المفاوضات حول الحرب على غزّة ومعادلة كسر العظم
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
جاء إعلان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو رفضه لردّ "حركة حماس" على الاتفاق الاطاري للتهدئة والذي حمل بعض التعديلات التي حوّلته تقريباً الى اتفاق آخر بشأن كيفية تسيير التسوية المقترحة، ليرسم شكلاً جديداً من مسار التصعيد في المنطقة من أجل الوصول مجدداً الى تسوية ملائمة لكل الأطراف.
بات من الواضح أن المفاوضات التي حصلت مؤخراً حول واقع غزّة قدّمت إيحاءات واضحة حول السقوف التي تسعى اليها معظم الاطراف.
حتى اللحظة لا يزال نتنياهو يجد نفسه غير مستعدّ لتقديم أيّ تنازلات على المستوى الاستراتيجي رغم الخسائر الكبرى التي يتعرّض لها منذ السابع من تشرين الاول الفائت، إذ إنّ قبوله بالشروط "الحمساوية" من شأنه أن يقلب المعادلة ويجعل المقاومة منتصرة بشكل علني أمام بيئتها وجمهورها والرأي العام العربي والغربي، الأمر الذي لا يمكن لاسرائيل القبول به في هذه المرحلة من المواجهة قبل انتزاع انتصار ما يحقّق لنتنياهو توازناً سياسياً للمرحلة المقبلة.
ترى مصادر عسكرية مطّلعة أنّ العدوّ الاسرائيلي قد يتّجه في الساعات والأيام المقبلة الى تكثيف عملياته العسكرية وانتهاج تصعيد كبير لن يرقى إلى مستوى الحرب الشاملة الا في حال تهوّرت "تل أبيب" وقررت الذهاب نحو توسيع عملياتها، لكن المنطقة ستواجه تصعيداً تحت سقف الحرب الشاملة يحاول من خلاله كل طرف إجبار الآخر على القبول بشروطه في التسوية.
ولعلّ السؤال الأساسي الذي يُطرح اليوم يتمحور حول ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله أكثر ممّا ارتكبته في الأشهر الأربعة الأخيرة، وكيف بإمكانها أن تُلزم "حماس" بقبول شروطها التفاوضية ، طالما أن كلّ أوراق الضغط التي بحوزة العدوّ الاسرائيلي انتهت تماما، إذ ألقى بها سريعاً وفي بداية العدوان على قطاع غزّة في محاولة لتوريط "حماس" وتحميلها مسؤولية المجازر على المستوى الشعبي والدولي على اعتبار أن ما قامت به اسرائيل أتى كردّ فعل على عملية "طوفان الأقصى".
فماذا بعد الإبادة الجماعية وتدمير المستشفيات والبنى التحتية والسكنية وتضييق الحصار وسياسة التجويع؟
تدرك اسرائيل عدم قدرتها على هزيمة "حماس" عسكرياً، وهذا الأمر بات مفروغاً منه بعد صمود المقاومة 125 يوماً في المعركة، ولا تزال مستمرّة في استنزاف قوات الاحتلال واستغلال حالة الضغط الشعبية على نتنياهو حتى بلوغه مرحلة الإنهاك الكامل ،خصوصاً في حال اتّجهت الجبهات المساندة للمقاومة الى مزيد من التصعيد الذي سيُجبره على القبول أخيراً بشروط المقاومة.
وتشير المصادر أنه رغم خطاب نتنياهو العالي النبرة، الا أنّ المفاوضات لا تزال مستمرّة برعاية قطر ومصر، لكن كل المؤشرات تدلّ على أنها ستكون بسقف أعلى لتتّجه نحو معادلة "كسر العظم"، خصوصاً أن المقاومة تمتلك هامشاً واسعاً من المناورة، وبالتالي فهي لن تُبدي ليناً في قبول أي ثمن مقابل وقف إطلاق النار بل لن تفاوض بأقلّ ما هو مستحقّ مقابل التضحيات. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يتحدث عن قرارات "النصر" ووضع إيران وما حدث بسوريا
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميريكة عن أهم القرارات الاستراتيجية التي قادت إسرائيل لتحقيق ما وصفه بـ"انتصار تاريخي" ضد حماس، حزب الله، والمحور الإيراني.
وخلال حديثه، تطرق نتنياهو إلى اللحظات الحرجة والتحديات التي واجهتها إسرائيل، مؤكدا أن هذه الحرب أعادت تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط.
اليوم الذي غير كل شيء
وبدأ نتنياهو الحديث بتذكر الـ7 من أكتوبر 2023، اليوم الذي وصفه بأنه نقطة تحول حاسمة.
وقال : "في السابعة والنصف صباحا، أيقظوني على أخبار الهجوم. ذهبت فورا إلى مقر القيادة العسكرية في كيريا وأعلنت الحرب".
وأضاف أن حماس كانت قد شنت هجوما واسع النطاق أدى إلى مقتل ما يقرب من 1200 إسرائيلي، مما جعل إسرائيل تتعامل مع واحدة من أسوأ المخاطر الأمنية في تاريخها.
تهديد الجبهة الشمالية
وفي الأيام التي تلت الهجوم، دخل حزب الله في القتال، مما أثار تهديدا جديدًا على الحدود الشمالية لإسرائيل.
ويقول نتنياهو: "في الـ9 من أكتوبر، خاطبت قادة المجتمعات المحاذية لغزة، وطلبت منهم الصمود لأننا سنغير الشرق الأوسط".
ومع ذلك، رفض نتنياهو اقتراحات من قادة عسكريين بتحويل الجهود إلى مواجهة حزب الله وترك حماس دون رد.
وقال: "لا يمكننا خوض حرب على جبهتين. جبهة ضخمة في كل مرة".
الدعم الأمريكي وقرار المواجهة
وفي 18 أكتوبر، قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة تضامنية لإسرائيل، وهي زيارة وصفها نتنياهو بأنها غير مسبوقة.
وأوضح أن "هذه أول مرة يزور فيها رئيس أمريكي إسرائيل أثناء حرب. أرسل بايدن مجموعتين قتاليتين لحاملات الطائرات، مما ساعد على استقرار الجبهة الشمالية".
ورغم الدعم الأمريكي، نشأت خلافات حول كيفية مواجهة حماس. حيث وجه الأمريكيون بعدم الدخول بريا إلى غزة، مقترحين الاعتماد على الهجمات الجوية فقط. لكن نتنياهو رأى أن ذلك لن يحقق الهدف.
وقال: "من الجو، يمكنك قص العشب، لكنك لا تستطيع اقتلاع الأعشاب الضارة. نحن هنا لتدمير حماس بالكامل".
رفح والرهانات الكبرى
وكانت مدينة رفح، الواقعة على الحدود مع مصر، نقطة استراتيجية هامة.
وقد توقعت الولايات المتحدة سقوط 20,000 قتيل إذا غزت إسرائيل المدينة.
وقال: "إذا لم نسيطر على رفح، ستعيد حماس تسليح نفسها وسنصبح دولة تابعة. الاستقلال الإسرائيلي هو مسألة حياة أو موت".
وعندما تقدمت إسرائيل في مايو 2024، كانت الخسائر أقل بكثير من المتوقع. استطاعت القوات الإسرائيلية قطع طرق إمداد حماس وقتل زعيمها يحيى السنوار، مما شكل ضربة كبيرة لحماس.
حزب الله: المفاجأة الكبرى
وعلى الجبهة الشمالية، نفذت إسرائيل هجومًا نوعيا ضد حزب الله في سبتمبر 2024، وصفه نتنياهو بـ"الصدمة والإبهار".
وخلال 6 ساعات فقط، تمكنت القوات الإسرائيلية من تدمير معظم صواريخ حزب الله الباليستية.
وأوضح نتنياهو: "كنا نعرف أن نصر الله يعتمد على الصواريخ المخفية في المنازل الخاصة، ولكن خطتنا تضمنت تحذير المدنيين عبر السيطرة على البث التلفزيوني اللبناني قبل الهجوم".
وكان اغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله، خطوة فارقة. قال نتنياهو: "لقد كان محور المحور. لم تكن إيران تستخدمه فقط، بل كان هو يستخدم إيران".
تقويض المحور الإيراني
وأكد نتنياهو أن الحرب أضعفت المحور الإيراني بشكل كبير. وقال: "لقد أنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم حماس وحزب الله والنظام السوري، وكل ذلك ذهب أدراج الرياح. لا يملكون الآن خط إمداد"،
وكما أشار إلى أن إسرائيل دمرت إنتاج إيران من الصواريخ الباليستية، مما سيستغرق سنوات لإعادة بنائه.
إعادة الإعمار ومستقبل السلام
ورغم الضغوط الدولية، أصر نتنياهو على أنه لن يوقف الحرب قبل القضاء التام على حماس.
وقال: "لن نتركهم على بعد 30 ميلا من تل أبيب. هذا لن يحدث".
وكما أشار إلى أن النصر يفتح الباب أمام فرص جديدة للسلام، بما في ذلك تطبيع محتمل مع السعودية.
وأضاف: "هذا سيكون امتدادًا طبيعيًا لاتفاقيات إبراهيم التي أبرمناها تحت قيادة الرئيس ترامب"، أضاف.
"النصر"
وبالنسبة لنتنياهو، لم يكن النصر عسكريا فقط، بل كان اختبارًا لإرادة إسرائيل وقدرتها على قيادة المعركة.
وقال نتنياهو: "القوة ليست مجرد صواريخ ودبابات. إنها الإرادة للقتال والاستيلاء على المبادرة". وشدد على أن هذا النصر يعيد تشكيل الشرق الأوسط ويضع إسرائيل في موقع أقوى للمستقبل.