ألاعيب المصدرين والمستوردين وراء جنون الأسعار
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
هوامش الأرباح تصل 100٪.. والجزارون «لا» يتحكمون فى السوق
شهدت أسعار اللحوم ارتفاعا شديدا خلال الفترة الماضية، إذ تجاوز سعر الكيلو البلدى ٤٠٠ جنيه، بينما تجاوزت أسعار اللحوم السودانية ٢٨٠ جنيهًا لدى السلاسل التجارية وبعض محلات الجزارة.
ووصل سعر كيلو اللحوم المجمدة إلى ١٨٠ جنيها، لتصبح اللحوم حلماً صعب المنال للكثير من الأسر المصرية.
ورغم عدم استيراد شحنات عجول جديدة خلال الأشهر الستة الماضية إلا أن المستوردين قاموا برفع الأسعار أكثر من مرة خلال هذه الفترة.
وتشير الأرقام إلى أن واردات مصر من اللحوم تراجعت بنحو 25.2% خلال أول 10 أشهر من 2023 لتسجل 1.092 مليار دولار مقابل 1.46 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام قبل الماضى وذلك بسبب أزمة الدولار.
ومع اقتراب شهر رمضان هناك توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار خصوصا مع تزايد التواترت السياسية فى منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب من ناحية ومن ناحية أخرى صعوبة توفير الدولار، مما يزيد صعوبة الاستيراد وبالتالى ينخفض المعروض من اللحوم فى السوق المصرى خاصة فى ظل وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك فى اللحوم تصل إلى ٦٠%.
كشف هيثم عبدالباسط رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية فى حديث خاص لـ«الوفد» سبب ارتفاع أسعار اللحوم المبالغ فيه، قائلا: «السبب يعود إلى تصدير العجول البلدية الحية إلى الخارج بالإضافة إلى تصدير ذبائح بلدية من مجزر البساتين.
من ناحية أخرى فإن المستوردين يقومون بإضافة هامش ربح كبير على سعر البيع.
على سبيل المثال العجل الذى يتم استيراده بمبلغ ٥٠ ألف جنيه يتم طرحه للمستهلك بسعر ١٠٠ ألف جنيه بنسبة ربح 100٪ والدليل على ذلك منذ عيد الأضحى الماضى لم يتم استيراد عجول أو لحوم مجمدة ومع ذلك قام المستوردون برفع السعر مرتين..فما هو السبب؟ وأين الأجهزة الرقابية مما يحدث؟
ويهاجم هيثم عبدالباسط مستوردى اللحوم مؤكدا أنهم يسعون فقط لتحقيق أكبر مكاسب بغض النظر عن وضع البلد. والدليل على ذلك أنهم يستوردون العجول الحية من كولومبيا وإسبانيا والبرازيل ويتم الذبح الفورى للعجول فور وصولها الأراضى المصرية ويتم طرحها فى الأسواق بالسعر البلدى وتحصل على نفس الختم البلدى؟ وهو ما يعد خداعا للمستهلك مع العلم انه فى السنوات السابقة كانت العجول المستوردة لكى يتم ختمها بالختم الأحمر البلدى، لابد أن تربى فى المراعى المصرية لمدة سنة لكن هذا لم يحدث الآن حيث يتم الذبح الفورى.
وقال رئيس شعبة القصابين إن فوضى سوق اللحوم والماشية أصابت صغار المربين بالإحباط واليأس وامتنع كثير منهم عن تربية الماشية خاصة بعد أن أصبح العجل البلدى يخسر مقارنة بالعجل المستورد.
على سبيل المثال العجل المستورد وزنه يزيد ٢ كيلو جرام مقابل تغذية بقيمة ٢٠٠ جنيه بينما البلدى يزيد نصف كيلو فقط مقابل نفس التغذية.هذا بالإضافة إلى عدم دعم الدولة لصغار المربين وعدم توافر الأعلاف وعدم انتاجها محليا بالإضافة إلى أن قروض بنك الائتمان الزراعى تشترط الحيازة الزراعية.
أوضح «عبدالباسط» أن حجم إنتاج الثروة الحيوانية فى مصر لا يتجاوز ٤٠ %من حجم الاستهلاك ويتم استيراد حوالى ٦٠%من السودان وتشاد والبرازيل وكولومبيا وإسبانيا.
أما إنتاج مصر من الأعلاف فهو لا يتجاوز ٢٠% من حجم الاستهلاك وكذلك إنتاج الامصال ٢٠%.
وبالنسبة لاستيراد العجول الحية أو اللحوم المجمدة هناك جهتان تقومان بالاستيراد، الأولى الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية وتقوم باستيراد العجول الحية من تشاد والسودان ويتم طرحها طازجة فى منافذ التموين والجهة الثانية التى تقوم باستيراد العجول الحية والمجمدة هم المستوردون ويقومون باستيراد من كولومبيا واسبانيا والبرازيل ويتم طرحها فى الفنادق والسلاسل التجارية.
ويقول «عبدالباسط»: «ورثت مهنة الجزارة عن والدى وعلى مدار عشرات السنين اعمل فى هذه المهنة إلا أنه فى السنوات الأخيرة أصبح هناك دخلاء علينا وأصبح المستوردون يتحكمون فى سوق اللحوم وليس الجزارين كما يعتقد المواطنون، خاصة وأن نسبة الإنتاج الحيوانى أقل من نصف الاستهلاك ومن المفترض أن الاستيراد الهدف منه احداث التوازن فى السوق وسد فجوة الاستهلاك إلا أن الحقيقة على أرض الواقع تكشف أن الاستيراد الهدف منه تحقيق مزيد من الأرباح للمستوردين وهنا لابد لأجهزة الرقابية أن تتحرك وتضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت المواطن البسيط.
وللأسف فإن الجزار يعانى من الغلاء مثله مثل المستهلك خصوصا وأن الجزارين لا يملكون الملاءة المالية للاستيراد لذا فهم فريسة للمستوردين.
استكمل «عبدالباسط» حديثه لـ«الوفد» قائلا: «بعد تفاقم الأزمات السياسية خاصة فى منطقة باب المندب وهجمات الحوثيين وصعوبة التصدير والاستيراد عبر البحر الأحمر قام المستوردون برفع أسعار العجول مرة ثانية تلك العجول التى تم استيرادها قبل ٨ أشهر وتم حجبها عن البيع وكذلك اللحوم البلدية تم حجبها فى الثلاجات بهدف تعطيش السوق ورفع الأسعار وجنى المزيد من الأرباح.
وبالفعل تم رفع سعر الكيلو قائم «الحى»من ١٠٠ جنيه إلى ١٨٠ جنيها والسؤال: لماذا رفع الاسعار طالما انها نفس العجول القديمة التى تم استيرادها منذ عدة أشعر قبل ارتفاع الدولار؟».
وأكد أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم ولا أحد يعرف كيف ستصبح الأسعار فى رمضان واذا استمرت الأوضاع كما هى الآن، فإن «اللحوم فى شهر رمضان سوف تكون لمن استطاع اليها سبيلا « وسوف تصبح حلم صعب المنال.
ويرى رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية أن الحل للخروج من هذه الأزمة يتمثل فى عدة خطوات الأولى وقف تصدير العجول البلدية للخارج حفاظا على الثروة الحيوانية. والثانية تدخل الدولة بوضع هامش ربح معقول للمستوردين مع ضرورة مقارنة فواتير الاستيراد مع فواتير البيع فى السوق المحلى للقضاء على المغالاة فى الأسعار.
أما الخطوة الثالثة والعاجلة فهى عدم معاملة العجول المستوردة باعتبارها بلدية وختمها بالختم المستورد لأن هذا الوضع يضر بالمربين المصريين ويقضى على الثروة الحيوانية كما أنه يتسبب فى خروج الكثير من المربين البلدى خارج المنظومة. ولابد أن تضرب الدولة بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت الشعب.
الخطوة الرابعة تشكيل مجلس أعلى للحوم والدواجن والأسماك يكون معنى بتوفير أنواع البروتين الثلاثة للمواطن وحصر الكميات الموجودة فى السوق المحلى والكميات المستوردة منعا للعشوائية ولاحداث التوازن بالسوق المصرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جنون الاسعار سعر الكيلو كيلو اللحوم المجمدة صعب المنال الأسر المصرية العجول الحیة فى السوق
إقرأ أيضاً:
الفنون جنون أم مسئولية؟.. ماذا فعـل محمد رمضان؟!
مطلع 2022، نشر المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة حول الفن وحرية الإبداع وحدود المجتمع وتقاليده، وارتباط الفن بالسعي نحو الخير والجمال، ومحاربة القبح بكل أشكاله، ومسئولية كل الأطراف تجاه هذه الصناعة، مستعيناً بمقولة "الحرية المطلقة مفسدة مطلقة"، فإذا تخطت حدًّا يتجاوز أخلاق المجتمع، سرت في العقول فأفسدتها، واستشرت في النفوس فأسكرتها، لافتاً إلى أن عبقرية الإنسان المصري وقدرة مبدعيه على صوغ الحياة الاجتماعية والثقافية داخل مصر وخارجها، وفي المحافل الدولية، تتجلى عند تمكينهم من القيام بدورهم في إطار "الحرية المسئولة"، باعتبارها دواءً لكل الفتن، ومنعاً لإفساد الذوق العام.
والآن، يتجدد السؤال الأزلي، عمن يرسم "الخط الفاصل" بين "حرية الفنان وحدود المجتمع"، وبدون هجوم شرس على الفنان محمد رمضان، بسبب ملابسه على خشبة مسرح مهرجان "كوتشيلا"، بأمريكا، وبدون سؤال خبيث: "كيف لرجل شرقي أن يرتدي بدلة رقص؟" وبعيداً عن التساؤل حول مهرجان "كوتشيلا" الذي يرحب بـ"مجتمع الميم"، من المثليين والمثليات، لا يفتحن أحدكم أبواب الجحيم بأسئلة وجودية فلسفية اجتماعية لا تنتهي، فليس هناك إجابات شافية، أو حتى منطقية، عن كثير من الأشياء المريبة الغامضة التي نعيشها، في زمننا هذا الذي نرتشف فيه، بلا مبالاة، كل صباح، فنجان قهوة من البن المحوج الممزوج بـ"البسلة"!
منذ اللحظة الأولى لإطلالة محمد رمضان، اندلعت شرارة الجدل، وثارت براكين الغضب، في وجدان الملايين من المصريين والعرب، وانتشرت صور أكثر غرابة، يعود تاريخها للقرن التاسع عشر، ارتدى خلالها بعض "رجال مصر" أزياء مشابهة لـ"بدلة رمضان"، وللأسف كانت مهنتهم "الرقص الشرقي"، في حفلات وملاهٍ ليلية ممنوع للنساء السهر أو العمل فيها، حتى طالب العديد من "عقلاء هذا الزمان"، بضرورة اتباع مقولة منسوبة لسيدنا عمر بن الخطاب: "أميتوا الباطل بالسكوت عنه"، حتى لا "يتغذى التريند اللعين"، و"يتحقق المراد" للخارجين عن المألوف!
ترفع "الأسبوع" شعار "الباحثين عن الحقيقة"، ولأنه لا حقيقة دون طرح أسئلة، فلا مفر، ولنستعين ببعضنا في رحلة البحث عن إجابات، ولو احتمالية، عما فعله محمد رمضان: هل كان يمارس حقه الطبيعي في التعبير الفني، على خشبة مسرح؟ هل كان يسعى للتميز، كعادته؟ هل أراد تقديم نفسه كفنان استعراضي عالمي يستخدم أدواته الخاصة (ومنها الأزياء) كجزء من "هويته الفنية"؟ هل كان تجسيداً حياً لمقولة "الفنون جنون"؟ أم هل تعمد إثارة البلبلة؟ وهل كانت صدفة أن يطرح أغنية بعنوان "بحب أغيظهم"، مباشرة عقب انفجار الجدل؟ وما الخط الفاصل بين حريته كفنان وحدود الذوق العام في مجتمعاتنا العربية؟ هل اختياره لتطريز الجنيه المصري نوعاً من "الخصوصية" اعتبرها البعض إهانة؟ وهل "السترة المكشوفة" كانت مجرد فكرة تصميم "مجنونة" تليق بمهرجان غربي يستخدم الإبهار كجزء أساسي للعروض البصرية؟ وماذا كان سيحدث لو تمت "تغطية جزء من جسده"، وفق اقتراح شقيق الفنانة ياسمين عبد العزيز، في صورة بـ"الفوتوشوب"، لـ"بدلة رمضان"، هل كانت المشكلة في الفعل نفسه، أم "صاحب الفعل"، باعتبار أن سهام النقد جاهزة دائماً للتصويب على "نمبر وان"؟ وعلى نطاق أوسع، هل يعتبر "رمضان" حالة فردية، أم مجرد ترس في "آلة التريند" التي لا ترحم، ولا تسمح لأحد بالتوقف، وإلا يتم "هرسه" والإلقاء به خارج دائرة الشهرة، إلى غياهب النسيان!
لم تكن "الأزياء" بعيدة عن محاولات الفنانين للخروج عن المألوف، وخاصة في مهرجانات خارج مصر، والأمثلة كثيرة، منها البلوزات الشيفون، وألوان غريبة وملابس فضفاضة أشبه بـ"بدلة فطوطة"، وقوائم الأسماء طويلة، فهل يعتبر الفنان "شكله" أحد أدوات المنافسة في حفلات الخارج؟ وهل إطلالاته الغريبة مجرد "زينة" للحفلات؟ أم أنها "رسائل ثقافية موجهة" ضمنياً نحو مجتمعات بعينها؟ وإلى أي مدى يحق للفنان "كسر التابوهات"؟ وهل يحق له تجاوز التقاليد تحت شعار "التجديد والابتكار"؟ وهل يحرص على نشر "صور وفيديوهات" حفلاته عبر السوشيال ميديا لـ"ركوب التريند"، سواء من لجان إلكترونية، أو شركات تسويق إلكتروني، أم تنتشر بـ"شير عشوائي" من جمهور متعطش لكل ما هو غير مألوف، خاصة ما يتعلق بالفن والفنانين؟ وكيف تحرص بعض المنصات، تلقائياً، على توجيه "خوارزمياتها" نحو الإثارة؟
تثور أسئلة أكثر عمقاً، حول مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى "ساحات نقد فني"، ودورها في نشر "اسم الفنان"، وإبقائه على قيد التريند، ولا بأس من "افتعال معارك فنية"، أو "تراشق بالكلمات"، مثلما حدث في آخر سحور رمضاني بين ياسمين صبري ومحمد رمضان، وتحوّل إلى "تريند" استهلك بعض الوقت، وما كاد ينتهي، حتى تقافز غيره بأسرع من الفيمتو ثانية، فهل يعد الفنان "مضطراً" لإثارة الجدل، في حلبة "الصراع على البقاء"، أم أن "الخناقات" مجرد "تصرفات عفوية وليدة اللحظة"؟
نعود لـ"بدلة رقص رمضان"، وبعض الأسئلة المتطرفة التي أثارها بعض "الخبثاء"، مفادها: هل كانت مجرد "تصرف عفوي"، و"حرية فنية"، أم جزء من "أجندة عالمية" تستهدف طمس الهوية الثقافية وضياع البوصلة الأخلاقية للشعوب العربية؟ وهل هناك توجّه مدروس لدفع بعض الفنانين لتقليد أنماط ثقافية غربية مرفوضة؟ أم أن المسألة أبسط من كل مبالغات "نظريات المؤامرة" وإشكاليات "الغزو الفكري الناعم"؟ وفي كل الأحوال، وبرغم أنف الجميع، تحوّل بعض الفنانين، سواء بقصد أو بغير قصد، إلى أدوات تشكيل الذوق العام، بما يتماشى مع عادات وأنماط لا تتفق وعاداتنا الأصيلة، ولأن هناك "شعرة" بين الإبداع والانفلات، بين التعبير والعبث، لا بد أن نفرّق بين "الجنون الخلّاق والجنون المربك"، وندرك عظمة "قوتنا الناعمة"، ولا نتركها ضحية تنهشها أنياب "غول ملعون" يتخفى، أحيانًا، تحت ستار "التريند"!
اقرأ أيضاًأزمة محمد رمضان تفتح ملف «الاستعباد التجاري».. من يمولها وكيف تتحايل على الجماهير؟
بالشيشة.. ظهور غير تقليدي لـ محمد رمضان خلال حفله الثاني بأمريكا
«عملتوا قيمة للجاهل».. شمس البارودي تهاجم محمد رمضان بسبب هذا الموقف