شبكة اخبار العراق:
2024-12-23@14:12:14 GMT

رائحةُ عسلٍ مُحترق

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

رائحةُ عسلٍ مُحترق

آخر تحديث: 8 فبراير 2024 - 12:36 م طالب عبد العزيز ‫النسوة اللواتي لم يكن جميلات حسب. المضيّفات، موظفات الدرجة الثالثة في مكاتب الطيران، السيّدات المهذبات، الصبوحات المساءات، اللواتي تقرض الكراسي الخضرُ أعمارَهن، منذ عقود أربعة، بطيئات يدخلن المبنى أوَّل الصباح، وصوت فيروز لا يني يطيحُ بشفاههن وأكتافهن، فلا يغادرنه إلا إذا طار النهار بجناح ساعتين.

ومثل فناجين القهوة الباردة، مثل قماشة المطبخ، غير المعتنى بها سيظل الوقت عاطلا في النوافذ والأبواب، وفي السراويل الجينز، التي تضيق كثيراً عند الخصر، وفي القفاطين السُّود أيضاً، وفي القبَّعات، سيظل وحيداً، ذلك الوقت، وعاطلا هناك، حتى عودة الباص، ذي السنونو الأخضر من جهة النهر. النسوّةُ اللواتي لم يكنَّ جميلاتٍ فحسب، يخبِّئن علبَ الماكياج في درّجٍ أخير، بمكاتبهنَّ،  تضوعُ في الليل منه رائحةُ عسلٍ محترق، ويأتي عليه نملٌ كثيرٌ وماء.السيّداتُ اللواتي يسمَّينَ المقاعدَ لنا الآنَ، ويبّصرننا بين آونة وأخرى، وتمتحنُ الشمسُ والساعاتُ المتأنّيةُ أكفَّهنَّ على الخشب والضَّوء، لم يُطلعننا على السَّلاسل الذَّهبِ التي بأعناقهنَّ، وتنطوي على كثيرٍ لم نبّصرهُ سحّاباتُ الاكمام الصغيرة، وفيما يُصلحُ الرجلُ ذو البذّلة الرّماديّة أمرَ كرسيِّه، لا يدلُّ ما بأصابعِهنَّ إلا على القليل من الحِنكةِ والصَّبر.هناك ما هو أجدرُ بالإطراءِ من مبنى لا تدخلهُ المباهجُ إلا متأخرةً.أوَ كلّما استعملت الرِّيحُ باباً تقصَّفَ الوقتُ بشعرهنَّ، وسقط من فم الصمت ملحٌ كثير؟ كلُّ قميص يتهربُ من النَّهار لا يأتي الليلُ عليه، وتموتُ من الضَّجر كلُّ شجرةٍ لا يلتئمُ  تحتها اثنانِ عاشقان.
الباصُ الأخيرُ الفارغُ العائدُ خِلْواً منهنَّ غرابٌ ميتٌ لم يضربه أحدٌ بحجر.بخطىً وئيدةٍ- لا يبالي البلاطُ بها- السيّداتُ الجميلاتُ الأنيقاتُ يقايضّنَ الزَّمن باللُّبانِ المرِّ وبالأسئلة، ومن عويناتٍ ما زلنَّ يعلّقنها يومئنَ إلى حاجبٍ عند الباب، نحيلٍ، يخرج مع الحقائب بأذرع المسافرين، ويأتي ضالته آخرَ الليل مخموراً. كلُّ رسمةٍ لم نرها بسيقانِهنَّ خضراءُ، وإنْ لم يمسسها ضوءٌ، ولم تنهشها نسورُ الأقاويل، وكلُّ سؤالٍ نتلعثمُ بالإجابة عنه مثلّثٌ تزدحمُ السُّنونواتُ عند مائه، ومن كلِّ حقيبة تنفتحُ يخرجُ طفلٌ لا يُشبهنا، ولا يُشبههنَّ، ففي حزم الأوراق التي تروح وتأتي، يتقرفصُ وقتٌ فائضٌ آخرُ لقتل النَّهار، وتنطبقُ على المعنى كلماتٌ وهمهمات.ثمةَ من تتحدثُ عن نزهةٍ على الشاطئ إذن، وأكثرُ من قاربٍ لم يفزعه الموجُ هناك. كان الحجرُ ضامناً، حتى أنَّ قدماً واحدةً لم تنزلقْ عليه، ولمّا يئنْ موعدُ ظهورُ الكواسج النَّهمةِ بعد، أما الضَّفادع التي لا صلةَ لها بالزَّبدِ فقد نقَّتْ طويلاً عند الثياب، التي تركنها. هنَّ ينعُمنَّ بالرِّيح الباردة، وتجلُدُ سيقانَهنُّ شمسٌ مائلةٌ، وأغصانُ صَفصافٍ وتوت. قواقعُ كسولةٌ تمرُّ، ودودٌ رخوٌ توطَّنَ بثنيّةِ الجينز عند الكاحل الابيض، لا الماءُ يقتله، ولا الفرغُ ينالُ منه. كانت نوافذُ الفندقِ -أشرعها الجندُ منذ أمسِ- تدلُّ عليهنَّ، والقواربُ التي لم ترخَ حبُالها بعد ويدخلها الغروبُ تدلُّ أيضاً، والحجرُ المنخورُ بالحجرِ وهتافِ الموج يترصدُ اسماءَهنَّ، وينأى.بحياءِ من أدَّبتها الثيابُ طويلاً  الشجرُ مادةُ الانتظار الأولى»: تقولُ إحداهُنَّ. كانت المركباتُ تمرُّ مثقلةً، بالسيدات اللواتي لم يكنَّ جميلاتٍ حسب، ومسرعةً هتافاتُ الشبابِ تجتازُ الحديقةَ إلى السُّوق، فلا التفاتةٌ في سياجٍ، ولا رسمةٌ على مبنى، ولا أرجوحةٌ في خيال. ولأنَّ الريحَ ما زالت تهبُّ، من جهة النهر، فقد اخرجنَّ الإيشارباتِ السُّودِ من الحقائب، وبأيديَ من وَهَنٍ وأخيلةٍ صرنَّ يومِئنَّ لقطاراتٍ لن تأتي، ويدثّرنَّ الشجنَ بالأملِ والليالي الباردة.
من الوقت المتراجع في الحياطين يأتي الضَّجر، ومن شِقٍّ غائرٍ في القميصِ الأسودِ، اسفلَ القلادة يدخل نهارٌ بأفاعٍ كثيرة، ولا يستجيبُ دُرجٌ في خَزانة الثياب، لكنَّه سيظلُّ عالقاً، بجوربٍ قديم، وبحمّالة صدرٍ صفراءَ ربّما..  تلك المسافة التي تفصل حبَّة البندق في فنجان القهوة عن الكلام، وهذه ارتعاشةُ الجسدِ العاشقِ تُفصحُ عنها نزلةُ البرد، وعن الخضابِ الزائفِ في اليد المتوهَمةِ أيضاً.. سأظلُّ واقفةً هنا، وإنْ لم يدخل من باب الجنون طائرُ الينابيع.السيدة التي لم تكن جميلة فحسب، بحذائِها الرياضيّ، الصَبُوحَةُ والمَسَّاءَة تُقسمُ انها لم تترك البابَ اخضرَ وراءَها، لكنَّ أصيصَ النرجس لم يحفل بالزمن المائل في تنّورتها ومن نافذته المطلة على البحر لم يقفز فجرٌ بجناحين أبيضين. السيدة التي تعقدُ شعرها بشريطٍ أسودَ، وتطلّسمُ كتفيها بإيشاربٍ ثقيلٍ.. لم تأبه لعينين تناوبتا على إضاعة النهار بوجهها. فهي تتركُ يدها على الطاولةِ منذ أمس، تبحثُ في حقائب المغادرين والعائدين عن عشبةٍ لم يأت بخبرها أحدٌ بعد.السيّدة التي لم تدخل من الباب الذي سُوّيتْ كتيبتُه بالدِّهان، ولم تُغرها أسطوانةُ المديح، ولم ترفع بوجه النَّدم أصبعاً واحداً، ويخفق قلمُ الكُحل بتسويةِ الظِّلال على جفنها ثانيةً، غاضبةً تنتفُ بذيلِ الكلمات، ومن هناك، من هناك حسب تأتي الريحُ من أجنحةِ المعنى بريش كثير، حيث لم يبقَ من رفيفِ الجسدِ على الرَّملِ سوى الغروب.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

صابر عيد: سيكون هناك صفقات لدعم غزل المحلة في يناير

أكد صابر عيد المتحدث الرسمي لنادي غزل المحلة، أن الفريق قدم مستوى جيد أمام الاتحاد السكندري، وأضاع لاعبو الفريق عدة فرص محققة في المباراة، مشيرًا إلى أن شوقي غريب المدير الفني واللاعبين قدموا مستوى جيد خلال اللقاء، والمواجهة القادمة أمام سموحة ستكون قوية أيضا.

وقال عبر برنامج بلس 90 الذي يبث على قناة النهار: "مجلس إدارة شركة الكرة بنادي الغزل، لديه أهداف يريد تحقيقها والظهور بشكل مشرف، لدينا مشروع على 3 سنوات من أجل المنافسة بقوة، وبالتأكيد سيكون هناك تدعيمات في يناير، وفقا لرؤية شوقي غريب، ومجلس الإدارة بقيادة وليد خليل لن يبخل عن الدعم بكل قوة".

وأضاف: "شوقي غريب هو من سيحدد المراكز التي يحتاجها في يناير، وبالتأكيد إدارة شركة الكرة لن تتوانٍ في تلبية المطالب الفنية".

وأكمل: "رحيل أحمد عيد عبدالملك بالتراضٍ عن غزل المحلة، المدرب قام بتقديم استقالته ورحل بشكل محترم، وهو مدرب قدير ويحظى باحترام كبير داخل النادي، والأمور سارت بالتراضٍ ورحل بصورة شيك للغاية".

وزاد: "شوقي غريب من أبناء نادي غزل المحلة، وهو جاء لخدمة ناديه، في المرحلة الحالية".

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: هناك عمق في العلاقات التاريخية بين مصر والصومال
  • بالفيديو.. "فتح": نتمنى أن يكون هناك صحوة في ضمير العالم تجاه فلسطين
  • عضو بـ قومي حقوق الإنسان: هل سيكون هناك مكانًا لذوي الإعاقة في برلمان 2025؟
  • رائحة صفقة روسية – تركية – “إسرائيلية” وراء انهيار نظام الأسد
  • عضوة بلدي بني وليد: هناك من يعمل على زعزعة الاستقرار في مدينتنا
  • صابر عيد: سيكون هناك صفقات لدعم غزل المحلة في يناير
  • هالاند: هناك شخص واحد في مانشستر سيتي لم يكن جيدًا أمام أستون فيلا
  • “تعليق طريف”.. خوسيلو يتحدث عن رائحة قميص رونالدو
  • الحرب والأدب – رائحة الدم وسلطة الحكي
  • رشوان توفيق: كان هناك جزء ثالث من «المال والبنون».. ولم يكتمل لهذه الأسباب