في رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مقترح إطار اتفاق للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على 3 مراحل، أدرجت الحركة ضمن مطالبها: وقف عدوان واقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، وعودة الأوضاع فيه إلى ما كانت عليه قبل 2002.

وبالعودة إلى مسار انتقال صلاحية دخول الأقصى لغير المسلمين من دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إلى الشرطة الإسرائيلية عبر باب المغاربة قسرا، فإن السياح كانوا يشترون تذاكر زيارة المسجد من دائرة الأوقاف حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2000 عندما اقتحم رئيس الوزراء السابق أرييل شارون المسجد الأقصى.

ومن ذلك الحين أُغلق المسجد أمام السياح والمستوطنين، الذين كانوا يندسّون بينهم بشكل عشوائي غير منظم ودون حراسة من الشرطة الإسرائيلية حتى 2003 الذي بدأ بحلوله اقتحام اليهود المتطرفين للأقصى بقرار قضائي.

"خط أحمر"

ومنذ ذلك الوقت، بدأ المتطرفون يعوّلون على التقدم بشكل تدريجي، فانطلقوا بالاقتحامات الفردية ثم الجماعية في 2006، حتى وصل الحال الآن إلى تأدية كامل "الطقوس التوراتية" علانية في ساحات المسجد أثناء مسار الاقتحامات.

هذه الاستفزازات لم تشعل ساحة الأقصى والقدس فحسب، بل اندلعت لأجلها العديد من الهبّات الشعبية واشتعل قطاع غزة والضفة الغربية بسببها، حتى أطلقت حركة حماس على المعركة الحالية اسم "طوفان الأقصى" موجّهة رسالة -في الساعة الأولى لانطلاقها- بضرورة رفع الاحتلال يده عن هذا المسجد الأقصى.

وكما حضر المسجد في لحظة المعركة الأولى، يحضر الآن في شروط التهدئة. وعن إدراجه ضمن الشروط، قال الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إنه في مقابل التعنت الإسرائيلي ورفع سقف الاشتراطات واللاءات، والذهاب باتجاه عودة الاستيطان لقطاع غزة وتهجير الفلسطيني منه، كان لا بد من مواجهة هذه السردية والتعنت برفع سقف الاشتراطات الفلسطينية، لتلافي سقف التحديات الإسرائيلية.

وقال محمد هلسة في حديث للجزيرة نت "لا يعقل أن يذهب الإسرائيلي لاشتراط محو الفلسطيني وإقصائه في إطار هذه الحرب، ثم تبقى القضايا المطلبية الفلسطينية تتعلق بالأسرى وقطاع غزة وعودة النازحين".

وأضاف الأكاديمي المقدسي أن هذا الاشتراط يضفي على المعركة الدائرة حاليا منحى شرعيا آخر في سياق المجتمع الفلسطيني والعربي ككل؛ "لأن معركتنا ليست قضية تحرير الأسرى، وتحسين شروط الحياة في غزة فقط".

وتابع "بل هناك شيء آخر مهم هو أن المعركة سُمّيت "طوفان الأقصى"، ومن ثم لا معنى لاستثناء هذا المقدس، وما يجري فيه من ملاحقة وإساءة واقتحامات وتغول استيطاني ومخابراتي إسرائيلي، من إطار الصفقة".

انتحار لحكومة اليمين

وفي إجابته عن سؤال ما إذا كان الإسرائيلي سيتقبل ويتعاطى مع هذا الشرط، أوضح الخبير محمد هلسة أن مفاوضات ستُجرى، وهناك أخذ ورد في هذه القضايا.

ويعتقد أن الإسرائيلي الذي يدير الظهر للشروط المتعلقة بأعداد ونوعية الأسرى المفرج عنهم ووقف الحرب ويعدّها استسلاما، فكيف إذا كان الحديث عن قضية الأقصى والاقتحامات التي سيعدّ التعاطي الإيجابي معها هو انتحار لحكومة اليمين، التي ترفع شعار اقتحام الأقصى وتحويله إلى مكان "تلمودي توراتي".

ولذا، يرجح محمد هلسة أن يأتي الموقف الإسرائيلي في صيغة لاءات مطلقة، ولكنه قال "المقاومة لديها كلمتها وشروطها ولا أحد يعرف إلى أين ستذهب الأمور، في سياق التفاوض بين الأطراف المختلفة بهذا الشأن".

ويرى أن هذه المطالب السياسية ستصب الزيت على النار؛ لأن هناك أصواتا إسرائيلية تطالب بمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتدعو إلى إبادة السكان، وتقول إنه ليس هناك مدنيون وتضع الجميع في سلة واحدة، لذلك لا شك أنها ستذهب لرفض هذه القضايا.

ولكن على الجانب الآخر، فإن طرح هذه القضية مهم بالنسبة للمقاومة؛ لأنها ربما تحصد، في إطار التفاهمات الأوسع مع الإقليم والمنطقة، مكاسب لإعادة ترتيب المشهد وتخفيف حدة الانتهاكات في المسجد الأقصى.

تجريم

يُذكر أنه ضمن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المكونة من 31 وزيرا، هناك 16 يُحسبون على كتلة "جماعات الهيكل"؛ لأنهم يتبنون مقولاتها ويعملون على تحقيقها.

وحسب مقابلة سابقة أجرتها الجزيرة نت مع الباحث في شؤون القدس زياد بحيص، فإن هذا يعني أن هؤلاء الوزراء يؤيدون بناء "الهيكل" المزعوم مكان الأقصى، ويعملون كل ما يستطيعون لتحويله من مكان مقدس إسلامي خالص إلى مشترك، مع توظيف كل إمكانات الدولة العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية لتحقيق ذلك.

وأضاف أن أول نائب لتيار "الصهيونية" كان مائير كاهانا، الذي دخل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في 1984، وعندما قرر الترشح للانتخابات في 1988 سُنّ قانون خاص لمنعه من ذلك، وكان هناك اتفاق على تجريم فكرة "الصهيونية الدينية" وإبقائها خارج المشهد السياسي.

ثم عاد هذا التيار واستعاد قدرته على دخول الكنيست في 2002 من خلال الحزب القومي الديني، ومنذ ذلك الحين تصاعد حضور "جماعات الهيكل" في الحكومات المتعاقبة.

و"الصهيونية الدينية" هي طيف سياسي يميل لعدم المشاركة في الحكومة، بل لتشكيل مليشيات تفرض آراءها متّخذة الدولة غطاء لها. لكن في فكرة إقامة "الهيكل" تحديدا، حاولت الجماعات اختراق المجتمع والأنظمة السياسية من خلال منظمات رسمية مرخصة، وفق زياد.

وشكلت المنظمات والحركات المشتتة في 2013 "اتحاد منظمات الهيكل"، وبلغ عددها في ذلك العام 24 مؤسسة. أما اليوم فتندرج تحت مظلة الاتحاد 47 مؤسسة، مما يؤكد التصاعد التدريجي لمنظومة مؤسسات "الهيكل"، من ناحية العدد والتنظيم والتماسك والقدرة على حشد التمويل، بالتزامن مع القدرة على الصعود النيابي والحكومي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال

اقتحم عشرات المستوطنين، اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس الشرقية المحتلة وسط الضفة الغربية، تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، بأن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية، بحماية قوات الاحتلال، موضحة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شددت إجراءاتها العسكرية عند أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وفرضت قيودا على دخول المصلين الفلسطينيين.

وفي سياق الأعمال الاستفزازية للاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت القوات اليوم شرق مدينة نابلس، حيث اقتحم عدد من المركبات العسكرية منطقة الضاحية، وبلاطة البلد شرق نابلس، وتم مداهمة عدد من المنازل، وتفتيشها والعبث بمحتوياتها.

وأوضحت الوكالة أن قوات الاحتلال احتجزت 4 فلسطينيين لفترة من الوقت، ثم أفرجت عنهم، ولم يبلغ عن اعتقالات، مشيرة إلى أن القوات أغلقت اليوم الشارع الرئيسي الواصل بين محافظتي رام الله ونابلس، مبينة أن الاحتلال أغلق الطريق الرئيسي بين المدينتين من مفترق اللبن الشرقية حتى مدخل بلدة ترمسعيا.

وأشارت إلى أن الاحتلال منع مركبات الفلسطينيين من المرور، بحجة تأمين مسيرة للمستوطنين في الشارع المذكور.

وفي ذات السياق، شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، إجراءاتها العسكرية على حاجز الحمرا العسكري في الأغوار الشمالي، في كلا الاتجاهين، وأعاقت مرور المركبات لوصول المواطنين إلى أماكن عملهم.

يذكر أنه منذ عامين عادت التشديدات العسكرية على الحاجز المذكور، ما رافقه من انعكاسات سلبية على حياة المواطنين، وإعاقة وصولهم إلى أماكن عملهم، والحاجز المقام عند مفترق طرق يربط مدن الضفة الغربية، بالأغوار الفلسطينية، أحد المنافذ الرئيسية التي من خلالها يحاول المواطنون التنقل بين محافظات الضفة الغربية، والأغوار.

وفي سياق متصل، استشهد فلسطيني وأصيب آخر اليوم الأربعاء، إثر استهداف الاحتلال منزلا شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية بوصول شهيد وإصابة إلى مجمع ناصر الطبي جراء القصف الإسرائيلي على بلدة بني سهيلا، بعد استهداف الطيران الحربي منزلا لعائلة البريم فجر اليوم وسط بلدة بني سهيلا.

كما أصيب فلسطيني من سكان بلدة دير الغصون شمال طولكرم، الليلة الماضية، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالقرب من جدار الفصل والتوسع العنصري المقام على أراضي بلدة زيتا شمال طولكرم.

اقرأ أيضاًعشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي

عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال

مقالات مشابهة

  • الواقع المأساوي في المسجد الأقصى
  • قفزة هائلة بمعدل اقتحامات المستوطنين للأقصى.. تصاعد دعوات إقامة الهيكل المزعوم
  • في ذكرى النكبة.. الأعلام الإسرائيلية تغزو القدس والمستوطنون يتوعدون الأقصى
  • مستوطنون يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال
  • بذكرى النكبة.. إغراق القدس بأعلام إسرائيل ومستوطنون يتوعدون الأقصى
  • مستوطنون صهاينة يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات الصهاينة يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات العدو
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى