نظرا لتعامل الإنسان مع وسائل التكنولوچيا المختلفة، فإنه من الطبيعي أن يصاب بإدمان الشئ الذي اعتاد عليه.

ولكن مفهوم الإدمان تغير كثيرا عن الماضي فلم يعد مقتصرا على الكحوليات بل تطور الأمر حتى وصل إلى الإنترنت أيا كان محتواه سواء منصات التواصل الاجتماعية أو الألعاب أو برامج المحادثات.

ومع مرور الوقت وانتشار التكنولوجيا شكل خطورة كبيرة على سلوكيات المجتمع، وأدى إلى اضطراب مرضي يحدث للأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة غير مجدية أمام الإنترنت ويكون من الصعب الابتعاد عنها، حيث يؤثر هذا الاضطراب سلبا على الحياة الاجتماعية، ويمنع الشخص من ممارسة حياته بشكل طبيعي.

ولم يكن استخدام الإنترنت مستهدفا فئة عمرية معينة بل أصبح وسيلة ترفيهية خطيرة بالنسبة للأطفال المعتادين استخدامه بشكل يومي مما يعرضهم لمحتوى غير مناسب كالعنف والمواقع الإباحية وهو ما يؤدي إلى الفساد الأخلاقي للأطفال ويؤثر على تربيتهم، فلا خلاف على أن هناك أعدادا كبيرة يسرفون في استخدام الإنترنت، وذلك يؤثر على حياتهم الشخصية ويعرضهم إلى إهمال كبير في عملهم أو دراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية.

إيجابيات وسلبيات الإنترنت

قال الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إن لظهور الإنترنت نوعين من التأثير إحداهما إيجابي ساهم في تسهيل الأشياء التي كانت صعبة على الناس في الأمور التكنولوجية الحديثة وتحسين النمو الاقتصادي فقد استطاع البشر تطوير الإنترنت في كثير من المجالات الصناعية والاقتصادية والسياسية.

وأضاف فرويز في تصريحات لـ«الأسبوع»، أن التأثير السلبي للإنترنت كان له ظهور كبير في مختلف المجتمعات فأثر على الجانب النفسي للفرد.

وأوضح «فرويز»، أن من أكثر الأمور التي كان تأثير الإنترنت إيجابيا عليها، هو زيادة الاتصال والتواصل بين أفراد المجتمعات وسرعة تناقل الثقافات في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن سهولة نشر الأخبار وتواصل الحكومات مع شعبها لتوجيه المواطنين دائما بالقوانين والتشريعات المطلوب تنفيذها.

وكشف «فرويز»، أن الإنترنت كان وسيلة مهمة في الجانب السياحي بالتطبيقات التي سهلت معرفة المعلومات والأماكن السياحية في العالم، بالإضافة إلى جانب التعليم الذي أكد أنه ساعد الطلاب في معرفة العلوم المختلفة بكل سهولة من المنزل وسهولة الانضمام إلى المؤتمرات وإمكانية تكوين صداقات في نفس المجال العلمي مع زيادة التعاون بين الأفراد وأوضح انه ساعد في تطوير المناهج وتزويدها بالمعلومات المهمة.

وحذر استشاري الطب النفسي، من التأثير السلبي لاستخدام الإنترنت قائلا: رغم الإيجابية يوجد أشياء سلبية مؤثرة على المجتمع علينا الحذر منها، فالإنترنت كان سبب لتدني مستوى الأخلاق في المجتمع وساعد على نشر الشائعات والفساد، مؤكدا أن الشائعات لها تأثير كبير على حياة الإنسان وتسبب له مشاكل نفسية واجتماعية، موضحا أن الاستخدام الخاطئ للإنترنت شجع على وجود الجرائم والرذيلة بسبب بعض الأفلام والمسلسلات التي تحث على الفساد الأخلاقي.

وأشار إلى أن الإنترنت أثر على جانب التعليم في تقليل دور المعلم والتقليل من السعي وراء المعلومات فلم تعد للكتب أهمية بسبب استخدام الإنترنت.

وأكد «فرويز» على وجود حيل للخداع عبر الإنترنت عن طريق النصب على المواطنين بمواقع مختلفة أو شيئا اخر يسمى الاحتيال العاطفي قائلا: أن هناك أشخاصا تتلاعب لكسب ثقة شخص آخر حتى يتمكن في النهاية إما من طلب المال أو الحصول على معلومات شخصية كافية عنه لسرقة هويته.

التكنولوجيا سلاح ذو حدين

كشفت الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع، أن أي تطور تكنولوجي يعتبر سلاحا ذو حدين فبرغم أن الإنترنت مفيد جدا إلا أنه شكل خطورة تواجه البشرية وساعد على إهدار وتضيع الوقت الكثير من غير فائدة إذ يعد الإنترنت أعظم لص يسرق وقت الإنسان.

وأوضحت هالة منصور لـ«الأسبوع»، أن إدمان الإنترنت في استخدامه المفرط يسبب عدة مشكلات، أبرزها المشاكل الأسرية وذلك بسبب إمضاء أوقات أطول والبعد عن الأسرة وإهمال الفرد واجباته الأسرية والمنزلية ما يجعله يحكم على نفسه بالعزلة الاجتماعية، وأيضا مشاكل صحية قد تتسبب في اضطراب نوم صاحبه لتزايده في استخدام الإنترنت مما يؤدي إلى إرهاق بالغ يؤثر على أدائه في دراسته أو عمله كما يؤثر ذلك في مناعته مما يجعله أكثر قابلية للإصابة بالأمراض.

وأضافت أستاذ علم الاجتماع، أن إدمان الألعاب الإلكترونية تجعل الطالب ينسى طعامه وشرابه وعباداته وواجباته فيكون أكثر عرضه للاضطراب النفسي.

وأكدت على زيادة حوادث الطرق بسبب الانشغال بالهواتف وعدم الانتباه إلى الطرق، مع الانفصال عن الواقع والعيش في الخيال والأحلام التي تؤدي إلى حالة من التمرد على الحياة الواقعية، لافتة إلى ضرورة نشر الوعي وإدراك المخاطر المترتبة على إدمان الإنترنت والمحاولة بقدر الإمكان على البعد عن الهواتف المحمولة ودعت إلى ضرورة قضاء أوقات الفراغ في أشياء مفيدة وممارسة الرياضة، مشيرة إلى أن الاختلاط بالواقع مع الأسرة أو الأصدقاء وممارسة أنشطة مفيدة للقضاء على العزلة التي قد تكون سبب في إدمان الإنترنت أو الإصابة بالأمراض.

تأثير الإنترنت على الأطفال

وعن تأثير الإنترنت على الأطفال، قالت الدكتورة أمال حسين استشاري الإرشاد النفسي وتعديل السلوك لـ«الأسبوع»، إن الأطفال من أكثر الفئات المجتمعية استخداما للإنترنت حيث أثر على تغيير حياة الطفل التقليدية إلى حياة أخرى أكثر ضررا.

وأضافت استشاري الإرشاد النفسي، أنه برغم استخدامات الإنترنت الإيجابية للأطفال كمساعدتهم في التعليم وتحضير الدروس المدرسية وزيادة مستوى الترفيه إلا أنه شكل خطورة في طريقة تفكير وعقلية الطفل إذا استخدمه بشكل خاطئ لأنه قد يتسبب في التأثير على النفسية العامة للطفل وإدمان الألعاب الإلكترونية التي قد تؤثر على التحصيل الدراسي وتضييع الوقت وتسبب لهم مشاكل اجتماعية ونفسية، موضحة أن إدمان الإنترنت قد يسبب للأطفال مشاكل صحية كزيادة الوزن والإصابة بالسمنة التي يترتب عليها ظهور أمراض خطيرة وتأخر في مراحل النمو سواء العقلية أو الجسدية، مؤكدة على ضرورة علاج الأطفال من إدمان الإنترنت بداية في أن يكون لدى كل أب وأم بدائل مفيدة تجذب وتشغل الطفل وتقلل من الوقت الذي يقضيه على الإنترنت وذلك على حسب عمره.

وأشارت إلى ضرورة معرفة طرق مراقبة سجلات البحث على الإنترنت وإتقانها من أجل معرفة ما يفعله الطفل عبر الإنترنت ووضع برامج الحماية من المواقع الضارة والمشبوهة، مشددة على أهمية استغلال طاقة الأبناء في الأنشطة الذهنية وممارسة الرياضة، مؤكدة على ضرورة تنظيم الوقت للطفل واستخدام الصرامة في عدم السماح للطفل باستخدام الإنترنت إلا في أوقات معينة بعد الإنتهاء من واجباته.

ودعت إلى إيجاد بدائل للإنترنت كاستخدام الكتب المصورة او كتب التلوين وألعاب التفكير وتعريض الأطفال لهوايات مثل الطبخ والرسم والحرف اليدوية مع تشجعيهم المستمر ومكافئتهم.

إدمان الإنترنت يسبب الاكتئاب

قال الدكتور محمد الهنداوي أخصائي الطب النفسي لـ«الأسبوع»، إن إدمان الإنترنت قد يسبب للانتحار وخاصة للمراهقين ويأتي ذلك بأعراض عاطفية تؤدي إلى الاكتئاب والشعور بالذنب والعزلة والقلق، بالإضافة إلى الشعور بالوحدة وتقلب المزاج وأحيانا عدم القدرة على تحديد الأولويات والملل من المهام الروتينية وعدم الشعور بقيمة الوقت والتعرض للخوف الدائم، مشيرا إلى أن هناك دراسات لعلماء نفس بريطانيون أكدوا على أن استخدام الإنترنت المفرط يؤدي إلى الاكتئاب، وأثبتت الدراسة أنهم انعزلوا عن حياتهم الواقعية الاجتماعية.

وأشار الهنداوي إلا أن الدراسات العلمية أثبتت وبشكل قاطع أن استخدام الإنترنت باستمرار يؤثر على النوم حيث يعوق وبشكل قوي على حصول الإنسان على نوم هادئ وعميق مما يؤثر على الصحة الجسدية من صداع وأرق وسوء تغذية سواء بزيادة الوزن أو فقدانه وجفاف العيون وعدم وضوح الرؤية.

وأضاف الهنداوي، أن الإنترنت يعتبر عالم افتراضي غير واقعي فالمدمن يفقد العلاقات الاجتماعية الحقيقية ويميل إلى العزلة لأنه يجد نفسه في عالمه الافتراضي بعيدًا عن الواقعية وعليه فهو يبعد عن المسؤوليات والمهام ويصبح إنسانًا غير مبالٍ لا يهتم بشؤون أسرته أو المجتمع المحيط به فيصبح المراهق لا يرغب للخروج مع الأسرة أو الاحتكاك بالعالم الخارجي فينطوي على عالمه الافتراضي الذي يسبب له العديد من الأمراض.

وأكد أخصائي الطب النفسي، على ضرورة العلاج من إدمان الإنترنت أهمها تنظيم وتحديد وقت استخدام الإنترنت والامتناع التام عن أى مجال يتعلق بالإنترنت مشيرا إلى ممارسة الرياضة والقيام بزيارات اجتماعية وقضاء الوقت مع الأسرة، مضيفا إلى ضرورة المعالجة الأسرية التي قد تكون أحيانا سبب أساسي في هروب مدمن الإنترنت من المشاكل الأسرية إلى العالم الافتراضي.

اقرأ ايضا:

توقعات بتطبيق قانون التصالح الجديد في مخالفات البناء مطلع 2024

بيزنس رأس السنة.. حضر المصريون وغاب بابا نويل في الأسواق

خليفة أحمد زويل.. «يوسف» يحقق إنجازا عالميًا في مسابقة «برمجة الروبوت»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إدمان الإنترنت إيجابيات الإنترنت الإنترنت المخدرات استخدام الإنترنت إدمان الإنترنت الطب النفسی أن الإنترنت لـ الأسبوع إلى ضرورة یؤثر على إلى أن

إقرأ أيضاً:

بيسكوف: تم نشر العقيدة النووية المحدثة لروسيا في الوقت المناسب

موسكو-سانا

أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه تم نشر العقيدة النووية المحدثة لروسيا في الوقت المناسب، وتم إعطاء التعليمات اللازمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصورة مسبقة.

وقال بيسكوف في تصريح للصحفيين اليوم في موسكو رداً على ما إذا كان نشر العقيدة المحدثة اليوم مرتبطاً بتقارير عن قرار واشنطن بالموافقة على استخدام صواريخ باليستية لضرب عمق روسيا: إن “التعليمات اللازمة من قبل الرئيس بوتين تم تقديمها مسبقا والرئيس قال إن الإعداد لهذه التغييرات قد وصل بالفعل إلى مرحلته النهائية”.

وأوضح بيسكوف أنه تم توسيع فئة الدول والتحالفات العسكرية التي يتم استخدام الردع النووي ضدها، وتم تحديث قائمة التهديدات العسكرية التي تتطلب مثل هذه الإجراءات لتحييدها وهي أن عدوان أي دولة غير نووية ولكن بمشاركة أو دعم دولة نووية سيعتبر هجوماً مشتركاً على روسيا، إضافة إلى ذلك يعتبر الرد النووي من قبل روسيا ممكناً في حال وجود تهديد خطير لسيادتها حتى من خلال استخدام الأسلحة التقليدية، وكذلك في حال الهجوم على بيلاروس كعضو في دولة الاتحاد.

ووقع الرئيس بوتين في وقت سابق اليوم مرسوماً يتضمن التصديق على العقيدة النووية الروسية المحدثة، والتي ستكون أساس سياسة الدولة في مجال الردع النووي.

وأوضح المرسوم أن المبدأ الأساسي للعقيدة هو أن الأسلحة النووية تعتبر الإجراء الأخير لحماية سيادة الدولة، وفي الوقت نفسه وبسبب ظهور تهديدات ومخاطر عسكرية جديدة احتاجت روسيا إلى توضيح المعايير التي تسمح باستخدام الأسلحة النووية.

مقالات مشابهة

  • حكماء المسلمين: الأطفال أمل الإنسانية وحمايتهم مسؤولية دينيَّة وواجب أخلاقي
  • رئيس المركز الأوكراني للحوار: التخوفات أصبحت كبيرة بعد التعديلات على العقيدة النووية الروسية
  • أخنوش: ما يتعرض له المغرب من حملات هو ضريبة صحوته الصناعية التي أصبحت تزعج البعض
  • علاقات غير شرعية وفساد أخلاقي تتابع مريب لعرض 3 أعمال فنية مصرية
  • «كارثة».. تعرف على خطورة «الموبايل» على صحة طفلك
  • بيسكوف: تم نشر العقيدة النووية المحدثة لروسيا في الوقت المناسب
  • ما هو phubbing وكيف يؤثر على العلاقات والزواج؟
  • إصابة عدد من الأطفال إثر اصطدام سيارة ببوابة مدرسة
  • الإنترنت مفيد لك فقط بعد سن الـ 50
  • تنظيم برنامج تدريبي لطالبات كفر الشيخ على الاستخدام الآمن للإنترنت