الخليج الجديد:
2025-01-18@19:26:56 GMT

الجزائر... سؤال حول روسيا

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

الجزائر... سؤال حول روسيا

الجزائر... سؤال حول روسيا

كان من إفرازات التجاوز الروسي الأولى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الجزائر مع كل من النيجر ومالي.

في ليبيا ومالي تصطف روسيا ضد مصالح الجزائر فتدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا وتغذي الحرب في مالي.

في موقفها من حرب أوكرانيا، غامرت الجزائر بعلاقاتها مع الغرب دعماً لروسيا، لكن لا يبدو أن روسيا تقدر ذلك.

كيف يمكن تفسير دور روسيا المقلق في الجوار الجنوبي والشرقي للجزائر، بصورة تحمل تهديدات بالغة الخطورة ومباشرة للأمن القومي الجزائري؟

روسيا لها مصالح في الساحل ويمكن أن تكون قيد نقاش مع الجزائر، أخذاً بعين الاعتبار مصالح الجزائر، إذا كانت موسكو مهتمة فعلاً بشراكتها الاستراتيجية معها.

تتجاوز روسيا الجزائر بصورة مقلقة. الشراكة الاستراتيجية التي تتلاعب بالعمق الحيوي للجزائر وتضع مقومات الأمن القومي محل مخاطر جدية بحاجة لتدقيق ومراجعة.

تسعى روسيا لخلخلة الأدوار وتغذية الانقسام، لإعادة تشكيل الخريطة الأمنية والسياسية للمنطقة بما يسبب أضرارا جسيمة لمصالح الجزائر، بل يهدد علاقاتها بجوارها الحيوي.

* * *

الآن تصبح روسيا محل سؤال كبير في الجزائر، لدى المجتمع السياسي والنخب الجزائرية المشتغلة بالمسائل الحيوية والإقليمية. فإذا كانت موسكو ترتبط مع الجزائر بعلاقة حيوية وباتفاق "شراكة استراتيجية معمقة" وتعاون عسكري في التسلح، كيف يمكن تفسير الدور الروسي المقلق في الجوار الجنوبي والشرقي للجزائر، بصورة تحمل تهديدات بالغة الخطورة ومباشرة للأمن القومي الجزائري؟

لا يبحث هذا السؤال عن إجابة، ولكنه يُطرح في سياق استفزاز الملَكة والإدراك السياسي، ومحاولة للانتباه إلى الراهن والتحالفات القائمة والتداعيات المحتملة، على الأقل في ساحتين تشكلان عمقاً استراتيجياً وأمنياً بالنسبة للجزائر وليبيا ومالي.

في كلا البلدين تصطف روسيا ضد مصالح الجزائر. تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا وتغذي الحرب في مالي. كذلك تسعى إلى خلخلة الأدوار وتغذية الانقسام، لإعادة تشكيل الخريطة الأمنية والسياسية للمنطقة، على أساس لا يتسبب في أضرار جسيمة للمصالح الجزائرية فحسب، بل يهدد علاقاتها بجوارها الحيوي، وقد كان من إفرازاتها الأولى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الجزائر مع كل من النيجر ومالي.

حتى الآن تتجنّب المؤسسة الرسمية في الجزائر تسمية المرتزقة الروس بالاسم، لكنها تشير في كل الخطابات إلى قلقها من وجودهم في ليبيا ومالي.

وهذه الرسالة السياسية لا يبدو أنها تصل إلى موسكو، والتي تستمر في فرض تمركز مرتزقة فاغنر "فيلق أفريقيا"، ضمن تأسيس قسري للخيار العسكري في المنطقة، ودعم منظومات الحكم الجديدة، والتي نتجت عن سلسلة الانقلابات العسكرية في دول الساحل الأفريقي.

وهذا يعني منع التوصل إلى الحلول السياسية والسلمية، وتأخيراً أكبر لمشاريع التنمية، وزيادة تفاقم مشكلات الهجرة الناتجة أيضاً عن التغيرات المناخية، وهي كلها نتائج وتداعيات ستتحمل الجزائر جزءاً من أعبائها في المستقبل القريب.

يقول قائل إن الاختلافات في المقاربات والمواقف السياسية إزاء عديد من القضايا ممكن ووارد جداً بين الدول، بل وطبيعي في العلاقات الدولية. فالهند حليف لواشنطن لكنها مقربة من موسكو، وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو" لكنها تختلف بالموقف من الحرب في أوكرانيا.

لكن القياس على العلاقات بين الجزائر وروسيا مختلف في هذه الحالة، لأن روسيا التي تعتبر الجزائر حليفاً وشريكاً، تنفّذ استراتيجيات تعمّق التهديدات الموجهة إلى الجزائر نفسها، إن لم تكن هي الهدف الأساس من كل ذلك، وتضعف دورها الإقليمي وتستنزفها عسكرياً وسياسياً، كما تفرض هندسة جديدة في المنطقة، وتحدث تغييراً في محددات النظام الإقليمي القائم في منطقة الساحل، وتوسع المجال لقوى ذات توجه عدائي للجزائر.

غامرت الجزائر، في موقفها من حرب أوكرانيا، بعلاقاتها مع الغرب دعماً لروسيا، لكن الأخيرة لا يبدو أنها تقدر ذلك. لروسيا مصالح في الساحل بالتأكيد، وكان يمكن أن تكون هذه المصالح قيد نقاش مع الجزائر، أخذاً بعين الاعتبار مصالح هذه الأخيرة، إذا كانت موسكو مهتمة فعلاً بشراكتها الاستراتيجية مع الجزائر.

لكن الواقع يظهر تجاوزاً روسياً للجزائر بصورة مقلقة. الشراكة الاستراتيجية التي تتلاعب بالعمق الحيوي للجزائر، وتضع مقومات الأمن القومي محل مخاطر جدية، يجب أن توضع محل تدقيق ومراجعة.

*عثمان لحياني كاتب صحفي جزائري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب الجزائر روسيا مالي النيجر ليبيا فاغنر الساحل الأفريقي حرب أوكرانيا الشراكة الاستراتيجية مصالح الجزائر مع الجزائر فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

بعد توقيعها.. ماذا تشمل معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران؟ هذا ما قاله بوتين وبزشكيان

(CNN)-- أشاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بمعاهدة الشراكة الاستراتيجية الجديدة التي تم توقيعها بين بلاده وإيران، خلال زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان إلى موسكو، الجمعة.

وقال بوتين، قبيل محادثات الزعيمين في الكرملين، إن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي تم الإعداد لها منذ سنوات عدة، ستوفر "دفعة إضافية لجميع مجالات التعاون تقريبا" بين البلدين.

وأضاف فلاديمير بوتين لبزشكيان خلال كلمته: "زيارتكم اليوم مهمة بشكل خاص لأننا لن نحظى بفرصة مناقشة جميع جوانب تعاوننا فحسب، بل سنوقع أيضا اتفاقية أساسية كبيرة بين روسيا وإيران بشأن الشراكة الاستراتيجية الشاملة".

ومن جانبه، أشاد الرئيس الإيراني أيضا بالعلاقات المتزايدة مع موسكو. وقال بزشكيان إن "علاقات إيران مع روسيا تتزايد يوما بعد يوم، وإن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم العمل عليها منذ سنوات يعزز علاقاتنا في كافة المجالات".

وتحدث الرئيس الروسي عن المشاريع المشتركة بين موسكو وطهران، بما في ذلك مشروع تطوير المحطات النووية، ومجالات الطاقة وتعزيز البنى التحتية في مجالات الشحن والنقل.

وشملت مناقشات الجانبين وفودا من البلدين، حيث وقع الزعيمان على عدة اتفاقيات بشأن مجموعة من القضايا، بما فيها ما وصفه الكرملين بأنه "اتفاق رئيسي".

وقال الرئيس الإيراني إنه يعتقد أن الاتفاقات يمكن أن تؤدي إلى استكمال محطة للطاقة النووية بين البلدين.

ويمثل توقيع شراكة استراتيجية بين روسيا وإيران قبل أيام فقط من عودة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الاثنين المقبل، تحالفا استراتيجيا ضد النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقال بزشكيان: "يجب أن تقود الحكومات الإقليمية المنطقة. ليست هناك حاجة لقوى من الجانب الآخر من العالم لتأتي وتعطل المنطقة أو تفرض سياساتها. لا شك أن هذه العلاقات ستحبط خططهم"، في إشارة إلى العلاقات المتزايدة بين إيران وروسيا.

وأضاف بزشكيان: "إيران وروسيا عازمتان على تذليل العراقيل التي تحول دون تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية فورا، بما في ذلك العقبات في مجال الرسوم الجمركية والبنكية وتبادل السلع والعملات الوطنية وضمانات الاستثمار وتسهيل حركة التجار وتأشيرات الدخول"، حسبما نقلت عنه وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية للأنباء.

وأردف الرئيس الإيراني في مؤتمره الصحفي المشترك مع بوتين، أنه "بالنظر إلى الوضع الحالي في المنطقة، تم التأكيد على رفع مستوى التعاون الأمني حيال قضايا مثل مكافحة التطرف والإرهاب والعنف المنظم، وكذلك تبادلنا الرأي حول مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، بما في ذلك الشرق الأوسط والقوقاز، وتم التأكيد على أهمية دعم السلام والاستقرار في أفغانستان".

ومن جانبه، أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، من موسكو، أن الاتفافية المالية بين إيران وروسيا دخلت حيز التنفيذ، وأوضح أن "هذه الاتفاقية تعتمد على سعر الصرف المتفق عليه في سوق الصرف التجاري كأساس للتسوية المالية بين الجانبين".

وأردف فرزين قائلا: "المشروع التنفيذي الكبير الآخر بين إيران وروسيا هو ربط شبكة نظام الدفع (مير) الروسية بشبكة (شتاب) الإيرانية المالية، وقد تم انطلاق المرحلة الأولى منه، إضافة إلى استخدام العملات الوطنية في مجال التجارة المشتركة، وإمكانية ربط أنظمة الدفع المصرفية المحلية في البلدين المعروفة باسم (سِبام) و(SPFS)، وإمكانية ربط شبكات نظام الدفع في ايران وروسيا"، طبقا لوكالة "إرنا". 

وفي وقت سابق الجمعة، التقى بزشكيان أيضا برئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين.

وحول غزة، قال الرئيس الروسي إن وقف إطلاق النار في القطاع يخلق فرصة "لزيادة كبيرة" في إمدادات الغذاء والوقود والأدوية إلى القطاع.

وأضاف خلال المؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني بعد محادثاتهما في الكرملين: "نأمل أن يساعد كل هذا في تخفيف الوضع الإنساني واستقرار القطاع على المدى الطويل".

وأدلى الرئيس الروسي بهذه التصريحات بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية والدفاعية الكبرى مع حليفته الرئيسية إيران، بعدما فقد الطرفان نفوذهما في الشرق الأوسط وسط الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وبدوره، قال بزشكيان إنه يأمل في تنفيذ الهدنة في غزة بشكل كامل، وأضاف: "نأمل في وقف إطلاق نار نهائي في غزة ونهاية للاعتداءات على هذه الأرض".

ويعيد توقيع الاتفاقية الشاملة بين البلدين تركيز الاهتمام على الشراكة التي شكلت ساحة المعركة في أوكرانيا، والتي تتحدي النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، حتى مع وعد الإدارة الأمريكية الجديدة بمزيد من المشاركة مع روسيا.

وعلى النقيض من المعاهدة الأمنية الموقعة في وقت سابق، بين روسيا وكوريا الشمالية، فإن الاتفاق مع إيران لا يتطلب من البلدين أن يدافعا عن بعضهما البعض إذا تعرض أحدهما لهجوم؛ بل يتطلب منهما فقط عدم تقديم المساعدة العسكرية أو غيرها من المساعدات للطرف المهاجم.

ويقدم الاجتماع بين بوتين والرئيس الإيراني لموسكو فرصة لتلميع صورتها الذاتية كقوة عظمى. وترى روسيا أن هذه العلاقة "غير متكافئة"، وكما قال جان لوب سمعان، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي لشبكة CNN: "لا يزالون يعتبرون أنفسهم (الروس) الشريك الأكبر هنا، وإيران شريكا إقليميا".

من ناحية أخرى، تشعر إيران بأنها أقل أمانا بشكل واضح. وقال نيكيتا سماغين، الخبير المستقل في شؤون روسيا وإيران، الذي عمل في وسائل إعلام حكومية روسية في طهران قبل غزو أوكرانيا، إن إدارة بزشكيان تعجلت لتوقيع هذه المعاهدة مع روسيا وسط تهديدات متعددة لأمنها.

وأوضح قائلا: "إنهم خائفون من إدارة دونالد ترامب، وخائفون من إسرائيل، وخائفون بعد سقوط نظام بشار الأسد، وانهيار حزب الله".

مقالات مشابهة

  • بعد مقتل 4 كييف..موسكو: الهجوم رداً على مهاجمة روسيا بصواريخ أتاكمز الأمريكية
  • بعد توقيعها.. ماذا تشمل معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران؟ هذا ما قاله بوتين وبزشكيان
  • تحالفات مناوئة: رسائل توقيت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران إلى ترامب
  • تفاصيل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران
  • بزشكيان: معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا ستفتح مجالات اقتصادية جديدة
  • بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية للشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران .. شاهد
  • الرئيس الإيراني يزور موسكو.. التوقيع على اتفاق «الشراكة الاستراتيجية»
  • بزشكيان يصل إلى موسكو للقاء بوتين وتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية الروسية الإيرانية
  • الرئيس الإيراني يصل إلى موسكو لتوقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية مع بوتين
  • إنتاج الأنسولين في الجزائر: حقيقة صناعية توفر أكثر من 400 مليون يورو للجزائر