التهريب يحرق استقرار الدواء
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
ليبيا والسودان أبرز الوجهات.. والأرباح طائلةالنواقص تطال دعامات وأدوية القلب والسكر والضغط والأورام
حقيقة لا يمكن إنكارها وهى أن سوق الدواء المصرية تعيش أزمة نقص بعض الأصناف الحيوية التى يعتمد عليها المواطنون بصورة رئيسة، وعلى جميع المستويات، مما فاقم معاناة المرضى بالمستشفيات العامة التابعة للحكومة، التى تتلقى أدوية مدعمة بأسعار زهيدة، ليصبح ما يسمى الصنف «البديل» ملاذ المواطن، للحصول على جرعة الدواء اللازمة، لتخفيف معاناته الصحية أو إنقاذ حياته.
وفى وقت يفترض فيه أن أكثر من 90% من الأدوية تصنع فى مصر إلا أن شكاوى المواطنين من نقص العديد من الادوية والمستلزمات الطبية فى الأسواق والمستشفيات تتصاعد ووصلت إلى حد تقديم النواب عدداً من طلبات الاحاطة من خلال النواب مؤكدين أن الأزمة تكمن فى المادة الخام نفسها واستيرادها بالدولار، وعلى رأس الأدوية التى تشهد نقصًا دعامات القلب وأدوية العظام والسرطان والأورام والمفاصل الصناعية وبعض أدوية الصرع. والضغط. والغدة الدرقية والسكر.
تكمن الأسباب الرئيسية فى استيرادنا 95% من المواد الخام بجانب وجود «سماسرة تهريب» مهمتهم تهريب الدواء المصرى إلى بلدان الصراعات المجاورة لا سيما ليبيا والسودان، طمعاً فى بيعه فى الخارج بأسعار باهظة، وجنى أرباح طائلة»، بحسب بعض الصيادلة والمتخصصين ومن خلال مسارين: منفذ أرقين على الحدود المصرية - السودانية، ومنفذ السلوم الذى يربط الحدود المصرية - الليبية، بعد إخفائها إما داخل حاويات ضخمة أو شاحنات نقل خضراوات أو داخل سيارات خاصة، فيما يعرف بتجار الشنطة إلى جانب استيراد السودان للدواء المصرى بالعملة الصعبة خاصة مع رخص الدواء المصرى مقارنة بغيره وتوقف مصانع البلدان المجاورة لما بها من صراعات.
وهناك أدوية بحسب على عبدالله رئيس الجمعية المصرية للدراسات الدوائية (منظمة غير حكومية) يشكل نقصها واختفاؤها من السوق المحلية أزمة حقيقية فى حالة تهريبها، مثل الأنسولين والأورام والتخدير ولوازم العمليات الجراحية والأمصال واللقاحات.
كما أن نقص العملة الصعبة فى مصر أحد أسباب اختفاء الأدوية.
ويشير رئيس لجنة التصنيع الدوائى بنقابة صيادلة القاهرة محفوظ رمزى إلى وجود عصابات منظمة تمارس أعمال تهريب الدواء إلى دول الصراعات والحروب، موضحاً «غالب العمليات تجرى عبر الطرق الحدودية البرية، وهيئة الدواء المصرية منوط بها إجراء أعمال التفتيش على الشركات والمصانع وأى مؤسسة صيدلية، لضمان سريان الأدوية المنتجة فى مصر فى التسلسل الطبيعى حتى وصولها إلى الصيدليات»، لكنه يلقى باللائمة على أصحاب مخازن الدواء وشركات التوزيع، قائلاً «بعض محترفى التهريب يتعاملون مع مخازن دواء، إذ يشترون كميات كبيرة من الأدوية، ويستفيدون من الخصومات الموجودة عليها، ثم يهربونها إلى الخارج للاستفادة من فارق الأسعار».
ويؤكد المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء محمود فؤاد أن «مخازن الدواء تحولت إلى بيزنس غير شرعى وبوابة خلفية لعمليات تهريب الدواء وتجارة الأدوية منتهية الصلاحية، إذ إن غالبيتها غير مرخص وتبيع دون فواتير، ولا تخضع لمظلة وزارة الصحة، إلى جانب افتقارها للمعايير الصحية المطلوبة لمزاولة مهنة الصيدلة، بعدما أصبحت بعض المخازن تدار من داخل شقق بعيداً من أعين الأجهزة الرقابية بوزارة الصحة والتفتيش الصيدلى، كما أن 90٪ من ملاكها ليسوا صيادلة».
وتساءل فؤاد، «هل هذه المخازن مسجلة بوزارة الصحة؟ وهل تخضع للتفتيش الصيدلى أو من هيئة الرقابة والبحوث الدوائية؟»، مؤكداً أن غالب الصيدليات الصغيرة فى القرى «ليست لديها القدرة على شراء الدواء من شركات التوزيع، وهو ما يجعلها تلجأ إلى الشراء من المخازن بعد الاتفاق على تسهيلات ومدد محددة للسداد»، مشيراً إلى أن «الأدوية الشعبية بمصر هى الأكثر تهريبًا إلى الخارج»، مستشهداً بـ»قطرة (بروزيلين) التى تباع حالياً فى السودان وليبيا بأكثر من 250 جنيهاً «8 دولارات بسعر الصرف الرسمى».
ولأن الأمر بحسب الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بالبرلمان مسؤولية مجتمعية، ويجب وضع الأولويات، وجلوس كافة الأطراف مع بعضها البعض قد يساعد فى حل الأزمة، فى ضوء النقص الواضح فى عدد من الأدوية الطبية، ومطالبته هيئة الدواء أن تنشر بشكل دورى ويومى البدائل للأدوية الناقصة حال عدم وجود الدواء الأصلى، وكذلك مطالبته مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزير الصحة والجلوس مع هيئة الشراء الموحد وهيئة الدواء والبنك المركزى لتوفير الدولار للمستلزمات والأدوية المختلفة، فضلا عن أن تستمر مصانع الأدوية فى العمل والإنتاج.. ولكل ذلك ولاستمرار أزمة نقص الادوية كان من الضرورى البحث والتقصى عن الأسباب والحلول!
وخلال اجتماع جمال الليثى، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، بحضور وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، ومحافظ البنك المركزى، حسن عبدالله وجهات أخرى، بعث برسائل طمأنة للشعب المصرى، حول وجود حل يتمثل فى ضخ احتياجات السوق من العملة الأجنبية، لإنهاء أزمة نواقص الأدوية ومؤكدا أن نواقص الأدوية تتراوح بين 30% إلى 40% من الأدوية، وهو ما نسميه بالأمن الدوائى، لأنه هام للغاية سواء جسديا أو نفسيا بالنسبة للمريض.
وقال: «الأدوية التى تعانى من النقص، بعضها أدوية سكر وأخرى أدوية أورام وأدوية الغدد والقلب، وهى أدوية لها علاقة بالأمراض المزمنة، وهو ما يجرى تأمينه الآن، ونحن كمصانع نعمل بمخزون خامات يكفى 4 - 6 أشهر، وهذا المخزون وصل لأسابيع فقط، وبالتالى نحن الآن فى مرحلة المخاطرة، وبالتالى الحكومة بدأت فى التحرك».
وأضاف أنه يتم مساندة القطاع الصحى من خلال توفير موارد النقد الأجنبى لتوفير كافة الاحتياجات وفقًا لخطة تعامل مسبقة مع مثل هذه الظروف، مؤكدًا أهمية التنسيق الكامل بين هيئتى الشراء الموحد والدواء وغرفة صناعة الأدوية وكذلك شركات الأدوية، لمواجهة أى مشكلات تتعلق بنواقص المستلزمات والأدوية والمستهلكات الطبية. وكذلك عرض مفصل حول الالتزامات المٌنفذة وغير المنفذة فى الفترة من يونيو 2023 حتى يناير 2024، وذلك فيما يخص توفير (الأدوية، المستلزمات الطبية، مستلزمات المعامل، الأجهزة، المواد الخام ومواد التعبئة)، كما اطلع الوزير على نتائج الآليات المستقر عليها مع البنك المركزى المصرى لسداد الالتزامات بالنقد الأجنبى لتوفير مطالب قطاع الرعاية الصحية.
وفى النهاية أكد المتحدث الرسمى أن نواقص الأدوية لا تتجاوز نسبة 15% وتعد الأدوية الموجهة للأورام فى مقدمة النواقص لارتباطها الوثيق بالعملة وما يواجه سلاسل الإمداد وخلاف ذلك كافة الأدوية وداخلها متوافقة...وترجع الشكاوى فى مجملها لعدم تعارف المواطنين مع الأسماء التجارية للأدوية.
اضافة لما سبق،عجز ونقص شديد فى أدوية التخديرالنصفى وأدوية بنج الأسنان والبنج الكُلى وأدوية الإفاقة، وهو ما سيتسبب فى حدوث كارثة حقيقية تهدد إجراء العمليات الجراحية للمرضى، وبالتالى زيادة قوائم الانتظار بالمستشفيات وحدوث مضاعفات للمرضى قد تترتب عليها زهق ارواحهم.
وكشف على عوف رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية أنه سيتم التقدم بطلب لهيئة الدواء المصرية مطلع الأسبوع المقبل لتحريك أسعار 1500 صنف فى ضوء ما وصفه بتطورات الأوضاع وارتفاع التكاليف.
وأشار إلى «ضرورة رفع أجور العاملين فى قطاع الدواء لتعويضهم عن غلاء المعيشة وبالتالى لابد من رفع الرواتب حتى يستطيعوا التعايش فى الظروف الحالية وسوف يتحمل القطاع زيادة الرواتب على حساب التكلفة ورفع الحد الأدنى للتأمينات».
وحول نقص الأدوية، قال أمين الدبركى، أحد المتعاملين فى سوق الدواء، إن السبب الرئيسى فى الأزمة هو نقص المواد الفعالة التى تستوردها الشركات.. وهذا يرجع بشكل رئيسى لأزمة الدولار، بالاضافة لانسحاب بعض الشركات المالتى ناشيونال من سوق الدواء المصرى.
وحول عدم قدرة وزارة الصحة على تحريك أسعار الأدوية مع تحرك سعر الصرف، قال إن الحلول تتمثل فى تدخل الدولة عبر توفير دولار جمركى ثابت السعر لشركات الأدوية، مع تحريك أسعار الدواء، بالاضافة للبدء بافتتاح مصانع لانتاج المواد الفعالة داخل مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التهريب سوق الدواء المصرية المواطنون معاناة المرضى البديل المواطن من الأدویة تهریب ا وهو ما
إقرأ أيضاً:
الرئيس الكيني يزور مدينة الدواء المصرية
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، عمق وترابط العلاقات بين مصر وجمهورية كينيا، والتي تعد رمزا لالتزام القارة الإفريقية بالنهوض بالرعاية الصحية، والصناعات الدوائية، بالإضافة إلى وجود رؤية مشتركة للاستقرار والتنمية الإقليمية، مما يعزز من النمو الاقتصادي، والتبادل الثقافي، وتعزيز الشراكة التي تخدم مصالح كل من الدول والشعوب الإفريقية.
جاء ذلك خلال زيارة وليام روتو، رئيس جمهورية كينيا، وحرمة رايتشل روتو، لمدينة الدواء المصرية، حيث تفقدوا خطوط الإنتاج المختلفة، واطلعوا على مراحل تصنيع جميع المستلزمات الدوائية.
وأشار الدكتور خالد عبدالغفار، إلى أن مصر شهدت تطورًا ملحوظا في قطاع الرعاية الصحية على مدار السنوات الماضية، وذلك بفضل رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي للتغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030، والتى تتطلب إصلاحات جريئة، واستثمارات استراتيجية، وإعادة تشكيل مشهد الرعاية الصحية في مصر.
إنشاء ثلاثة كيانات مستقلة تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهوريةوأوضح الدكتور خالد عبدالغفار، أنه تم إنشاء ثلاثة كيانات مستقلة تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة والسكان، لتحقيق عصر جديد للتغطية الصحية الشاملة، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة، والمستدامة، وتمويلها بالمعايير والاعتماد الدولية، من خلال هيكل مالي قوي، وتتكفل الدولة بالمواطنين غير القادرين، فضلًا عن عوائد الاستثمار الاستراتيجي.
ونوه الدكتور خالد عبدالغفار، بأن ضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل، هو حجر الزاوية في استيراتيجية الدولة المصرية، منوهًا بأنه بالتوازي مع الإنجازات المالية، التي تم تحقيق تقدم ملحوظ في توسيع نطاق إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، إذ تضم شبكة التغطية الصحية الشاملة بنية تحتية واسعة النطاق من 415 منشأة، تخدم 4.8 مليون مستفيد في 6 محافظات، من خلال التعاون بين القطاعين الحكومي، والخاص، والدمج بينهم بما يضمن الكفاءة والتنوع والتميز في تقديم الخدمات.
ولفت الدكتور خالد عبدالغفار، إلى أن هذه الخطوة بمثابة شهادة على التزامات مصر العالمية والإقليمية الثابتة، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030، وجدول أعمال الاتحاد الأفريقي لعام 2063، ووضع معايير جديدة في الوصول الشامل للرعاية الصحية، وتحويل النظام، والتنمية المستدامة.
وكشف نائب رئيس مجلس الوزراء، أن تأثير تحول الرعاية الصحية في مصر يمتد إلى ما هو أبعد من تقديم الخدمات، وهو صناعة المستحضرات الدوائية في البلاد، والتي تعتبر واحدة من المحركات الرئيسية للاقتصاد المصري، ورائدة في سوق الرعاية الصحية الإقليمية مع أكثر من 175 مصنعا، و800 خط إنتاج باستخدام التقنيات المتقدمة، إذ تنتج مصر مجموعة واسعة من المنتجات الدوائية؛ مما يدل على الالتزام بابتكار الرعاية الصحية والاكتفاء الذاتي.
إنتاج 90% من المستحضرات الدوائية المسجلة محلياولفت نائب رئيس مجلس الوزراء، إلى تطور قطاع الأدوية إذ حصلت مصر عام 2024 على مستوى النضج الثالث في تصنيع الأدوية، كما يتم إنتاج 90% من المستحضرات الدوائية المسجلة محليا وفقا للمعايير الدولية، مما يدفع الصادرات إلى مليار دولار إلى أكثر من 84 دولة في جميع أنحاء العالم، مع توقعات أن تصل إلى 1.3 مليار دولار من خلال توسيع التسجيلات العالمية، إذ تتصدر مصر أكبر دولة مصدرة لسوق الدواء في الشرق الأوسط وأفريقيا.