غزة- يشعر خبير الآثار الفلسطيني فضل العُطُل بكثير من القلق على مصير آلاف القطع الأثرية، التي جُمعت على مدار سنوات طويلة، بعد أن سيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على المخزن الذي توجد فيه تلك الآثار، التي تعود لعصور مختلفة.

ويقضي فضل غالبية وقته في خيمته التي شيّدها على شاطئ بحر مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة، بعد أن نزح من منزله الكائن في شمالي قطاع غزة، بفعل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وكان فضل الذي يُعدّ من أبرز العاملين في التنقيب عن الآثار وترميمها، يدير المخزن الذي يتلقى الدعم من "المدرسة الفرنسية للآثار" بالقدس.

لكن العدوان الإسرائيلي أجبره على النزوح بعيدا عن المخزن، وقطعه الأثرية الثمينة.

"آثارنا ملك الشعب الفلسطيني"

وفي حديثه للجزيرة نت أبدي غضبه من الأنباء التي تحدثت عن سيطرة إسرائيل على المخزن، ووصول نائب رئيس هيئة الآثار الإسرائيلية إلى غزة، لفحصها.

وقال "هذه الآثار ليست للفحص الأثري من أشخاص آخرين؛ لأنها ملك الشعب الفلسطيني، وهي قطع أثرية حقيقية عُثر عليها أثناء التقنيب ووُثّقت وفُرزت ونُظّفت، وكل شيء في المخزن على ما يرام ومطابق للقواعد العلمية الأثرية".

وكان مدير هيئة الآثار الإسرائيلية إيلي اسكوسيدو قد نشر في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، على حسابه في إنستغرام مقطع فيديو يظهر فحص فريق يرأسه نائبه، للمخزن الواقع في مدينة غزة (شمال).

#خبر
جيش الاحتلال يسرق آثاراً من غزّة ويوثّق الجريمة بنفسه

وثّق جيش #الاحتلال جريمة حرب جديدة بنفسه، قبل أن يدّعي التراجع عنها. فقد فحص فريق تابع لسلطة الآثار مخزناً داخل #قطاع_غزة، يحوي آثاراً يبدو أنّها عتيقة، ونشر مدير سلطة الآثار إيلي اسكوسيدو ستوري يظهر فيها بعضاً ممّا عثر… pic.twitter.com/XP1jFoJH5r

— Megaphone (@megaphone_news) January 22, 2024

وحذف اسكوسيدو المقطع بعد ساعات عدة، وكتب توضيحا قال فيه إنه طلب من جيش الاحتلال الإسرائيلي الحفاظ على القطع الأثرية في مكانها.

وحسب الخبير الفلسطيني فإن جيش الاحتلال يوجد حاليا في المخزن.

وشاهد فضل مقطع الفيديو الذي عرضه اسكوسيدو، وقال إنه يعود للمخزن الذي يديره.

وأضاف "رأينا المخزن قبل يومين (عبر الصور)، ونتمنى أن نرى كل القطع في مكانها بعد خروج الجيش".

وذكر أن القطع الأثرية تعود إلى حقبات زمنية تتراوح ما قبل 3 آلاف سنة قبل الميلاد، إلى القرنين السابع والثامن الميلادي إلى بداية العهد الإسلامي المبكر.

ويضيف "هذه قطع مهمة لأنها تدل على تاريخ فلسطين، إنها قطع أثرية تاريخية مدنية، وليست عسكرية، ولا تسبب خطرا على أي شخص كان".

وحول كيفية جمع هذه القطع قال "حصلنا عليها أثناء التنقيب، أو بطريقة الصدفة أثناء العمل، غزة مدينة تاريخية وأين ما نحفر نجد قطعا أثرية".

وأشار إلى أن المخزن يحتوي على كثير من الجِرار التي تعود للعصر البيزنطي، واسمها العلمي (جرة غزة)".

وطالب بضرورة الحفاظ على محتويات المخزن، ومنع إسرائيل من الاستيلاء عليها كونها "ملكا للشعب الفلسطيني، وتحكي عن تاريخه وأرضه".

ودعا منظمة اليونسكو والمؤسسات المهتمة بالإرث الحضاري إلى "حماية هذا المكان وجميع المواقع الأثرية الفلسطينية من التدمير الإسرائيلي".

وتطرق الخبير الفلسطيني إلى تدمير جيش الاحتلال لكثير من المعالم الأثرية في البلدة القديمة بمدينة غزة؛ مثل: "متحف قصر الباشا، والمسجد العمري، وحمّام السمرة، وبعض المواقع الأخرى التي دُمّرت بشكل مباشر، أو غير مباشر".

كما ذكر أن هناك العديد من المواقع الأثرية في قطاع غزة، معرضة الآن للاندثار بسبب "عوامل التعرية"، وتحتاج إلى صيانة عاجلة.

"سوابق إسرائيلية في سرقة الآثار"

ولم يستبعد فضل أن تقدم إسرائيل على سرقة محتويات المخزن، نظرا لوجود كثير من السوابق في هذا المجال.

وقال "سرقة وتهريب الآثار غير موجود في غزة؛ لأنها مدينة محاصرة ومغلقة، لكن سرقة الآثار تتم من إسرائيل".

وأضاف موضحا "أثناء التنقيب عن المقبرة الكنعانية في دير البلح (في حقبة السبعينيات من القرن الماضي) سُرقت توابيت وقطع أثرية، وهي موجودة حتى الآن في إسرائيل، ومكتوب عليها أنه عُثر عليها في دير البلح".

كما أن تدمير جيش الاحتلال لكثير من المواقع الأثرية بغزة، خاصة متحف قصر الباشا الذي يضم كثيرا من القطع الأثرية، يزيد من شكوك فضل العطل في سيطرة إسرائيل على مقتنيات المخزن الذي يديره.

ويضيف "كل شيء وارد، خاصة أن إسرائيل دمرت متحف قصر الباشا الذي يحتوي على آثار، وكل شيء وارد أن أرجع لغزة وأجد القطع الأثرية (في المخزن)، أو لا أجدها".

ويتابع "إن شاء الله أرجع وألاقيها، وأعيد توثيقها والإشراف عليها مرة أخرى (..) لكن إذا لم تكن موجودة سنأخذ الإجراءات اللازمة بحق حماية الآثار".

خسارة كبيرة للثقافة العالمية

وحذّر من أن سرقة إسرائيل، أو تدميرها لمقتنيات المتحف، سيعدّ خسارة كبيرة للثقافة العالمية.

وأضاف "لو اندثرت هذه الآثار، فهناك خسارة كبيرة جدا؛ لأننا كنا نعمل بطريقة علمية وفنية كاملة مع التوثيق والدراسة.. إذا اندثرت فهذه خسارة كبيرة للماضي والحاضر، وخسارة كبيرة للثقافة، ولعلم الآثار على مستوى العالم".

وختم الخبير الفلسطيني حديثه بدعوة "كل المثقفين في العالم إلى العمل على حماية هذه الآثار، وتجنيبها ويلات الصراع".

وكانت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قد استنكرت اقتحام جيش الاحتلال لمخزن الآثار، وقالت في بيان أصدرته نهاية الشهر الماضي، إن الاقتحام "انتهاك خطير وتعدٍّ على التراث الفلسطيني، ويخالف الاتفاقيات الدولية؛ كاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 واتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح".

وطالبت الوزارة كل المؤسسات والمنظمات الدولية بالتدخل الفوري "لوقف العدوان وحماية تراث فلسطين الوطني، الذي يعدّ جزءا من تراث الإنسانية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القطع الأثریة جیش الاحتلال خسارة کبیرة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الفرنسي يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية غدا

يستعد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة غدا الأربعاء، في خطوة تهدف إلى الدعوة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وضرورة احترام القانون الدولي الإنساني.

وأوضح بارو في تصريح لمحطة "فرانس 2" الفرنسية أنه يسعى خلال هذه الزيارة إلى الاجتماع مع السلطات المحلية والأطراف الإنسانية الفاعلة، معبرا عن أهمية نقل صوت فرنسا إلى هذه المنطقة التي شهدت معاناة كبيرة.

وسيركز بارو على التأكيد على ضرورة وقف "انتهاكات القانون الدولي الإنساني"، خاصة في ظل التهم التي توجه إلى إسرائيل بارتكاب انتهاكات خلال حربها على قطاع غزة، كما أن إسرائيل حظرت نشاطات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في أراضيها وفي الضفة الغربية المحتلة، مما أعاق جهود الإغاثة في غزة.

وتأتي هذه الزيارة في سياق توتر العلاقات بين باريس وتل أبيب في الأسابيع الأخيرة بعد تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا فيها إلى وقف مبيعات الأسلحة المستخدمة في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، ورغم ذلك فإن بارو أكد أن "الحوار لم يتوقف يوما" بين الطرفين.

كما أعرب بارو عن أهمية دور الولايات المتحدة في إنهاء الصراع الإسرائيلي العربي، مشيرا إلى أنها تلعب "دورا رئيسيا في تحقيق السلام بالمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالصراع في لبنان".

وشدد على ضرورة اعتماد الحوار والدبلوماسية بدلا من استخدام القوة، مشيرا إلى أن الحرب قد استمرت لفترة طويلة جدا.

وأشار وزير الخارجية إلى أن فرنسا ستعمل على التعاون مع أي فائز في الانتخابات الأميركية، قائلا إن هناك حاجة ملحة لبذل المزيد من الجهود الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وتتزامن زيارة بارو مع جهود باريس وواشنطن للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لكنها واجهت صعوبات، إذ لم تحقق تلك الجهود نجاحا حتى الآن.

وسبق أن زار بارو إسرائيل في الذكرى الأولى لعملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الفرنسي يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية غدا
  • داعيًا مجلس الأمن لحماية آثار لبنان.. ميقاتي: إسرائيل انقلبت على كل الحلول المقترحة
  • مدير معهد الآثار لـRue20: اكتشاف تافوغالت يؤكد أن المغرب لعب دوراً كبيراً في تطور البشرية منذ آلاف السنين
  • الرئاسة الفلسطينية: على العالم اتخاذ خطوات ملموسة على أرض الواقع ضد “إسرائيل”
  • الرئاسة الفلسطينية: قطع إسرائيل للعلاقة مع الأونروا هدفه تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين
  • الرئاسة الفلسطينية تُعقّب على قرار إسرائيل بإلغاء الاتفاقية مع "الأونروا"
  • لبنان يعاتب اليونسكو بشأن عبارة حول هجمات الاحتلال على المعالم الأثرية
  • الرئاسة الفلسطينية: إسرائيل تواصل استهداف أونروا لتصفية قضية اللاجئين
  • أستاذ آثار يحذر من خطر المياه الجوفية على قرافات القاهرة التاريخية
  • النيابة تتسلم تقرير اللجنة الأثرية في قيام 5 أشخاص بتهمة التنقيب بالتبين