فيما يتعلق بالنظم الغذائية.. سلطان الجمالي: اعتماد تدابير لمعالجة أوجه الظلم وعدم المساواة
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
قال السيد سلطان بن حسن الجمالي، أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إن هناك فجوة كبيرة بين تنفيذ الصكوك والحالة السائدة من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والجوع والمجاعة في العالم.
وأكد أن التوصيات التي انتهى إليها المؤتمر تنص على تطوير وتعزيز الأطر القانونية التي تعترف صراحة بالحق في الغذاء وتحميه، ومواءمة السياسات الوطنية مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وحماية الحق في الغذاء من خلال وضع لوائح قوية وفعَّالة للحد من التركيز المفرط في نُظم الأغذية الزراعية، وحظر المضاربة على أسعار المواد الغذائية، ومحاسبة الشركات على انتهاكات الحق في الغذاء، وضمان الوصول إلى العدالة والانتصاف الفعال.
وأشار إلى أهمية معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الهيكلية التي تواجهها النظم الغذائية من خلال تنفيذ اقتصاد قائم على حقوق الإنسان حيث يتم احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعزيز إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية.
ولفت إلى أن التوصيات التي خرجت عن المؤتمر أكدت أهمية اعتماد تدابير التخفيف في النظم الغذائية التي تعالج أوجه الظلم وعدم المساواة والتمييز، وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة التي تغطي المخاطر والآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمناخية.
تعزيز سبل العيش المستدامة والقادرة على الصمود
وشدد على أن المشاركين في المؤتمر أوصوا بالامتناع عن استخدام التجويع كسلاح حرب واتخاذ خطوات لتسهيل دخول المساعدات والسلع الأساسية الكافية والموثوقة والمستدامة ودون عوائق إلى غزة بما يتناسب مع احتياجات السكان المدنيين، وتسهيل توزيعها إلى أي مكان ويتم تحديد مواقع المدنيين، وتوفير المياه والغذاء والإمدادات الطبية للسكان، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وقال الجمالي متحدثاً عن توصيات المؤتمر: إنها تنص على احترام وحماية الحق في الغذاء في غزة، بما في ذلك من خلال الحفاظ على التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تعد أكبر منظمة إنسانية في غزة، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي. وفيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يجب على إسرائيل أن تتخذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع جميع الأعمال التي تدخل في نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية بما يتماشى مع الأمر لمحكمة العدالة الدولية.
وأشار في التوصيات للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، على أهمية رصد وتنفيذ الحق في الغذاء داخل بلدانهم والإبلاغ عنه، بما في ذلك رصد تأثير تغير المناخ والأزمات الاقتصادية والصراعات والعقوبات على الحق في الغذاء، والتعاون على المستويين الإقليمي والعالمي بشأن تبادل أفضل الممارسات والخبرات لتحسين إعمال الحق في الغذاء، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية تحتوي على معلومات عن واقع السياسات الغذائية والمشاريع والخطط والبرامج المرتبطة بها، لتكون مرجعاً موثوقاً لرصد وتقييم التمتع بالحق في الغذاء.
وأصدر المؤتمر توصيات لمنظومة الأمم المتحدة، من بينها تعزيز التعاون والتنسيق على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية لزيادة أوجه التآزر لدعم الدول في تنفيذ التزاماتها من أجل الإعمال التدريجي للحق في الغذاء للجميع ، منوهاً بتوصية المؤتمر لاحترام الحق في الغذاء، وزيادة الشفافية في سلاسل القيمة الغذائية، بما في ذلك وضع العلامات، والامتناع عن اعتبار الغذاء سلعة، واعتماد وتنفيذ العناية الواجبة بحقوق الإنسان، على النحو المعترف به في المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والتمسك بمسؤولياتهم الأساسية تجاه الناس والكوكب، ودمج مبادئ الميثاق في إستراتيجياتهم وسياساتهم وإجراءاتهم، وتأسيس ثقافة النزاهة، لافتا إلى أن التوصيات لمنظمات المجتمع المدني تمثلت في الدعوة إلى الحق في الغذاء على جميع المستويات وتمكين صغار المزارعين وصيادي الأسماك من تطوير حلول يقودها المجتمع نحو نظم غذائية مستدامة وسيادة غذائية، والمشاركة مع آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، من خلال الرصد والإبلاغ عن الحق في الغذاء واستخدام التقاضي الإستراتيجي لمتابعة مساءلة الحكومات والشركات في هيئات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية والدولية لضمان العدالة الغذائية.
وأكد الجمالي أن الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان سوف تعمل اعتباراً من العام الحالي وفي خطتها الإستراتيجية الجديدة، على تعزيز ودعم بناء قدرات أصحاب المصلحة والأعضاء بالشراكة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الدول العربية، منوهاً بقرار الشركاء في تنظيم المؤتمر، تشكيل لجنة لمتابعة توصياته ووضع خطة تنفيذية مدتها أربع سنوات، وقال «سوف تبدأ هذه اللجنة، المكونة من منظمي المؤتمر، العمل مع الحكومات والجهات الفاعلة الإقليمية وأصحاب المصلحة المعنيين لتطوير خطة العمل نحو إعمال الحق في الغذاء، بما يتماشى مع توصيات المؤتمر والتنسيق مع لجنة المتابعة لمؤتمر العام الماضي بشأن حقوق الإنسان وتغير المناخ بشأن الروابط المتبادلة بين تغير المناخ والحق في الغذاء».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر حقوق الإنسان انعدام الأمن الغذائي مؤتمر العدالة الغذائية الأمم المتحدة حقوق الإنسان بما فی ذلک من خلال
إقرأ أيضاً:
الخلفية التاريخية ومتلازمةُ الولاء الخاطئ
د. شعفل علي عمير
تُعَدُّ الخلفيةُ التاريخيةُ من أهم العوامل الرئيسية في هذه المتلازمة؛ فالحقب الزمنية المتتالية -بما تحمله من أفكار ومعتقدات- ترسم في ذهنية الإنسان خطوط ومسارات حياته بكل ما تضمنته حياته من جوانب نفسية واقتصادية واجتماعية، كما تؤثر تلك الخلفية التاريخية على الجانب الروحي والفكري وبشكل عميق، وبهذا قد يكون من الصعوبة بمكان تغيير بعض القناعات لدى البعض على الأقل في المَدَيات القصيرة، والمتأمل لمُجريات الزمن وأحداثها يجد أن تأثير الماضي هو من يصنع أحداث الحاضر، من أبرزها جانب الولاء والعداء، إنها متلازمة العُقد والغباء بما أفرزته من ولاء وعِداء يتناقض مع الدين والمنطق وَأَيْـضًا مع المصلحة إذَا كان المبرّر للولاء هو لمصلحة الأُمَّــة.
ولكن هناك أحداث ومواقف كبيرة قد تعصف بهذه المتلازمة فتخرج الإنسان من دائرتها المغلقة، لا سيما إذَا ما كانت تلك الأحداث بالحجم والتأثير الذي يطغى على كُـلّ تلك القناعات التي رسَّختها الخلفية التاريخية وجعلت منها ثابتًا من الثواب التي يؤمن بها الإنسان.
هول وحجم الأحداث قد تختصر الزمن وتوفر كَثيرًا من الوقت والجُهد لإيجاد وعي مجتمعي، كما أنها تكسر الحواجز الفكرية والنفسية لبوابة هذه المتلازمة المعقدة، ولعل غزة كانت هي الشفرة التي اخترقت هذه المتلازمة؛ فكان لها الفضل بعد الله “سبحانه وتعالى” في إيجاد ثورة من الوعي الجمعي ونهضة فكرية ومراجعة للقناعات لدى السواد الأعظم من أمتنا الإسلامية.
إن مشاهدة ما يحدث من جرائم الإبادة بحق إخوة لنا في الدين والعروبة كانت إحدى الموجّهات الفكرية وأهمَّ سببٍ لتغيير القناعات ومراجعة للولاءات والرجوع للتوجيهات الإلهية في كتابه الكريم القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء، بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}.
تلك الجرائم بحِدّتها وبشاعتها أصبحت المحك الذي يجب على الإنسان أن يقيِّمَ نفسَه من خِلالها ليعرفَ أيَّهما أولى وأكبر أهميّةً: انتماؤه للدين أم انتماؤه للحزب؛ ليعرف موقعَه من الحق من خلال موقفهِ من الباطل في زمن أصبح الحق والباطل كالنور والظلام، لم يعد هناك شك أَو لبس في معرفة أهل الحق من أهل الباطل، كما لم يعد هناك وقت للترف الفكري وفلسفة الواقع وهندسة المبرّرات، كُـلّ شيء أضحى جليًّا، أصبح الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكون مع الحق أَو يكون مع الباطل.
ليس هناك محايد بعد كُـلّ ما تجلى مِن الحقائق التي لا ينكرها أحد، حقائق أجمع عليها المؤمن والكافر، أجمع عليها القريب والبعيد، أجمعت عليها كُـلُّ الملل في هذه الأرض فاتقوا الله في أنفسكم؛ فمن لا زال يكابر ويضحّي بدينه مقابل انتمائه لحزبه، نقول له: تأمَّلْ قول الله “سُبحانَه وتعالى”: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله أخذتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَاد} “فلا تأخذكم العزة بالإثم فتخسروا عزتكم في الدنيا وآخرتكم يوم القيامة.