السعودية ملتزمة بدعم الحل السياسي في اليمن
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
أكد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، التزام المملكة بدعم اليمن وتعزيز الحوار بين الأطراف، للتوصل إلى حل سياسي تحت إشراف الأمم المتحدة.
تصريحات الوزير السعودي التي أوردها على موقع (إكس) جاءت خلال اجتماعه مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج.
.المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الحوار المبعوث الأمريكي دعم اليمن وزير الدفاع السعودي
إقرأ أيضاً:
الحل المُستدام للنجد الزراعي في ظفار
د. عبدالله باحجاج
صحيحٌ أنَّ وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه قد سارعت مشكورة إلى طمأنة 34 مُزارعًا من مُزارعي منطقة النجد في محافظة ظفار، بأنَّ إنتاجهم من البصل المُقدَّر بآلاف من الأطنان من ما يقارب 800 فدان لأول مرة وبجودة عالية، لن يذهب سُدى، ولن يتكبدوا خسائر، ووعدت بسعرٍ مُجْزٍ، وكُنَّا قد تفاعلنا مع هذه القضية بتغريدتين عاجلتين عبر منصة "إكس"، في يوم واحد، بعدما طلب منَّا الكثير من المزارعين، وهم في حالة قلق مرتفع من مخاطر إتلاف محصولهم، في ظل عجز تسويقه، وبسبب الاستيراد المفتوحة أبوابه، والمنافسة غير العادلة، التي يحتكرها الوافدون، ولم نتفاجأ بسرعة تدخُّل الوزارة عبر بيان مكتوب، ولقاء إذاعي لمتحدثها الرسمي.
عودتنا الوزارة على التجاوب الإيجابي والآني، كالمشاكل التي أثرناها في مقالات في جريدة الرؤية عن اختفاء ثمار أشجار النارجيل من محال البيع المحلية، والمخاطر المُحدِّقة بهذه الثروة الاستراتيجية الوطنية. وفي قضية البصل، لا نزعم أننا الوحيدون الذين سلَّطنا الضوء عليها، وبعثنا رسالة عاجلة لإنقاذ هذه الثروة التي ينبغي أن يُكافأ المزارعون على نضالهم الإنتاجي في صحراء قاحلة، عوضًا عن تحميلهم خسارة مالية كبيرة، كانت ستُدخلهم في مُساءلة قضائية، فقد كان هناك زملاء مشكورون ساهموا في ذلك عبر تغريدات، وهذا يُحسب لجهد جماعي.
لكن، دعونا نبحث عن أصل المُشكلة من زاوية أخرى، خاصةً وأنَّ قضية البصل ليست الوحيدة، فقد كانت هناك قبلها قضايا أخرى كالثوم والقمح؛ بل كل إنتاجات مزارع المواطنين في النجد تعاني من مشكلة التسويق، وهي تتجدد سنويًا، ولن يكون الحل المثالي هنا تدخُّل الوزارة لحل المشاكل السنوية، فلا بُد من وجود حلٍ مُستدام، وهذا الحل قد اهتدى إليه تفكير الحكومة الاستراتيجي، وينبغي إعادة طرحه الآن في خضم النقاشات المتعددة لأكثر من جهة حكومية حول الحل المستدام، وسنتناوله من منظورين هما:
1- رهانات الحكومة على النجد الزراعي في ضمانة أمن البلاد الغذائي، وقد تزامنت رهاناتها على هذه المنطقة مع جهود الشباب العُماني الذين اقتحموا النجد بمبادرات فردية منذ الثمانينيات من القرن الماضي، وكشفوا واكتشفوا إمكانياته الزراعية الضخمة والواعدة، رغم مواردهم المالية المحدودة والتي أغلبها من البنوك، ومن ثم تبعتهم بعض الشركات الزراعية.
2- وضع الحكومة خُطة واعدة لتحقيق الأمن الغذائي في النجد بمؤسسات وبُنى أساسية دائمة، وبأموال مرصودة مسبقًا.
ومن بين أهم هذه البُنى الأساسية:
إنشاء "مكتب لتطوير منطقة النجد الزراعية" في عام 2020، يبتع مباشرة معالي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، لكنه لا يُمارس كل أدواره حتى الآن. ويهدف المكتب إلى تنظيم وإدارة منطقة النجد زراعيًا ومائيًا واستخدام الممارسات الفُضلى لرفع العائد الاقتصادي للمزارعين؛ بهدف سد الفجوة الغذائية في الأمن الغذائي، ومواءمة ذلك مع رؤية "عُمان 2040". وسيقوم المكتب بتطوير البرامج الرامية للنهوض بالثروة الزراعية وموارد المياه والأنشطة المصاحبة لها؛ وذلك من خلال التخطيط الاستراتيجي وتوظيف السياسات الملائمة، وتطبيق أفضل الحزم التقنية المتكاملة للمشروعات الاستثمارية الجديدة، والانفتاح على التجارب العالمية، وتحديث المشاريع القائمة تدريجيًا. وقد أُنيط بالمكتب كذلك إعداد خارطة استثمارية متكاملة لمنطقة النجد، تُحدِّد المناطق الواعدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة تتضمن البيانات الزراعية والمائية والأنشطة الأخرى ذات العلاقة، وإشراك الجمعيات الزراعية في البرامج والسياسات المقترحة لتنويع التركيبة المحصولية وتعظيم الفائدة. ومن ضمن كذلك مهامه الإشراف على المختبرات بمنطقة النجد؛ لضمان ضبط جودة المنتجات الزراعية لاستيفاء معايير سلامة وجودة الغذاء محليًا وعالميًا، والإشراف على جميع الأعمال المتعلقة بالاستثمار والإنتاج والتسويق بالتنسيق المباشر مع مختلف الجهات. إقامة مركز لتسويق المنتجات الزراعية، ولم يُباشَر في إنشائه فعليًا حتى الآن، باستثناء تسوير الأرض مؤخرًا! رغم أنه كان مقرراً إقامته منذ سنة ونصف السنة، وقد أُسنِدَ المشروع للشركة، وتم تحويل مبلغ إنشائه المقدر بـ1.8 مليون ريال عُماني إلى حساب الشركة- حسبما كشف لنا مصدر رسمي- ولو كان جاهزًا لما برزت مشكلة البصل وغيرها من المشاكل. وهذا مشروع متكامل لتجميع وفرز وتسويق المنتجات الزراعية في سيح الخيرات؛ مما يرفع من كفاءة تسويق المحاصيل ويدعم المزارعين المحليين. والتساؤل هنا: لماذا هذا التأخير رغم إسناد المشروع للشركة وتحويل المبالغ المالية لها؟ تأسيس عدد من مشاريع البنية الأساسية بتكلفة 5.4 مليون ريال عُماني، منها مناقصة لإنشاء طريق سيح الخيرات- شصر، الذي يمتد بطول 44 كيلومترًا، ما يُسهم في تحسين حركة النقل والتواصل بين الولايات والمحافظات.ومما تقدم، يظهر أن الإشكالية ليست في الإرادة الحكومية وغاياتها الاستراتيجية، وإنما في تنفيذها، وهنا ينبغي أن يُفتح باب المساءلة؛ لأن التأخير قد أصبح مؤثرًا على التنمية الزراعية، ويُلقي بظلاله السلبية على مبادرات الشباب الذين كدوُّا كثيرًا تحت أشعة الشمس، ولولا تدخُّل الوزارة في شراء محصولهم من البصل لأعلن الكثير منهم إفلاسه، ودخلوا في مساءلة قضائية وهجروا الزراعة، وخسرنا مبادرات أسرية؛ فالكثير من المزارعين يعمل معهم أبناؤهم في الصحراء، عوضًا عن انتظار فرصة عمل، ولا يُمكن الرهان دائمًا على الشركات الزراعية الكبيرة المُعرَّضة للتأثيرات المالية المرتبطة بالأزمات العالمية؛ فالشركات الصغيرة والمبادرات الأسرية هي ضمانة الديمومة والتوازن وصناعة فرص العمل وتنويع مصادر الدخل، وحمايتها وضمانة نجاحها من أولويات الحكومات.
وهنا ندعو إلى الاهتمام بعامل الزمن في استحقاق الأجندات الوطنية؛ إذ لو تم تنفيذ تلكم الخطة فلن تتكرر مشاكل التسويق، ولأُنتجت فرص عمل كثيرة ومستدامة للباحثين عن عمل؛ حيث إن هذه المشاريع طموحة وستُحَوِّل تحديات النجد في ظفار إلى فرص مُتعددة، واستكمال مقومات المكتب ومركز تسويق وتجميع وفرز الإنتاج الزراعي وبقية البُنى الأساسية، سيخلق فرص عمل فنية وإدارية مُتعددة، فكيف لو أُقيمت صناعات زراعية فيها، ستتحول البادية الى حياة كاملة المقومات، والى منطقة للمُستثمرين والباحثين عن عمل. لذلك.. لماذا نُفوِّت مثل هذه الفرص التي تحتاجها الآن مرحلتنا الوطنية؟
منطقة النجد أصبحت تفرض ذاتها زراعيًا؛ ففيها كل شي يُزرع، ويُنتج بجودة عالية وبكميات تجارية. مثلًا: شهد إنتاج المحاصيل الزراعية زيادة ملحوظة؛ حيث ارتفع إنتاج التمور في المنطقة من 502 طن في عام 2022 إلى 1880 طنًا في عام 2024. بنسبة نمو 274.5%، كما شهد إنتاج القمح في المنطقة ارتفاعًا كبيرًا، زاد من 1500 طن في عام 2022 إلى 10510 أطنان في عام 2024. وتُشير البيانات المالية للموسم الزراعي (2023/ 2024) في المنطقة إلى تحقيق قيمة تقديرية تتجاوز 66 مليون ريال عُماني لمختلف المحاصيل الزراعية الرئيسية، واحتلت الثروة الحيوانية المرتبة الأولى بقيمة 40 مليون ريال عُماني.
وبلغ إجمالي إنتاج الخُضار خلال الموسم سالف الذكر 89.3 ألف طن، وجرى تصدير محصول الجح (البطيخ) بحجم إنتاج 46.2 ألف طن، كما تم إنتاج 22.2 ألف طن من الشمَّام، و7800 طنًا من الطماطم، و1755 طنًا من الفُلفل، وإنتاج 1236 طنًا من الباذنجان، و2560 طنًا من الكوسة، و2568 طنًا من الخيار. وبلغ إنتاج القَرع 2880 طنًا، بينما تم إنتاج 1890 طنًا من البصل. مع العلم أن هذه الأرقام غير مُحدَّثة، لكنها تعكس إمكانيات المنطقة في تحسين الأمن الغذائي وقدرتها على تلبية احتياجات المجتمع.. فلماذا يتأخر تنفيذ مشاريع أساسية قد اعتُمِدَت، وبعضها أُسندت لشركات التنفيذ، وحُوِّلَت مبالغها؟
باختصارٍ.. تتوفرُ لدينا الآن كبرى الفرص التاريخية لكي يكون النجد الزراعي سلة غذاء أهل الخليج كلهم وليس فقط عُمان، مع إقامة صناعات زراعية متعددة فيه، فضلًا عن تحويله إلى منطقة مُمكَّنة للمساهمة الكمية المستدامة لحل قضية الباحثين عن عمل.
ومن هنا فإنَّ المصلحة الوطنية تستوجبُ إعادة النظر في إخفاقات التنفيذ، وإعادة الاعتبار للخطة الحكومية وغاياتها الوطنية.
رابط مختصر