الثورة نت:
2024-07-02@00:09:36 GMT

قراءة في تداعيات اللحظة..

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

 

هي أشبه بكابوس يسيطر على الوعي الجمعي، كابوس ليس لتداعياته أفق أو نهاية، خاصة أن كل أطرافه أو صناع هذا الكابوس يغلبون (الذاتي) على (الموضوعي) في صراع تراجيدي عبثي يفرض فيه (شايلوك) ثقافته وقانونه..!
بين قانون (شايلوك) المرابي اليهودي في مسرحية وليم شكسبير (تاجر البندقية) وبين خيارات (شمشون) الكنعاني الذي هدم المعبد عليه وعلى أعدائه، يتجلى المشهد الوطني والقومي ويتلحف برداء انتهازية المتصارعين الباحثين عن ذاتهم على أنقاض وطن وأمة وتطلعات وأحلام شعب عربي كل ذنبه أنه وقع أسيراً لنخب تجردت من كل صلة لها به ولم تعد ترى فيه أكثر من كونه (حصان طروادة) تستغله للوصول إلى أهدافها الذاتية.

.!
وفق قانون (نظام التفاهة) فإن ثمة نخباً تجاوزت بتفاهتها هذا القانون وشروطه، كما تجاوز هنا الانتهازيون بسلوكهم الانتهازي شروط (ميكافيللي) بانتهازيته ومبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة)..
ثمة ( فنتازيا) عبثية تكرس قانونها الاستثنائي الذي ترى فيه أطراف الصراع فرصة لفرض خياراتها والانتصار لأهدافها الذاتية على حساب كل ماهو موضوعي (والموضوعي) هنا هو الوطن الواقع بين حراب المتحاربين وسهام الآخر الخارجي الباحث بدوره عن مساحة للنفوذ تأمينا لمصالح خاصة به مرتبط تحقيقها بانتصار أي من الأطراف المحلية المتصارعة، لأن المنتصر المحلي سيكون هو الوكيل الأقوى والأفضل للآخر الخارجي، بمعنى أن الوطن باقٍ في ( بازار النخاسة) إلى أجل غير معلوم..!
ليس ثمة مشروع جامع، كما هو الحال بالنسبة للجغرافية الكلية التي تتنازعها محاور النفوذ فيما القائمون عليها _مجازا _ عاجزون عن امتلاك قرارهم، بمعنى أن تداعيات اللحظة _ وطنيا _ ليست إلا انعكاسا لتداعيات اللحظة _قوميا _ حالة تعبر أو بالأصح تؤكد حالة الفراغ الجيوسياسي والاستراتيجي على الصعيدين الوطني والقومي، وهي حالة تنم عن غياب المشاريع الوطنية والقومية وغياب التأثير والقرار الوطني والقومي، الأمر الذي جعل الجغرافية الجزئية والكلية خاضعة لصراع محاور النفوذ الإقليمية والدولية التي اختارت الجغرافية العربية مسرحا لمبارزتها وساحة لصراعها في تأكيد على أن القائمين على هذه الجغرافية المستباحة ليسوا إلا (بيادق) تحركهم أنامل خارجية وليس لهم رأي أو قرار فيما يعتمل على خارطتهم وحتى في مواقفهم التي يمارسونها حسب الطلب..
يمكن وصف ما يجري على الخرائط الوطنية والقومية بأنها ملهاة تمارس وفق أعلى درجات العبث والسخرية من الأمة وحقيقة وجودها وقدراتها وإمكانياتها وتراثها الحضاري والإنساني.. نعم مرت الأمة هذه بالكثير من الانتكاسات والهزائم لكنها لم تعش يوما حالة الاستلاب العبثي الذي تعيشه اليوم رغم مزاعم البعض عن إمكانيات وقدرات وحضور إعلامي منمق ساخر من هوية الأمة ودورها ورسالتها الحضارية..!
مشاهد مقززة تعكس حالة الانحدار التي بلغتها الأمة، بدءاً من الخليج المترف بعبث التسوق والرفاهية المصطنعة التي تشير كل مظاهرها إلى حالة انحطاط سلوكي وحضاري غير مسبوقين في التاريخ، إلى الشرق المثخن بحراب التنافس الجيوسياسي بين محاور النفوذ، فتبدو الأمة (كغانية حسناء) يتهافت عليها أمراء من غير أهلها وكل أمير يسعى بجعلها (محضية) خاصة له دون غيره..
بيد أن من سخرية الأقدار أن نجد (الفلسطيني) المحتل أرضه والمشرد من وطنه والواقع تحت سنابك خيول احتلال عالمي تقوده الصهيونية العالمية، هذا الفلسطيني المقاوم هو اليوم الرقم الصعب في الأمة والوحيد الذي يدافع عن وجودها الحضاري، فيما الآخرون الذين يتمتعون بقدر من استقرار مزيف يلهون بعيدا عن استحقاقات اللحظة تاركين هذا الفلسطيني وحيدا في المواجهة غير مدركين أن هذا الفلسطيني هو الذي يخوض المعركة دفاعا عن وجودهم وعن عبثهم ولولاه لما تمكنوا حتى من ممارسة عبثهم أو الحفاظ على مشاهد انحطاطهم الحضاري والتاريخي..!!
لقد تحولت الجغرافية العربية إلى مسرح لصراع دولي ليس لأي من أنظمته مكانة أو دور في هذا الصراع الذي تدفع ثمنه الأمة من وجودها السيادي والحضاري فيما أنظمتها غارقة في ( مخادع العبث)، أنظمة جعلت من أقطارها بمثابة (مواخير) و(بازارات) تباع فيها السيادة والكرامة والحرية والاستقلال مقابل أموال مدنسة، أموال يا ليت أنها ستكفي لجعل هذه الأنظمة مستقلة اقتصاديا، بل تضاعف من تبعيتها وارتهانها وتعمل على تطويق رقاب شعوبها بمزيد من سلاسل العبودية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

قراءة حقوقية للمرسوم السلطاني في شأن زواج العمانيين من أجانب

أثير- الدكتور بدر المسكري، كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس

جاء المرسوم السلطاني رقم 23/2023 في شأن زواج العمانيين من أجانب ناسخًا لسابقه رقم 58/1993 الذي قيد هذا الزواج باشتراطات وإجراءات على نحو جعله استثناءً من الصعب تحقيقه والوصول إليه، في حين أن المرسوم الحالي أزال الكثير من هذه الضوابط ليغدو معه زواج العماني/العمانية من أجنبي/أجنبية أكثر سهولة ويسرًا، بل إنه فتح باب الزواج من الأجانب على مصراعيه.
وكحال أي تشريع فإن لهذا المرسوم العديد من الإيجابيات والسلبيات، ونحاول في هذه المقالة أن نبسط أبرز هذين الوجهين لتقييم غلبة أي منهما على الآخر، ومدى تحقيق المرسوم لغايات التشريع الرئيسة واتساقها مع وظيفته السياسية والاجتماعية وغيرها من الوظائف التي يجب أن يستهدفها التشريع باعتبارها فلسفته الرئيسة التي يقوم عليها.
لا شك أن لهذا المرسوم نتائج إيجابية وهي منح الفرد الحق في تكوين الأسرة بالحرية في اختيار شريك حياته باعتباره من الحريات الشخصية التي كفلها وأكد عليها النظام الأساسي للدولة. كما أكدت الحق في تكوين الأسرة الكثير من المواثيق الدولية ومنها على سبيل المثال الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 حيث تنص المادة 16(1) على أنه “للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله”.
كما أن الزواج المختلط في إطار موضوع الجنسية يعطي فرصة للشخص في الحصول على جنسية دولة أخرى، إذ إن زواجه من أجنبية يسهل له الحصول على جنسية تلك الدولة، ويجعل لأبنائه فرصه للحصول على جنسية أمهم الأجنبية وبالتالي يكتسبون جنسية دولة أخرى، وهو ما قد يمنحهم العديد من المزايا التفضيلية. يضاف لذلك، أن الزواج من الأجانب من شأنه الإسهام في تنوع الثقافات وتبادل الخبرات ويؤدي لمزيد من الانفتاح بين الدول والشعوب وهذا من شأنه تعزيز فكرة التعايش المشترك.
وفي المقابل، قد يكون للزواج من أجانب بعض المثالب، حيث إن هناك قلقًا عند السماح للعمانيين بالزواج من أجانب من أن يكون فيه اعتداء على حقوق الإنسان بصورة صارخة، فقد شهدنا في الفترة القصيرة الماضية زواج الكثير من العمانيين من دول تشهد أوضاعًا اقتصادية صعبة وحروبًا وكان الدافع من هذا الزواج هو الاستفادة من قلة تكاليف الزواج والزواج بسهولة ويسر حيث وصل الحال ببعض الأشخاص الذين يعدون من أصحاب الدخل الأقل من متوسط من الزواج بأكثر من زوجة ومن زوجات ذات مكانه عالية ومرموقة في مجتمعاتهن وفي عمر الزهور ألجأتهن ويلات الحرب والظروف الاقتصادية الطاحنة إلى الزواج بهذا الشكل، حيث إن هذا النوع من الزواج يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وهو حق الزوجة بالزواج بالرضاء وعدم الجبر على الزواج وهذا ما أكدت عليه التشريعات الوطنية والدولية، ومن ذلك اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج التي دخلت حيز التنفيذ 9/12/1964 . ويتضح ذلك عند قراءة نص المادة 11 من الاتفاقية التي تنص “لا ينعقد الزواج قانونًا إلا برضاء الطرفين رضاء كاملا لا إكراه فيه”. ولا شك أن الزواج من امرأة من دولة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة ومن ويلات الحروب يجعل رضاء المرأة الحر المستنير محل شك كبير، فموافقة المرأة على الزواج هنا أشبه بالإكراه (المعنوي)، حيث إن الحاجة الاقتصادية كانت وراء زواج امرأة تبلغ من العمر 21 عامًا أو أقل من رجل يبلغ من العمر عتيًا، بل قد يكون من طبقة اجتماعية أدنى من الطبقة الاجتماعية التي تنحدر منها الزوجة وهذا هو الإكراه بأبشع صوره. وعليه لا يمكن قبول حق الإنسان في الزواج مقابل تعديه على حق آخر هو أولى بالحماية وهو حق المرأة بالزواج بالرضاء وعدم الجبر. ولا شك أن زواج امرأة من دولة ترزح تحت الحرب والفقر وهي في مقتبل عمرها بزوج يكبرها بعقود لا يخلو من شبهة الاكراه أيا ما كان محركه اجتماعيا أو اقتصاديا، فهو زواج مبناه استغلال ظروف الزوجة لا رضاها الحقيقي على نحو يتعارض تماما مع حماية حقوق الانسان وقد يؤثر سلبا على سمعة سلطنة عمان في مجال حقوق الإنسان التي كان أحد أهداف المرسوم تحقيقها.
ولا يخفى على القارئ أن زواج العماني من أجنبية – بل وزواج العمانية من أجنبي – قد ينجم عنه العديد من الإشكالات القانونية وتحديدًا عند الانفصال؛ فقد تأخذ الزوجة أولادها إلى بلدها لتحرم آباءهم منهم وبالتالي الدخول في مشاكل قانونية حول حضانة الأبناء وتربيتهم. كما أن هناك قلقًا من تأثر بعض عادات المجتمع العماني المحافظ بهذه الظاهرة.
ختامًا، إن صدور المرسوم السلطاني رقم 23 /2023 م قد أتى بالكثير من الإيجابيات التي تم الإشارة إلى بعضها وكذلك هناك بعض المثالب التي تم مناقشة بعضها. وعليه نأمل من ذوي الشأن إجراء الدراسة لتقييم التجربة واتخاذ القرار المناسب وفق نتائجها.

مقالات مشابهة

  • قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى
  • عبدالرحيم علي يكتب: روح يونيو.. ما أشبه الليلة بالبارحة
  • شبانة: مجلس الزمالك لم يحقق أي مكاسب من الانسحاب أمام الأهلي
  • قراءة حقوقية للمرسوم السلطاني في شأن زواج العمانيين من أجانب
  • تداعيات خطيرة لإيواء وتشغيل المتسللين .. والشرطة تحذر
  • قراءة لقصيدة اغتراب للشاعرة (آمال صالح)
  • تحذير من تداعيات العدوان على ذوي الإعاقة بغزة.. 10 آلاف حالة جراء الحرب
  • الهيئة العامة للمعلومات المدنية و”زين” تُوقّعان اتفاقية تعاون 
  • "تأهيل ذوي الإعاقة" يحذر من تداعيات العدوان على غزة على الأشخاص ذوي الإعاقة
  • سحب وضباب خفيف.. تفاصيل حالة الطقس بالإمارات اليوم