لجريدة عمان:
2024-11-22@18:16:54 GMT

هوامش ومتون :صخرة المعراج

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

في السنوات الأخيرة من حياته، نهل الشاعر بدر شاكر السيّاب (1926م البصرة -1964م الكويت) من الموروث الديني، ليؤثّث نصوصه بالروحانيّات التي غمرته في رحلة المرض والألم، فاستحضر شخصية النبي (أيوب) (عليه السلام) ليسقط عليه معاناته، مقتديا بصبره على المرض، في قصيدته (سفر أيّوب) المنشورة في ديوانه (منزل الأقنان) ويعود تاريخ كتابته لها إلى السادس والعشرين من ديسمبر 1962 أي قبل وفاته بعامين، ولو دقّقنا في النص لوجدنا الشاعر يبتهل به في المقطع الأول إلى الخالق بروح مطمئنة:

لكَ الحمدُ مهما استطال البلاء

ومهما استبدَّ الألم

لكَ الحمدُ إن الرزايا عطاء

وإن المَصيبات بعض الكرَم

وكلّما توغّلنا في النص نرى فيضًا من روحانيّات أعطت للنص بعدًا فنّيًّا، يقول الشاعر خزعل الماجدي «يصبح الشاعر عظيمًا كلما اقترب من المعنى الروحي الذي يغذّي الدين والشعر والفن»، وقد اقترب السيّاب كثيرًا من هذا المعنى، خصوصًا أنه نشأ في بيئة لم تكسر نخيلها رياح الأفكار الوافدة من الغرب في توجهاته اليسارية، آنذاك، وأعني أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، ورغم الشهور الطوال التي ظلّ السيّاب يعاني خلالها من المرض، لم يجزع ولم يتذمّر، بل عدّ تلك الآلام هدايا الرب التي ينبغي على الإنسان أن يتقبّلها منتصرًا على الألم:

ولكنّ أيّوب إن صاح صاح

لك الحمد، إن الرزايا ندى

وإنّ الجراح هدايا الحبيب

أضم إلى الصدر باقتها

هداياكَ في خافقي لاتَغيب

هاتها .

. هداياكَ مقبولةُ

أشد جراحي وأهتف

بالعائدين

ألا فانظروا واحسدوني

فهذى هدايا حبيبي

هذا الحسّ الإيماني ليس بالغريب على السيّاب، الذي كتب قصيدة في المديح النبوي، ألقاها في أحد مساجد بغداد عام 1961 حملت عنوان (مولد المختار) في مرحلة شهد بها تحوّلًا فكريًا، فانتقل من التوجّهات اليسارية إلى التوجهات القوميّة، جاء في مطلعها:

دموع اليتامى في دجى الليل تقطر

ونوح الثكالى عاصف فيه يصفر

نبيّ الهدى يا نفحة الله للورى

ويا خير ما جاد الزمان المقتّرُ

وهي قصيدة من حوالي أربعين بيتا، عاد فيها للكتابة وفق نظام الشطرين، بما يتناسب مع المناسبة، ولم يكتفِ بالروحانيّات والمديح النبوي، بل تطرّق إلى قضايا عربية كثيرة كانت تشغل الشارع العربي والعراقي، ومن بينها القضية الفلسطينية، والمسجد الأقصى:

فيا صخرة المعراج قد سدّ بالدجى

وبالإثم منا فيك شقّ ومعبر

فما عاد بين الله والناس منذ

كأنْ حلّ بالأرض العذاب المسعّر

وعاث ببيت الله فدمٌ مشرّدٌ

كأن فلسطين المدمّاة خيبر

كأن لم يسر طه إليها ولا دحا

أبو حسن من بابها فهي تصفر

ومازال في وهران والأرض حولها

علوج أباحوا واستباحوا ودمّروا

وفي المقطع الأخير، يطلب السيّاب فيها من نبي الرحمة الشفاعة، ويتكلّم بلغة من يشعر بعظم الذنوب، كما قال أبو نوّاس:

يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً

فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ

بل أن السيّاب يقرّ بأنه «تمرّس بالآثام» وها هو يطلب الشفاعة من سيّد الأنام في يوم مولده الأغرّ:

نبيَّ الهدى، كنْ لي لدى الله شافعا

فإني، ككلِّ الناس، عانٍ محيرُ

تمرَّسْتُ بالآثامِ حتى تهدَّمتْ

ضلوعي، وحتى جنَّتي ليس تثمرُ

ولكنّ من ينجدْه طه فقد نجا

ومن يهدِه -والله- هيهات يخسرُ

ولو دقّقنا في شعر السيّاب، في تلك الفترة، لوجدناه غزيرًا بالمعاني الروحية، مع علمنا أن المرض يجعل الإنسان لا يجد ملاذا يحتمي به سوى الإيمان بالله، فقصيدته (مولد المختار) كتبها قبل دخوله في دوّامة المرض، فقد عاد فيها لفطرته الإنسانيّة وقد عزّز التحوّل الفكري الذي مرّ به، ذلك، فتجلّت حروفه وهو يرتقي صخرة المعراج.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري: «إعلام مصر الوطني صخرة صلبة يتحطم عليها كل دعاة الإفك»

قال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب: إن حرب الشائعات والأكاذيب لا تتوقف ضد إعلامنا الوطني ومؤسساته المهنية، مؤكدًا أنها «حرب نعرف أغراضها وأهدافها».

وأوضح مصطفى بكري، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة (إكس)، أنه بعد الحملة المسمومة ضد مؤسسات الدولة جاء الدور علي الذراع الإعلامي الذي تصدى وفضح مخططات المتآمرين، ووقف حجر عثرة أمام مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وقدم أروع المسلسلات والأفلام الوطنية والإجتماعية الهادفة.

ووجه بكري، رسالة إلى الخونة والمتآمرين الذين دأبوا على ترديد هذه الشائعات، قال فيها: «يظنون أنهم قادرون بأكاذيبهم المفضوحة علي النيل من إعلامنا الوطني ومؤسساته المهنية، إلا أنهم فوجئوا أنهم يحرثون في البحر، ذلك أن هذه الأذرع التي تحولت إلى مؤسسات راسخة تصدت لكل الأكاذيب، وتؤكد يومًا تلو الآخر أنها صخرة صلبة، يتحطم عليها كل دعاة الإفك».

ووصف مصطفى بكري، «دعاة الإفك»، بأنهم إما متآمر فاسد يسعي إلى التشكيك لحساب أجندة خارجية، وإما لحساب الجماعة الإرهابية التي نجح الإعلام المصري في فضح مخططاتها، وإما تيار (عبده مشتاق) صاحب نظرية «يا فيها يا اخفيها»، وهذا تيار يضم المنتفعين والإنتهازيين والحاقدين.

وأكد عضو مجلس النواب، أنه رغم الشائعات التي ملأوا الدنيا بها ضجيجًا، إلا أنهم عجزوا عن أن يقدموا دليلًا واحدًا عن صحة إدعاءاتهم الكاذبة، ففشلت حملاتهم وكشفت ألاعيبهم.

اقرأ أيضاًمصطفى بكري في ذكرى استشهاد محمد مبروك: «بطل.. افتدى الوطن بحياته»

مصطفى بكري: نرحب بضيوف مصر وقانون لجوء الأجانب حماية لحقوق الإنسان

مقالات مشابهة

  • هل المرض بعد المعصية عقاب إلهي حتى بعد التوبة؟ أمين الفتوى يكشف الحقيقة
  • جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
  • الموت يغيب الشاعر السوداني محمد مريخة صاحب «طبيق العسل»
  • وزارة الأشغال العمومية تحسم الجدل حول دفع الرسوم بالطريق السيّار
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • صواريخ حزب الله أصابت مبنى في إسرائيل... شاهدوا حجم الدمار الذي لحق به (فيديو)
  • الجزائرية للطرق السيّارة تُحذّر مستعملي هذا الطريق
  • حزب الله يكشف تفاصيل الكمين الذي أوقع به “لواء جولاني”
  • أغرب أنواع الصخور في العالم.. منها رخاميات الشيطان
  • مصطفى بكري: «إعلام مصر الوطني صخرة صلبة يتحطم عليها كل دعاة الإفك»