كان ملف إعادة تشكيل الحكومة اليمنية وتغيير رئيسها حديث الساحة خلال الأسابيع الماضية، بسبب استمرار الأزمات السياسية وانهيار الوضع الاقتصادي والإنساني في البلد العربي الذي يعيش حالة "اللاحرب واللاسلم" منذ نحو عامين.

ومساء الـ5 من فبراير 2024، أزيح الستار عن اسم رئيس الحكومة الجديد، الذي جاء خارج التوقعات المطروحة، حيث كانت الخلافات الحادة داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ومحاولة كل طرف داخل المجلس أن يكون من اختياره، قد أخرت تعيين بديل رئيس الوزراء السابق معين عبد الملك.

ولا يبدو رئيس الحكومة الجديد بعيداً عن الحكومة ذاتها، حيث يعد أحمد بن مبارك أحد أبرز الشخصيات اللافتة فيها، فقد كان يتولى منصب وزير الخارجية منذ العام 2020، فهل يكون قرار تعيينه بداية لتغييرات في الوضع المحلي، أم أن الأمور ستراوح في مكانها، وماذا عن الدعم الخليجي، هل سيحظى به، أم سيواجه معوقات قادمة؟

رئيس جديد للحكومة

بالتزامن مع تطورات متصاعدة كان اليمن أحد أطرافها مع هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، أصدر مجلس القيادة الرئاسي في اليمن (5 فبراير) قراراً بتعيين وزير الخارجية رئيساً جديداً للحكومة المعترف بها دولياً.

وقضت المادة الثانية من قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ)، باستمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم وفقاً لقرارات تعيينهم، كما قضت المادة الثالثة والأخيرة من القرار العمل به من تاريخ صدوره ونشره في الجريدة الرسمية.

وشغل بن مبارك منصب وزير الخارجية وشؤون المغتربين منذ عام 2020، وكُلف برئاسة الوزراء للحكومة الانتقالية الجديدة في أكتوبر 2014، لكنه اعتذر عن عدم قبول المنصب بعد معارضة الحوثيين وحزب المؤتمر برئاسة الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

أما معين عبد الملك فشغل منذ سنوات منصب رئيس الحكومة اليمنية، التي تواجه تحديات كبيرة في الجانب المالي والخدمات العامة.

سعي لـ"نتائج ملموسة"

عقب إعلان قرار تنصيبه، خرج بن مبارك بتصريحٍ قال فيه إن البلاد تمر بأزمة كبيرة، وإنه عين في المنصب واليمن يمر بـ"منعطف تاريخي مهم"، مبدياً أمله في "تحقيق نتائج ملموسة في حياة كل يمنية ويمني".

ودعا في حسابه على منصة "إكس"، أعضاء الحكومة إلى العمل من أجل تحسين الخدمات للمواطنين، مضيفاً: "أستنهض فيهم الحفاظ على تقاليد إدارة الدولة، وإعلاء القانون، والحرص على الحق العام، والعمل بروح المسؤولية".

ومنذ أكثر من عامين تتعالى الأصوات في المناطق المحررة في اليمن، مطالبة بإقالة حكومة عبد الملك؛ بسبب عدم نجاحها في تحقيق أي تقدم ملموس في معالجة المشاكل الاقتصادية والخدمية.

وتعاني المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً من أوضاع اقتصادية صعبة، في ظل تراجع دراماتيكي جديد لسعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.

ويؤثر تراجع العملة المحلية تأثيراً كبيراً على المقدرة الشرائية للمواطن، فهو يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية وفواتير الاستهلاك.

وسعت الحكومة على مدار السنوات الماضية إلى اجتراح حلول واتخاذ إجراءات على أمل كبح جماح التدهور في الريال اليمني، ولجأت للسعودية والإمارات لتقديم ودائع لبنكها المركزي، لكن جميع محاولاتها والدعم المقدم لها باءت بالفشل حتى الآن.

ضرورة ملحة

يرى الصحفي في مركز صنعاء للدراسات، مراد العريفي، أن هذا التغيير كان "ضرورة ملحة لإيجاد بديل لرئيس الوزراء السابق الذي كان متهماً بالفساد وعاجزاً عن إدارة الحكومة خلال السنوات الأخيرة".

وقال العريفي إن اليمن شهد "انهياراً كاملاً للخدمات الأساسية، كما تراجعت قيمة العملة المحلية"، مؤكداً أن ذلك التدهور أدى إلى قناعة بـ"ضرورة تغيير الحكومة بشكل كامل".

ويشير، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن هذا القرار ربما جاء لـ"توافق في مجلس القيادة الرئاسي على أن يكون تغيير رئيس الحكومة هو الخطوة الأولى خلال المرحلة الحالية".

وحول تغيير عبد الملك، يقول العريفي إنها "محاولة لتهدئة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تشهد المناطق الخاضعة لسيطرته حالة من التوتر بين قوات المجلس وبين قوات درع الوطن التابعة لمجلس القيادة والحكومة".



وأضاف: "كان المجلس الانتقالي في المرحلة الأخيرة يصعد في مناطق سيطرته، إضافة إلى فشل الحكومة، ولذلك فإن تغييرها خلال هذا التوقيت محاولة لامتصاص غضب الانتقالي".

وعن اختيار بن مبارك لهذا المنصب، يقول: "ربما كان الشخصية الوحيدة التي حظيت بموافقة كل أعضاء مجلس القيادة؛ لأن الشخصيات الأخرى المطروحة كانت محط خلاف بين أعضاء مجلس القيادة، فيما وجد في بن مبارك قبولاً من جميع الأطراف".

وأكمل: "سبق أن أدار كثيراً من الملفات، كمدير مكتب الرئاسة ووفد التفاوض ورئيس الحوار الوطني، وهذا الأمر أهله لأن يكون أقرب الأسماء".

وعن علاقته بدول الخليج، يعتقد أنه "لا يحظى بأي شكل من العلاقات الكبيرة مع أي دولة خليجية، وفي مقدمتها السعودية والإمارات"، لكنه- حسب قوله- "يعد شخصية مقبولة من الدولتين".

ويرجع ذلك إلى أنه "لم يكن لديه موقف متطرف يعارض الدولتين في اليمن وكان يدير الكثير من المسائل الخلافية بنوع من الدبلوماسية".

وحول ما سيقدمه رئيس الحكومة الجديد، يقول العريفي: "بن مبارك لن يقدم أكثر مما قدمه معين عبد الملك، لأن الشخصيتين كانتا عاجزتين عن إيجاد حلول في ملفات بالخارجية أو الحكومة وهذا واحد من أسباب تردي الحكومة في الفترة الماضية".

اقتصاد منهار

تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أزمة اقتصادية جديدة مع نقص كبير في الموارد بسبب إجراءات جماعة "الحوثي"، وهو ما دعاها إلى إطلاق نداء طلب مساعدة اقتصادية عاجلة؛ خشية تدهور مالي جديد قد يزيد معاناة اليمنيين.

يأتي هذا في ظل نُذُر أزمة اقتصادية حادة يعيشها اليمن بعد أكثر من عام من منع جماعة الحوثي تصدير الخام بعد قصف موانئ التصدير آنذاك، وكذلك معلومات عن قرب نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي، والذي صاحبه تدهور سريع في قيمة العملة اليمنية خلال الأيام الماضية.

وعادت العملة اليمنية مجدداً إلى التدهور أمام العملات الأجنبية، خلال التعاملات منذ أيام، في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها، حيث سجل الريال اليمني 1647 ريالاً للدولار الواحد.

واقتربت العملة المحلية من المستوى الأدنى تاريخياً، الذي سجلته مطلع العام 2022، عندما بلغ 1700 ريال للدولار الواحد، في حين كان متوسط سعر الدولار قبل الحرب عام 2015 يبلغ 215 ريالاً.

وأدى التراجع في سعر العملة إلى احتجاجات في عدة مدن يمنية في السنوات الماضية، وسط مطالب شعبية متكررة بوضع حد لهذه الأزمة التي فاقمت من معاناة المواطنين.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

حماس تشيد بدعم اليمن وتدين المجازر الصهيونية في غزة

يمانيون../
أعربت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن شكرها وتقديرها للقوات المسلحة اليمنية و”أنصار الله” على دعمهم المستمر للشعب الفلسطيني في غزة، رغم ما يتعرض له اليمن من عدوان أمريكي-بريطاني-صهيوني.

وفي بيان أصدرته مساء اليوم، السبت، أثنت الحركة على “حملات التضامن الشعبي العالمي مع الشعب الفلسطيني”، منددة بالجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني في شمال قطاع غزة، خاصة القصف المتواصل على مستشفى الشهيد كمال عدوان، ووصفتها بأنها “جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري غير مسبوقة”.

وأكدت حماس استمرار العدو الصهيوني في قصفه الوحشي لمناطق شمال غزة، مستهدفا مراكز الإيواء والمدارس، وتهديده بإخلاء المستشفيات من المرضى والنازحين، في انتهاك صارخ للإنسانية.

ودعت الحركة الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم للتحرك العاجل لوقف الإبادة الجماعية في غزة، مشددة على ضرورة الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ودعمه في حقه المشروع لإزالة الاحتلال.

يتزامن ذلك مع استمرار العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً وأوروبياً منذ 7 أكتوبر 2023، حيث خلّف نحو 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين، وسط دمار شامل ومجاعة حصدت أرواح عشرات المدنيين، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المعاصرة.

مقالات مشابهة

  • حماس تشيد بدعم اليمن وتدين المجازر الصهيونية في غزة
  • مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد
  • الأخضر يخسر أمام البحرين في خليجي 26
  • مجموعة الأخضر.. العراق تهزم اليمن في خليجي 26
  • الريادة: زيارة الرئيس السيسي لأكاديمية الشرطة تعكس اهتمام القيادة السياسية بدعم المؤسسات الأمنية
  • ترقب خليجي للديربي السعودي البحريني.. وحامل اللقب يصطدم بطموحات اليمن
  • المرأة المصرية في 2024.. إنجازات متواصلة بدعم القيادة السياسية ورؤية وطنية للتقدم
  • خليجي 26.. العراق يسعى لبداية قوية أمام اليمن والسعودية تصطدم بالبحرين
  • من الهواية إلى الاحتراف.. رحلات الكتابة تكسر التحديات بدعم الحاضنات الأدبية
  • غدا.. مواجهةٌ قوية للمنتخب العماني أمام “الأزرق” الكويتي في افتتاح خليجي 26