«التعليم المفتوح» ينتصر على «عاشور»
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
من أيام قضت المحكمة الدستورية العليا، برفض الطعن المقدم من نقابة المحامين برقم 58 لسنة 38 - الذى رفعه سامح عاشور وقت أن كان نقيبا للمحامين - ضد قرار وزير التعليم العالى باعتماد لوائح مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، فيما يخص السماح لخريجى التعليم المفتوح من كليات الحقوق بالالتحاق بمهنة المحاماة.
كما ألزمت المحكمة، النقابة بدفع المصروفات وغرامة قدرها 200 جنيه.
وسبق أن قدمت النقابة العامة للمحامين 5 طعون ضد نظام التعليم المفتوح ككل بجميع الكليات التى تم إنشاؤها، وقد فصل فى أحد هذه الطعون عام 2021، إذ وقضت فى هذا الطعن بعدم قبول الطعن وإلزام النقابة المصروفات وغرامة 200 جنيه.
وأثناء الجلسة، تساءل الخريجون عن استخدام المحكمة الدستورية العليا الرخصة التى منحها لها قانون المحكمة، بالتصدى لشرط الثانوية العامة كشرط من شروط القيد، إذ أن هذا الشرط خالف الدستور المصرى 2012.
وأوضحوا أيضًا أن النقابة سطت على حق وزارة التعليم العالى فى إنشاء أنظمة تعليمية متقدمة تتناسب مع التقنيات الحديثة، والتقدم المجتمعى، والتكنولوجى، وسطت على حق وزارة التعليم العالى فى تقييم شهادتها.
أما عن القانون 147 لسنة 2019، فهو لا يسرى على الخريجين، وذلك بسبب تجميد النظام منذ عام 2017، ولم تقبل أى دارس جديد، ولكنه بحسب الأثر الفورى فهو لا يسرى إلا على من سيلتحق بكلية الحقوق بعد إقرار القانون رغم العوار التشريعى والعوار الدستورى وشبهة عدم الدستورية.
قال أحمد الصنبرى المحامى لـ«الوفد» أن الخريجين من كليات الحقوق يعانون من عدم القيد لأنها تقتل أحلامهم، فخلال 10 سنوات امتنعت النقابة عن قيد فئة واحدة بحجج واهية وقامت من تلقاء نفسها بتطبيق القانون باثر رجعى دون وجه حق، وخالفت بذلك الدستور ومارست على الخريجين عنصرية بغيضة ومارست التنمر فى ابشع صوره بل وتعدت على الخريجين بالإهانة والسب والقذف، وذلك ما ورد فى فيديوهات نشرها النقيب الأسبق سامح عاشور متهماً لهم بالجهل وعدم العلم وهو يعلم أن أكثرهم حصل على درجات علمية أعلى من الليسانس، إذا حصل بعضهم على دبلومات عليا فى القانون والبعض على الماجستير والبعض على درجة الدكتوراه، بينما لم يتخط هو درجة الليسانس ويصفهم بقليلى العلم ويتهمهم بالجهل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التعليم المفتوح عاشور المحكمة الدستورية العليا الطعن نقابة المحامين جامعة القاهرة ألزمت المحكمة النقابة العامة للمحامين
إقرأ أيضاً:
في الحاجة إلى تكريس الشرعية الدستورية في المجال السياسي العربي
تَعني "الشرعية الدستورية" تلك الحالة التي تصبح الوثيقة الدستورية خلالها الفيصل بين المواطنين، أفرادا وجماعات، والمرجع الذي لا مرد لقضائه بين الأجهزة بمختلف أنواعها ومراتبها. فالشرعية الدستورية هي أولا وأخيرا إرادة الانتصار للدستور وسلامة تطبيق أحكامه ومقتضياته، بيد أن تحقق "الشرعية الدستورية" بهذا المعنى، يستلزم جملة شروط ومتطلبات، منها ما له صلة بطبيعة الدولة والسلطة والثقافة السياسية الناظمة لهما، وأخرى ذات علاقة بالمجتمع ودرجة وعي أفراده ومكوناته. لذلك، شكلت المسألة الدستورية في البلاد التي تحقق تكريسها في المجال السياسي رهانا مجتمعيا على قدر كبير من الأهمية الثقافية والاستراتيجية، بل إن تاريخ نضالها من أجل الديمقراطية، ظل تاريخ صراع واختلاف وحوار من أجل التوافق حول الوثيقة الدستورية وآليات صيانة حرمتها على صعيد التطبيق والممارسة.
تعتبر الفكرة الدستورية بالمعنى المتداول اليوم ظاهرة مستحدثة في عموم البلاد العربية، حيث يرجع تاريخها إلى ستينيات القرن التاسع عشر، حيث ظهرت بعض الدساتير (تونس مثلا) في سياق بناء دولة التنظيمات في الولايات العثمانية، وقد أعقبتها أجيال أخرى من الدساتير مستهل القرن العشرين (المغرب)، ما بعد الحربين الأولى والثانية، ليلتحق بها ما تبقى من الدول العربية بموجة الدسترة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وقد دخلت البلاد العربية الألفية الجديدة موحدة في تبني فكرة الدستور، غير أنها استمرت بعيدة عن نظيراتها من الدول الديمقراطية في العالم، من حيث تكريس الشرعية الدستورية، وضمان احترامها على صعيد الممارسة.
تتحول "الشرعية الدستورية" في النهاية إلى صمام أمان من تعسف السلطات وانحرافها، وطغيان الأفراد وشططهم
تشترط "الشرعية الدستورية"، بالتحديد المشار إليه أعلاه، توافر سلسلة من المقومات والمبادئ والآليات. فمن جهة، تتحقق الشرعية الدستورية حين تكون الوثيقة الدستورية ذاتها نابعة من توافق المواطنين وإرادة تعبيراتهم السياسية والاجتماعية، ما يعني أن صياغة دستور ديمقراطي شرط لازم لتأكيد شرعية أحكامه على مستوى التطبيق. فحين يتم تغييب المجتمع عن عملية وضع الدستور، أو إشراكه بشكل رمزي أو صوري ومحدود، تضعف حظوظ تحقق الشرعية الدستورية، وتتعذر شروط تكريسها. وقد أثبتت تجارب مجمل البلاد العربية صحة هذا المعطى في واقع ممارسة النظم السياسية وطرق معالجتها للشأن العام، وتبدو الحاجة ماسة إلى إيلاء أهمية خاصة لمفهوم التعاقد في إعادة تأسيس الفكرة الدستورية في المجال السياسي العربي.
ويقتضي تحقق الشرعية الدستورية، من جهة ثانية، علاوة على مطلب الدستور الديمقراطي، وجود مؤسسات لضمان عُلوية الدستور وسموه، وفرض احترام تطبيق أحكامه من قبل الأفراد والجماعات والهيئات الإدارية والقضائية، وهو ما يستلزم وجود فصل واضح وسليم ومتكافئ للسلطات، وقضاء مستقل ونزيه وعادل، وثقافة مدنية وسياسية حاضنة لمثل هذه المفاهيم والمقومات الناظمة لمؤسسات الدولة من جهة، ولعلاقة هذه الأخيرة بالمجتمع وتعبيراته من جهة ثانية.
فهكذا، تتحول "الشرعية الدستورية" في النهاية إلى صمام أمان من تعسف السلطات وانحرافها، وطغيان الأفراد وشططهم. ومن الجدير بالملاحظة أن الدول التي ترسخت الشرعية الدستورية في مجالها السياسي العام، قطعت مراحل مهمة في تحويل الديمقراطية من مجرد مفهوم أو شعار إلى قيمة مشتركة على صعيد الدولة والمجتمع، وتقدم التجارب الدستورية المعاصرة نماذج عن هذا التحول في إدراك الشأن العام ولاجتهاد في تدبيره ديمقراطيا.
هكذا، عاش الفرنسيون، على سبيل المثال، قرابة قرن من الصراع (1789-1879) ليجترحوا لأنفسهم منظومة من القيم الدستورية، ويتوافقوا حولها من أجل بناء إطار محدد وواضح لإذكاء روح ثورتهم وإعمال مبادئها على صعيد الممارسة، فكان الاهتداء إلى النظام الجمهوري، فلسفة وقيما وقواعد، بعدما جربوا أصنافا من النظم، تراوحت بين الملكيات والإمبراطوريات والجمهوريات ونظام القناصل، والأمر نفسه ينسحب على "أم البرلمانية الديمقراطية" بريطانيا. وقدمت إسبانيا خلال الربع الأخير من القرن العشرين، تكريس الشرعية الدستورية وانغراسها في المجال السياسي العربي رهينان بمدى قدرة البلاد العربية على تحويل "دولة الثقب الأسود"، كما نعتها تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004، إلى دولة العيش المشترك، المؤسس على قيم المواطنة الكاملة، والحوار والتوافق حول أساسيات سياسة وتدبير الشأن العام، وآليات احترامها على صعيد التطبيق والممارسةمثالا حديثا عن قدرة الدول والشعوب على البناء الديمقراطي حين تتوافر شروطه ومستلزماته، غير أن الخيط الناظم لهذه الأمثلة الثلاثة، على تباعدها في الزمن، يكمن في توافق الدولة والمجتمع على وثيقة الدستور، والالتزام الجماعي برعاية سلامة أحكامها ومقتضياتها.
تُقدم البلاد العربية، وإن بدرجات مختلفة، حالة مغايرة عن واقع "الشرعية الدستورية" في التجارب السياسية المشار إليها أعلاه، بل إن وضع المسألة الدستورية في مراتب الدستورانيات المعاصرة، أي حركات تقييد السلطة بالدستور، لا يبعث على الارتياح في مجمل النظم السياسية العربية، لاعتبارات تاريخية وثقافية خاصة بالموروث العربي المشترك في مجال تدبير الشأن العام، ولأسباب موضوعية ذات صلة بالأطر القانونية والحقوقية والمؤسسية الحاكمة لعلاقة الدولة بالمجتمع.
إن تكريس الشرعية الدستورية وانغراسها في المجال السياسي العربي رهينان بمدى قدرة البلاد العربية على تحويل "دولة الثقب الأسود"، كما نعتها تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004، إلى دولة العيش المشترك، المؤسس على قيم المواطنة الكاملة، والحوار والتوافق حول أساسيات سياسة وتدبير الشأن العام، وآليات احترامها على صعيد التطبيق والممارسة. فمن المفارقات اللافتة التحاق كل الدول العربية بركب حركات الدسترة (Constitutionnalisation) في العالم، حتى التي تأخرت، لسبب أو لآخر، في الأخذ بفكرة الدستور، غير أن قليلا منها من تمكن من خلق شروط التوافق حول الوثيقة الدستورية، والتزم بجعبها فيصلا بين الجميع، دولة ومجتمعا، أي تحويل الدستور وسموه إلى قيمة سياسية ومجتمعية مشتركة.