبير، تقف على حدودها البرية، معلنة أنها وصلت من دول عربية، وعبر طرق عربية وإسلامية صرفة، وحرصت على نقل الخبر صوتا وصورة، بتسجيل مقابلات بين أمن الحدود الإسرائيلي، وبعض سائقي الشاحنات، وسؤاله من أين أتى؟ وعبر أي طريق وصل؟ ليعلن أنه قادم من دول عربية كي يصل للكيان الصهيوني بالبضائع.
العجيب أن المعلن ـ كالعادة ـ هو الكيان الصهيوني، الذي اعتاد على فضح عملائه، والمتعاونين معه، فدوما ما يعلن عما بينه وبينهم، سواء كان على مستوى دول عربية، أو على مستوى أهل الداخل الفلسطيني، في السلطة وغيرها، ولا يخجل من إعلان التعاون، ولو كان ذلك في أمور مخجلة لحليفه أو عميله.
وله أهداف من فضح عملائه، أو الإعلان بأدوارهم معه، فيضمن بذلك عدم وجود خط رجعة عما تعاونوا به، ولإبراز حجم المطبعين معه، وأنهم في تزايد، وفي استمرار بلا انقطاع، ورسائل أخرى منها ما يتعلق بالشعوب، وتثبيت أن كل شيء يدور في بلدانهم وحولهم، لا يتم إلا بمعرفة ورضا الكيان عنه.
كما أنه بهذا الإعلان عن الجسر البري، يريد أن يمسح بعضا مما لحقه من العار والمهانة من أحداث السابع من أكتوبر، ومحاولة ترميم صورته لدى شعبه، بأن الدول المجاورة والبعيدة عربيا صلاتها معه ممتدة ودائمة، بل متعاونة إلى أبعد حد، ولو كان التعاون ضد مصالح بلدانهم وشعوبهم، فالمهم لديهم أن يبقوا حكاما على كراسيهم، ما دام الكيان راض عنه.
نحن الآن أمام وقائع خيانة رسمية للمسلمين، لا يجد فيها شيخ مترخص أي رخصة لهذه الأنظمة، فالمسلمون في ظل حرب يقتلون من عدوهم، وهم مظلومون، وأصحاب أرض محتلة، وطالت الحرب الأطفال والنساء والمسنين رجالا ونساءا، ثم امتدت يد بالعون إلى العدو، ما حكم هذه اليد وصاحبها في عقيدة هؤلاء وفقههم؟في الوقت نفسه، يتم منع العون عن غزة، في أبسط حقوقها العربية والإسلامية والإنسانية، في ظل حصار خانق طال الجميع، مع ارتفاع وتيرة الحرب ومجازرها، وأعداد الشهداء والجرحى بالآلاف المؤلفة، في ظل تبادل التخلي عن المسؤولية عن المعابر التي على حدود غزة وفلسطين، من الذي يغلقها: دول الجوار أم الكيان؟ وقت الحساب الدولي والمعلن، يتم التخلي عن الحلفاء، ويخلي الاحتلال مسؤوليته عن ذلك، وغالب الظن أن هذه الدول التي أقامت جسرا بريا، هي من تطوعت بذلك، دون طلب من الكيان، فقد وصلت بهم العمالة والتواطؤ حد عدم انتظار الطلب، بل إن أحلام الكيان صارت أوامر لا بد أن تنفذ قبل الطلب!
بينما تقوم أنظمة على الحدود مع غزة، ببناء حواجز عازلة، عالية من فوق الأرض ومنخفضة جدا أسفلها لمنع أي تهريب، أو أنفاق، بينما تمر هذه البضائع والجسر البري عبر بلدان عربية وإسلامية لكيان محتل، لا تعني مساعدته سوى الخيانة سياسيا، والاتهام في الدين دينيا.
هل فقط الخيانة وعدم مراعاة الحكم الديني والشرعي في فعلهم، هو دافع هؤلاء الأنظمة لمعونة الاحتلال؟ لا يمكن أن نغفل جانبا آخر مهم، يستحضره هؤلاء الحكام، وقد ذكرهم به نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، بأنهم لو تركوا أهل غزة لتحقيق أي درجة من النصر، فإن الدور قادم عليهم من شعوبهم، فإن من يهزم جيشا كجيش الاحتلال، سيوحي لشعوب أكثر قوة، وأكثر منعة، من الشعب الغزاوي والفلسطيني، بأنهم قادرون على النصر، وقادرون على إزاحة هؤلاء الحكام الخونة من على كراسيهم.
إذا كان الملاحظ في هذا الخبر المشين، سقوط أنظمة عربية في مستنقع الخيانة، فإن هناك مستوى آخر سقط معهم، وهو مستوى الخطاب العلمائي في هذه البلدان وغيرها، فقد كان كثير من هؤلاء المشايخ في هذه البلدان في قضايا على مستوى الأفراد، أو مستوى الجماعات الدينية، في قضايا بسيطة جدا كتهنئة غير المسلمين بأعيادهم، تخرج فتاوى التحريم وتصل للاتهام في العقيدة، من باب الولاء والبراء، وهو رأي فقهي يتسع للخلاف الفقهي.
بينما نحن الآن أمام وقائع خيانة رسمية للمسلمين، لا يجد فيها شيخ مترخص أي رخصة لهذه الأنظمة، فالمسلمون في ظل حرب يقتلون من عدوهم، وهم مظلومون، وأصحاب أرض محتلة، وطالت الحرب الأطفال والنساء والمسنين رجالا ونساءا، ثم امتدت يد بالعون إلى العدو، ما حكم هذه اليد وصاحبها في عقيدة هؤلاء وفقههم؟
إن المجامع الفقهية والمؤسسات الرسمية من قبل قالت كلمتها في هذا الفعل المشين، ويعلم هؤلاء المشايخ الحكم الشرعي فيهم، وفي خيانتهم وتواطئهم، لكن صوتا واحدا لن يخرج، لأن الإنكار عندهم يكون على الأفراد، أما الأنظمة الباطشة ـ تحديدا ـ فالصمت هو الموقف الوحيد لهم، والفتوى مصدرها عندهم: ولي الأمر، وليس النص الشرعي، وإذا خالف ولي الأمر النص، فعليهم تأويل النص، أو تضعيفه آنذاك.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة الحرب الاحتلال رأي احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دول عربیة
إقرأ أيضاً:
مخططات التقسيم ومخاطر استنساخ أحداث سوريا في دول المنطقة
يمانيون../
لا شك أن ما حدث في سورية وتطوراته المستمرة سيظل لفترة طويلة محل اهتمام كل وسائل الإعلام العالمية والإقليمية، كما سيتوقف مستقبل المنطقة والصراع الدولي على مآل هذه التطورات، خاصة وأن سورية تمثل عقدة للصراعين الإقليمي والدولي، وأن طريقة سقوط النظام تمثل نموذجاً يمكن تصديره وتكراره لدول أخرى بالمنطقة، وخاصة الدول المجاورة للكيان الصهيوني مثل الأردن ومصر، وكذلك ممالك الخليج التي تتربص بها تنظيمات تنتمي لذات مدرسة جبهة النصرة والفصائل التي أسقطت النظام في سورية، وبعد ما بدا وتكشف من أن أمريكا والكيان وتركيا أعدت صيغة لتسويقها بإدخال تحديثات على خطابها لنيل الشرعية الدولية.
ولا شك أن إعلان نتنياهو نواياه وإرفاقها بخرائط لشرق أوسط جديد وتزامن ما حدث في سورية وتوظيف الكيان له، وملامح تحركاته في سورية عبر اقتناص مزيد من الأراضي والتواصل مع قطاعات من الأكراد والدروز، يقود إلى قناعة بأن “إسرائيل” تنوي مواصلة تحركاتها باتجاه هذا المشروع الذي لايتوقف عند حدود سورية، بل يتسع ليشمل الحلم التاريخي الصهيوني من النيل إلى الفرات، وهو مشروع صهيوني قائم وتبلورت عدة إستراتيجيات له، وكان أهم خططه الإستراتيجية خطة ينون التي نشرت في مقال في فبراير 1982 في المجلة العبرية كيفونيم (الاتجاهات) بعنوان “إستراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات”، والتي كتبها عوديد ينون، المشهور كمستشار سابق لأرييل شارون، والمسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتم الاستشهاد بالخطة كمثال مبكر لوصف المشاريع السياسية في الشرق الأوسط بمنطق الانقسامات الطائفية.
ولا شك أن تطبيق خطة الجنرالات في شمال غزة، وهي خطة للجنرال غيورا آيلاند، تشي بتهديد كبير لمصر، لأن هذا الجنرال هو صاحب خطة تهجير سكان غزة إلى مصر، والتي اقترحها وكان يعد لتنفيذها في العام 2005.
كما أن إشارة سموتريتش بأن العام 2025 هو عام ضم الضفة، لا بد أن يقرع جرس إنذار كبير وعاجل في الأردن، لأن خطط ضمها تتضمن تهجير أهلها إلى الأردن.
كما أن قوام مشروع الشرق الأوسط الجديد يقوم على أن تكون اليد الطولى للكيان، وهو ما لا يسمح بوجود نفوذ لممالك الخليج ويجب إعادتها لعصور مظلمة بحيث لا تشكل ندًّا للكيان.
وقبل الخوض في شواهد واحتمالات تكرار نفس السيناريو في دول أخرى، ينبغي إلقاء الضوء على بعض الملاحظات التي تحمل دلالات لافتة على طبيعة النظام الدولي والشرعية الانتقائية والازدواجية الفاضحة وحجم التنسيق والتواطؤ مع الكيان، وكذلك استغلال وتوظيف الكيان للأحداث بشكل سريع وخاطف، ثم الإشارة إلى علاقة خطة ينون ومخططات التقسيم بالدول الأخرى التي يمكن تكرار النموذج فيها، وذلك على النحو الآتي:
1- هناك استخفاف كبير بالمجتمع الدولي والشعوب عند الاعتراف بشرعية تنظيمات مارست الإرهاب وبشخص مصنف كإرهابي دولي مثل “أبي محمد الجولاني”، وهذا الاستخفاف يجعل من هذه البساطة التي تنال بها هذه التنظيمات الشرعية الدولية والرضا الإقليمي والدولي مؤشراً مرعباً للدول والجيوش التي اطمأنت لفترة طويلة على عرشها وشرعيتها الدولية باعتبارها تكافح الإرهاب، لأنه ببساطة يمكن اعتبار هذا الإرهاب ثورة وأنها دول تقمع الثورات وتنتقل في لحظة من خانة مكافحة الإرهاب لخانة الأنظمة المارقة عن الشرعية الدولية!
2- بينت الأحداث أن هناك خلايا نائمة لكثير من الفصائل والتنظيمات التي يتصور الكثيرون أنها ملفوظة شعبياً ولا تحظى ببيئة حاضنة، كما تؤثر الأزمات الاقتصادية وصعوبة معيشة المواطنين على طبيعة التفافها حول الأنظمة، مما يجعل المقاومة الشعبية لهذه التنظيمات مقاومة ضعيفة وبالتالي قد تجد أنطمة مثل الأردن ومصر مخاطر كبيرة وتجد جيوشها معزولة في مواجهة هجمات من هذا النوع دون رديف شعبي، خاصة أن هناك تجارب سابقة وخلايا نائمة، ولا يمكن استثناء ممالك الخليج رغم ثرائها من هذه السيناريوهات لأن التقارير الاقتصادية الدولية تفيد بمؤشرات لافتة حول انخفاض مستوى معيشة المواطنين وارتفاع نسب البطالة، ويضاف إليها وجود قطاعات شعبية تتقارب إيديولوجيا مع هذه التنظيمات وتتربص بعروش الخليج، وتحمل ثارات كبيرة خاصة مع دولة الإمارات التي تتبعت هذه التنظيمات وساعدت على قمعها في عديد من الدول.
3- الأطماع التركية لا تقتصر على أطماع التوغل البري في سورية والعراق واستعادة نفوذ المجلس الملي وأمجاد الإمبراطورية العثمانية، بل تمتد جيو إستراتيجيًا لشرق المتوسط ومشروعات الغاز، وثقافياً لقيادة العالم الإسلامي عبر رعاية تنظيمات إخوانية وفصائل وحركات وأحزاب توالي تركيا، لها وجودها في الأردن ومصر ودول الخليج، وهو تمدد ثقافي تسعى تركيا عبره لخلق نفوذ ممتد في الإقليم يحمي مصالحها التوسعية المتسقة مع الأحلام الإمبراطورية التي لا تفارق الطغمة الحاكمة في تركيا، وهو ما يشكل خطراً على هذه الأنظمة، والتي يُؤخذ عليها أن معظم الخطابات الشعبية هاجمت الأنظمة الرسمية بسبب تخليها عن غزة، فيما لم توجه انتقادات لتركيا وأردوغان رغم عدم تقديم تركيا أي مساندة إلا بعض الشعارات والخطابات الديماغوجية الخالية من أي فعل على الأرض.
4- رعاية غرف العمليات الأمريكية والصهيونية لما حدث في سورية، وهو ما رصده السيد الخامنئي بالتعاون مع الدولة الجارة التركية، وهو ما يقود لوجود مصالح مشتركة، وهذه المصالح لا تقتصر على سورية، لأنها تقتسم النفوذ والكعكة، وهو ما يغري الأطراف الثلاثة لتوسيع هذا التنسيق والسعي لمزيد من المكتسبات الإقليمية في لحظة تاريخية مفصلية تشكل فرصة لهذه الأطراف مع الضعف الملحوظ للنظام الرسمي العربي واستسلامه للنتائج دون تدخل فاعل في مواجهة الهجمة المزدوجة على القضية الفلسطينية وعلى منطق الدولة القومية التي قوامها المؤسسات والجيوش الوطنية.
5- الاستغلال الصهيوني بمزيد من التوغل وكسب الأراضي وانتهاك الاتفاقيات الدولية، لا بد وأن يشكل مؤشر خطر من الدرجة الأولى للدول التي ركنت إلى هذه الاتفاقيات مثل الأردن ومصر، وخاصة مع التلويح المستمر بضم الضفة الغربية وتهجير سكان غزة والتموضع الدائم للجيش الصهيوني في محور نتساريم وممر فيلادلفيا والسيطرة على المعابر، واستعداد إدارة يمثلها ترامب الذي لا يعبأ بالاتفاقيات الدولية لاستلام الحكم، وهو ما يشكل خطراً لتوغل صهيوني داخل خطوط فض الاشتباك برعاية أمريكية وترويج دعائي تركي لفصائل مماثلة لجبهة النصرة.
كما لا تشكل الاتفاقات “الإبراهيمية” حماية للأطراف التي وقعتها، لأن وجود نظام حكم تابع بشكل مباشر لأميركا والكيان ويدين بالشرعية والولاء لهما أفضل أمريكياً من جهد الابتزاز لأنظمة الخليج وأقصر طريقاً في جني الثمار.
6- وبالعودة إلى مخطط الشرق الأوسط الكبير وخطة ينون، نرى أن فيها تفصيلات تشير نصاً إلى دول أخرى، والخطورة هنا تتمثل في أن مقال ينون قد تم تبنيه من قبل أعضاء معهد الإستراتيجيات الصهيونية في الإدارة الأمريكية، حتى تم تناوله بشكل مفترض كوسيلة لتعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وكذلك تحقيق الحلم اليهودي بدولة “من جدول مصر إلى نهر الفرات”، وتشمل غالبية الشرق الأوسط، كما هو مكتوب في الكتاب المقدس العبري، حيث كانت مجلة «كيفونيم» مُكرّسة لدراسة اليهودية والصهيونية، وقد ظهرت بين عامي 1978 و 1987، ونشرها قسم الإعلام في المنظمة الصهيونية العالمية في القدس.
وتتناول الخطة تفاصيل، نرى ظلالها في سياسات نتنياهو حالياً، ومما ورد فيها حول الأردن والعراق ومصر ولبنان، يمكن الاستشهاد بما يلي بشكل موجز:
أولاً: الأردن، اقترحت ورقة ينون أن السياسة الإسرائيلية، في كل من الحرب والسلام، يجب أن تهدف إلى هدف واحد هو “تصفية الأردن” كما تحكمها المملكة الهاشمية، إلى جانب زيادة الهجرة الفلسطينية من الضفة الغربية إلى شرق الأردن لوضع حد لمشكلة وجود تجمعات كثيفة للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها “إسرائيل” في حرب الأيام الستة عام 1967، مما يتيح لهم الانتقال إلى أراضي تلك المملكة السابقة.
ثانياً: لبنان، حيث دعت الخطة إلى خطة قديمة ضد وحدة أراضيها تعود إلى عام 1943، والتي بموجبها كان من المقرر أن يتم تجميع البلاد على أسس عرقية قومية، وتم تنفيذ جزء منها خلال السبعينيات، وخاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، وارتبطت بشخصية هنري كيسنجر، حيث تردد وقتها أنه يخطط لتقسيم لبنان إلى دولتين.
ثالثاً: العراق، حيث اعتبر ينون العراق بثروته النفطية التهديد الأكبر لإسرائيل، وكان يعتقد أن الحرب الإيرانية العراقية ستقسم العراق الذي يجب أن يكون حله هدفًا إسرائيليًا إستراتيجيًا، وتوقع ظهور ثلاثة مراكز عرقية: الشيعة الذين يحكمون من البصرة، والسنة في بغداد، والأكراد وعاصمتهم في الموصل، حيث كل منطقة تسير على غرار التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية السابقة.
رابعاً: مصر، حيث اعتقد ينون أن اتفاقيات كامب ديفيد 1978، التي وقعها مناحم بيجن وأنور السادات، كانت خطأ، وكان أحد أهداف “إسرائيل” في الثمانينيات، تقطيع أوصال مصر، الدولة التي وصفها بأنها “جثة”، وتهدف الخطة لتشكيل دولة قبطية مسيحية على الحدود الشمالية لمصر، وإعادة الغزو الإسرائيلي السريع لسيناء.
ربما بدأت الأنظمة تستشعر خطورة هذه التطورات بسرعة عقدها لاجتماع العقبة ولكنه اجتماع يخلو من الفاعلية بسبب عدم امتلاك أدوات ضغط فاعلة وسبب ابتعاد هذه الأنظمة وتخليها عن المقاومة وهو ما عراها أمام أميركا والصهاينة وأدخلها تحت قاعدة “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”، ولكن على الأنظمة أن تفطن إلى أن كلفة المقاومة رغم كل التضحيات أقل من كلفة التماهي والاستسلام، بدليل أن الحركات والقوى التي تقاوم مثل حزب الله تحافظ على الردع مع الكيان وتخرج دوماً بأقل الخسائر في ما يمس السيادة، رغم التضحيات والشهداء والخسائر المادية، وهو ما يفرض استفاقة وصياغة سياسات وإستراتيجيات جديدة للأنظمة تتسق مع هذه الهجمة التاريخية الاستعمارية الكبرى.
العهد الاخباري ايهاب شوقي