عبد الله على إبراهيم واتهام الحزب الشيوعي بالعمالة للروس (1 – 2)
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
صديق الزيلعي
قولني عبد الله على إبراهيم ما لم أقله. كتب في مقاله المنشور بالأمس في سودانايل تعليقا على موضوع تلقي تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) تمويلا خارجيا، ناقدا ما طرحته رشا عوض، ثم أقحم اسمي، بلا دليل، مدعيا أنني وصفت الحزب الشيوعي السوداني بالعمالة للاتحاد السوفيتي السابق. سأجتهد في هذا المقال أن أوضح موقفي من قضية التمويل، ثم أرد على ادعاء عبد الله على ابراهيم، وأختم بتبيان موقفي من، جوهر، علاقتنا بالتجربة السوفيتية.
قضية التمويل الأجنبي، تعتبر من القضايا السياسية التي تتميز بحساسية عاتية، لدى الشعوب. هي مسألة ترتبط بقضايا العزة الوطنية، واستقلالية الوطن، والعداء للعمالة للأجنبي، ورفض تدخل الآخرين في قضايانا الداخلية. كل هذه العوامل، مجتمعة، جعلتها محور نقاشات واسعة وحادة، خلال الأيام الماضية.
الصراع السياسي في بلدنا، الذي أدى لانقسامات حادة، أثر سلبا على أي حوار عقلاني حول المسألة. صعدت الآلة الإعلامية للاسلامويين موضوع التمويل لاتهام الآخرين بالعمالة. متناسين انهم، خلال عهد مايو تدربوا في معسكرات في اثيوبيا، في ظل حكم مانغستو، ثم انتقلوا مع الجبهة الوطنية الي معسكرات في ليبيا، وصرف عليها القذافي بسخاء.
المهم، خلاصة المسألة، لا يمكن دمغ كل المنظمات العالمية بالتآمر والمخابرات والبحث عن عملاء، ومخالب قط في بلادها. من يطلع على التاريخ الرديء للمخابرات الامريكية، يعرف ان من أهم أسس عملهم السرية، والا تنكشف عملياتهم، اثناء تنفيذها. لذلك ليس جميع المنظمات بهذا السوء، الذي يصفهم به البعض. الأهم ان أي أموال بغرض فرض اجندة خارجية لن تمر على وعي الجماهير، واحزابها، وصحافتها، ونقاباتها. ومعركتنا من اجل استقلالية القرار السابق، لم تبدأ مع تقدم، ولن تنتهي الا بعد ازمان وقيام نظام مدني حقيقي وبرلمان منتخب له القدرة على محاسبة الحكومة، بل واسقاطها.
البروف عبد الله على إبراهيم مؤرخ معروف، له اهتمام معلوم بتاريخ الحزب الشيوعي السوداني. هذه الصفة تجعل لكل ما يكتبه عن الحزب الشيوعي مصداقية هائلة. وفي ظل صراعات مجموعات الواتساب، والتدهور الكبير الذي تم في منهج واسلوب الحوارات، وسرعة إطلاق احكام التخوين، يصبح إيضاح المسألة قضية هامة. كتب عبد الله على إبراهيم في نقدة لرشا عوض وحديثه عن التمويل، وقام بلا سبب في اقحام اسمي وتقولي ما لم اقله:
" في الرد على صديق الزيلعي الذي طاف به طائف يوماً اتهم الحزب فيه بالعمالة للسوفيات. وجئت في ردي عليه بأن جوهر استقلالنا عن السوفيات كان في حرصنا أن نستقل بموارد نشاطنا. ومن فوق هذا الاستقلال ناجزنا الرفاق الروس مثني وثلاث ورباع."
النقطة الأساسية هي لم يذكر عبد الله على إبراهيم اين كتبت هذا الكلام. والأمانة العلمية تقتضي الإشارة للمقال أو الكتاب الذي ورد فيه ذلك الاتهام. عند طرح ذلك يصبح الحوار موضوعيا، ويفيد القراء بعرض رؤى مختلفة امامهم، وبمنهج سليم وأمين. مقالاتي موجودة في أرشيف سودانايل، والكتب التي تعرضت فيها للحزب الشيوعي السوداني ، في علاقته بالحركة الشيوعية العالمية او الاتحاد السوفيتي هي ثلاث كطتب: هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ ، وثائق تحكي تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، اليسار السوداني والثورة الروسية.
موقفي من التجربة السوفيتية، وتأثيرها على الحركة الشيوعية العالمية، معروف ومنشور. وكنت اكرر انها تجربة كبيرة وعظيمة غيرت وجه القرن العشرين، وبنفس حجم ضخامتها فان انهيارها الكبير اثبت نقاط ضعفها وأسباب فشلها. وطرحت ان على اليساريين في كل العالم ان يتعلموا الدروس من انهيارها، والا يعيدوا تكرار نفس نموذج التجربة.
أما الحزب الشيوعي السوداني فهو جزء لا يتجزأ من الحركة الشيوعية العالمية، التي كان الاتحاد السوفيتي السابق ربانها، ونموذجها الذي يحتذي. ورغم ان الشيوعيين السودانيين قد اختلفوا مع الروس في بعض القضايا الا انهم كانوا حلفاء للحزب الشيوعي السوفيتي في معظم القضايا والمواقف العالمية.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی السودانی عبد الله على إبراهیم
إقرأ أيضاً:
بيئة الحزب تلوِّح بأشكال جديدة من المقاومة
كتب طوني عيسى في" الجمهورية: في الأيام الأخيرة، صدرت عن إسرائيل و"حزب الله" مواقف ضبابية تتعلق بتصور كل منهما لما بعد انتهاء مهلة ال 60 يوماً. واللافت هو السيناريو الذي بدأ تداوله في شكل مكثف داخل بيئة "حزب الله" في حال عدم انسحاب الإسرائيليين، وهو الأول من نوعه. يقول القريبون من "الحزب": إذا بقي احتلال إسرائيلي لأرض الجنوب، بعد انتهاء المهلة، فستكون هناك بالتأكيد مقاومة له.
وقد تتحرّك هذه المقاومة تحت أشكال وتسميات جديدة، بمعزل عن ارتباطها تنظيمياً ب "حزب الله" أو عدم ارتباطها به. ويستند هذا التصوّر إلى أنّ العمل المسلح ضدّ إسرائيل سيكون مشروعاً، لأنّه يرتكز إلى القوانين الدولية التي تقول بحق استخدام أي شعب لكل أشكال المقاومة، بما فيها المسلحة، إذا تعرضت أرضه للاحتلال.
وسط هذه الضبابية والتناقضات، ينتظر لبنان يوم 26 كانون الثاني على صفيح ساخن. والتحدّي الأكبر هو ما ستفعله الحكومة اللبنانية التي يُتوقع تشكيلها قبل هذا الموعد، والقرار الذي ستُكلّف الجيش بتنفيذه. فهذه الحكومة تتعرّض، قبل أن تولد، لضغط واضح من جانب "الثنائي الشيعي" لكي تأخذ على عاتقها إلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل. وفي المقابل، هي تتعرّض للابتزاز الإسرائيلي: إما أن تتصرّفوا بحزم لإرغام "حزب الله" على إخلاء جنوب الليطاني ونشر الجيش، وإما أن نأخذ على عاتقنا نحن القيام دائماً بضرب المواقع، كما يحصل حتى اليوم، ويبقى انسحابنا الكامل رهناً باستكمال هذه المهمة. طبعاً، الحكومة اللبنانية ليست محايدة في هذه المسألة، وهدفها إعادة الجنوب محرّراً كما كان قبل "حرب المساندة". لكن لبنان لا يمتلك القوة التي تسمح له بالتمادي في مواجهة إسرائيل، في ظل الانهيار ونتيجة للحرب المدمّرة. وستحاول الحكومة الاستفادة مما تملكه من أوراق، وأبرزها العلاقة الجيدة مع الولايات المتحدة التي أعلنت بوضوح رغبتها في انسحاب إسرائيل السريع والكامل. لكن واشنطن التي ترأس لجنة المراقبة، هي أيضاً الداعم الأكبر لإسرائيل منذ نشوئها. ويخشى البعض وقوع الجانب اللبناني في وضعية الإرباك عند انتهاء المهلة. فيبدو لبنان الرسمي وكأنّه فشل في ضمان انسحاب إسرائيل الذي يطالب به "الحزب". ومن جهتها، تعلن إسرائيل أنّ لبنان الرسمي لم يفِ بالتزامه نشر الجيش في كامل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني. المعلومات المتوافرة تفيد أنّ لبنان الرسمي، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وحكومة تصريف الأعمال، يكثف الاتصالات في الداخل ومع الولايات المتحدة وفرنسا، لوضع الجميع في الصورة وتدارك الوصول إلى الحائط المسدود فجأة بعد نحو أسبوع.