غزيون يروون للجزيرة نت معاناتهم من النزوح المتكرر
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
غزة- "نزوح جديد وليست عودة للديار"، هكذا يفسر "أبو خليل" مغادرته مدينة رفح والتوجه مجددا نحو مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة.
نزح أبو خليل بأسرته (6 أفراد) من منزله بمدينة غزة في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولجأ إلى منزل عائلة زوجته في مخيم النصيرات ومكث فيه نحو شهرين، قبل أن يضطر للنزوح للمرة الثانية تجاه مدينة رفح بعدما اشتدت المعارك في المحافظة الوسطى من القطاع إثر توغل قوات الاحتلال برا.
في رفح التي تشير تقديرات محلية ودولية إلى أنها تؤوي حاليا زهاء نصف سكان القطاع البالغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة، كان أبو خليل من القلة المحظوظين وعثر على منزل بالإيجار، ولم يخض التجربة المريرة -حسب وصفه- بالإقامة في الخيام أو مراكز الإيواء المكتظة.
عودة لافتة لنازحين من رفح إلى وسط قطاع غزة والاحتلال يحذر من محاولات العودة لمدينة غزة وشمالها (الجزيرة) مخاوفلنحو شهر ونصف الشهر أقام أبو خليل، الذي فضّل الحديث للجزيرة نت بكنيته، في هذا المنزل قيد الإنشاء بمدينة رفح التي صارت شوارعها وأحياؤها ومخيماتها مكتظة بأكثر من مليون نازح، لجؤوا إليها خلال الشهور الأربعة الماضية على وقع جرائم إسرائيلية مروعة ومستمرة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول هذا النازح الأربعيني إن الوضع في رفح كارثي، والحياة تزداد مأساوية يوما بعد يوم، ويبدو أنها "الهدف القادم للاحتلال بعد خان يونس".
وتدرجت إسرائيل في عملياتها البرية ابتداء من مدينة غزة وشمال القطاع، مرورا بمدن ومخيمات اللاجئين في المحافظة الوسطى، وتواصل حاليا التوغل البري في مدينة خان يونس المجاورة لمدينة رفح من الناحية الشمالية، والتي يتزايد الحديث في وسائل الإعلام العبرية حول عملية برية محتملة فيها.
وتوصيفا لما آلت إليه الأوضاع المعيشية والإنسانية في رفح، قالت الأمم المتحدة إن "استمرار النزوح حوّلها إلى طنجرة ضغط مملوءة باليأس"، وبالنسبة لأبو خليل فقد بلغ لديه اليأس مبلغه، ويقول "خسرت مالي وبيتي في غزة ولا أريد أن أخسر أسرتي".
وتحذر الأمم المتحدة وأوساط دولية من مغبة توسيع إسرائيل عمليتها البرية لتشمل مدينة رفح ما يهدد حياة مئات آلاف الفلسطينيين.
وكان أبو خليل وزوجته وأطفاله الأربعة من الأوائل الذين نزحوا من مدينة غزة وشمال القطاع حفاظا على أرواحهم، وقد لحق دمار كبير بمحله التجاري ومنزله السكني، ويقول "شعرت بخطر كبير من البقاء في رفح في ظل التهديدات الإسرائيلية المتزايدة بعملية برية".
عودة للوسطى
يسلك النازحون العائدون من رفح إلى المنطقة الوسطى من القطاع شارع الرشيد المعروف بطريق البحر، وهو المنفذ الوحيد الذي تركته قوات الاحتلال سالكا أمام حركة الناس، وتدفع بالسكان إلى النزوح عبره نحو جنوب القطاع، خاصة إلى مدينة رفح.
وفيما يستخدم أبو خليل سيارته الخاصة في النزوح المتكرر، فإن الغالبية تضطر لاستخدام سيارات نقل البضائع، وعربات تجرها الحيوانات، بعدما توقفت حركة سيارات الأجرة بسبب نفاد الوقود.
وجد أبو خليل بيت عائلة زوجته مدمرا جزئيا، ويحيط به دمار كبير في المنازل السكنية والبنى التحتية، غير أنه يعتقد أن مخيم النصيرات أكثر أمنا -حاليا- من مدينة رفح، وقد ناله نصيب وافر من القتل والتدمير خلال العملية البرية في المنطقة الوسطى.
ويُمنّي هذا الرجل نفسه بالسفر المؤقت خارج غزة إلى حين انتهاء الحرب أو بالعودة إلى منزله في مدينة غزة وانتهاء رحلة النزوح المريرة، ويقول "بدي أرجع إلى بيتي حتى لو في خيمة على أنقاضه".
بدورها، عادت أم عبد الله القطراوي إلى مخيم النصيرات وقال زوجها أبو عبد الله للجزيرة نت "لم تعد تحتمل حياة الخيمة وقررت العودة إلى منزل عائلتها في المخيم".
ودمرت غارة جوية إسرائيلية شقة أسرة القطراوي في "برج المهندسين" بالمخيم، وكان القدر بها رحيما وقد غادرته قبل أيام من هذه الغارة التي أودت بحياة العشرات.
ويضيف أبو عبد الله "هذه الشقة هي كل حياتنا، ولا نملك سواها، خسرنا كل شيء فيها، وقررت أم عبد الله العودة إلى منزل عائلتها بعد 40 يوما من مرارة النزوح في خيمة قرب الحدود مع مصر غرب مدينة رفح".
ولم يعد هذا الرجل مع زوجته وفضّل البقاء في الخيمة للحفاظ على حياتها تحسبا لما وصفها بالأوضاع غير المضمونة، ولتكون ملجأ لأسرته في حال حدوث أي طارئ في المنطقة الوسطى وتجد نفسها مضطرة للنزوح مجددا.
عودة ممنوعة
وتراجعت دبابات الاحتلال وآلياته العسكرية من مناطق الكثافة السكانية إلى أطراف المخيمات والمدن، الأمر الذي شجع عودة النازحين إلى منازلهم أو ما تبقى منها، ومن هؤلاء عائلة أبو بكر المكونة من 50 فردا.
ويقول إسلام أبو بكر للجزيرة نت "عادت أسرتي إلى مخيم النصيرات بسبب التهديدات الإسرائيلية لمدينة رفح، وسوء الأوضاع المعيشية هناك".
وكانت هذه العائلة الكبيرة تقيم في شقتين سكنيتين صغيرتين في شرق رفح، وبحسب إسلام، فإن الخشية من عملية برية إسرائيلية كانت السبب الرئيسي في قرار العودة إلى المنطقة الوسطى، إضافة إلى "الاكتظاظ الشديد، وشح المساعدات، وصعوبة توفير مقومات الحياة الأساسية من مياه وطعام".
وتؤثر عودة النازحين من المنطقة الوسطى في الكثافة السكانية العالية لمدينة رفح، وغالبيتها من مدينة غزة ومدن شمال القطاع، التي تمنع سلطات الاحتلال العودة إليها، ولا تزال تجبر من تبقى هناك على النزوح سيرا على الأقدام نحو الجنوب عبر طريق البحر الساحلي.
وفيما دمرت غارات جوية إسرائيلية "جسر وادي غزة" على طريق البحر لمنع مرور السيارات، فإنها تُحكم سيطرتها على طريق صلاح الدين وتمنع الحركة عليه، وهما الطريقان الوحيدان الرابطان بين شمال القطاع وجنوبه.
ولا تتوقف منشورات التهديد والوعيد التي تلقيها طائرات إسرائيلية على مناطق جنوب القطاع، تحذر من العودة إلى مدينة غزة وشمالها، وفي أحدث هذه المنشورات يقول جيش الاحتلال إن "كل منطقة شمال وادي غزة ما زالت تعتبر منطقة قتال خطيرة"، ويحذر من محاولات العودة إليها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المنطقة الوسطى مخیم النصیرات للجزیرة نت العودة إلى مدینة غزة مدینة رفح عبد الله من مدینة أبو خلیل إلى منزل فی رفح
إقرأ أيضاً:
الرياح والأمطار تغرق خيام نازحي غزة وتفاقم معاناتهم
غزة– تسبّب منخفض جوي تأثّر به قطاع غزة في تضرر مئات الخيام التي يقطنها النازحون، جراء الرياح والأمطار، وهو ما فاقم معاناتهم ومأساتهم.
وأعرب عديد من النازحين، في حديث مع الجزيرة نت، عن خشيتهم من انهيار خيامهم وتضرر أمتعتهم وفرُشهم جراء العواصف، في ظل عدم وجود مآوي أخرى يلجؤون لها.
وقالت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية الرسمية إن البلاد تتأثر -اليوم الأحد- بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة، ويطرأ انخفاض ملموس على درجات الحرارة مصحوب بزخات متفرقة من الأمطار والرياح. وحذرت الدائرة السكان من خطر الانخفاض الحاد في درجات الحرارة وشدة سرعة الرياح.
عايشة الحمضيات وزوجها رياض يخشيان اقتلاع الرياح الخيمة وغرقها بماء الأمطار (الجزيرة) خيمة بدون تقويةوقالت عائشة الحمضيات (70 عاما)، وهي نازحة في مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، إن خيمتها تعرضت لأضرار جراء الرياح الشديدة المصاحبة للمنخفض.
وذكرت الحمضيات النازحة من مدينة غزة، في حوار مع الجزيرة نت، أنها مُقعدة وتستخدم جهازا للمشي، وغير قادرة على السير والمغادرة لمكان آخر.
وأضافت "نزل عليّ المطر، والزوابع غرقتني، لا يوجد عندي شيء أتغطى به، أنا بردانة جدا، وأرتجف". ويعيش 7 أفراد في خيمة الحمضيات التي لم تحظَ بأي عمليات تثبيت وترميم قبل المنخفض.
وفي هذا الصدد، يقول زوجها رياض "لا نملك المال لتقوية الخيمة، لم نفعل شيئا ولا ندري أين نذهب لو وقعت". ويضيف "لا نملك ما نشتري به الطعام، وكل شيء غال، فمن أين سنحضر المال لتقوية الخيمة؟".
وذكر أنه فكر في الذهاب إلى المسجد إن انهارت الخيمة، لكنه استدرك بقوله إن "المسجد مغلق، إذا وقعت الخيمة، فلا أعرف أين نذهب.. أناشد المسؤولين كي ينقذونا".
محمد خضرة يشير إلى تبلل جدار وسقف خيمته متخوفا من انهيارها مع تواصل المنخفض الجوي (الجزيرة) "عيشة مأساوية"من جانبه، يقول محمد خضرة (40 عاما)، وهو أب لـ8 أبناء، إن المطر زاد من معاناة الأسرة التي لا تملك حتى البساط كي تُغطي بها أرضية الخيمة.
وأضاف، وهو يشير إلى الأمطار التي بللت جدار الخيمة، "العيشة هنا مأساوية، نعيش بالقرب من القمامة، وعلى رمل، لا شادر ولا مال لتقوية الخيمة".
بدوره، يبدي حرب أبو عودة -النازح من بيت حانون (شمال) إلى وسط القطاع- تشاؤمه حيال صمود خيمته في وجه الرياح، مضيفا "هذه الخيمة لا يمكن أن تصمد.. المنخفض لا يزال في بدايته، لا نعرف ماذا نفعل؟".
ويضيف "نحاول تثبيتها، لكن لا إمكانيات لدينا، ولم تصلنا أي مساعدات لتقوية الخيام". وختم حديثه: "حينما تشتد الرياح، كل شخص يمسك زاوية من الخيمة حتى لا تطير".
عبد الله شَخْصَة من ذوي الإعاقة تعرضت خيمته للغرق (الجزيرة) سباق مع الزمنوتعرضتْ خيمة عبد الله شَخْصَة، وهو معاق نازح من مدينة غزة لمدينة دير البلح، لأضرار فادحة، حيث بللت الأمطار فراشه، وأطاحت الرياح بالجدار الشرقي لها.
وقال شَخْصَة للجزيرة نت، وكان يجلس بالقرب من فراشه المكوم في زاوية الخيمة "الوضع كرب وشتاء، ونتمنى من أهل الخير أن يساعدونا". ويضيف "لا نعرف أين نذهب، إذا ذهبنا للمدارس لن نجد متسعا، نطالب الجمعيات المعنية أن تنقذنا". وأشار إلى أنه كان يعلم باقتراب المنخفض الجوي، لكنه لم يستطع فعل شيء، نظرا لفقره الشديد وعدم امتلاكه أي مال لتقوية خيمته.
وأشار إلى سقف الخيمة المكون من شادر من النايلون السميك قائلا: "وصلنا هذا أمس، وها هو يتمزق كما ترى".
ويعيش شَخْصَة في الخيمة مع أولاده الخمسة وزوجته ووالدته، ويقول إنه يعاني إعاقة حركية بالإضافة إلى ضعف شديد في بصره.
وبالقرب من المكان كان عبد الرحمن أبو عبده، النازح من مدينة غزة، يسابق الزمن لتقوية الجدار الجنوبي لخيمته بالمشاركة مع أبنائه.
وقال للجزيرة نت "6 أشخاص يعيشون هنا، نُرمم حتى نستطيع أن نصمد، إذا وقعت (الخيمة) سنرحل، لكن لا نعرف إلى أين".
نازح يحاول تثبيت أحد أركان الخيمة خوفا من اقتلاعها جراء المنخفض الجوي (الجزيرة) خطر شديدمن جانبه، قال محمد الميدنة، مدير الإعلام والعلاقات العامة في جهاز الدفاع المدني بقطاع غزة، إن عديدا من الإشارات وصلتهم تفيد بتضرر خيام، وغرقها بفعل المنخفض الجوي.
وقال الميدنة للجزيرة نت إن المنخفض لا يزال في بدايته، لكن عيش مئات الآلاف من النازحين في خيام يعرضهم للخطر. وأعرب عن خشيته من غرق الخيام المقامة في المناطق المنخفضة جراء إمكانية تكوّن سيول.
كما حذّر من انهيار المنازل الآيلة للسقوط، التي هدمها جيش الاحتلال جزئيا، وعاد إليها سكانها للسكن في بعض الغرف فيها، مضيفا "في حالات سابقة، وقعت بعض هذه المنازل جراء المنخفضات الجوية، وبالتالي فإن سكانها في خطر شديد".
وطالب الميدنة النازحين المقيمين في الخيام ومراكز الإيواء بضرورة أخذ التدابير الوقائية اللازمة لتجنب أضرار المنخفض الجوي، وتثبيت الخيام ووضع سواتر رملية في محيطها، خشية تدفق مياه الأمطار.